قائد الثورة يرسم معادلة موقف اليمن لنصرة غزة: لستم وحدكم حتى إنهاء العدوان والحصار
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
موقف اليمن مشرِّف ويحظى بالإجماع.. والأمريكي يسعى لحماية السفن الإسرائيلية ولا يريد وقف العدوان
الثورة /تقرير
في خطابه الثالث والتاريخي الذي ألقاه يوم الأربعاء بخصوص المستجدات في غزة ، أكد قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي أن موقف اليمني ثابت ولن يتأثر بالتهديدات الأمريكية ، وأشار إلى أن هذا الموقف يحظى بإجماع الشعب اليمني كله بما في ذلك أبناء المحافظات والمناطق المحتلة.
ورسم السيد القائد معادلة هذا الموقف وقال «همنا، وهدفنا، وتوجهنا، وموقفنا، وعملنا، هو لنصرة الشعب الفلسطيني، وسكان غزة، والمجاهدين في غزة» ، وأكد بأن هذا الموقف هو موقف حق مشروع» ، في مواجهة العدوان الصهيوني الذي يرتكب جرائم إبادة وحشية في غزة ، والذي يتلقى دعما أمريكيا متواصلا ومكثفا ومساندة غربية.
وتواصل القوات المسلحة منع السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني من المرور في البحر الأحمر وباب المندب حتى يرفع الحصار الصهيوني عن غزة ويسمح العدو بدخول الغذاء والدواء.
كما تواصل استهداف السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي ، ومنعها من المرور حتى يتوقف العدوان الصهيوني عن جرائمه في غزة والضفة الغربية.
وفي السياق نفسه أكد قائد الثورة العمل على تطوير القدرات الصاروخية والطائرات المسيّرة لتنفيذ عمليات أوسع على كيان العدو الصهيوني ، مشيرا إلى أن الهدف هو أن يرتقي هذا العمل إلى ما يأمل فيه الشعب اليمني من مستوى نصرته لغزة.
•الشعب اليمني يقوم بمسؤوليته ويشن الحرب على العدو
وفي حديثه عن منطلقات الموقف اليمني في نصرة غزة ، أكد بأنها تنطلق المسؤولية الإيمانية، والدينية، والأخلاقية، وأضاف «تَحَرَّكَ شعبنا اليمني العزيز في مواقفه البارزة والواضحة والمعروفة، تَحَرَّك ليتخذ الموقف الصحيح على كل المستويات، ليعلن تقديم كل أشكال الدعم الممكنة والمستطاعة للشعب الفلسطيني”
وأكد أن الشعب اليمني تحرك عسكريا وأعلن الحرب على العدو الصهيوني اليهودي الإسرائيلي ، ويحرك قوته الصاروخية والمسيَّرة لتنفيذ الضربات على كيان العدو الصهيوني ، بالصواريخ البالستية والمجنحة، والطائرات المسيَّرة”.
وفي الجبهة البحرية أشار السيد القائد إلى أن الشعب اليمني يتحرك على مستوى البحر الأحمر، وخليج عدن، والبحر العربي؛ ليمنع السفن الإسرائيلية، والسفن المرتبطة بإسرائيل، والتي تتجه إلى موانئ فلسطين المحتلة، لتصل بالمؤن للإسرائيليين، ولتصل بالبضائع المحملة للإسرائيليين.
وأضاف أن هذا الموقف على المستوى العسكري يأمل الشعب اليمني أن يرتقي إلى نحو أوسع ، وأكد أن «شعبنا لا يزال يتمنى أن يتاح له ما هو أكثر من ذلك» ، وقال «َقَدَّمنا طلباً واضحاً ومعلناً للدول التي تفصل جغرافياً بيننا وبين فلسطين المحتلة، لتفتح منافذ مرورٍ وعبورٍ برية، ليتحرك مئات الآلاف من أبناء شعبنا للجهاد في فلسطين، هذا هو جهاد مقدس، وعمل عظيم، وموقف حق، ولكن لم يستجب أيٌّ منها لهذا الطلب، وهم بعيدون عن الاستجابة، قلنا لهم: على الأقل لتختبروا مصداقيتنا ومصداقية شعبنا، جربوا، ألستم تحاولون أن تقللوا من أي جُهدٍ نعمله، وأن تُشَوِّهوا أي موقفٍ نقفه؟ إذاً افتحوا هذا المجال، افتحوا بصدق، افتحوا بقرارٍ جاد، لتروا، تروا الحقيقة، تروا التوجه لهذا الشعب العزيز”.
وأضاف السيد القائد أن الشعب اليمني يستمر على مستوى التبرعات المالية رغم الظروف المعيشية التي يعيشها ، وقال «على مستوى التبرعات: شعبنا مستمر بالتبرعات المالية، بالرغم من الظروف المعيشية الصعبة جداً؛ لأننا في الأساس شعبٌ محاصر، ومحارب، ولا زلنا في أجواء الحرب، لم نصل بعد إلى الخروج من حالة الحرب المعلنة على بلدنا وشعبنا»
أما على مستوى الموقف السياسي فأكد سماحته أن موقفنا واضح وداعم إلى أقصى مستوى نستطيعه.
وبخصوص التحرك الإعلامي أشار السيد القائد إلى أن كل وسائلنا الإعلامية، وكل جبهتنا الإعلامية تحركت بشكلٍ أساسي لدعم الشعب الفلسطيني ومجاهديه» ، وأضاف «يختلف إعلامنا عن إعلام الآخرين كثيراً» وقال «قارِنوا بين وسائل إعلامنا وبين وسائل الإعلام مثلاً السعودية، أو الإماراتية، أو وسائل إعلام المرتزقة، أو وسائل الإعلام لدى كثيرٍ من الدول، ما مدى ما تُقَدِّمُه لدعم القضية الفلسطينية؟ بأبسط مقارنة يتضح الفرق الشاسع والبيّن، كثير من وسائل الإعلام الأخرى تتخذ دوراً سلبياً مسيئاً إلى الشعب الفلسطيني، ما بالك أن تكون في إطار موقف داعم، ومساند، ومؤيد، وكجبهة إعلامية مناصرة بكل ما تعنيه الكلمة للقضية الفلسطينية، وموجهة ضد العدو الصهيوني بشكلٍ صريحٍ وواضح”.
وأكد السيد القائد أن الشعب اليمني يتحرك أيضاً على مستوى المسيرات والمظاهرات بشكل استثنائي ، وقال «شعبنا العزيز يخرج في كل جمعة خروجاً مليونياً، يملأ الساحات، والجماهير تهدر بأصواتها وبمواقفها الواضحة والمعلنة، وتردد في كل مسيراتها ومظاهراتها هتاف البراءة، الصرخة في وجه المستكبرين: الله أكـــــــبر
الموت لأمريكـــا
الموت لإسرائيـــل
اللعنة على اليهود
النصــر للإســــلام
وقال: إن الجماهير «تهتف بهذا الشعار الجريء، والصريح، والواضح، في التعبير عن موقف هذا الشعب العزيز، الموقف الذي يرقى إلى مستوى المسؤولية”.
وأوضح أن الخروج في المسيرات والمظاهرات في بلدنا، والتحرك الشعبي، والتفاعل الشعبي، لا مثيل له في بقية البلدان، في العالم الإسلامي والمنطقة العربية، وفي كل بلدان العالم.
إجماع شعبي
في حديثه عن موقف الشعب اليمني في نصرة غزة ، أشار قائد الثورة إلى أن هذا الموقف جامع، وإنه موقفٌ شعبيٌ واسع، وقال إنه «يحظى بإجماعٍ كبيرٍ في بلدنا وبين أوساط شعبنا بأكثر حتى من قضاياه الوطنية».
وقال مؤكدا “أنا أقول لكم بكل وضوح: لم يكن إجماع الشعب اليمني في موقفه تجاه العدوان عليه، وهي حرب عليه، حرب على الشعب اليمني بنفسه، لم يكن بمستوى الإجماع والتفاعل تجاه القضية الفلسطينية، والمظلومية الفلسطينية، ومناصرة الشعب الفلسطيني، والمجاهدين في غزة، وسكان غزة من أبناء الشعب الفلسطيني”.
وأضاف «بل كان الموقف معهم أكبر حتى من الموقف للقضايا التي هي قضايا هذا الشعب، ومظلومية هذا الشعب» ، وأوضح أن التحرك اليمني في نصرة غزة ، ليست مسألة تَحَرُّك تخص فئةً معينة من أبناء هذا الشعب، بل هو تَحَرُّكٌ رسميٌ وشعبيٌ يُعَبِّر عن الإرادة الشعبية لكل أبناء شعبنا اليمني، حتى في المحافظات المحتلة، التي يسيطر عليها تحالف العدوان نبض، وقلب، وشعور، وإحساس، وتأييد أبناء تلك المحافظات هو مع هذا الموقف، الذي يُعَبِّرُ حقيقةً عن الشعب اليمني في هويته الإيمانية، في ضميره الحي، في موقفه الشجاع والصحيح والجريء والمسؤول، الذي ينسجم مع مبادئه، وقيمه، وشرفه، وانتمائه، وحريَّته”.
وقال السيد القائد إن “الأمريكي يبرر لنفسه، ويرى لنفسه هو والبريطاني أن يأتوا إلى منطقتنا، إلى عالمنا الإسلامي، إلى بلادنا العربية، إلى بحار هذه البلدان، وأن يساندوا العدو الصهيوني في جرائمه، وهو يرتكب الجريمة البشعة، جرائم الإبادة الجماعية لشعبٍ مظلوم، ثم يستنكرون على الآخرين أن يتحركوا في الموقف الحق، في الموقف الصحيح، في الموقف الإنساني والأخلاقي، الذي له مستنده، مستنده الأخلاقي، الإنساني، الشرعي، القيمي، القانوني، بكل الاعتبارات”.
وأشار إلى أن موقف الشعب اليمني مشرف وموقف حق ، وأن الموقف الباطل المستنكر، الموقف الظالم المجرم، هو موقف الأمريكي، والبريطاني، ووصفه بالموقف المخجل والمخزي» ، وقال إن الحال وصل إلى درجة أن بعض المسؤولين ، الأمريكيين قدَّموا استقالاتهم، وشعروا بالخجل إزاء ما تفعله أمريكا مع إسرائيل، من مشاركة في أبشع وأفظع الجرائم، وقالوا: [هذا يهدد مصالح أمريكا، هذا يسيء إلى سمعتها في المنطقة، هذا يؤلب عليها، هذا يعزز الاستياء، وَيُرَسِّخ الاستياء في نفوس أبناء العالم الإسلامي قاطبة”.
وأكد أن المظاهرات المنددة بما تفعله أمريكا، خرجت في أمريكا، وفي بريطانيا، وفي فرنسا، وفي ألمانيا، في كل تلك البلدان شهدت مظاهرات مستنكرة لذلك ، وأكد بأن التوجه الأمريكي هو التوجه الذي يختلف مع إرادة الشعوب، ويخالف مصالح الشعوب، ويتنكر لكل القيم: إنسانية، دينية، أخلاقية، لبرالية… بكل أشكالها وأنواعها ، وقال إنه موقف إجرامي عدواني واضح ومفضوح تماماً، مفضوح تماماً، ومخزٍ ومخجل، وعار بكل ما تعنيه الكلمة.
وقال السيد القائد «عار على أمريكا، عار على بريطانيا، عار على فرنسا، عار على ألمانيا، عار على إيطاليا، كل البلدان التي تقف مع العدو الصهيوني، وتسانده في قتله اليومي للأطفال والنساء، في جرائمه البشعة جداً، عار وخزي”.
وبخصوص موقف الشعب اليمني أكد بأنه موقف مشرف بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، موقف صحيح ينسجم مع المسئولية الإيمانية والإنسانية والأخلاقية لهذا الشعب، لا غبار عليه، وأضاف «لسنا نخجل أو نستحي أو نتحرج من هذا الموقف».
وأكد سماحته: إننا «نسعى لأن نصل في الموقف إلى أقصى مدى ممكن دون تحرج ولا تردد، ونراه موقف حق، يستحق منا التضحية، والبذل، والعطاء، والثبات على هذا الموقف مهما كانت النتائج».
وأضاف: إذا أراد الأمريكي أن يفرض باطله على شعوب أمتنا، وأن يخضعها ويركعها لتبقى متفرجة على جرائم الإبادة الجماعية، التي يشارك العدو الصهيوني فيها بحق الشعب الفلسطيني، فإن شعبنا قرر ألَّا يخنع وألَّا يخضع، وألًّا يركع للأمريكي، وألَّا يتراجع عن هذا الموقف المبدئي، والأخلاقي، والديني، والإنساني.
•صمودكم عظيم ولستم وحدكم
وأكد قائد الثورة أن “صمود الإخوة المجاهدين في غزة هو عظيم، يُعَبِّر عن إرادة إيمانية، وعن مجاهدين يعتمدون على الله، يتوكلون على الله، يثقون بالله، يؤمنون حق الإيمان بعدالة قضيتهم، يمتلكون من الأخلاق والقيم ما أَهَّلهم إلى ذلك المستوى من الصمود والتفاني، لهم صلتهم الإيمانية بالله، التي يحضون من خلالها بالمدد الإلهي والسكينة، والعون العظيم من الله، وهم ينكلون بالعدو الإسرائيلي في المواجهة، ويقتلون الكثير من الجنود الإسرائيليين، ربما هذه المسألة لا تحظى بالتغطية الإعلامية بما تستحقه، لكن صمودهم، وثباتهم، وتنكيلهم بالعدو الصهيوني هو عظيم، وكبير، ومشرف، وَيُعَبِّر- كما قلنا- عن إرادة إيمانية، ويمثل أملاً حقيقياً بالنصر الموعود إن شاء الله”.
وأضاف: “صبر أهالي غزة وسكان غزة، بالرغم من ذلك العدوان الهائل، أذهل كل شعوب العالم، بما فيها الشعوب الأوروبية، والكل منبهرٌ من مستوى ذلك الصبر، وذلك الصمود، وذلك الثبات، بالرغم من حجم المظلومية، والمعاناة الشديدة جداً، والتي لا مثيل لها”.
وتوجه السيد القائد إلى الشعب الفلسطيني في غزة وفي كل فلسطين ، قائلا «في هذا المقام نقول للشعب الفلسطيني (في غزة، وفي سائر فلسطين)، نقول للإخوة المجاهدين في فلسطين، في غزة العزة: لستم وحدكم، الله معكم، وهو خير الناصرين، {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا}[النساء: من الآية45]، شعبنا اليمني معكم بكل ما يستطيع، وبأعلى سقفٍ يتمكن منه، ولن يتردد، ولن يثنينا الموقف الأمريكي، ولا الوعيد ولا التهديد، من جانب الأمريكي ولا من جانب غيره، لن يثنينا عن هذا الموقف، ولن نتراجع عن هذا الموقف»
وأضاف «نقول لهم: كل أحرار أمتنا إلى جانبكم، محور المقاومة هو حاضرٌ في أدوار مهمة وفاعلة إلى جانبكم، حزب الله في لبنان هو في جبهة مستعرة ومستمرة في الحدود الشمالية لفلسطين، هو إلى جانبكم، كل شعوب العالم التي بقي لها شيءٌ من الضمير الإنسان تهتف لكم، وتهتف لمظلوميتكم، والله خير الناصرين، ثقوا بنصر الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، مهما تمادى العدو الصهيوني في جرائمه، فثباتكم، وصبركم، وجهادكم، وتضحيتكم، هو سببٌ للنصر الإلهي مع مظلوميتكم ومعاناتكم، التي هي بعين الله، الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» {لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ}[آل عمران: من الآية5]، مهما كان الموقف الأمريكي في مساندة العدو الصهيوني ومشاركته في جرائمه فهو أيضاً خاسر، يخسر بخسارة الإسرائيل؛ ولذلك مهما كان حجم المعاناة، فالمستضعفون بثباتهم، وصمودهم، وصبرهم، يحظون بنصر الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، الذي وعد بالنصر، وهو لن يُخلِف وعده.
•موقفنا صحيح والأمريكي يريد حماية السفن الإسرائيلية ليستمر في جرائمه على غزة
كما أكد قائد الثورة أن موقف الشعب اليمني مستمر وصحيح ، وأن الموقف الصحيح الذي على كل دول العالم أن تسعى له، هو: المطالبة بوقف العدوان على غزة ، وأن عليها مطالبة الأمريكي ، لماذا يريد أن يستمر في حماية السفن الإسرائيلية.
وأضاف سماحته قائلا: «لأنه يريد أن يستمر العدوان على غزة، يريد أن تستمر الجرائم في غزة» ، وأكد أن الحل الصحيح هو وقف العدوان على غزة، ووقف الجرائم، ووقف الحصار، وإنهاء الحصار على الشعب الفلسطيني في غزة، وتساءل أليس هذا هو الموقف الصحيح، الذي ينسجم مع الإنسانية، ينسجم مع كل القيم، ينسجم حتى مع مطالبات الشعوب في كل بلدان العالم.
وأكد أن الأمريكي لم يعد يأبه لأي شيء، وأن تحركه في البحر الأحمر، تحت العنوان الجديد من أجل حماية السفن الإسرائيلية، هو تَحَرُّك غير قانوني، ولا يمثل لا قانون دولي، ولا أمم متحدة، ولا أي شيء، هو عدوان، وإجرام، وجلبطة، وعنجهية، وتصرف أرعن، وأحمق، وغبي، ومتوحش، وهو يسعى لخدمة الإسرائيليين”.
•واصلوا تحرككم
في ختام كلمته أكد السيد القائد على ضرورة استمرار الشعب اليمني في تحركه وقال «أتوجه إلى شعبنا العزيز، للحث على مواصلة كل الأنشطة في بلدنا، والجهوزية لكل الاحتمالات، شعبنا العزيز تبَنَّى موقفه بجد وبصدق، ليس موقفاً تكتيكياً، هو موقف إيماني، وعلى العدو أن يعرف ماذا نعنيه بمواقفنا الإيمانية، والمواقف المنطلقة من منطلق إيماني ومبدئي وأخلاقي وإنساني، نحن شعبٌ يحمل الإنسانية، لا يزال يتمسك بقيمه ومبادئه وإيمانه؛ ولذلك لن يتردد ولن يتراجع نتيجةً للتهديد والوعيد والضغوط”.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
قائد الثورة: المعركة مستمرة والحضور فيها يُعبر عن الإيمان والعطاء والجهاد المقدس
دعا إلى خروج مليوني مشرِّف عصر اليوم في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات اليمن يقف اليوم في معركة “الفتح الموعود” موقفًا عظيمًا وتحدى أمريكا ببارجاتها وأساطيلها الذكرى السنوية للشهيد مناسبة مهمة ولها قدسيتها في مضمونها وأهدافها في استنهاض الأمة الفيتو الأمريكي ضد مشروع قرار وقف إطلاق النار في غزة يعكس النهج العدواني والإجرامي لواشنطن المجاهدون في فلسطين ولبنان والعراق واليمن اختاروا الخيار الصائب وعلى الأمة أن تعزز هذا الاتجاه في اوساطها
الثورة/ سبأ
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْــــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَــنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
حديثنا في هذه الكلمة عن المستجدات والتطورات، المتعلِّقة بالعدوان الهمجي، الإجرامي، الوحشي، الإسرائيلي على غزة ولبنان، يأتي في إطار الحديث عن الذكرى السنوية للشهيد، التي تكتمل يوم الغد إن شاء الله، ولها صلةٌ تامةٌ بموقف شعبنا العزيز المناصر للشعب الفلسطيني في غزة، والمناصر للمجاهدين في غزة، وكذلك للشعب اللبناني ومجاهدي حزب الله في لبنان.
شهداء مسيرتنا وشعبنا قضيتهم منذ اليوم الأول هي قضية الأمة، والموقف القرآني، والتوجه القرآني الحق، تجاه مسؤولية الأمة في مواجهة أعدائها، والمخاطر التي تهددها، وضرورة المعالجة لأسباب ضعفها ووهنها، وهذه ميزة لمسيرتنا القرآنية منذ يومها الأول.
والذكرى السنوية للشهيد هي من المناسبات المهمة التي يحييها شعبنا العزيز، ولها قدسيتها في مضمونها وأهدافها، ولها أيضاً بركاتها وآثارها الطيبة؛ فهي تهدف إلى:
ترسيخ قيم وثقافة ومكاسب الجهاد والتضحية في سبيل الله تعالى، والاستنهاض للأمة للنهوض بمسؤوليتها المُقدَّسة، التي نتاجها التحرر، والاستقلال، والعزة، والكرامة، وثمرتها المهمة جداً هي: تحقيق النصر، ودفع شر الأعداء وكيدهم.
وتهدف المناسبة أيضاً إلى التمجيد لعطاء الشهداء الذي هو عطاءٌ عظيمٌ مبارك، حقق الله به ويحقق للأمة النتائج المهمة.
وكذلك استلهام الدروس والعبر من جهادهم، وصبرهم، وأخلاقهم، وعطائهم، وتفانيهم في سبيل الله تعالى، وإخلاصهم لله، ومواقفهم العظيمة والمميزة، وقيمهم التي تجسد القيم الإسلامية والإنسانية، ومن شهادتهم ومظلوميتهم.
من السائد في واقع الأمم بمختلف أديانها، واتجاهاتها، وثقافاتها، وتقاليدها، وعاداتها، وأعرافها من السائد في واقعها هو التمجيد لتضحيات من يضحون بأنفسهم في خدمة القضايا المهمة في تلك الأمم، كقضية التحرر، والخلاص من سيطرة الأعداء، أو دفع شر الأعداء، والقضايا التي لها عناوين ذات قيمة إنسانية وأخلاقية، وهذا شيءٌ فطريٌ في واقع البشر؛ ولــذلك يمجِّدونهم، ويُخَلِّدون ذكراهم، ويقدمونهم في الواقع التعليمي والتثقيفي والإعلامي كنموذج ملهم وقدوة؛ لتحفيز وتشجيع غيرهم.
إلَّا أن منزلة الشهداء في سبيل الله تعالى، وقيمة الشهادة، هي منزلةٌ عاليةٌ، ومرتبةٌ رفيعةٌ، تفوق كل عطاءٍ وتضحية تحت أي عنوان، وقدسيتها أيضاً تميزها عن غيرها؛ فالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو من رفع منزلة الشهداء في سبيله، وأعلى مقامهم، وكرمهم تكريماً خاصاً؛ ولــذلك هذا يفوق كل شيء من جانب الناس، من تمجيدهم، من إشادتهم، من تقديرهم… من كل ما يقدمونه، ليس شيئاً في مقابل ما قدَّمه الله تعالى وما هو من عند الله، الناس يقدمون ما يقدمونه في مستوى تقديرهم هم، ورؤيتهم، ومقارباتهم في القضايا والأمور ومواقفهم منها، وبمحدودية ما يمتلكون أن يقدموه؛ أمَّا الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” فميزانه على مستوى التكريم المعنوي، وعلى مستوى الجزاء، ميزانه الحق والعدل، وأيضاً هو “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” الغني الكريم العظيم المجيد، الذي بيده الخير كله؛ فهو “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” من رفع منزلتهم، وأعلى مقامهم، وكرمهم تكريماً خاصاً بهم، كما هو واضحٌ في الآيات المباركة، ومنحهم الخلود في نعيمٍ وتكريمٍ، وحياةٍ سعيدة، ووضعٍ استثنائيٍ، يميزهم عن غيرهم من الراحلين من هذه الدنيا، التي قال الله عنها: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ}[الرحمن:26].
المصير المحتوم لكل البشر هو الموت والفناء؛ ولهذا يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم، مخاطباً لخاتم أنبيائه وسيِّد رسله محمد “صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ(34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}[الأنبياء:34-35]، ولذلك في واقع البشر فإن الآلاف منهم يموتون يومياً، الذين يموتون يومياً من البشر من مختلف البلدان والشعوب والأمم بالآلاف يومياً، في كل يوم من مختلف الأعمار، ومن مختلف الفئات: من كبارٍ وصغار، وأغنياء وفقراء، ممن هم أصحاب جاهٍ وسلطان، ومن غيرهم، من كل الناس، في كل يوم هناك الآلاف يرحلون من هذه الدنيا، ومن امتد به العمر يهرم، ويعجز، وَيَفْقِد قواه الواحدة تلو الأخرى، ثم يموت، ليس هناك خيار آخر في مسيرة الإنسان في هذه الحياة، وفي توجهه، يمكن أن يضمن له البقاء في هذه الدنيا، والخلود الأبدي في هذه الدنيا، والسلامة من الفناء والموت والرحيل من هذه الحياة، فلو اتخذ الإنسان أي خيار، أو أي قرار، أو اتجه أي توجه، فلن يسلم بذلك ولن ينجو بذلك من الرحيل من هذه الحياة؛ لأنه أمرٌ محتومٌ في واقع كل البشر، بل إن الحياة الدنيا بكلها لها أجل.
الناس لهم آجالهم، ويرحلون من هذه الحياة جيلاً بعد جيل، ووجودهم بشكلٍ عام في هذه الدنيا له أجل، يأتي يوم من الأيام، ينتهي هذا الأجل، تقوم القيامة، تأتي أولاً ما قبل قيام الناس وبعثهم يأتي فناؤهم، ويأتي موتهم وهلاكهم، الذين يكونون معاصرين في تلك المرحلة من نهاية التاريخ والوجود البشري، يأتي فناؤهم بالصيحة، التي يُعَبِّر القرآن الكريم بها عن النهاية الحتمية للوجود البشري على هذه الأرض، في الزلزال العظيم المدمر، الذي به فناء هذه الحياة بشكلٍ نهائي؛ من أجل التمهيد للحياة الأخرى.
ولــذلك البعض، نتيجة لشدة حرصهم على البقاء في هذه الحياة، قد يتخذون خيارات خاطئة، وقرارات خاطئة، ويتجهون اتجاهات خاطئة، منحرفة، يخسرون بسببها مستقبلهم الأبدي العظيم المهم في الآخرة، الذي هو مستقبلٌ لا نهاية له، خلودٌ بحياةٍ خيرها خالص، وشرها خالص، وعلى أعلى مستوى.
ولــذلك فالشهادة في سبيل الله تعالى هي فوزٌ عظيم، طالما لابدَّ من الرحيل من هذه الحياة، لابدَّ من الفناء في هذه الدنيا، لابدَّ من الانتقال من هذه الحياة؛ فالشهادة في سبيل الله تعالى هي فوزٌ عظيمٌ وربحٌ حقيقي، واستثمارٌ واعٍ لما لابدَّ من حصوله للإنسان، وهو الرحيل من هذه الحياة، الشهيد استثمر هذا الرحيل استثماراً عظيماً ومهماً، واستفاد منه، والميزة التي جعلها الله للشهادة والشهداء هي: الحياة في تكريمٍ خاصٍ بهم، ونعيمٍ وسعادةٍ عظيمةٍ وحقيقية، وهذا واضحٌ وجليٌ في آيات الله في القرآن الكريم، كما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران: 169-171].
هذه الآيات المباركة هي تُبَيِّن أن هناك بالفعل ميزة خاصة للشهادة والشهداء، وهي: أنهم ينتقلون من هذه الحياة، إلى حياةٍ أبدية، سعيدة، في ضيافة الله تعالى، وتكريمه العظيم، وهذا تكريمٌ من جهة، وفوزٌ عظيمٌ من جهة أخرى؛ لأن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بكرمه العظيم لا يخسر معه أحدٌ أبداً:
على مستوى العطاء المادي: الإنفاق في سبيل الله يضاعف لك بسبعمائة ضعف.
على مستوى الجود بالنفس، والتضحية بهذه الحياة: الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يجازيك على ذلك، ويعوضك عن ذلك، ويثيبك على ذلك حياةً سعيدةً، عظيمةً، راقيةً، هنيةً، تعيش فيها وأنت في سعادةٍ تامة، لا يشوبها أي كدر، في حالة فرحٍ، واستبشارٍ وسرورٍ دائم، ليس هناك ما يُنَغِّص عليك تلك الحياة، ولا يشوبها أي كَدَرٍ يؤذيك أو يزعجك.
فالآيات المباركة واضحة تماماً، تحدثت عن ميزةٍ لهم، أَكَّدها أيضاً بقوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ}[البقرة:154].
ومع هذا الوضوح والبيان، البعض لا يستوعبون هذه الحقيقة كما هي، بوضوحها التام، وقد بيّنها الله في آياته البيّنات: (لَا تَحْسَبَنَّ)، (وَلَا تَقُولُوا) أيضاً، هذه كافية في أن تكون النظرة مختلفة، وأن نعي هذه الميزة للشهادة والشهداء، وأنها حقيقية.
لماذا هذا التكريم العظيم المعنوي والمادي، وهذا المقام الرفيع؟ لأنه أيضاً يُعَبِّر عن منزل عالية عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ومرتبة رفيعة، هذا بكله يدل على أهمية الجهاد في سبيل الله تعالى وفضله؛ لأن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” عندما قدَّم هذا العطاء العظيم لمن يقتلون في سبيله، هذا يُشَجِّع الكثير من الناس، ممن قد يكون العائق أمام انطلاقتهم هو الخوف من الموت، وهو يعتبر من أكبر العوائق التي تؤثِّر على الكثير من الناس.
الكثير من الناس يتأثرون بحرصهم على البقاء في الحياة، وخوفهم من الموت، فعندما قدَّم الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هذا العطاء، وهذا التكريم العظيم، هو يعالج أكبر مشكلة وعائقٍ نفسيٍ لدى الكثير من الناس، وبالتالي عندما يعرف الإنسان ويثق ويؤمن بأن الشهادة في سبيل الله يترتب عليها هذا النعيم العظيم، وهذا التكريم العظيم، يشجعه ذلك للانطلاقة، فهو ينشد تلك الحياة العظيمة، التي هي أهنأ وأسعد وأرقى من هذه الحياة.
الجهاد في سبيل الله تعالى هو ضرورةٌ حتميةٌ، لكي تسود قيم الحق، والخير، والعدل، والرحمة؛ ولدفع الأشرار وشرهم، حتى لا تبقى الساحة البشرية خاليةً للأشرار، ولشرهم، ويبقى الميدان مفتوحاً أمامهم؛ لأن سيطرتهم تُشَكِّل خطراً حقيقياً على المجتمع البشري في كل شيء: في أمنه، واستقراره، وحياته، وإنسانيته؛ لأنهم يفسدون الناس، ويفسدون حياة الناس، ويظلمون الناس، وشرهم كبيرٌ جداً على الناس.
أمَّا الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” فهو الغني، الغني عن الناس كلهم، وعن المجاهدين بأجمعهم، وعن كل عملٍ صالح، من جهادٍ وغيره يعمله الإنسان، {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ}، {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ}[العنكبوت:6]، حتى تلك القيم والتعليمات التي قدَّمها الله لعباده، هي لصالحهم في حياتهم، قيم الحق، العدالة، الرحمة، الخير، هي لمصلحة الناس، وهي لاستقرار حياتهم، ولصلاح حياتهم؛ أمَّا إذا غُيِّبَت، وَغُيِّبَت هذه الفريضة، التي تجعل اتجاه الحق والعدل والخير في موقع القوة، والحماية للمجتمع، وتجعل المجتمع في حالة منعة، وعزة، وحماية؛ فالبديل عن ذلك هم الأشرار، بشرهم، بإجرامهم، بعدوانيَّتهم، بظلمهم، ببغيهم؛ ولــذلك بيّن الله في القرآن الكريم الفارق الكبير بين جهتين:
جهة تمثل الشر، ويتمثل الشر فيها.
ونموذج يمثل الخير، ويتمثل الخير فيه.
فقال “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}[البقرة: 104-207].
هكذا أتت هذه الآيات الكريمة مترابطة؛ لتقدم نموذجين، كلاهما من الناس، وكلاهما يمثل امتداداً في المجتمع البشر في كل عصرٍ وجيل؛ ولــذلك المسألة واقعية (مِنَ النَّاسِ) لا ينحصر هذا بعصرٍ وزمنٍ مُعَيَّن، ولا حتى- مثلاً- في فئة محدودة من الناس، هذا النموذج الشرير، الذي يتمثل الشر فيه، والإجرام، والعدوان، والظلم، والإفساد، بمستوى عالٍ جداً، وحالة واقعية، تمتد عبر العصور، وتُشَكِّل خَطراً على الناس في كل زمن.
فالنموذج الذي يمثل الشر والإجرام، والنموذج الظلامي المفسد، هو من تتمثل فيه تلك المواصفات التي وضحها الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بشكلٍ جلي، نموذج يستخدم العناوين الجذابة لمجرد الخداع فقط، هو على مستوى العناوين يُقدِّم للناس عناوين مخادعة، عناوين جذابة، عناوين تعجبهم؛ ولــذلك قد يصل الحال بالكثير منهم إلى أن ينخدعوا به، بالرغم من سوئه كنموذج، وكفئة سيئة، ظالمة، مفسدة، لكنهم انخدعوا بتلك العناوين البرَّاقة الجذَّابة، التي هي لمجرد الخداع؛ بينما اتجاهه العملي والفعلي متباينٌ تماماً مع تلك العناوين حتى هي، وحتى المضمون الصحيح لها، العدو هو يستخدمها، تلك الفئة (فئة الشر والاجرام) تستخدم العناوين ولها أهداف أخرى؛ لمجرد الخداع، وتحاول أن تسوق بها الناس إلى أشياء أخرى أيضاً.
من أبرز وأوضح من يتمثل فيه تلك المواصفات تماماً، على مستوى ما يقول، وعلى مستوى ما يعمل، وفي سلوكه وأساليبه، في عصرنا وزمننا هو: النموذج الغربي، وعلى رأسه أمريكا وإسرائيل، ومن يدور في فلكهم من أتباع الصهيونية وغيرها، من يدور في نفس الاتجاه، {يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ}، وفعلاً نجد الكثير من أبناء أمتنا حتى، وليس في بقية المجتمعات، من أبناء هذه الأمة المنتمية للإسلام، أبناء هذه الأمة التي أنعم الله عليها بالقرآن الكريم، الكفيل بأن تكون على أعلى درجات المستوى من الوعي والبصيرة، وألَّا تنخدع بأي فئةٍ من فئات الضلال، لكن تجد الكثير من أبناء هذه الأمة، من النخب، والمثقفين، والأكاديميين، والسياسيين، يُعْجَبُون إلى منتهى الإعجاب، يعجبون- فعلاً- بمنتهى الإعجاب بما يقوله الغرب، بما تقوله أمريكا، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، بما يقوله أتباع الصهيونية المتوحشة الإجرامية عن: الحُرِّيَّة- عناوين برَّاقة ومخادعة- وحقوق الإنسان، والحضارة، والرفاهية، والرُّقِي، والازدهار، والسلام، وحقوق الحيوان وليس فقط حقوق الإنسان… وقائمة طويلة من العناوين، التي يكررونها ليل نهار، ويُسَوِّقُون لها وَيُرَوِّج لها المعجبون بهم وبقولهم، يُرَوِّجُون لها عن المستوى التنظيري، يُقدِّمونها في الجانب الفكري، والجانب التثقيفي، والجانب الإعلامي، والدعاية الإعلامية… وغير ذلك.
بل والبعض يتتلمذون لهم، يتتلمذ للمدرسة الغربية؛ ليكون مُرَوِّجاً لها، ومعجباً برموز فيها، رموز تحت عنوان الجانب الفكري، مفكرين، ومثقفين… وغير ذلك، والبعض يتجنَّد للترويج لما يقولونه.
في الوسط النسائي كذلك، عن: حقوق المرأة، ويتحدثون ليلة نهار، وفي بلدان كثيرة، ويستخدمون هذا العنوان لاختراق شعوب كثيرة، وتنخدع البعض من النساء كما انخدع الكثير من الرجال، ينخدعن بذلك، وَتُعجَبُ بما يقولونه، والبعض يستقطبن تحت هذه العناوين.
من يعجبون بما يقوله أولئك، بما يقوله الغرب، بما تقوله أمريكا، بما تقوله إسرائيل، بما تقوله الدول الغربية، بما يقوله أتباع الصهيونية، ينسون تماماً أن أولئك الذين يتحدثون بتلك العناوين البرَّاقة، هم من أفعالهم، وسيرتهم، وتصرفاتهم، وسياساتهم، وتوجهاتهم، في منتهى الإجرام، والوحشية، والطغيان، والإفساد في الأرض، والإفساد للمجتمع البشري، والتحلل من القيم والأخلاق الفطرية الإنسانية، التي أودعها الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في نفوس الناس، وجعل للمجتمع البشري والإنسان الميزة بها حتى على بقية الحيوانات، ينسون كل ذلك، ينسون أن الرصيد التاريخي لتلك الدول: للأمريكي، للبريطاني، للفرنسي، للألماني، رصيد إجرامي مهول، ومفجع، وكارثي، وفظيع للغاية، وكأنك تقرأ بأسوأ مما يمكن أن تقرأه عن الغابة، عن: الضباع، والذئاب، والثعالب، تجد أولئك أكثر توحشاً من الوحوش المتواجدة في الغابات، كُلٌّ منهم رصيده الإجرامي هو القتل للملايين من البشر، بأسوأ أساليب الإبادة، ولمختلف فئات الناس: للرجال والنساء، ليس هناك لا حقوق رجال، ولا حقوق نساء، للأطفال، ولا حقوق للطفل عندهم، ولا للكبار، ولا للصغار.
الأمريكي- منذ يومه الأول- ماذا بنى كيانه عليه؟ أُسِّس الكيان الأمريكي على الإجرام، بإبادة الهنود الحمر، السكان الأصليين لتلك المنطقة التي سُمِّيت أمريكا، ونشأت عليها الولايات المتحدة الأمريكية، الملايين (أطفالاً، نساءً، كباراً، صغاراً) أبادهم المستعمرون، المتسلطون، الغزاة، الأوروبيون الذين اتجهوا إلى تلك المنطقة لاحتلالها، والسيطرة عليها، وإبادة سكانها من الوجود، من يقرأ الممارسات الإجرامية لإبادة الهنود الحمر يستغرب، ويتفاجأ، ويندهش، كيف يمكن لإنسان بقي فيه ذرة من الإنسانية أن يتصرف بكل تلك الوحشية، والإجرام، والطغيان، والعدوانية؟! ولكن هذا هو ما حصل.
ثم ما بعد ذلك، الأمريكي اقرأ عن سيرته، يتحدث ليل نهار عن السلام، السلام، السلام، ولا أحد ربما في العالم يتحدث عن السلام بقدر ما يتحدث عنه الأمريكي، وحقوق الإنسان، والحياة الرفاهية للشعوب… وغير ذلك، ثم هو الذي: أباد دفعةً واحدة في غضون دقائق، مئات الآلاف من البشر في اليابان، بقنابل نووية محرمة، يستخدمها للإبادة الجماعية، لمسح مُدُنٍ من على وجه الأرض بكل من فيها، بكل أطفالها ونسائها، وكبارها وصغارها، ويفعل ما فعل في فيتنام، يُحرِق مئات الآلاف من المجتمع البشري بالنار، يُحرِقُهم بالنار، بوسائل وإمكانات لإحراقهم وإبادتهم، وبالقنابل، وبالقتل بكل أشكال القتل، ثم هو ذلك الذي فعل ما فعل في العالم الإسلامي، ما فعله في العراق، أباد مئات الآلاف من أبناء الشعب العراقي المسلم ظلماً وعدواناً، أباد مئات الآلاف من أبناء الشعب الأفغاني المسلم، ارتكب الجرائم في كل أنحاء العالم، السجل الإجرامي له واسعٌ جداً، وليس لغيره مثله، وهكذا هو شريكٌ أساسيٌ مع المجرم الصهيوني الإسرائيلي اليهودي، في كل جرائمه التي يرتكبها على مدى عقودٍ من الزمن في فلسطين، ضد الشعب الفلسطيني المظلوم، وضد البلدان العربية المجاورة في: لبنان، وسوريا، والأردن، ومصر.
وهكذا هو حال الشركاء الآخرين:
بريطانيا: ودورها من قبل دور أمريكا على المستوى الفعلي، في استقدام العصابات الصهيونية اليهودية إلى فلسطين، وتجنيدها، وتسليحها، وتمكينها، ودعمها، ومساندتها، والمشاركة معها في قتل الفلسطينيين، وتدمير منازلهم، وقراؤهم، ومدنهم، والسعي لتمكين تلك العصابات من احتلال فلسطين.
الفرنسي: مساهم مساهمات كبيرة، في الدعم بالتسليح وغيره، والدعم السياسي.
ولذلك في قصة المباريات، التي حصلت في فرنسا هذا الأسبوع، ذهب رؤساء فرنسا، وليس فقط الرئيس القالي لفرنسا، بل ومن قبله، والشرطة الفرنسية، لكي تحضر المباراة؛ من أجل أن يقووا بأنفسهم الصهاينة، الذين يحضرون إلى هناك (إلى فرنسا) للمشاركة في المباريات، ولانزعاج الناس منهم، المجتمعات منهم، بما فيها الكثير من المجتمع الفرنسي؛ فهم يقلقون من أن يكون هناك هتافات، تُعَبِّر عن السخط من الإجرام الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وما يرتكبه العدو الإسرائيلي ضد الشعب اللبناني، فمن شدة الاهتمام يحضر الرؤساء الفرنسيون، الرئيس الحالي ومن قبله، لأن يقووا بأنفسهم الصهاينة واليهود، أن يجعلوا من أنفسهم الفداء لهم، إلى هذا المستوى من الاهتمام.
الألماني: وما يقدِّمه الكثير والكثير من القذائف، من السلاح، من الدعم السياسي، والدعم الإعلامي… وهكذا غيره.
قوى الشر المنضوية تحت لواء الصهيونية، اتجاهها الإجرامي الوحشي ضد أمتنا الإسلامية، وفي المقدمة ضد الشعب الفلسطيني، الذي يعاني من مأساة لا مثيل لها في كل أنحاء المعمورة، وضد الشعب اللبناني، وضد شعوب أمتنا بشكلٍ عام، هي تَتَّجه من منطلقٍ عقائدي، ورؤية وفكر، وتوجه، وليس مجرد ردة فعل ناتجةً عن استفزاز من هنا أو هناك؛ ولهذا يستغرب الإنسان ويندهش، عندما يلحظ أن البعض من السياسيين، البعض من المسؤولين العرب، البعض من الإعلاميين، يتحدث عن المجاهدين في فلسطين، أو عن حزب الله في لبنان، أو عن محور المقاومة، وكأنه هو من استفز العدو الإسرائيلي واستفز أمريكا، وأنه هو سبب المشكلة فيما يحصل، أو عن الجمهورية الإسلامية في إيران، وأن إيران هي مشكلة تجاه ما يحصل!
ما يحصل هو قبل نشوء هذه الحركات المجاهدة في فلسطين ولبنان، الأمريكي، والبريطاني، والأوروبي، اتجهوا لدعم الصهيونية كمشروع يؤمنون به، وهو مشروع عدواني تدميري لكل أمتنا الإسلامية، وفي المقدِّمة تلك الرقعة الجغرافية المهمة من هذه المنطقة، التي تشمل فلسطين، وبقية الشام: (لبنان، سوريا، الأردن)، والحديث عن الأردن حديث متكرر من جانب الصهاينة، وتشمل أيضاً مصر، وتشمل أجزاء واسعة من المملكة العربية السعودية، تشمل جزءاً من العراق، على مستوى السيطرة المباشرة والاحتلال المباشر، وتشمل المنطقة بكلها، ما يُعَبِّر عنه الأمريكي والإسرائيلي كلاهما بالشرق الأوسط، وتغيير وجه الشرق الأوسط، والسيطرة على الشرق الأوسط، يعني: المنطقة بكلها، والتحكم في شعوبها بكلها، والسيطرة على الجميع، والتحكم بالجميع، بما يخدم المصلحة الأمريكية والإسرائيلية، التي هي عدوانية، وتدميرية، وشرٌّ مطلق على أمتنا وشعوبها.
ولذلك ليست المسألة مسألة ردة فعل، أتت منهم لأن أحداً استفزهم بكلمة من هنا أو هناك، أو أثار مشكلةً معهم، هم ابتداءً من تحركوا للعدوان على أمتنا، لاحتلال هذه الأوطان، لاستهداف هذه الشعوب من لهم موقف من هذه الأمة في دينها، في وجودها الحضاري والمستقل… وغير ذلك، فهذه مسألة واضحة.
ولأنه اتجاه عدواني، إجرامي، مفسد، يفسد كل شيء، يستهدف الناس لإفساد حياتهم في كل شيء، على المستوى الأخلاقي والقيمي، على مستوى المجالات: يفسد الحياة السياسية، الحياة الاقتصادية، المجال الاقتصادي، الجانب الاجتماعي… كل الحياة، وهو اتجاهٌ ظالمٌ، يظلم الناس، يفتك بهم، أَلَدُّ الْخِصَامِ، وظلامي: في رؤيته، في توجهه، في فكره، في ثقافته، ظلاميٌ بكل ما تعنيه الكلمة؛ فهو لا يرعوي لأي اعتبارات: قيمية، أخلاقية… غير ذلك، {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ}، هو إلى مستوى أنه لن يتحاشى حتى من أجل الله، من أجل تقوى الله تعالى، من التخويف بعذاب الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” والعقوبة الإلهية، من التذكير بالله، فما بالك بأي اعتبارات أخرى، هل يمكن أن يرعوي لبيان من أمم متحدة، أو بيان من منظمة هنا أو هناك، أو بيانات المطالبات والمناشدات، التي يمكن أن تصدرها مؤسسات أو منظمات هنا أو هناك؟ لا يرعوي لأي منها؛ إنما يزداد تعنتاً، {أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ}، ويزداد إمعاناً في الجريمة، وَرَدَّت فعله حتى تجاه ذلك، يصدر بيان من الأمم متحدة، يرتكب جرائم أكثر في المقابل؛ لإثبات تعنته، وغطرسته، ولا مبالاته؛ فهو إذا لم يكن للقيم الدينية عنده اعتبار، فبالأولى غيرها.
هو- في نفس الوقت- كما شاهدنا في قصة بعض المنظمات الدولية، كمجلس الأمن، هو مؤسسٌ فيها، ومنذ يومها الأول أسَّسها وبرمجها وهندسها لتكون بالشكل الذي يخدم برنامجه العدواني، الإجرامي، الانتهازي، السلطوي، الذي هو: طغيان، وإجرام، واحتلال، وسيطرة، وتحكم، ونهب لثروات الشعوب، وسيطرة عليها، واستغلال لها؛ ولذلك جعلوا لأنفسهم ما يُسَمُّونه بالفيتو، وحق النقض؛ ولــذلك حتى بالأمس عندما صدر قرار، اجتمع مجلس الأمن لإصدار قرار بوقف الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بوقف قتل الأطفال والنساء في غزة، يقوم الأمريكي ليعلن حق النقض، يعترض وينقض قرار مجلس الأمن؛ لأنه قرار يوقف الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، وهذا النوع من القرارات غير مقبول عند الأمريكي؛ لأن نهجه عدواني، إجرامي، متوحش، واتجاهه هو هذا الاتجاه لإبادة الناس، ولاسيَّما العرب والمسلمين؛ ولــذلك فلا المناشدات، ولا بيانات المطالبات، ولا القمم الفارغة، التي يجتمع فيها الزعماء لإصدار بيان فقط، يكتب على الورق ويُنسى، ويغادر كلٌّ منهم إلى قصره وقد نسي كل شيء، كلها لا جدوى منها.
انظروا إلى وحشية العدو الإسرائيلي، وهو يسرف في الدماء، يتعمَّد إبادة الأطفال والنساء والأهالي، يركز على المستشفيات كأهداف أساسية، وكأنها قواعد عسكرية عملاقة، يعلنها أهدافاً لحملاته العسكرية والإجرامية، يستهدفها، يركِّز على المجازر الجماعية؛ لأنه يريد إبادة أكبر قدر ممكن من الأطفال والنساء والأهالي، يعتمد التجويع كوسيلة من وسائل الإبادة، ومنع الأدوية، ومنع الخدمة الطبية بكلها؛ لأنه يريد الإبادة بكل الوسائل، يعذِّب الأسرى، يمارس أبشع الجرائم لاستهداف بعضهم حتى بالاغتصاب، وانتهاك الحرمات والكرامة، يدمِّر المساجد، ويمزِّق المصاحب ويحرقها، يدمِّر أفران الخبز، يستهدف كل مقومات الحياة، كل الوحشية، كل الإجرام، كل الطغيان، تراه جلياً في واقعه، وهذا ليس فقط إسرائيلياً، هو أيضاً أمريكي، أمريكي إسرائيلي، ومدعوم من فرنسا، من ألمانيا، من بريطانيا… من مجتمع الغرب الذي يقف هذه الوقفة؛ لولائه للصهيونية.
ما يقارب الـ(ثلاثة آلاف وثمانمائة وخمسة وستين مجزرة)، على مدى أربعمائة واثني عشر يوماً، ولا تزال آلاف الجثامين من جثامين الأطفال والنساء والمدنيين، الذين استهدفوا في منازلهم، في الأحياء، في المدن، لا تزال جثامينهم بين الأنقاض، وتختلط أشلاء البشر الممزقة والمتناثرة والمنتشر بالدمار، وعلى وجه الأرض في الشوارع، يتضوَّر أكثر من مليوني إنسان جوعاً؛ لأن العدو الإسرائيلي المتوحش- بشراكةٍ أمريكية- يمنع عنهم الغذاء، وإذا دخلت كمية ضئيلة محدودة من المواد الغذائية، فهو يستهدفهم أثناء التجمع عليها، ولم يكتفِ بذلك، بل شكَّل عصابات، تقوم بالتقطع لأكثرها ونهبها، ويستهدف الجهاز الإداري الحكومي في غزة؛ لكيلا يقوم بتنظيم الامدادات والمساعدات الضئيلة جداً التي تصل؛ لأنه يريد أن تنتشر الفوضى.
ولذلك يتجلَّى أهمية وضرورة أن يكون في واقع الناس ما يمثل حمايةً لهم، ما يوفر حمايةً لهم من ذلك ابتداءً، كما قال الله تعالى بعد تلك الآيات مباشرة، في سياقها، عَقِب أن قدَّم لنا ذلك النوع، الذي نرى أكبر مصاديقه، وما تنطبق عليه تلك المواصفات في عصرنا، في الأمريكي والإسرائيلي ومن يدور في فلكهم، بعد تلك الآيات مباشرةً يُقدَّم لنا النموذج الذي يُشكِّل حمايةً للأمة، وصمام أمان؛ لوقايتها من شر ذلك النوع الإجرامي المفسد، تلك المواصفات عنهم، في أفعالهم الإجرامية، ونهجهم الإجرامي: (أَلَدُّ الْخِصَامِ، إِهلَاك الحَرْثِ وَالنَّسل)، نرى مصاديقها في الواقع بشكلٍ تام، فالله قال عَقِبَ ذلك: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}[البقرة:207]، هذا النموذج الذي يقف بوجه أولئك، من الناس من تنطبق عليهم تلك المواصفات الإجرامية، ونراهم في عصرنا بكل وضوح، في مقابل أولئك، من يتصدى لهم، من يقف بوجه شرهم، من يحمي الأمة منهم؛ لأنهم يشكِّلون خطورةً حقيقيةً فعليةً على الناس، والشواهد واضحة، ملء سمع الدنيا وبصرها، من يشكِّل ضمان للأمة، حماية للأمة، سنداً للأمة، هو هذا النموذج العظيم الذي قال الله عنه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}[البقرة:207].
والمسألة كانت من البداية، يعني: لو بقي هذا النموذج، وأتى في واقع الأمة ليسود هو التوجه في واقع الأمة؛ لما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، منذ بدايات استقدام العصابات الصهيونية الإجرامية اليهودية إلى فلسطين المحتلة، بحمايةٍ بريطانية، وإشرافٍ بريطاني، لو قام العرب واتَّجهوا هذا التوجه القرآني الإيماني: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}[البقرة:207]، أوجدوا هذا النموذج، ودعموه، وساندوه؛ لحمى هذه المنطقة بشكلٍ عام، وحمى فلسطين، وحمى الشام بكلها، وحمى محيطها القريب: مصر، والتي تكبَّدت الخسائر الكبيرة جداً من العدو الإسرائيلي، سوريا، لبنان، وهكذا الأردن… وهكذا بقيت المناطق العربية، والشعوب العربية، والبلدان العربية، العالم الإسلامي؛ لما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه.
هي تحرَّكت آنذاك، لكنه لم يكن تحركاً لا بحجم المسؤولية، ولا بمستوى التحدي والمخاطر، ولا وفق رؤية صحيحة، كانوا يتحرَّكون كردة فعلٍ لحظية، يفشلون وانتهى الأمر، ثم يتحرَّكون في مرحلة أخرى تحركاً لحظياً، ليس مدروساً، ولا مسنوداً، ولا وفق رؤية صحيحة، ويفشلون، ولا من منطلق صحيح، مثل هذا المنطلق: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}[البقرة:207]؛ ولــذلك كانوا يفشلون.
وهنا يتجلَّى أهمية أن تكون الانطلاق إيمانية وجهادية في سبيل الله؛ لأنه يتوفر الدافع الكبير والقوي جداً، وكذلك التقديس للمسؤولية، والبصيرة، والوعي، والاستعداد العالي للتضحية، والصبر؛ ولــذلك قدَّم القرآن الكريم النموذج الراقي، الذي يمثل الأمل والخلاص، والسِّدَّ المنيع في مواجهة قوى الشر الإجرامية، في هذه الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}[البقرة:207].
أولئك الذين ينطلقون وفق هذا المنطلق القرآني، ينطلقون بهذه الانطلاقة المقدَّسة العظيمة: من أجل الله، الغاية هي: ابتغاء مرضاة الله، ليست غاية مادية، ولا غاية سياسية، ولا انتهازية، ولا استغلال للشعوب، هي غاية مقدَّسة، غاية عظيمة، تجعلهم محط رعاية الله، وتأييد الله، ومعونة الله، ويتحرَّكون وفق تعليماته “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وبالقيم الإيمانية الراقية، وهكذا بالأخلاق الإيمانية العظيمة، التعليمات الإلهية القيِّمة، التي تميِّز انطلاقتهم، ويحملون الدافع العظيم، فهم يتجنَّدون مع الله لحماية عباده، فهم حماة الأوطان، حماة الأعراض، حماة الممتلكات، حماة الأمة، ودرع الأمة الحقيقي، وذُخر الأمة، الذين يجب أن تلتف حولهم، هم يتحرَّكون لمصلحة الناس، في سبيل الله، وسبيل الله هو حماية للأمة، إنقاذ للمستضعفين، دفعٌ لشر الأشرار والمجرمين، السقف العالي في منطلقهم لعطائهم هو: بذل النفس في سبيل الله تعالى، تقديم الروح؛ ولــذلك فهم يقدِّمون أيضاً كل شيء: الجهد، المال، العمل، التحرك الفاعل جداً؛ لأن من ينطلق بهذه الروحية، لتقديم نفسه في سبيل الله، وبذل حياته في سبيل الله، سيكون على مستوىً عالٍ من الفاعلية في كل الأعمال، ودون ذلك (دون ما هو في مستوى العطاء بالنفس والحياة) سيقدِّمه بكل رحابة صدر، فهم ينطلقون بفاعلية عالية، بسقفٍ عالٍ، بصبرٍ عظيم، بثباتٍ كبير، بتماسك، ويحظون برعايةٍ من الله، وعونٍ من الله، وفق ما وعدهم في القرآن الكريم، يحررهم أيضاً هذا السقف العالي من القيود والمخاوف، يرقى بالأمة إلى مستوى مواجهة المخاطر والتحديات مهما كان حجمها، ومهما امتلك الأعداء؛ لأن من ينطلقون هذا المنطلق لا يُقيَّدون ويُكبَّلون بالخوف والرُّعب والذِّلة من المواجهة، ومن نتائج المواجهة، يواجه وهو مستعد أن يستشهد في سبيل الله.
والأمة بحاجة إلى هذا، في مقابل التحديات التي كَبُرت إلى ما وصلت إليه؛ لأن الأمة تخاذلت لزمنٍ طويل، وفرَّطت لزمنٍ طويل، حتى تمكن العدو مما وصل إليه، ولأن الأمة تراجعت عن الكثير من مبادئها، وقيمها، وأخلاقها، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه، الأمة بحاجة إلى النموذج الإيماني الجهادي القرآني، الذي ينطلق ببصيرة ووعي، يعرف من هو العدو، ومن هو الصديق، واتِّجاه الأعداء هو مستمر في الاستهداف للأمة، السياسات الأخرى، الخيارات الأخرى لن تقي الأمة من شرهم، العرب جرَّبوها كثيراً وفشلت، كم هناك من مبادرات، كم هناك من تنازلات، كم هناك من قمم، كم هناك حتى من اتفاقيات برعاية أمريكية وأوروبية… وغيرها، وكلها فشلت، ولم تمثل أي حماية للأمة.
الآن يتحدث الإسرائيلي بكل ثقة أنَّ الأمريكي سيمنحه أيضاً الضفة الغربية وغزة، والذي اختاره [ترامب] ليكون سفيراً له لدى العدو الإسرائيلي، يتحدث عن أنه لا يؤمن بأنَّ هناك احتلال في فلسطين إطلاقاً! وأنه لا يؤمن بأن هناك شيء اسمه الضفة الغربية، ولا شيء اسمه غزة، هناك المسميات اليهودية فقط! و[ترامب] هو الذي وهب الجولان السوري المحتل للعدو الإسرائيلي، وكأنه من إرث أبيه.
المجاهدون من أبناء الأمة، في فلسطين، ولبنان، والعراق، واليمن، هم الذين اختاروا الخيار الصحيح، الصائب، الحكيم، وينبغي للأمة أن تعزز هذا الاتجاه؛ لأنه هو الخيار الصحيح، الذي يحمي الأمة من الضياع، ومن الاستنزاف، الخيارات البديلة هي استسلام، ضياع، أو استغلال بيد العدو، واستنزاف وقتال مع الأمريكي، كما يفعل البعض.
نرى أنَّ الاتجاه الجهادي هو ناجح في فلسطين، في لبنان، في اليمن، في العراق، والفاعلية لهؤلاء المجاهدين، بالرغم من إمكاناتهم المحدودة جداً، فاقت الجيوش العربية النظامية، التي كانت تُهزم هزيمةً ساحقة في غضون أيام، بما هو أقل بكثير مما يواجهه المجاهدون في قطاع غزة، وهم محاصرون، ويعانون من الخذلان العربي.
تماسكهم بالرغم مما يقدِّمون من شهداء، واستبسالهم، ونكايتهم بالعدو، تعود إلى هذه الروحية الإيمانية الجهادية، والصلة الإيمانية بالله تعالى؛ ولذلك في هذا الأسبوع، ونحن في الشهر الثاني من العام الثاني، والمواجهة لم تتوقف، لا يزال المجاهدون في فلسطين، في غزة، من: كتائب القسام، وسرايا القدس… وبقية الفصائل المجاهدة، مستمرون، ثابتون، ينكّلون بالعدو، ولا زالت العمليات البطولية مستمرة، أربعة وعشرين عملية نفَّذتها كتائب القسام خلال هذا الأسبوع، عمليات بطولية، وعظيمة، ومشرِّفة، منها عمليات جهادية فدائية، يذهب المجاهد الفدائي وهو يحمل تلك العبوة ليضعها على الدبابة بيده؛ ليفجرها… وهكذا غيرها من عمليات الالتحام المباشر، من المسافة صفر، للتنكيل بالعدو.
الصمود العظيم لحزب الله والمقاومة في لبنان كذلك نموذج مشرِّف، منذ بداية مسيرة حزب الله الجهادية، كان أداؤه مشرِّفاً، وعظيماً، وناجحاً، وفعَّالاً، وصولاً للإنجازات الكبرى في 2000 و2006، والإنجاز العظيم الذي يقدِّمه اليوم، وهو صامد في وجه عدوانٍ غير مسبوق على لبنان، المجاهدون في حزب الله ينكّلون بالعدو الإسرائيلي، وهو يتكبّد الخسائر اليومية، والهزائم المستمرة.
ما قبل حزب الله اجتاح العدو الإسرائيلي لبنان في سبعة أيام، ووصل إلى بيروت؛ وأمَّا ما بعد حزب الله، وفي المعركة في هذه المرحلة وله أكثر من شهرين، أو ما يقارب شهرين، وهو لا يزال يخوض صعوبات كبيرة، يواجه المواجهة الشرسة من قِبَل حزب الله في القرى الأمامية في الحدود مع فلسطين المحتلة.
حزب الله يتحرَّك بشكلٍ فعَّالٍ جداً، ويشتبك المجاهدون من حزب الله من المسافة صفر، ويطردون العدو الإسرائيلي، وينكّلون به، كذلك يمطرون المغتصبات التي تسمى بـ [المستوطنات]، وتصل عمليات القصف الصاروخي حتى إلى يافا المحتلة، وإلى حيفا، والعدو الإسرائيلي في حالة رعبٍ شديد، والملايين يهربون في الليل والنهار إلى الملاجئ، صفارات الإنذار لا تكاد تتوقّف، هذه الفاعلية أيضاً تعود إلى الصلة الإيمانية، والروح الجهادية للمجاهدين.
الفارق بين الحالة التي هي قائمة لدى معظم الأنظمة والحكام، الهزيمة النفسية، واليأس، والضعف، الذي دفع بالبعض منهم إلى التجنّد مع الأمريكي لخدمته، وهذه الروحية المتميزة جداً، والاستبسال العظيم لدى مجاهدي حزب الله، لدى مجاهدي غزة؛ هو: التوجه الإيماني الجهادي.
في العراق، تواصل المقاومة الإسلامية عملياتها، ونفَّذت (ثماني عشر عملية) في هذا الأسبوع، وبتصعيد وزخم كبير، وفاعلية عالية.
في اليمن، (يمن الإيمان والحكمة والجهاد)، اليمن الذي قدَّم عشرات آلاف الشهداء في إطار التوجّه الإيماني القرآني الجهادي، من صفوة الشعب اليماني، من مختلف المحافظات، من القادة الأبرار، الذين منهم الشهيد/ صالح الصَّمَّاد، الذي تحرَّك وهو في موقع المسؤولية (رئيس لليمن) تحرَّك كجنديٍ في سبيل الله تعالى، مجاهداً في سبيل الله تعالى، من منطلقٍ إيماني، تحرك شعبنا العزيز في مختلف المراحل، منذ العام 2004 وإلى اليوم، وهو يقدِّم الشهداء، يقدِّمهم بروحية إيمانية، ويصنع الانتصارات، اليمن بعطائه الكبير، الذي يعبِّر عن روحيته الإيمانية الجهادية، وعن وعيه العالي، وعن قيمه وأخلاقه وانتمائه، يقف اليوم في (معركة الفتح الموعود والجهاد المقدَّس) موقفاً عظيماً ومميزاً رسمياً وشعبياً، تحدى أمريكا، تحدى بارجاتها وأساطيلها الحربية في البحار، تحدها بعد أن أعلنت عليه العدوان، صمد، وثبت، ولم يتراجع عن موقفه أبداً، استهدف حاملات طائراتها، التي تُرهِب الكثير من الدول، والأنظمة، والحكومات، وكانت أمريكا تُخيف بها حتى من ينافسها ويناوئها من القوى الدولية، ولكن اليمن استهدف تلك الحاملات للطائرات، بدءاً بـ [آيزنهاور] التي هربت من البحر الأحمر بعد الاستهداف لها، هربت منهزمة، ذليلة، مطرودة، ومستهدفة، وكذلك تهرب الآن من بحر العرب، وبإعلان البحرية الأمريكية، تهرب أيضاً حاملة الطائرات [إبراهام لينكولين]، تهرب بعد إعلان الاستهداف لها؛ لأنه حصل الاستهداف لها، وهي أصبحت خائفة من أن تبقى في بحر العرب، وأصبح القرار أن تعود أدراجها من حيث أتت، وأن تهرب.
شعبنا يواصل عملياته في البحار، ومنع الملاحة الصهيونية من البحر الأحمر، وباب المندب، وبحر العرب، ويستهدفها إلى المحيط الهندي، وإلى البعيد، واستمرت العمليات في هذا الأسبوع بالقصف الصاروخي والمسيَّرات إلى فلسطين المحتلة؛ لاستهداف العدو الإسرائيلي، والعمليات مستمرة.
بلدنا العزيز، الذي يخرج فيه الشعب أسبوعياً خروجاً مليونياً، ويهتف لنصرة غزة وفلسطين، وكذلك لنصرة لبنان، ويتَّجه مئات الآلاف فيه من رجاله للتدريب والتأهيل في التعبئة، ويقدِّم الانفاق في سبيل الله بالرغم من الظروف الصعبة، ويتصدى لمؤامرات الأعداء بمعونة الله تعالى في كل المجالات: الأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية، ويسعى على الدوام لبناء وتطوير قدراته العسكرية، وحقق نجاحات مذهلة في هذا الجانب، يشهد لها الواقع، ويشهد لها الأعداء، عملياته مستمرة، وأنشطته الشعبية مستمرة، والخروج الأسبوعي هو متكامل مع كل هذه الأعمال، والتحركات، والأنشطة، والمواقف، والعمليات، جزء من جهاده في سبيل الله، هو في إطار هذا التوجه الإيماني، الذي هو حياة، الذي يبني شعبنا لمواجهة المخاطر والتحديات المستقبلية، الذي يعزز المنعة والقوة لدى هذا الشعب، معنوياً، وتربوياً، وعملياً، ويبني هذا الشعب؛ لأنه استجاب لله، والله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[الأنفال:24].
الخروج الأسبوعي ضمن كل هذه الأنشطة والأعمال هو حياة، عزة، قوة، بناء تربوي، بناء إيماني، استعداد نفسي، عمل في سبيل الله، استجابة لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في إطار موقف متكامل رسمياً وشعبياً؛ ولــذلك سنواصل لأن المعركة مستمرة، والحضور فيها يعبِّر عن هذا الإيمان، عن هذا العطاء، عن هذا الجهاد، عن الاستجابة العملية لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والمؤمل من شعبنا العزيز- بانتمائه الإيماني- أنَّه سيواصل بكل اهتمام، بكل جد، بكل عزم، بكل ثبات، بكل وفاء، بكل صدق مع الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ابتغاء مرضاة الله، وتحت هذا العنوان (الخير في الدنيا وفي الآخرة).
أدعو شعبنا العزيز للخروج المليوني يوم الغد إن شاء الله، في العاصمة صنعاء، في ميدان السبعين، وفي بقية المحافظات والمديريات، وحسب الترتيبات المعتمدة.
نَسْأَلُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَجزِيَهُم عَنَّا خَيرَ الجَزَاء، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرنَا بِنَصْرِه، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعبِين الفِلَسْطِينِيّ وَاللُبْنَانِيّ، وَمُجَاهِدِيهِمَا الأَعِزَّاء، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء، نَسألهُ أَنْ يُعَجِّلَ لِلجَمِيع بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛