إن العودة إلى صيغة التفاوض السابقة بمجرد انتهاء الحرب في غزة سوف تكون أشبه بإعادة تسخين الطعام الفاسد، ومن المحتم أن تفشل.

ما سبق كان خلاصة تحليل نشره "مركز كارنيجي للشرق الأوسط"، والذي يقر بأن هناك دلائل على أن الولايات المتحدة وآخرين بدأوا يفكرون في إطلاق عملية سياسية بعد انتهاء الحرب على غزة.

ومع ذلك، فإن هذا قد يظل مجرد شعار أمريكي، مع فرصة ضئيلة لأن يصبح حقيقة.

ولتجنب الانجرار مرة أخرى إلى عملية لا نهاية لها، يجدر تقديم وجهة نظر مختلفة وتوضيح ما يمكن أن يشكل حزمة مقبولة من المنظور الفلسطيني والعربي.

وفي غياب مثل هذه الجهود، يخشى التحليل أن يظل تفكير واشنطن محصوراً في إطار عفا عليه الزمن، وسوف يحاول العودة إلى شكل دائم من المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية التي تفشل في إنهاء الاحتلال أو تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وبينما يبدو واضحاً أن فرصة حدوث عملية سياسية جدية معدومة، فإنه لا يزال من المفيد تحديد ملامح خطة تعالج الأسباب الرئيسية للصراع وتؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

اقرأ أيضاً

استطلاع جالوب: الشعب الإسرائيلي لا يدعم حل الدولتين والسلام يبدو بعيد المنال

جدول زمني وتحديد الهدف قبل التفاوض

وينبغي للولايات المتحدة، التي تعمل من خلال اللجنة الرباعية للشرق الأوسط - الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي - أو من خلال الأمم المتحدة، أن تبدأ بإعلان أن الهدف النهائي للمفاوضات هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية.

ويرى التحليل أنه يجب تحديد هدف، وهو إقامة دولة فلسطينية في غضون ثلاث إلى خمس سنوات.

إن عملية الهندسة العكسية هذه تعني أن اللجنة الرباعية أو الأمم المتحدة سوف تحدد الهدف في البداية، قبل أن تبدأ المفاوضات حول الخطوات اللازمة لتحقيقه، وليس حول ماهية الهدف.

والسبيل إلى تحريك هذه العملية يتلخص في التزام المجتمع الدولي بالاعتراف بدولة فلسطين على أساس حدود عام 1967، من خلال قرار ملزم من جانب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قبل بدء المفاوضات. وهذا من شأنه أن يمنع إسرائيل من المماطلة ومحاولة كسب الوقت، كما فعلت في الماضي، بحسب التحليل.

اقرأ أيضاً

مع تزايد العزلة الأمريكية.. دول الخليج تضغط باتجاه حل الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية

انتخابات جديدة

حينئذ فإن الأمر سوف يتطلب إجراء انتخابات جديدة، سواء في إسرائيل أو في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من أجل إنتاج زعماء جدد ملتزمين بإنهاء الاحتلال ويتمتعون بالشرعية اللازمة لإبرام مثل هذا الاتفاق.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الائتلاف الإسرائيلي الحاكم الحالي سيتعرض لهزيمة كبيرة في انتخابات اليوم ويخسر أغلبيته في الكنيست، في حين لم يعد بإمكان السلطة الوطنية الفلسطينية الادعاء بالتحدث باسم الشعب الفلسطيني، على الأقل حتى إجراء انتخابات جديدة. لتحديد من يستطيع.

ومن ثم سيتم إطلاق عملية إعادة إعمار غزة بالتعاون مع المجتمع الدولي، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، كجزء من حزمة متكاملة.

وستكون هناك حاجة إلى ضمانات لضمان عدم قيام إسرائيل بتدمير البنية التحتية للإقليم مرة أخرى، كما فعلت مرات عديدة. كما سيتم إنشاء صندوق دولي لمساعدة الفلسطينيين على البقاء على أراضيهم في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، ومنع تهجيرهم القسري، وهو ما يدعي المجتمع الدولي أنه يعارضه.

اقرأ أيضاً

منتقدا رفض نتنياهو حل الدولتين.. بوريل: هل تحترم إسرائيل القانون الدولي؟

الحد الأدنى المطلوب

ويرى التحليل أن العناصر السابقة تمثل "الحد الأدنى المطلوب" إذا كان المجتمع الدولي يريد حقاً إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية..

لكن الواقع هو أن غياب مثل هذه الإرادة الدولية، إلى جانب التعنت الإسرائيلي، يجعل تنفيذ مثل هذا الاقتراح شبه مستحيل.

ولذلك، فإن السيناريو الأكثر واقعية هو أن تستمر إسرائيل في رفض إنهاء الاحتلال بينما يستمر المجتمع الدولي في التشدق بحل الدولتين، دون اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيقه.

ويتوقع التحليل، وفقا لهذا الفشل، أن يستمر الوضع في التدهور نحو صراع مسلح شامل.

وهذا من شأنه أن يضع الحكومة الإسرائيلية التي لا تتردد في الانخراط في القتل الجماعي للمدنيين، بدعم من جماعات المستوطنين المتطرفة المسلحة التي بدأت بالفعل التطهير العرقي في المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس، ضد جيل شاب من الفلسطينيين الذين فقدوا الأمل في أي انسحاب إسرائيلي من الأراضي المحتلة أو تحقيق تطلعاتهم الوطنية على أرضهم.

ويعتقد هذا الجيل على نحو متزايد أن الكفاح المسلح يحمل وعداً أكبر من العملية السياسية التي لا تنتهي أبداً ولا تسفر عن أي نتائج.

اقرأ أيضاً

إعمار غزة.. الإمارات تشترط مسارا قابلا للتطبيق نحو حل الدولتين بدعم أمريكي 

نموذج جنوب أفريقيا

ومع تلاشي كل الآمال في إقامة دولة فلسطينية، وفي حين يرفض الفلسطينيون البقاء تحت الاحتلال الدائم، فسوف يبدأون في المطالبة بحقوق متساوية في عملية مماثلة لما حدث في جنوب أفريقيا.

وسوف تهدف جهودهم إلى بناء دولة جديدة ثنائية القومية للفلسطينيين واليهود، بدلاً من ذوبان أنفسهم في الدولة الإسرائيلية الحالية.

وسوف تستمر إسرائيل في رفض هذا الطلب، كما فعلت حكومة جنوب أفريقيا.

وسوف تحافظ على نظام الفصل العنصري وحكم الأقلية على الأغلبية، بينما تعمل باستمرار على تهجير السكان الفلسطينيين. وسوف يتصدى الفلسطينيون بحزم لمثل هذه المساعي.

وسوف يتبلور الرأي العام الدولي، متأخراً ومع مرور الوقت، في هيئة معارضة للفصل العنصري، تماماً كما رفض قبول مثل هذا النظام في جنوب أفريقيا.

المصدر | مركز كارنيجي للشرق الأوسط - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حل الدولتين الدولة الفلسطينية الاحتلال الإسرائيلي حرب غزة مفاوضات المجتمع الدولی إنهاء الاحتلال دولة فلسطینیة جنوب أفریقیا حل الدولتین اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

منصور: اغتيال هنية وجميع الجرائم بحق شعبنا تثبت أن إسرائيل دولة مارقة

بعث المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، الوزير رياض منصور، ثلاث رسائل متطابقة للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، دنيس فرانسس، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر، روسيا ممثلة بممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا.

حذر منصور، في رسائله  من أن إسرائيل تشنّ حربا نكراء على شعبنا بشكل متعمد وتعسفي، وفي انتهاك صارخ للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن.

سعر الذهب بمحال الصاغة صباح اليوم الخميس مصرع طفل داخل حمام سباحه في الفيوم

وأضاف منصور، أنه بعد مضيّ ما يقرب من 300 يوم على حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني، لا نزال نشهد المزيد من الأهوال مع قتل الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين؛ وقتل العاملين في المجال الإنساني والطبي والصحفيين؛ واختطاف المدنيين وتعذيبهم واغتصابهم في السجون الإسرائيلية؛ مع استمرار قصف وتدمير المنازل والأحياء الفلسطينية.

وتابع: في الوقت نفسه، في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون هجماتهم الإرهابية والعنيفة، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 569 فلسطينيا، من بينهم أطفال، كما أن الحملة الاستعمارية الإسرائيلية غير القانونية تتصاعد، مع الاستيلاء على الأراضي وسرقة وهدم المنازل والممتلكات والتهجير القسري للآلاف من المدنيين خلال الأشهر العشرة الماضية وحدها.

وأشار منصور إلى أن إسرائيل تثبت كل يوم أنها ستستمر في التصرف كدولة مارقة. "وجريمة الاغتيال اليوم وكل الجرائم التي سبقتها والتي تلتها في الساعات التالية إثبات على ذلك." مذكّرا بأن القيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس يدين بأشد العبارات جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، كما تدين  الانتهاك الصارخ لسيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والانتهاكات المتكررة للأراضي اللبنانية والسورية، بما في ذلك ما حدث يوم الثلاثاء من هجوم سافر على بيروت.

وطالب الوزير رياض منصور بالمحاسبة على هذا الاغتيال، وعلى القتل الوحشي وإصابة أكثر من 130 ألف طفل وامرأة ورجل فلسطيني خلال هذه الفترة الماضية.

وأبلغ المراقب الدائم لدولة فلسطين المسؤولين في الأمم المتحدة أن مجلس يفشل في التحرك لفرض وقف إطلاق النار ووضع حد للجرائم الإسرائيلية، محذرا من أن الفشل في محاسبة إسرائيل يسمح لها بارتكاب هذه الجرائم ويزيد من جرأة المسؤولين في الحكومة والقادة العسكريين والمستوطنين المتطرفين لتصعيد هجماتهم الإرهابية.

وقال: "إننا ندعو مرة أخرى وبأقصى درجة من الإلحاح مجلس الأمن والجمعية العامة وجميع الدول الملتزمة بالقانون والمحِبة للسلام إلى التحرك فورا لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المروعة والإجرامية. ضد الشعب الفلسطيني والمنطقة برمتها." مشيرا إلى أن إسرائيل تسعى بشكل صارخ محاولة زعزعة استقرار المنطقة بأكملها وإثارة حرب شاملة في الشرق الأوسط بشكل عميق مما يحمل تداعيات خطيرة على المنطقة وخارجها.

وناشد المجتمع الدولي، وفي مقدمته مجلس الأمن، أن يدعم القرارات الدولية والالتزامات التي تقع على عاتق الدول لوقف هجمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، ومنع نشوب حرب إقليمية، مؤكدا أن السلم والأمن الدوليين معرّضان للخطر في هذه اللحظات الحرجة.

مقالات مشابهة

  • منظمة التعاون الإسلامي تدعو إلى تحقيق دولي في الجرائم الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين
  • “التعاون الإسلامي” تدعو إلى تحقيق دولي في الجرائم الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين
  • مصادر لـCNN: بايدن يدرس إرسال دفاعات لإسرائيل استعدادا لانتقام إيران
  • التعاون الإسلامي تدعو إلى تحقيق دولي في جرائم الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين
  • خبير: ما يحدث في غزة يؤكد أن دولة الاحتلال الإسرائيلي مارقة
  • إسرائيل تستولي على نحو 8 دونمات من أراضي اسكاكا
  • منصور: اغتيال هنية وجميع الجرائم بحق شعبنا تثبت أن إسرائيل دولة مارقة
  • “التعاون الخليجي”: اغتيال هنية مؤشر على عدم رغبة “إسرائيل” في الحل السياسي
  • الإيهام بالغرق والكلاب.. تقرير دولي عن التعذيب بسجون إسرائيل
  • ردًا على اغتيال هنية.. أردوغان يتوعد بإنهاء الظلم الذي تمارسه إسرائيل عبر ‘‘تحالف الإنسانية’’