عربي21:
2024-12-27@08:57:21 GMT

الدولة التي فقدت عقلها

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

يوم السابع من أكتوبر، استيقظت إسرائيل على اكتشاف خطير: أن ما بدا لها كلاماً فارغاً من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بعد تحرير جنوب لبنان العام ٢٠٠٠ عندما قال: «إنها والله أوهن من بيت العنكبوت» هو فعلاً حقيقة.

لقد تمكن بضع مئات من مقاتلي القسام من تحقيق الهزيمة الأكبر لها في تاريخها منذ نشأتها.

فهم لم يقضوا فقط على فرقة الجيش الإسرائيلي المكلفة حماية غزة، ولم يكتفوا بالسيطرة على كل مستوطنات غلافها، وإنما أخذوا أكثر من مئتين من الجنود والمدنيين كأسرى ومحتجزين.
في هذا اليوم اكتشف المجتمع الإسرائيلي الحقائق الآتية:

أولاً: أن الجيش الذي يعتمد عليه ويثق فيه ويأتمنه على نفسه قد خذله، فهو لم يفشل في الدفاع عن الشعب الإسرائيلي فقط وإنما فشل في الدفاع عن نفسه.

ثانياً: أن هذا الجيش قد فقد توازنه وأن حملته لتصفية مقاتلي القسام الذين سيطروا على غلاف غزة قد أدت لمقتل العشرات وربما المئات من الإسرائيليين أنفسهم.

ثالثاً: أن دولتهم قد فُضِحت، وأن كل ما قيل لهم إن القضية الفلسطينية يمكن دفنها تحت التراب وإقامة السلام مع العرب دون حلها هو كلام فارغ بلا معنى.

رابعاً: أن دولتهم لا يمكنها أن تحمي نفسها بعيداً عن الولايات المتحدة، وأن الأخيرة لا غنى لهم عنها أبداً لحماية أنفسهم وأنها بالتالي ليست «ذخراً عسكرياً استراتيجياً» لا لولي نعمتهم أميركا ولا لأي كان.

هذه الدولة بنت نفسها على العديد من الأوهام وأهمها أنها قادرة ليس فقط على سحق أي دولة عربية بشكل منفرد، وإنما على سحق جميع الدول العربية مجتمعة فيما لو قررت أن تخوض الحرب معها.

المشكلة الأكبر أن هذه الدولة صدقت الأوهام التي صنعتها بنفسها بعد حرب الأيام الستة ١٩٦٧، وعززتها بعد معاهدة السلام المنفردة التي وقعها الرئيس السادات معها مُخرجاً مصر من دائرة الصراع.

والمشكلة الأكبر أنها تصرفت بناء على هذه الأوهام.

لقد أدارت ظهرها للصراع مع الفلسطينيين وبدأت في ضم أرضهم شيئاً فشيئاً.

لقد سرعت عملية تهويد القدس، وحاصرت الفلسطينيين في مساحة تقل عن ٤٠٪ من مساحة الضفة في كانتونات مُقطعة الأوصال، وأطبقت حصاراً قاتلاً على غزة.

ثم قامت بتجنيد الولايات المتحدة لابتزاز الدول العربية لإقامة علاقات سلام معها، تحت ذريعة أنها «ذخر عسكري استراتيجي» في مواجهة إيران.

لعل الأهم أن سقوط كل هذه القناعات الكاذبة، الأوهام بالأحرى التي عاشت وتغذت عليها دولة الاحتلال، لم يأتِ على يد دولة قوية مثل إيران، أو على يد دولة لها جيش تعداده مليون جندي ولديها مئات الطائرات والمدافع وعشرات السفن الحربية البحرية مثل مصر، ولكن على يد المقاومة الفلسطينية، وليس كل المقاومة، ولكن على يد مقاتلي حركة «حماس».

إن كل ما تقدم يفسر لماذا فقدت دولة الاحتلال عقلها واتزانها، ويفسر سلوكها الإجرامي في قتل المدنيين العزل والأبرياء وهدم البيوت والمستشفيات والمدارس وأماكن النزوح وحرب التجويع (الحقيقة حرب الإبادة والتطهير العرقي) التي تمارسها في غزة.

والواقع أن هذه الدولة التي فقدت صوابها قد حشدت كامل قوتها الاستراتيجية (باستثناء السلاح النووي) للانتصار في معركتها على الشعب الفلسطيني ومقاومته في غزة، لكنها وبعد ٧٧ يوماً من القتال تجر الفشل بعد الفشل.

لقد حشد «الجيش الأقوى» في الشرق الأوسط، نصف قواته للانتصار (النصف الآخر على الحدود الشمالية) على بضع عشرات من الآلاف من المقاتلين في منطقة مساحتها لا تزيد على ٣٦٠ كيلومتراً مربعاً، ولا يمتلكون سوى سلاح قاموا بتصنيعه بأنفسهم.

وقام هذا الجيش بإلقاء ما يزيد على خمسين ألف طن من القنابل على غزة وأهلها، ودفن الناس أحياء تحت البنايات التي دمرها، وداست دباباته بجنازيرها الجرحى والموتى، وقام بهدم غالبية أحياء غزة، وعلى الرغم من ذلك لا تزال المقاومة صامدة وتوقع فيه الخسائر المؤلمة وتَعده بالهزيمة.

آن للإسرائيليين أن يستيقظوا من غفلتهم على وقع الحقائق التي بينتها أحداث ٧ أكتوبر وهي حقائق كانت دائماً موجودة، ولكن دولتهم كانت دائماً ترفض رؤيتها وتشيح البصر عنها. هذه الحقائق أربعة:

أولاً: لم يتوقف الشعب الفلسطيني عن الصراع لاستعادة حقوقه منذ مائة عام، وهو لن يتوقف عن ذلك أياً كانت نتائج الحرب في غزة.

ثانياً: لن يكون هنالك سلام أبداً في هذه المنطقة لا مع الفلسطينيين ولا مع العرب قبل استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه.

ثالثاً: دولتكم ضعيفة بحكم الجغرافيا والديموغرافيا، وهو ضعف لا يمكنكم تعويضه بكميات هائلة من السلاح المتقدم. تعويضه ممكن فقط بعلاقات سلام مع العرب تبدأ بإنهاء احتلالكم للأراضي الفلسطينية والعربية التي تحتلونها منذ العام ١٩٦٧.

رابعاً: أنتم دولة لا تستطيع حماية نفسها، ومن يحميكم هو دول عربية لها حدود معكم. إن التغيير هو مسار التاريخ، وإذا تغير الحال، لن يكون بإمكانكم حماية أنفسكم. الشعوب العربية جميعها مثل اليمن، لا تنخدعوا بالسلام مع البعض.

إن فشلكم في الاعتراف بهذه الحقائق لن يجلب لكم السلام أبداً.

كلمة أخيرة. الدرس الذي تعلمه ويتعلمه الشعب الفلسطيني من حربكم على غزة، وتتعلمه الشعوب العربية أيضاً، وعلى عكس ما تتوهمون، هو أن مقاومة هذا الشعب عليها أن تمتلك سلاحاً أقوى لتحمي به شعبها ونفسها.

(الأيام الفلسطينية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الاحتلال المقاومة غزة الاحتلال المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی على ید

إقرأ أيضاً:

قائد الثورة يدعو الشعب اليمني إلى الخروج المليوني نصرة للشعب الفلسطيني ومظلوميته

 

الثورة نت/..

دعا قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، أبناء الشعب اليمني إلى الخروج المليوني يوم غد الجمعة في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات والمديريات، نصرة للشعب الفلسطيني ومظلوميته.

وقال قائد الثورة في كلمته اليوم” أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج يوم الغد، خروجاً مليونياً واسعاً وكبيراً، بإذن الله تعالى، بمعونته وتوفيقه، في العاصمة صنعاء، وفي بقية المحافظات والمديريات، استجابةً لله تعالى، انطلاقاً من منطلق الثقة بالله، والإحساس بالمسؤولية، والوفاء للشعب الفلسطيني، ومظلوميته التي لا مثيل لها”.

وأضاف ” شعبنا اليوم أدهش العالم، وفاجأ الأعداء بصموده العظيم، بثباته، بميزة تحركه الفاعل، والمستمر، والقوي؛ لأنه من منطلقٍ إيماني”.

وأعرب قائد الثورة عن الأمل في أن يكون الخروج يوم الغد كبيرا وواسعا وحاشدا يعبّر عن الثبات والشجاعة والوفاء وعن الانطلاقة الإيمانية والاستجابة الصادقة الواعية العملية لله سبحانه وتعالى.

مقالات مشابهة

  • قائد الثورة يدعو الشعب اليمني إلى الخروج المليوني نصرة للشعب الفلسطيني ومظلوميته
  • خبير في الشئون الإسرائيلية: نتنياهو وضع العراقيل أمام تطلعات الشعب الفلسطيني
  • وقفة لمنتسبي قطاع الزراعة بأمانة العاصمة تضامنا مع الشعب الفلسطيني
  • حماس: لن نقبل بأي شروط تمس بكرامة الشعب الفلسطيني
  • مجلس النواب يناشد البرلمانات العربية والإسلامية سرعة التحرك لإنقاذ الشعب الفلسطيني من آلة القتل والإجرام الصهيوني
  • جامعة الحديدة تنظم وقفات تضامنية مع الشعب الفلسطيني
  • وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني في الصومعة بالبيضاء
  • المشير حفتر في ذكرى الاستقلال: يجب إنقاذ ليبيا من أزماتها المتفاقمة ببناء دولة دستورية حديثة
  • رئاسة كوردستان تؤكد دعمها لحقوق الشعب الفلسطيني
  • فتح: الظروف مهيأة لنتنياهو لممارسة عدوانه تجاه الشعب الفلسطيني