وسط الظلم والقهر والعدوان على الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، ثمة مؤشرات يمكن رصدها تشير للقليل من التفاؤل في ضوء كل السواد والظلم المستشري.
أولا، تصريحات لمسؤولين أميركيين في وسائل إعلام أميركية مرموقة أن ثمة تكلفة دبلوماسية تتكبدها الولايات المتحدة الأميركية جراء دعمها لإسرائيل، ما جعل قدرة الحفاظ على مصالحها مع بعض الحلفاء العرب صعبة مقارنة بالأوضاع الاعتيادية، وأن انتشار أجواء المعاداة لأميركا في الرأي العام في الشرق الأوسط له تكلفة، سببها ليس أميركا بحد ذاتها، بل دعمها لإسرائيل في حربها على غزة.
ثانيا، حديث عن هدنة، وربما هدن إنسانية جديدة، تدخل بموجبها المساعدات بكميات كافية ومعقولة لقطاع غزة، من خلال المنظمات الدولية أقواها برنامج الغذاء العالمي، وهذا الدخول يكون من خلال التنسيق مع الأردن نظرا لكفاءته ومصداقيته أمام المنظمات الدولية التي تفضل العمل بالأردن على غيره.
ثالثا، مفاوضات تبادل رهائن قد تفضي لإطلاق سراح مزيد من الرهائن والأسرى من السجون المتبادلة، وهذا يخفف من التكلفة الإنسانية وربما يقلل من حدة وشدة الحرب، فاتحا المجال لوقف الحرب والدخول في مرحلة ما بعد الحرب.
رابعا، بعض المسؤولين في إسرائيل، وفي محاولة للتعامل مع الضغط والنقد الأميركي جراء استمرار الحرب، يقولون إن العمليات العسكرية الرئيسية سوف تنتهي بحلول نهاية العام، وبعد ذلك سوف تستمر بعض العمليات والحرب رسميا لن تنتهي ولكن العمليات الرئيسية ستنتهي لتبدأ مرحلة الحديث عن إعادة إعمار غزة.
خامسا، تعاظم الغضب الدولي من سلوك واستفزازات المستوطنين بالضفة، وقد باتوا عبئا على إسرائيل تمقتهم الدول الحليفة لإسرائيل، يجعلون من صورتها دولة دينية متطرفة وليس ديمقراطية حداثية كما يعتقد بعض الغرب.
أخيرا، فزيارة مستشار الأمن القومي الأميركي سوليفان لإسرائيل جاءت لهدف واحد أصيل، وهو الدفع باتجاه أن إسرائيل لا يمكن لها أن تحكم غزة بعد الحرب، فهذا غير منطقي وغير مقبول، وأنه لا بد من أن يحكم الفلسطينيون أنفسهم، وربما السلطة بعد إعادة تأهيلها تكون الخيار الأكثر منطقية لإدارة وحكم غزة.
كل هذه التطورات تشير إلى أننا نسير باتجاه التهدئة، ووقف الأيام البشعة اللئيمة القاتمة التي عاشها الفلسطينيون في غزة جراء الحرب.
الحكمة والحق يقولان إن ما يحدث لا يمكن أن يستمر، وإنه لا بد من وقفه بشكل أو بآخر، وإنه لا يمكن لأصوات التطرف والقتل ألا تلقى حكماء يردعونها، وإن الأصل أن نجد طريقا يوقف النزيف الإنساني الكبير الذي يتكبده الفلسطينيون على مرأى ومسمع من العالم. الأمل يحذو العقلاء لكي تجد الحكمة طريقها للمشهد، وأن يقف الجميع أمام مسؤولياتهم، وأن نصل لمرحلة يتفهم الجميع مواقف الآخر ويقبله، وأن هذا لا يمكن أن يحدث دون أن يكون هناك إنصاف للحقوق ولحق الشعب الفلسطيني بدولته وكرامته الوطنية التي يستحقها.
(الغد الأردنية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة غزة حصار عدوان مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لا یمکن
إقرأ أيضاً:
السوريون ليسوا وحدهم.. اللاجئون الفلسطينيون يبحثون عن ذويهم الذين أخفاهم الأسد
لا يزال فايز النمر متمسكا بزيارة قبر ولديه عامر ونور اللذين قتلتهما قوات بشار الأسد خلال نزوح اللاجئين الفلسطينيين من مخيم اليرموك في 29 يونيو/حزيران 2016، بعد كثير من التجويع والحصار.
ورغم شدة مصابه، فإن النمر يرى أنه أفضل من غيره حيث تمكن من دفن ولديه في قبر واحد بمقبرة المخيم، بعد أن كان يستعد لتزويج ابنه الصيدلاني (عامر) بعد أيام قليلة.
ويُنظر إلى مجزرة شارع علي الوحش بالعاصمة السورية دمشق -والتي وقعت في الأسبوع الأخير من شهر رمضان- على أنها واحدة من أفظع الجرائم التي ارتكبها جيش النظام السوري بحق اللاجئين الفلسطينيين خلال نزوحهم الجماعي عن مخيم اليرموك.
ووفقا لتقرير أعدته مراسلة الجزيرة نسيبة موسى، فقد ذاق اللاجئون الفلسطينيون -الذين كانوا يعيشون في حي التضامن القريب من مخيم خان الشيح- صنوف التنكيل والقتل على يد قوات النظام.
1500 مفقود
ففي 2013، فقدت خلود والديها و6 من عائلتها بينهم طفل عمره 4 أعوام عندما اقتحمت مليشيا تابعة لبشار الأسد منزلهم واختطفتهم وقتلتهم جميعا.
أما شقيقاها -سليمان وأحمد- فقد اختفت آثارهما على حواجز النظام، قبل أن تظهر صور جثمانيهما بعد سنوات عندما ظهرت صورهما في ملفات قيصر حيث تم إعدامه عام 2014، كما تقول.
إعلانووفقا لمجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، فقد اعتقلت قوات النظام نحو 3100 فلسطيني خلال سنوات الثورة. لكن 42 معتقلا فقط منهم ظهروا بعد سقوط الأسد.
ولا يزال أكثر من 3 آلاف بينهم 50 طفلا لا يعرف مصيرهم، فضلا عن أكثر من 640 فلسطينيا قضوا تحت التعذيب على يد قوات النظام بينهم 37 امرأة.
ففي الخامس من يناير/كانون الثاني 2014، وقعت واحدة من أبشع مجازر النظام بحق اللاجئين الفلسطينيين بشارع علي الوحش عندما فتح النظام ممرا آمنا لخروج المدنيين من مخيم اليرموك لكنه سرعان ما شرع بقتلهم واعتقالهم.
ولا يزال 1500 شخص اختفوا من هذا الممر في عداد المفقودين حتى اليوم. ومن بين هؤلاء زوج السيدة نجاة الشهابي ونجلها وشقيقاها وعماها وابن شقيقتها.
ومن خلال البحث، توصلت الشهابي إلى أن زوجها وابنها كانا في فرع ميسلون، لكنها لم تتمكن من الوصول إليهما ولا لبقية من اختفوا من ذويها حتى اليوم، حسب قولها.
والمأساة نفسها تعيشها السيدة سحر، التي لا تعرف حتى اليوم إن كان زوجها وابناها ثائر ومحمد أحياء أم أمواتا.
فعلى مدار 13 عاما، انتقم نظام الأسد من اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في سوريا بالتنكيل والقتل والتجويع لأنهم اختاروا الوفاء لشعب احتضنهم طوال عقود، كما يقولون.