يوم السابع من أكتوبر، استيقظت إسرائيل على اكتشاف خطير: أن ما بدا لها كلاماً فارغاً من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بعد تحرير جنوب لبنان العام ٢٠٠٠ عندما قال: «إنها والله أوهن من بيت العنكبوت» هو فعلاً حقيقة.
لقد تمكن بضع مئات من مقاتلي القسام من تحقيق الهزيمة الأكبر لها في تاريخها منذ نشأتها.
في هذا اليوم اكتشف المجتمع الإسرائيلي الحقائق الآتية:
أولاً: أن الجيش الذي يعتمد عليه ويثق فيه ويأتمنه على نفسه قد خذله، فهو لم يفشل في الدفاع عن الشعب الإسرائيلي فقط وإنما فشل في الدفاع عن نفسه.
ثانياً: أن هذا الجيش قد فقد توازنه وأن حملته لتصفية مقاتلي القسام الذين سيطروا على غلاف غزة قد أدت لمقتل العشرات وربما المئات من الإسرائيليين أنفسهم.
ثالثاً: أن دولتهم قد فُضِحت، وأن كل ما قيل لهم إن القضية الفلسطينية يمكن دفنها تحت التراب وإقامة السلام مع العرب دون حلها هو كلام فارغ بلا معنى.
رابعاً: أن دولتهم لا يمكنها أن تحمي نفسها بعيداً عن الولايات المتحدة، وأن الأخيرة لا غنى لهم عنها أبداً لحماية أنفسهم وأنها بالتالي ليست «ذخراً عسكرياً استراتيجياً» لا لولي نعمتهم أميركا ولا لأي كان.
هذه الدولة بنت نفسها على العديد من الأوهام وأهمها أنها قادرة ليس فقط على سحق أي دولة عربية بشكل منفرد، وإنما على سحق جميع الدول العربية مجتمعة فيما لو قررت أن تخوض الحرب معها.
المشكلة الأكبر أن هذه الدولة صدقت الأوهام التي صنعتها بنفسها بعد حرب الأيام الستة ١٩٦٧، وعززتها بعد معاهدة السلام المنفردة التي وقعها الرئيس السادات معها مُخرجاً مصر من دائرة الصراع.
والمشكلة الأكبر أنها تصرفت بناء على هذه الأوهام.
لقد أدارت ظهرها للصراع مع الفلسطينيين وبدأت في ضم أرضهم شيئاً فشيئاً.
لقد سرعت عملية تهويد القدس، وحاصرت الفلسطينيين في مساحة تقل عن ٤٠٪ من مساحة الضفة في كانتونات مُقطعة الأوصال، وأطبقت حصاراً قاتلاً على غزة.
ثم قامت بتجنيد الولايات المتحدة لابتزاز الدول العربية لإقامة علاقات سلام معها، تحت ذريعة أنها «ذخر عسكري استراتيجي» في مواجهة إيران.
لعل الأهم أن سقوط كل هذه القناعات الكاذبة، الأوهام بالأحرى التي عاشت وتغذت عليها دولة الاحتلال، لم يأتِ على يد دولة قوية مثل إيران، أو على يد دولة لها جيش تعداده مليون جندي ولديها مئات الطائرات والمدافع وعشرات السفن الحربية البحرية مثل مصر، ولكن على يد المقاومة الفلسطينية، وليس كل المقاومة، ولكن على يد مقاتلي حركة «حماس».
إن كل ما تقدم يفسر لماذا فقدت دولة الاحتلال عقلها واتزانها، ويفسر سلوكها الإجرامي في قتل المدنيين العزل والأبرياء وهدم البيوت والمستشفيات والمدارس وأماكن النزوح وحرب التجويع (الحقيقة حرب الإبادة والتطهير العرقي) التي تمارسها في غزة.
والواقع أن هذه الدولة التي فقدت صوابها قد حشدت كامل قوتها الاستراتيجية (باستثناء السلاح النووي) للانتصار في معركتها على الشعب الفلسطيني ومقاومته في غزة، لكنها وبعد ٧٧ يوماً من القتال تجر الفشل بعد الفشل.
لقد حشد «الجيش الأقوى» في الشرق الأوسط، نصف قواته للانتصار (النصف الآخر على الحدود الشمالية) على بضع عشرات من الآلاف من المقاتلين في منطقة مساحتها لا تزيد على ٣٦٠ كيلومتراً مربعاً، ولا يمتلكون سوى سلاح قاموا بتصنيعه بأنفسهم.
وقام هذا الجيش بإلقاء ما يزيد على خمسين ألف طن من القنابل على غزة وأهلها، ودفن الناس أحياء تحت البنايات التي دمرها، وداست دباباته بجنازيرها الجرحى والموتى، وقام بهدم غالبية أحياء غزة، وعلى الرغم من ذلك لا تزال المقاومة صامدة وتوقع فيه الخسائر المؤلمة وتَعده بالهزيمة.
آن للإسرائيليين أن يستيقظوا من غفلتهم على وقع الحقائق التي بينتها أحداث ٧ أكتوبر وهي حقائق كانت دائماً موجودة، ولكن دولتهم كانت دائماً ترفض رؤيتها وتشيح البصر عنها. هذه الحقائق أربعة:
أولاً: لم يتوقف الشعب الفلسطيني عن الصراع لاستعادة حقوقه منذ مائة عام، وهو لن يتوقف عن ذلك أياً كانت نتائج الحرب في غزة.
ثانياً: لن يكون هنالك سلام أبداً في هذه المنطقة لا مع الفلسطينيين ولا مع العرب قبل استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه.
ثالثاً: دولتكم ضعيفة بحكم الجغرافيا والديموغرافيا، وهو ضعف لا يمكنكم تعويضه بكميات هائلة من السلاح المتقدم. تعويضه ممكن فقط بعلاقات سلام مع العرب تبدأ بإنهاء احتلالكم للأراضي الفلسطينية والعربية التي تحتلونها منذ العام ١٩٦٧.
رابعاً: أنتم دولة لا تستطيع حماية نفسها، ومن يحميكم هو دول عربية لها حدود معكم. إن التغيير هو مسار التاريخ، وإذا تغير الحال، لن يكون بإمكانكم حماية أنفسكم. الشعوب العربية جميعها مثل اليمن، لا تنخدعوا بالسلام مع البعض.
إن فشلكم في الاعتراف بهذه الحقائق لن يجلب لكم السلام أبداً.
كلمة أخيرة. الدرس الذي تعلمه ويتعلمه الشعب الفلسطيني من حربكم على غزة، وتتعلمه الشعوب العربية أيضاً، وعلى عكس ما تتوهمون، هو أن مقاومة هذا الشعب عليها أن تمتلك سلاحاً أقوى لتحمي به شعبها ونفسها.
(الأيام الفلسطينية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الاحتلال المقاومة غزة الاحتلال المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی على ید
إقرأ أيضاً:
إدارة التوحش من داعش إلیٰ مليشيا آل دقلو!!
مارست المليشيا الإرهابية كل نوع من أنواع الجريمة ضد الشعب الذی تَدَّعی إنها تقاتل من أجل جلب حكم الديمقراطية له وتخليصه من الظلم الذی حاق به جراء حكم دولة 56 ومن جور حكم الكيزان والفلول !!
تماماً كما تزعم داعش، بأنها تسعی لقيام دولة الخلافة الإسلامية التی تُقيم الحكم الشرعی الصحيح، فتفعل بإسم الإسلام كل ماهو مُجافٍ للشرع .
وقد إعتمدت داعش علی (إدارة التوحش) فی عملياتها وإعلامها علی إظهار الوحشية فی القتل، مثال أن يتم الإعدام بحرق الضحية فی قفص من قضبان حديدية، وصب كمية من البنزين عليه وهو يرتدی ملابس من البولستر، واشعال النار، أو أن يُدهس الضحية بجنزير دبابة، أو أن يُحز رأس الضحية بخنجر، وهكذا تُخلِّف مناظر القتل الوحشي، رعباً في نفوس المخالفين، بينما كان بالإمكان أن تتكفل رصاصة واحدة بإجراء اللازم!! وهناك ثمة تشابه بين إدارة التوحش عند داعش والمليشيا المجرمة، فالدواعش يغتصبون النساء ويسمونها ب(الفٸ البارد) لإضفاء صفة شرعية علی ذلك الجُرم المُدان،
والمليشيا لا فِقه لديها ولاعلم لذا فإنهم يرتكبون الفواحش ويقومون بتوثيق ذلك بالصوت والصورة فی بجاحةٍ وغباء يحسدهم عليه الحمار.
صحيح إنَّ المليشيا ومن يعاونونهم يشتركون فی صفات البلادة والجهل المركب والوحشية، ويتقاسمونها بعدالة!! لكن الصحيح أيضاً إنَّ من يخططون لهم ويختبٸون وراء بعض الشعارات الزاٸفة، ويدغدغون أحلامهم بقيام دولتهم المزعومة، لكن الحقيقة إنهم مجرد أدوات لتحقيق أطماع تلك الدول، والصورة الواضحة يمكن أن تتمثل أجزاء منها فی الآتی:-
– أسقاط الفاشر،تمهيداً لإعلان دولة العطاوة فی دارفور، وهذا يتضح لكل ذی بصيرة، في الإصرار علی الهجمات المتتالية والمكثفة بشكلٍ شرسٍ، والدفع بموجات من المرتزقة والمجرمين المزودين بالأسلحة النوعية الحديثة، ولا حاجة للتذكير بأنَّ دارفور تظل هدفاً لدول كثيرة.
العمل المجرم الدٶوب لإفراغ كل إقليم الوسط، الذي يضم ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض والنيل الأزرق لإحلال سكان جدد من عرب الشتات، محل مواطني الجزيرة خاصةً وأن لهذا (الاقليم) حدوده مع دولة جنوب السودان، وأثيوبيا، وتمر به مصادر المياه الرئيسيه الداٸمة لنهر النيل، وتتمدد فيه الأراضي الزراعية الخصبة، فضلاً عن سقوط معدلات مرتفعة من الأمطار، وبهذه الحدود والمُقَدَّرات التی يتمتع بها هذا الإقليم الشاسع، فإنَّه يمتلك كل مقومات (الدولة) التی يحلُم بها آل دقلو، ومن يقف وراءهم من العملاء والأعداء، ولذلك تراهم يستهدفون مدناً مثل سنار، والدويم ، وكوستی، وسقوط مثل هذه المدن، سيكون بمثابة جاٸزة عُظمیٰ، تستحق أن يهلك من أجلها كل هذا العدد من أوباش المليشيا المجرمة كوقود لحربٍ لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
تسرنا الإنتصارات التي يحققها جيشنا والقوات المشتركة، لكننا أمام حرب طويلة، تتناقص فيها ذخاٸر كل من الجيش والقوات المشتركة إلَّا عن طريق الإسقاط الجوی، بينما تصل الإمدادات والدعم اللوجيستي للمليشيا بأكثر من طريق ووسيلة !! وتحتشد جيوش كاملة فی كلٍ من ليبيا حفتر، وتشاد كاكا، وافريقيا الوسطی، وجنوب السودان.
وما لم يقم الجيش بعمليات برِّية وجوية، وضربات إستباقية، وتقوم القوات المشتركة والمستنفرون بدورهم فی الإسناد، وملاحقة عملاء الداخل بالقانون الصارم، فسيكون وجود هذا الوطن فی مهب الريح،
هذا أو الذَوَبَان، من بعد الطوفان.
-النصر لجيشنا الباسل.
-العِزة والمِنعة لشعبنا المقاتل.
-الخِزی والعار لأعداٸنا، وللعملاء
-وما النصر إلَّا من عند الله.
-والله أكبر، ولا نامت أعين الجبناء.
محجوب فضل بدری
إنضم لقناة النيلين على واتساب