يرى دان ستاينبوك، وهو خبير استراتيجي والذي عمل بمعاهد بحثية في الولايات المتحدة والصين وسنغافورة أن هدف الاحتلال الإسرائيلي مما يحدث في غزة الآن ليس تدمير "حماس" أو الرد على ما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولكن إنجاز واحدة من أكبر عمليات التهجير القائمة على أساس عرقي واقتصادي.

ويقول ستاينبوك، في مقال نشره موقع "مودرن دبلوماسي" إن الحرب في غزة لا يزال يراد لها أن تنتهي بطرد أكبر عدد من الفلسطينيين من أرضهم وبسط مزيد من السيطرة الإسرائيلية على الأرض.

ويضيف: إنها رواية درامية، لكن الأمر يتعلق بالأسباب المباشرة لأحداث السابع من أكتوبر، والتي كانت مطروحة منذ سنوات، ومع ذلك، فإن الأمر في نهاية المطاف يدور حول التطهير العرقي الذي طال أمده والجهود المبذولة للسيطرة على الاحتياطيات البحرية الضخمة من النفط والغاز.

وبحلول منتصف ديسمبر/كانون الأول الجاري، قُتل أكثر من 20 ألف فلسطيني في غزة، نحو 70% منهم من النساء والأطفال، وتم تشريد 1.9 من أصل 2.3 مليون فلسطيني.

ويضيف الكاتب أنه إذا استمر الهجوم الإسرائيلي لمدة عام، وهو الهدف الضمني لحكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، فسوف يموت أكثر من 100 ألف فلسطيني بحلول 7 أكتوبر 2024.

اقرأ أيضاً

الأونروا: إسرائيل تنفذ أكبر تهجير قسري للفلسطينيين منذ قيامها

مذكرة سرية

ويستشهد الكاتب بالمذكرة التي كانت سرية، والتي أعدتها وزارة الاستخبارات الإسرائيلية، وهي الوزارة التي تشرف على أجهزة الموساد والشاباك، والتي وضعت 3 خيارات فيما يتعلق بالمدنيين الفلسطينيين الموجودين في غزة، وهي:

الخيار أ: بقاء السكان في غزة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية.

الخيار ب: بقاء السكان في غزة، ولكن تحت سلطات عشائر محلية.

الخيار ج: يتم إجلاء السكان من غزة إلى سيناء.

ومن بين هذه الخيارات الثلاثة، أوصت المذكرة بالخيار الثالث: النقل القسري لسكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى سيناء في مصر، باعتباره مسار العمل المفضل.

. ومن وجهة نظر الوزارة، فإن مصر وتركيا وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وكندا ستدعم الخطة ماليا، أو من خلال استقبال اللاجئين الفلسطينيين كمواطنين.

وبعد أسبوعين، تم تسريب المذكرة إلى وسائل الإعلام، وأثارت عاصفة دولية حول "الدعوة إلى التطهير العرقي".

ومع ذلك، فقد تم الترويج لهذا الخيار من قبل وزيرة الاستخبارات جيلا جملئيل، التي زعمت أن أعضاء الكنيست من مختلف الأطياف السياسية يؤيدونه.

ومن وجهة نظر إقليمية، كان ذلك حلمًا بعيد المنال لم يشتره أحد، يقول الكاتب.

اقرأ أيضاً

هل تنجح إسرائيل في تهجير سكان غزة إلى سيناء المصرية؟

إبادة جماعية

ويرى ستاينبوك أن هدف "الإبادة الجماعية" كان هو الذي وضعه جيش الاحتلال في غزة، وليس مجرد قتل المسلحين الذين شنوا هجوم 7 أكتوبر.

وبعد يومين من هجوم "حماس"، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانييل هاجاري إن "التركيز ينصب على الضرر وليس على الدقة".

وبالفعل ما تلا ذلك كان توسيع نطاق تفويض الجيش الإسرائيلي بقصف أهداف غير عسكرية، وتخفيف القيود المتعلقة بالمدنيين المتوقعين كضحايا، واستخدام نظام الذكاء الاصطناعي لتوليد المزيد من الأهداف المحتملة أكثر من أي وقت مضى.

ويقول الكاتب إن عمليات القتل المستهدف" المفترضة ليس لها أي علاقة على الإطلاق بالحقائق على الأرض حيث تحولت غزة إلى "مصنع اغتيالات جماعية".

وكما اعترفت الاستخبارات الأمريكية، فإن ما يقرب من نصف الذخائر الإسرائيلية التي ألقيت على غزة كانت عبارة عن "قنابل غبية" غير دقيقة.

وبشكل واضح، فإن الهدف الاستراتيجي، الذي قبلته إدارة بايدن ضمنياً، هو تدمير البنية التحتية في غزة وإبادة شعبها وتقويض مستقبلها، كما يقول الكاتب.

اقرأ أيضاً

مصر تحذر إسرائيل وأمريكا من "قطيعة" حال تهجير الفلسطينيين لسيناء

ثقافة التطهير العرقي

ويقول الكاتب إن ثقافة التطهير العرقي هي ما تحكم إسرائيل منذ بداية احتلالها للأراضي الفلسطينية في 1947، وأفرزت ما يعرف بـ"النكبة"، أي تهجير الفلسطينيين وتشريدهم والاستيلاء على أراضيهم وثرواتهم.

وبعد شهر من الدمار المنهجي في غزة، صرح سموتريتش، وزير دفاع نتنياهو اليميني المتطرف، أن "الهجرة الطوعية" للفلسطينيين في غزة هي "الحل الإنساني الصحيح"، ولن تتحمل إسرائيل بعد الآن "كياناً مستقلاً في غزة".

ويشير ذلك إلى أن الخط ممدود على استقامته منذ 1947 حتى الآن في العقلية الإسرائيلية، لكن الجديد هو أن الجهود الحالية لنقل السكان الفلسطينيين، سواء من غزة أو الضفة الغربية، لم تعد تمليها الأهداف الديموغرافية فقط.

ومنذ التسعينيات، يبدو أن التطهير العرقي كان مدفوعًا أيضًا بأهداف اقتصادية.

المصدر | دان ستاينبوك / مودرن دبلوماسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة تهجير تطهير عرقي جرائم حرب حماس التطهیر العرقی فی غزة

إقرأ أيضاً:

صحفي بريطاني: الدعاية الغربية حول أوكرانيا بلغت حدا لم نشهده منذ اختلاق ذريعة غزو العراق



أكد الصحفي البريطاني بيتر هيتشنز، أن التضليل الذي تمارسه الحكومات الغربية بحق الرأي العام حول الوضع في أوكرانيا بلغ أبعادا لم يشهدها العالم منذ اختلاق الذريعة لغزو العراق عام 2003.

وفي مقال له في صحيفة "ديلي ميل"، البريطانية، قال هيتشنز: "يكاد لا أحد في هذا البلد يعرف الحقيقة بشأن أوكرانيا. لم نشهد شيئا مماثلا منذ أن كذبوا علينا بشأن غزو العراق واختلقوا قصة أسلحة الدمار الشامل".

وأكد الكاتب، أن بريطانيا لم تشهد نقاشا حقيقيا حول الأزمة في أوكرانيا منذ بدايتها، ولم يقدم المسؤولون أي تفسير لأسباب اندلاع النزاع أو مبررا لتورط لندن فيه.

وأضاف: "تم إشباعكم فقط بالهراء الدعائي الفارغ حول الديمقراطية والحرية والتهديد الروسي المزعوم.. هذه بعض من الأكاذيب التي تم تكرارها عليكم مرارا، ومن بين الأكاذيب المتكررة التي تم الترويج لها أن الحرب لم تكن استفزازية، بينما نادرا ما شهد التاريخ حربا كانت أكثر استفزازا".

وأوضح هيتشنز أن مختلف الأوساط السياسية في روسيا عارضت توسع الناتو شرقا، وقد بلغ هذا الاعتراض ذروته في خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ميونيخ عام 2007.

وفي أبريل 2008، أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك جورج بوش أن أوكرانيا يجب أن تنضم إلى الناتو، وهو ما أثار قلقا واسعا، حتى بين الأوساط السياسية الليبرالية. وأضاف هيتشنز: "أظن أننا كنا على وشك الحرب منذ تلك اللحظة".

وأكد الصحفي البريطاني أن الادعاء بأن روسيا لم تتعرض لاستفزاز هو محض كذب، مشيرا إلى أن ادعاءات مماثلة أطلقت حين تم اتهام موسكو بالهجوم على جورجيا عام 2008، رغم أن تقرير اللجنة الدولية التي قادتها الدبلوماسية السويسرية هايدي تاليافيني أثبت أن الجانب الجورجي هو من بدأ العدوان — وهو ما تجاهلته وسائل الإعلام الغربية.

وتابع هيتشنز: "ثمة أيضا مزاعم بأن الأمر يتعلق بالديمقراطية والحرية، وهذا غير صحيح. فكلما زادت مزاعم الغرب بأنه يدافع عن هذه القيم، قلّت أفعاله لدعمها".

واستشهد الكاتب بانقلاب 2014 في أوكرانيا كمثال، حيث تمت الإطاحة بالرئيس المنتخب بدعم من بريطانيا والولايات المتحدة. قائلا: "لقد فضلوا متمردين غير شرعيين على حكومة منتخبة.. لا يمكن للمرء أن يفعل ذلك ويدعي في الوقت ذاته الدفاع عن الديمقراطية".

يذكر أن روسيا بدأت عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا في 24 فبراير 2022. وأعلن الرئيس فلاديمير بوتين أن هدفها حماية الأشخاص الذين تعرضوا على مدى ثمانية أعوام للاضطهاد والإبادة الجماعية من قبل نظام كييف.

وأوضح بوتين أن العملية كانت إجراء اضطراريا، إذ لم تترك لروسيا أي خيارات أخرى، مشيرا إلى أن المخاطر على أمن البلاد بلغت حدا استدعى الرد بوسائل لا بديل عنها.

وأضاف أن روسيا سعت طيلة 30 عاما للتوصل إلى اتفاق مع حلف الناتو حول مبادئ الأمن الأوروبي، لكنها قوبلت بالتجاهل والخداع والضغط، في وقت واصل فيه الحلف توسعه باتجاه حدود روسيا رغم اعتراضات موسكو المتكررة

مقالات مشابهة

  • صحفي بريطاني: الدعاية الغربية حول أوكرانيا بلغت حدا لم نشهده منذ اختلاق ذريعة غزو العراق
  • هيئة البث: إسرائيل الآن أقرب إلى توسيع العمليات العسكرية في غزة
  • خطة السنوار لتفجير إسرائيل من الداخل.. وثائق سرّية تكشف ما لم يكن في الحسبان
  • هآرتس: التحريض على إبادة الفلسطينيين سائد في إسرائيل
  • يحدث الآن.. طيران العدوان الأمريكي يشن سلسلة غارات على العاصمة صنعاء
  • سيكولوجيا الإنكار.. لماذا يخاف البعض رؤية ما يحدث في غزة؟
  • وفد حماس يصل إلى القاهرة لبحث مقترح صفقة شاملة مع إسرائيل
  • خبير سياسي: التطهير العرقي مستمر في غزة.. وخلافات الكابينت الإسرائيلي لن توقف جرائم الاحتلال
  • كيف تبدو خريطة إسرائيل لـاليوم التالي في غزة؟
  • إنقاذ الفلسطينيين من حماس.. الإعلام الإسرائيلي يصطاد في الماء العكر بنشر تصريحات العولقي