كانت حالة الشعور بالعجز والخذلان والاستلاب الجماهيري، السائدة في سياق التعاطي مع قضية فلسطين، هي عين رغبة العدو الصهيوني المحتل، الذي أوكل إلى الحكام العرب، وأنظمتهم البوليسية القمعية، تنفيذها وتكريسها والإشراف على ديمومتها، لتقف تلك الأنظمة بشعوبها في منطقة التعاطي السلبي، ومواقف العجز ذات القيمة الصفرية، التي سارع فقهاء البلاط لتبريرها، بفتاوى مدفوعة الثمن مسبقا، أسقطت واجب الجهاد في سبيل الله بالنفس، ضد عدو الله وعدو الأمة، بحجج واهية وذرائع زائفة، وافتراءات كاذبة مفضوحة، وأقامت باب الجهاد بالمال، بديلا عن الجهاد بالنفس، وفتحت أمام الشعوب باب التبرعات لفلسطين، تحت الكثير من الشعارات، مثل “هنا غزة، وغزة تنزف، وغزة تستغيث”، مستغلين العاطفة الشعبية، ومكانة فلسطين في الوجدان الجمعي، ليجمعوا باسم أقدس قضية، أموالا طائلة وأرقاما فلكية، لم يكن لغزة وفلسطين منها نصيب إطلاقا.


لذلك كان لابد من وجود موقف عربي إسلامي رسمي وشعبي، يقوم على مشروع ديني حقيقي، ينتصر لأهل الحق والأرض على المحتل الغاصب، ويؤيد ويدعم حق المقاومة والحرية، في وجه آلة الاستعمار ومشاريعها الإجرامية الظالمة، وتقديم كافة أشكال الدعم والمساندة، وصولا إلى حمل السلاح، والشراكة الفعلية في معارك التحرر، إلى جانب أصحاب الحق الفلسطينيين، بوصف ذلك واجبا دينيا وقوميا وإنسانيا، لا جدال فيه ولا خلاف عليه؛ لكن الأنظمة الحاكمة تقاعست عن حمل الواجب كاملا، واكتفت منه بالقول دون الفعل، وبالتفاعل الكلامي والخطابات الحماسية الرنانة، عن المشاركة الفعلية في ميادين المواجهة العسكرية، والجهاد في سبيل الله بالنفس والمال، وحصرت دورها في “رد الفعل المعتاد”، وسعت إلى تكريس استراتيجية “الاعتياد”، في التعاطي مع القضية الفلسطينية، على كافة المستويات والأصعدة.
يمكن القول إن سقوط المشاريع السياسية القومية، وفشلها في تبني قضية فلسطين، والانتصار لها من منطلق عنصري ، نزولا عند حجم المصالح السياسية، ومستوى الضغوط الواقعة عليها، كان أقل خطرا وضررا، من خطورة سقوط المشاريع الإسلاموية الوهابية، في دائرة الارتهان العلني والمباشر، لكيان العدو الصهيوني المحتل، وتبنيها مواقفه وخطابه ورؤيته جملة وتفصيلا، وبدلا مما اعتدنا عليه منها، من إصدار الفتاوى بوجوب الجهاد المقدس في اليمن، ضد من تسميهم أذرع إيران الرافضة، وفتاوى وجوب جهاد النكاح في سوريا، ضد نظام بشار الأسد، الكافر في نظرهم بالإجماع، ها هم في معركة “طوفان الأقصى”، قد تساقطوا وبدت سوءتهم، وانكشفوا على حقيقتهم، حين أفتوا بأن حركة حماس، وكل فصائل الجهاد والمقاومة في فلسطين، شر مطلق وخطر محض، لا تمثل الإسلام ولا تعبر عن حال المسلمين، وأنها تتحمل جرم عمليات حرب الإبادة والمجازر الوحشية، التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني، بحق المدنيين الأبرياء من أبناء قطاع غزة، وهي ذات الرؤية التي تبناها الكيان الصهيوني، وقوى الاستكبار العالمي، وصدق الله العلي العظيم القائل:- “ومن يتولهم منكم فإنه منهم”.
ولعل في هذه الفتاوى والمواقف المنحطة، ما يجيب على تساؤل الكثيرين من أبناء الأمة الإسلامية، عن سبب عدم انتصار المقاومة الفلسطينية، على مدى سبعين عاما، رغم مساندة معظم التيارات الإسلاموية الوهابية لها، ووقوفها إلى جانبها بالدعاء والتبرعات، وإذا حقيقة الأمر تحكي غير ذلك، لتؤكد معركة طوفان الأقصى الخبر اليقين، وتعلن تلك الأنظمة والتيارات الوهابية، عن حقيقة تموضعها ودورها الديني والسياسي، في خدمة اليهود الصهاينة على كل المستويات، والانتصار لمشروع إسرائيل الكبرى، وهدم الدين الإسلامي وقتل المسلمين، واحتلال أرضهم ومحوهم من الوجود، دون أن يرف لهم جفن، ليثبتوا أنهم أكثر صهيونية وإجراما وكذبا وتحريفا وفسادا، من إخوانهم الصهاينة المحتلين، وأكثر انحطاطا وشذوذا وانحرافا من أسيادهم النصارى الضالين، لذلك لا غرابة إن نظروا للمشروع القرآني بعين البغض والعداء، واجتمعت كلمتهم وجهودهم، على حرب أئمة الحق وأعلام الهدى، وتوحدت تحالفاتهم وقواهم وعتادهم، ضد أبناء اليمن شعبا وجيشا وقيادة، ولا غرابة إن أبدوا انزعاجهم من هذا المشروع العظيم، والمسيرة القرآنية وقائدها العلم الرباني المجاهد سيد القول والفعل، سماحة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، يحفظه الله، لأن الوهابيين كما أسيادهم من اليهود والنصارى، يدركون حقيقة هذا القائد الرباني، وخطورة هذا المشروع القرآني، على أهدافهم ومشاريعهم الإفسادية الشيطانية.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

محمد الضيف.. الشبح الذي قاد كتائب القسام إلى طوفان الأقصى

جعلت قدرته على المراوغة وقيادته لكتائب القسام من محمد الضيف رمزًا للكفاح المسلح الفلسطيني حتى طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣. 

وعلى مدى العقود، تمكنت إسرائيل من اغتيال العشرات من قادة المقاومة الفلسطينيين، بمن فيهم العديد من قادة كتائب القسام مثل صلاح شحادة وعماد عقل ويحيى عياش، إلا أن الضيف نجا من محاولات الاغتيال وواصل القتال.

تحت قيادته، تحولت الجناح العسكري لحركة حماس من مجموعات صغيرة من المقاتلين ضعيفي التسليح إلى قوة شبه عسكرية. ورغم أن الضيف كان متمركزًا في غزة، إلا أن الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية كانوا يهتفون باسمه في السنوات الأخيرة طلبًا للمساعدة ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وأصبحت هتافات عربية مقفاة بدأت في القدس المحتلة شائعة بشكل خاص خلال الحرب على غزة: "حُط السيف جنب السيف، إحنا رجال محمد الضيف".

يُعرف بلقب "الشبح" نظرًا لقدرته الفائقة على التواري عن الأنظار والنجاة من محاولات الاغتيال المتكررة التي استهدفته على مدار عقود. ورغم السرية التي تحيط بشخصيته، إلا أن تأثيره لا يمكن إنكاره.

وُلد محمد الضيف، واسمه الحقيقي محمد دياب إبراهيم المصري، في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة عام 1965 لعائلة فلسطينية هجّرت من قريتها الأصلية خلال نكبة 1948. نشأ في بيئة تعاني من الفقر والقمع الإسرائيلي، مما عزز لديه الوعي السياسي والميل إلى الكفاح المسلح.

درس الضيف العلوم في الجامعة الإسلامية في غزة، حيث بدأ نشاطه في صفوف الجماعة الإسلامية التي شكلت لاحقًا النواة الأولى لحركة حماس. في أواخر الثمانينيات، انضم إلى كتائب القسام، وأثبت قدراته العسكرية والتنظيمية، ليصعد سريعًا في صفوف المقاومة.

بعد اغتيال القائد صلاح شحادة عام 2002، تولى الضيف قيادة كتائب القسام، ومنذ ذلك الحين، شهدت الكتائب تطورًا نوعيًا في قدراتها العسكرية. كان له دور محوري في تطوير الأنفاق الهجومية، الصواريخ بعيدة المدى، والطائرات المسيرة، مما عزز قدرة المقاومة على مواجهة إسرائيل.

ورغم خسارته أفرادًا من عائلته في إحدى الغارات، بما في ذلك زوجته وابنه عام 2014، ظل الضيف متمسكًا بخياره العسكري، موقنًا بأن النصر لن يتحقق إلا عبر المقاومة.

مقالات مشابهة

  • شاهد | المقاومة الفلسطينية تنتزع حرية أسراها رغماً عن العدو الإسرائيلي
  • شاهد | الرمزية القيادية لبعض أسرى الضفة تثير ذعر أوساط العدو
  • محمد الضيف.. الشبح الذي قاد كتائب القسام إلى طوفان الأقصى
  • ناطق حكومة التغيير: القائد محمد الضيف كرس حياته للقضية النبيلة المتمثلة في تحرير فلسطين
  • القسام تؤكد أن قائدها العام محمد الضيف قضى شهيدا خلال معركة طوفان الأقصى
  • وزير الكهرباء والمياه والطاقة ونائبه يطلعان على عدد من المشاريع في حيدان بصعدة
  • مسير ووقفة لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في السدة بإب
  • المشروع القرآني: صوتُ الحرية في زمنِ الطغيان
  • حماس: طوفان الأقصى كسر أسطورة الاحتلال
  • مسيران ومناورتان لخريجي “طوفان الأقصى” في كعيدنة وقفل شمر بحجة