عربي21:
2024-12-22@19:35:39 GMT

الكوادر الطبية في حقول الموت في غزة

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

الكوادر الطبية في حقول الموت في غزة

رعب واعتقال وتعذيب وقنص وتهديد وقتل بدم بارد، هذا ما تواجهه الكوادر الطبية، البلسم الشافي، المرابطة في الخطوط الخلفية في قطاع غزة من شماله إلى جنوبه.

بحت حناجر هذه الكوادر وهي تصرخ في الضمير العالمي لوقف استهداف المستشفيات وكوادرها التي لم تعد قادرة على تقديم أية خدمة للمصابين الذين في غالبيتهم مصابون بجروح خطرة يموتون وهم ينزفون أمام الكاميرات.



غالبية المستشفيات والعيادات والمرافق الصحية والطبية أخرجت من الخدمة بعد قصف الاحتلال لمبانيها، وتحويلها إلى ثكنات عسكرية يحتجز بداخلها عشرات من الكوادر الطبية والمرضى والنازحين.


مصير مجهول يواجهه أكثر من 110 من الكوادر الطبية في غزة الذين قام الاحتلال باختطافهم أثناء قيامهم بواجبهم الإنساني، عقابا لهم على صمودهم في أماكن عملهم، ورفضهم التخلي عن واجبهم المهني والوطني والإنساني.

فيما كتبت الشهادة لأكثر من 300 من العاملين في هذا القطاع، من طب وتمريض ومختبرات وأشعة وصيدلة وإسعاف وغيرها من الخدمات الطبية المساعدة.

لا يتوقف الاحتلال الفاشي الذي تمرد على جميع المواثيق والقوانين والعهود الأخلاقية التي عرفها الإنسان المعاصر، عن عمليات الخطف والتعذيب للأطباء والممرضين الفلسطينيين بشكل ممنهج، واستهداف سيارات الإسعاف، أمام أنظار العالم الذي يتموضع على بعد أمتار من الإبادة.

على رأس الكوادر المختطفة يبدو مدير مستشفى الشفاء الدكتور محمد أبو سلمية الذي اعتقله جيش الاحتلال لأنه رفض أن يتخلى عن مرضاه، وبقي صامدا في خندق الإنسانية يخدم مرضاه في الخطوط الخلفية، خطوط النار والرصاص والمدافع والدبابات.

فيما كانت إصابة الدكتور منير البرش المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة بجروح مع جميع أفراد عائلته، واستشهاد ابنته الحافظة لكتاب الله في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في جباليا، رسالة بأن العقل المريض الذي يدير هذه الحرب في تل أبيب مجرد من أية مشاعر أو أحاسيس وبأنه يعامل الفلسطينيين وكأنهم خارج العنصر البشري.

ورغم أنها تعمل في حقول الألغام، تهز هذه الكوادر ما في العالم من إنسانية وقيم لفتح الأبواب على مصراعيها لإنقاذ حياة 5 آلاف من جرحى العدوان على القطاع الذين يصنفون بأنهم حالات خطرة ومعقدة يجب إخراجهم للعلاج في الخارج لإنقاذ أرواحهم.

ومن بين 53 ألف جريح منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي لم يخرج للعلاج من قطاع غزة سوى 411 مواطنا فقط.

ورصدت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة ما يزيد عن 50 ألف سيدة حامل ونحو 900 ألف طفل يعانون من سوء التغذية.

أمام هذه المحرقة والجرائم المتواصلة  تكتفي الجهات الدولية ذات العلاقة والصلة مثل منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر ومنظمة اليونسيف ووكالة "الأونروا" بموقف المتفرج العاجز الحيران والبارد الذي يكتفي بدور إحصاء الموتى والكوارث، وكأنها منظمات حفروا القبور، والبكاء على الأطلال.

الكوادر الطبية يعملون بلا أدوات، والمساعدات التي تدخل قطاع غزة شحيحة ولا تغني ولا تسمن من جوع، لا يتجاوز عددها 70 شاحنة يوميا، في الوقت الذي تتطلب فيه احتياجات السكان دخول ألف شاحنة يوميا وأكثر.

واضطر الأطباء أحيانا لإجراء عمليات جراحية دون تخدير لعدم توفره، وبعض المصابين مات من الصدمة وبعضهم مات وهو ينزف، ومن كتبت له النجاة لا يزال يعاني من أثار الإصابة والصدمة العصبية.

مشهد لا ينسى من الذاكرة قيام أحد الأطباء بإجراء عملية جراحية صعبة لأبنه دون تخدير، ولم يحتمل الابن صدمة الألم فصرخ صرخته الأخيرة تاركا والده يكافح دموعه وانهياره الأبوي.

كانت مشاهد هذه الكوادر وهم يتلقون أنباء وفاة عائلاتهم وهم على رأس عملهم مؤثرة، ومغرقة في التراجيديا والمأساة والعويل الذي هو إعلان رسمي عن موت الضمير والقيم.

وتعمد استهداف الكوادر الطبية يضع سكان قطاع غزة في دائرة الموت بالاستهداف المباشر أو القتل في ظل نقص الوقود والأطقم الطبية والإمداد، مما قد يدفعهم إلى المغادرة القسرية بحثا عن العلاج والمأوى.

مئات الآلاف من الجرحى والحوامل والأطفال والمرضى المزمنين، بلا خدمات صحية ويقضون أياما كاملة دون تناول الطعام، فيما تقترب غزة من المجاعة بسبب الحصار وإغلاق أهم معبر والمتنفس الوحيدة لغزة، معبر رفح الحدودي مع مصر.


حملة ممنهجة وشرسة، ضد مستشفيات القطاع، خاصة في المناطق الشمالية تتراوح بين الاستهداف الجوي، والمدفعي والمحاصرة والاقتحام والاعتقال والقصف، الأمر الذي هدد حياة آلاف المرضى والجرحى في مناطق عمل هذه المستشفيات.

خروج 25 مستشفى عن الخدمة من أصل 35، وخرج 53 عيادة صحية من أصل 72، ومن بقي يعمل لا تتوفر له أية أدوات مساعدة.

ويبرر الاحتلال استهدافه مستشفيات القطاع  بأنها تضم مراكز لإدارة عمليات حركة حماس، على حد زعمهم، وهو الأمر الذي تنفيه دائما، وزارة الصحة في قطاع غزة وحركة حماس على حد سواء، ولم يقدم الاحتلال أي دليل على زعمه الذي انكشف أمام العالم وتهاوى.

الاحتلال حول المستشفيات إلى مقابر وإلى مراكز للمعاناة والموت والتحقيق بفعل الصمت العالمي ودفاع الولايات المتحدة الأمريكية عن جرائم الاحتلال، وبعد أن فجر الاحتلال المستشفى المعمداني وتسبب في مقتل أكثر من 500 فلسطيني ولم يعاقب، فقد اعتبر ذلك تصريحا بالقتل وتدميرا لكل معاني الحياة في غزة.

العالم بصمته وتخاذله وإنكاره للمعاناة الفلسطينية يسمح للاحتلال بارتكاب جميع الجرائم والموبقات والفظائع التي لم يعرف لها التاريخ مثيلا.

رغم كل ذلك تبقى الكوادر الطبية والصحية مرابطة في الخطوط الخلفية تحت أحزمة النار والبارود، وعلى صوت الدبابات والصواريخ ورصاص البنادق.

فتستحق أن تكون من بين أبرز وجوه عام 2023 إلى جانب الإعلاميين والصحفيين ورجال المقاومة وجيل "زد" من الشبان الذين يحركون الرأي العالم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه بورتريه الكوادر الطبية غزة جرائم غزة جرائم الكوادر الطبية بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه سياسة سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکوادر الطبیة قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

“السنوار 2”.. من هو الأسير الذي يخشى الاحتلال إطلاق سراحه؟

#سواليف

تبدي أوساط في #حكومة #الاحتلال تخوفها من إطلاق سراح عدد من #قادة #الأسرى #الفلسطينيين، في إطار #صفقة مرتقبة لتبادل الأسرى، خشية أن يتحول أحدهم إلى ” #سنوار_جديد “.

وفي الوقت الذي تتصدر فيه #صفقة_تبادل #المحتجزين الإسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين، النقاش العام في “إسرائيل”، فقد طرح مسؤول إسرائيلي اسما من بين الأسرى الأمنيين الذين يقضون أحكامًا طويلة في السجن، وحذر من أنه يمكن أن يتحول إلى قائد جديد، كبديل لرئيس حركة #حماس في غزة، يحيي السنوار.

ونقلت صحيفة “معاريف” عن اللواء دوفيدو هراري، رئيس قسم جمع المعلومات في وحدة الاستخبارات بمصلحة السجون، قوله، إن “بين الشخصيات البارزة من حركة حماس، #الأسير_إبراهيم_حامد، رئيس الجناح العسكري لحماس في الضفة الغربية في الانتفاضة الثانية، والمُدان بعشرات أحكام بالسجن المؤبد”.
ويشير هراري إلى الأسير “عباس السيد من طولكرم، الذي قاد الهجوم على فندق بارك في نتانيا، والأسير حسن سلامة من غزة، المسؤول عن الهجمات الكبرى في القدس في التسعينيات، إضافة إلى محمد عرمان، الذي كان وراء الهجوم في مقهى مومنت في القدس”.

مقالات ذات صلة إخلاء جنود إسرائيليين أصيبوا في غزة  2024/12/22

ومن جانب حركة فتح، يبقى مروان البرغوثي الشخصية الرمزية الأكثر أهمية في الشارع الفلسطيني، وإلى جانبه يُذكر ناصر عوف من نابلس، الذي كان شخصية قيادية في فترة الانتفاضة الثانية، وفق الجنرال الإسرائيلي.

ووفقًا لبيانات مصلحة السجون، فإنه يوجد حاليًا نحو 10 آلاف أسير “أمني” فلسطيني، 40% منهم ينتمون إلى حركة فتح، و40% آخرين إلى حركة حماس، وحوالي 10% إلى حركة الجهاد الإسلامي، والبقية ينتمون إلى الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية.

ولفت هراري إلى التغيير داخل السجون والتشديد الكبير على الأسرى قائلا: “منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر حدث تغيير دراماتيكي، فلقد فصلنا بين الأسرى، وقطعنا كل قدرتهم على إدارة أي نوع من بناء القوة في السجون، وكل قدرة نقل الرسائل، والهواتف، والزيارات، وكل قدرة لتوجيه أسرى آخرين، وإدارة عمليات القيادة والانتخابات داخل السجن”.

مقالات مشابهة

  • محاصرون بمستشفى كمال عدوان بغزة: نواجه خطر الموت ولا نستطيع دفن الشهداء
  • محاصرون بمستشفى كمال عدوان: نواجه خطر الموت جوعا
  • “السنوار 2”.. من هو الأسير الذي يخشى الاحتلال إطلاق سراحه؟
  • تعرف على عقوبة الخطأ الطبي الذي يسبب عاهة مستديمة بمشروع قانون المسؤولية الطبية
  • عقوبة الخطأ الطبي الذي يؤدي لوفاة المريض وفقا لمشروع قانون المسؤولية الطبية
  • لليوم الـ230 .. استمرار إغلاق العدو الصهيوني لمعابر غزة خلّف مجاعة حقيقية.. والمرضى يواجهون الموت
  • قصف عنيف يستهدف مستشفى كمال عدوان.. ومجازر متواصلة في قطاع غزة
  • صحف عالمية: مرضى غزة يواجهون خطر الموت ونتنياهو لا يريد إنهاء الحرب
  • 82 بين شهيد وجريح.. والصحة تحذر من الموت ببطء لأطفال غزة
  • انتهاكات لا تنتهي.. ماذا نعرف عن مشفى العودة الذي يستهدفه الاحتلال؟