موقع 24:
2024-10-05@06:39:13 GMT

الحرب ليست قصصاً مصورة

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

الحرب ليست قصصاً مصورة

يقول المثل: "مَن يده في النار ليس كمن يده في الماء". وأهل غزة أياديهم في النار. وهذه هي ليست المرة الأولى التي تقع أياديهم في النار.

كما أن الجزء الأكبر منهم يتألف من لاجئين تقع أرضهم في فلسطين المحتلة. لاجئون مثلهم في ذلك مثل إخوتهم المقيمين في سوريا، والأردن، ولبنان، والعراق غير أنهم يقيمون على جزء آخر من فلسطين الذي يُفترض أن يكون حراً ومستقلاً حسب القوانين الدولية، غير أن الواقع يقول غير ذلك.

وهو ما فرضه المحتل الإسرائيلي حين وجد أن في إمكانه اختراق القوانين الدولية برضا عالمي.
أهل غزة الذين تصطلي أياديهم في النار يقولون عن معاناتهم في مواجهة المأساة التي يعيشون فصولها شيئاً مختلفاً عمّا يقوله الذين لا تزال أياديهم تسبح في الماء. ولست هنا أطبّق المثل الذي يقول: "أهل مكة أدرى بشعابها" فقد نعرف نحن المقيمين في بيوتنا الآمنة بعيداً عن القصف اليومي أشياء كثيرة عن أسرار الحرب وما يضمره، ويخطط له طرفاها، وأيضاً مواقف الدول الكبرى السياسية، وما يحدث في الكواليس وحتى حقيقة المسافة التي تفصل بين الشك واليقين في مواقف الدول المعنية بالصراع أكثر من غيرها أكثر مما يعرفون. ولكن المسألة لا يمكن اختصارها في ذلك الحيز الضيق الذي يفصل بين الترف والشظف.

ولأنني جربت شخصياً أوضاعاً شبيهة بأوضاع أهل غزة في ظل حربين كارثيتين أعرف ما الذي يعنيه أن يقيم المرء تحت القصف. يوم كان الآخرون يحللون من فوق ما يجري لنا، كنا نقف حائرين في المسافة التي تفصل بين الضحك والبكاء. كنا نضحك من بلاهة أولئك الآخرين، وفي الوقت نفسه كنا نبكي من بلادتهم. حتى إخوتنا كانوا أشبه بالغرباء. كانوا غرباء عن هلعنا وخوفنا وجوعنا وعطشنا وفزعنا وحرقتنا وعذاباتنا وآلامنا وخساراتنا وفقداننا وهزائمنا الروحية. على الأقل لم يكونوا مثلنا. كانوا بشراً آخرين.
أعرف شخصياً ما الذي يعنيه أن يكون المرء في غزة. أما الحديث عن الصمود والاستبسال والمقاومة والبطولة الاستثنائية فكله يقع خارج الشرط البشري. شرط الحياة الحقيقية التي يرغب الإنسان في أن يأخذ منها كفايته. لا تكفي نظرة نلقيها على الصور التي لا تحمل إلا شيئا من معنى تبسيطي. لا يكفي الاستماع إلى صرخة يطلقها طفل أُخرج من تحت الأنقاض، وهو لا يعرف من الذي أدخل الوحوش إلى حكايته.

لا تكفي الهتافات بلغات لا يفهمها أهل غزة يعبر أصحابها من خلالها عن تضامنهم معهم. ليس صحيحاً أن أهل غزة سيشعرون بالراحة حين يعرفون أن العالم غاضب ومستاء من أجلهم. كل هذا إن وصلهم، وأشك في ذلك، لن يمنع الموت من التقدم إليهم.


لا يعني ذلك أنني أستخف بما يقوم به شباب العالم وهو يسعى إلى إدانة حكوماته التي وقفت مع الهمجية الإسرائيلية، فكل مبادرة من ذلك النوع هي نوع من الواجب الإنساني، الذي يعبّر عن دفاع الإنسان عن نفسه بالدرجة الأساس. ولكنني أقف ضد الترويج الكاذب لفكرة أن العالم قد انقلب رأساً على عقب بسبب المجازر الإسرائيلية، وأن الدول التي ساندت إسرائيل في عدوانها وهي كثيرة في طريقها إلى مراجعة مواقفها، وأن النصر قادم لا محالة بسبب صمود أهل غزة وبطولتهم الأسطورية. ما من أسطورة في غزة بل هناك مدينة تقع تحت قصف أعمى لا يفرق بين مدني ومسلح. إنهم ضحايا همجية عنصرية لن تنفع المعنويات العالية في التصدي لآلة حربها. أعرف أن ذلك الكلام لا يعجب الكثيرين ممَن أياديهم في الماء لكنني أتكلم بلسان الضحايا الحاليين لأني ضحية سابقة.
صحيح أنني لا أشبه مَن خطفت الحرب حياته، غير أن الصحيح أيضا أني شاركته هلعه حين كان القصف لا يصطادنا بالأسماء. كان هناك مَن يرغب في أن نكون كلنا أمواتاً، ولكن القدر شاء أن أخرج حياً من حربين. الصدفة وحدها جعلتني أغادر في إجازة حجابات عبادان عام 1982، فحدث انهيار الجيش العراقي في شرق البصرة، واختفت كتيبتي. ماذا يعني ذلك؟
مَن يصف الحرب من خارجها ليس كمَن يعيشها. وهو ما يجعلنا نخطئ في حق الضحايا ونحن نرغب في تقديم صورة عنهم للعالم كما لو أنهم أبطال في القصص المصورة. هناك شيء مضلل في ما نقوله. ليست الحرب هتافات ومظاهرات واعتصامات ومعارض فنية وتبرعات وأدعية ونداءات. الحرب هي قتل ودمار وتشريد وفزع وفقدان وهلع وكوابيس لا نهاية لها.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فی النار أهل غزة

إقرأ أيضاً:

حجم المياه الذي وصل لبحيرة ناصر من حصة السودان حتى اليوم ومنذ بداية الحرب في إبريل 2023 يزيد عن (25 مليار متر مكعب)

ليه يا سويلم ليه تفتح توشكي ليه .. بتهدر الخير ثم تبكي عليه!!..
1- أحزني جدا قرار وزير الري الدكتور/ هاني سويلم فتح مفيض توشكي قبل يومان في وقت فيه منسوب بحيرة ناصر لازال عند منسوب أقل من (180.5 فوق سطح البحر)

2- على مدار السنوات الماضية تكرر وصول منسوب بحيرة ناصر حتى (181.98 فوق سطح البحر) عدة مرات خلال الفترة بين عام (2019- 2022). فلماذا تسرعت يا حاج سويلم في فتح بوابات مفيض توشكي وأنت لازال عندك قرابة (1.5 فرغ) لتصل للمنسوب الأعلى لبحيرة ناصر.
3- الإتحاد السوفيتي عامل لك (36 بوابة للمفيض العلوي) فوق السد العالي عند منسوب (182 فوق سطح البحر) عشان تسيطر على أي فيضان بعد أمتلاء بحيرة ناصر. ليه لا تستغل تلك البوابات الــ (36) بدلا من مفيض توشكي.

4- أو على الأقل أوصل أولا لمنسوب (181.9) ثم إفتح مفيض توشكي مافيش مشكلة , إنما تبدأ ترمي مياه الشعب المصري والسوداني في رمال توشكي عشان تروح تشحن الطبقات الجوفية لنهر القذافي العظيم. (فلا و 1000 لا).

5- هناك فرق كبير بين فتح مفيض توشكي عند منسوب (180.5 أو 181.9) هناك فرق في التخزين يعادل قرابة (7.0 مليار متر مكعب). يعني أكبر من كل المياه التي تعالجها في مشروع (الدلتا الجديدة) بقرابة (250%). فلماذا ترميها في نهر القذافي العظيم ثم ترجع تسحب من الميزانية المصرية لمعالجة مياه الصرف الصحي لمحطات الصرف الصناعي والصحي المستخدمة في مشروع الدلتا الجديدة.

6- أنا معك أن كل تلك المياه هي مياه (حصة السودان) ولكنها وصلت إلينا تقريبا ببلاش فليس معني هذا أن نرميها في توشكي.

7- بوابات الري لسد مروي والذي يعتبر أخر نقطة على مجري النيل داخل السودان مفتوحة حتى اليوم ولم تخزن نقطة مياه واحدة بأي من السدود السودانية مثلما كان يحدث سنويا قبل الحرب الأهلية حيث يبدأ تخزين السدود السودانية في الإسبوع الأول من سبتمبر. وصلنا لأكتوبر وبوابات مروي لازالت مفتوحة.

8- حجم المياه الذي وصل لبحيرة ناصر من حصة السودان حتى اليوم ومنذ بداية الحرب الأهلية في إبريل 2023 يزيد عن (25 مليار متر مكعب) أي ما يعادل قرابة (7.5 متر) من إرتفاع المياه أمام السد العالي , بمعني لولا حصة السودان لكان المنسوب الحقيقي لبحيرة ناصر اليوم قرابة (173 فقط).

9- بكل صدق لا أري أي حكمة في قرار الدكتور/ سويلم والتسرع بفتح توشكي. أعلم من بعض (أصدقائي) بوزارة الري المصرية أن قرار (فتح مفيض توشكي) ليس بالضرورة أن يكون قرار وزير الري المصري وفي أحيانا كثيرة يكون اللؤاء مقاتل بحبح الثالث عشر قائد سلاح (المياه) هو صاحب القرار وبغض النظر عن موافقة الدكتور سويلم .

10- 7.0 مليار متر مكعب تهدر عمدا في مفيض توشكي في وقت لانعلم ماذا سيحدث لمستقبل المياه في مصر هو (رفض لنعمة ربنا) سنحاسب جميعا عليه يوم يبدأ فيه (الجفاف).
د. محمد حافظ

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ما الذي يدفع مثقفين تقدميين لدعم جيش الحركة الإسلامية ..!!؟؟ محاولات للفهم ..
  • حجم المياه الذي وصل لبحيرة ناصر من حصة السودان حتى اليوم ومنذ بداية الحرب في إبريل 2023 يزيد عن (25 مليار متر مكعب)
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • و أنت عائد إلى بيتك فكر في تلك المدينة الصامدة التي غيرت مجرى الحرب
  • حماس: النار التي تشعلها إسرائيل ستحرقها
  • الوطني الحر: حكومة العدوّ هي التي تجهض كل المحاولات لوقف اطلاق النار
  • عاجل - مجلس الوزراء يناقش التطورات الأخيرة التي يشهدها الإقليم (تفاصيل)
  • قبلان: لبنان وقدراته أكبر من أي هجوم بري وأفق نهاية الحرب ليست ببعيدة
  • الحرب و السياسة و المتغيرات التي أحدثتها