بغياب السعودية ومصر، أكبر دولتين عربيتين عسكرياً وسياسياً، تشكلت قوة عسكرية دولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لحماية الملاحة في البحر الأحمر، على وقع العدوان الإسرائيلي على غزة المستمر منذ نحو شهرين ونصف، والذي دفع الحوثيون في اليمن لشن هجمات ضد سفنٍ تجارية، تقول الجماعة المتمردة إنها تتبع "إسرائيل".

وتأتي خطة الولايات المتحدة لتعزيز حماية السفن، فيما يعتقد البعض أن هدفها حماية "إسرائيل"، في الوقت الذي بدأ فيه مورّدو الطاقة العالميون والشاحنون التجاريون في تجنب مضيق باب المندب الضيق في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، حيث تبحر الناقلات على مسافة قريبة من السواحل اليمنية.

ولم يكن اللافت غياب مصر والسعودية فقط، بل أيضاً غياب جميع الدول المطلة على البحر الأحمر، حتى "إسرائيل" نفسها، وحضور دولة عربية وحيدة هي البحرين، فما أسباب غياب تلك الدول ودول الخليج الأخرى؟ وهل يؤدي تشكيل هذه القوة إلى مزيد من التصعيد بالمنطقة؟

قوة دولية.. بمشاركة البحرين

بعدما أثارت الهجمات التي يشنها المتمردون المدعومون من إيران في اليمن على السفن في البحر الأحمر، مخاوف تضرر الاقتصاد الإسرائيلي والدولي، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية وبطلبٍ إسرائيلي بتشكيل قوة متعددة الجنسيات لحماية التجارة.

وخلال زيارته إلى البحرين التي تضم مقر الأسطول الأمريكي الخامس، قال وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، (19 ديسمبر 2023)، إن الدول المشاركة في القوة هي: بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا، مضيفاً أنها ستنفذ دوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، ضمن ما أطلق عليها عملية "حارس الازدهار".

وأوضح أوستن أن القوة الجديدة تستهدف ضمان حرية الملاحة وتعزيز الأمن الإقليمي، معتبراً أن ما وصفه بتصعيد الحوثيين "يهدد التدفق الحر للتجارة وينتهك القانون الدولي".

ووفق قناة "الجزيرة"، أبلغ أوستن الدول المشاركة في اجتماع مع وزراء دفاع عدد من الدول، عُقد في البحرين، بأن "هناك طرقاً كثيرة للمساهمة في العملية الجديدة لتأمين الملاحة في البحر الأحمر".

في سياقٍ متصل، نقلت صحيفة "البلاد" البحرينية عن مسؤول عسكري أمريكي وصفته بـ"الكبير"، قوله إنه من المتوقع خلال الساعات القادمة انضمام دول أخرى إلى القوة الدولية، مشيراً إلى أنه تم إرسال دعوة لـ39 دولة من القوات البحرية المشتركة.

كما نقلت عن مسؤول أمريكي -لم تكشف عن اسمه- قوله إن عملية "حارس الازدهار هي عملية دفاعية للشحن وتدفق الملاحة وليست لتوجيه ضربات عسكرية".

وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري (21 ديسمبر)، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره البريطاني ديفيد كاميرون، أن بلاده "تشترك في مبادئ خاصة بِحُرية الملاحة وضرورة الحفاظ عليها وحماية البحر الأحمر، والدول المشاطئة للبحر الأحمر تضطلع بمسؤولية دائمة في إطار تأمينه".

وبينما ذكر أن مصر "تستمر في التعاون مع الكثير من شركائها لتوفير حرية الملاحة في البحر الأحمر"، فإنه لم يوضح الخطوات التي ستتخذها لضمان ذلك في إطار مواجهة التهديد الحوثي الطارئ.

كما أكد أن "مصر لها علاقات وتتعاون مع شركائها في أطر أخرى، وتستمر في التنسيق والحديث في أفضل الوسائل لتوفير حرية الملاحة وضمان سير البضائع ومنع أي تأثيرات سلبية على سلاسل الإمداد".

غياب خليجي وعربي

ما كان لافتاً في الإعلان عن القوة المشكلة الغياب الواضح للدول الخليجية والتي كان يعول عليها وزير الدفاع الأمريكي، الذي أجرى اتصالات مكثفة ولقاءات مع مسؤولين عسكريين خليجيين، إضافة إلى الدول العربية المطلة على البحر الأحمر، كمصر التي تشكل إلى جانب السعودية أهمية استراتيجية وعسكرية هامة.

وتتركز الأنظار على الرياض، التي لم تعلن مشاركتها في القوة المعلنة على الرغم من أهمية الاستقرار في منطقة البحر الأحمر، في سبيل إنجاز عدد كبير من مشاريع "رؤية 2030".

وسبق أن نقلت وكالة "رويترز" (6 ديسمبر) عن مصدرين مطلعين أن السعودية طلبت من الولايات المتحدة ضبط النفس في الرد على هجمات جماعة الحوثي باليمن على سفن في البحر الأحمر.

وإلى جانب ذلك غاب السودان وجيبوتي وإريتريا، وحتى "إسرائيل" التي كانت قد استبقت الإعلان بالقول إنها طلبت تشكيل هذه القوة، فيما غابت أيضاً اليمن ممثلة بالحكومة المعترف بها دولياً، والتي تقاتل المتمردين الحوثيين.

تحالف غربي فقط

يؤكد المحلل العسكري والاستراتيجي د.علي الذهب، أن سر مشاركة البحرين في إطار التحالف العسكري المعلن وجود قيادة الأسطول الخامس على أراضيها.

ونقل موقع"الخليج أونلاين"،عن الذهب قولة بأن ذلك "يعني أن أي عمل عسكري تنطلق منه الطائرات أو السفن الحربية، فهو يعد منطقة عسكرية مشاركة، وهذا يعني أنها بحكم سيادتها على هذه الأرض التي فيها قيادة الأسطول الخامس فهي دولة مشاركة".

وإلى جانب ذلك، يشير إلى أن مشاركتها أيضاً تأتي "ضمن اتفاق أبراهام الذي وقعت عليه البحرين إيذاناً بتطبيع علاقتها مع "إسرائيل"، والذي ينص على حماية أي طرف من أي خطر قد يحيط به".

وفيما يتعلق بمصر والسعودية، أكد "أن كل دولة لها قرارها الخاص"، مشيراً إلى أن مصر "لا تريد أن تصعد لأنها تنظر إلى المنطقة المطلة على البحر الأحمر على أنها بحيرة عربية على وجه الخصوص".

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

صحيفة “لويدز لست”: رغم إعلان اليمن وقف الهجمات البحرية إلا أن قطاعات صناعية لم تعد للمنطقة

 

الثورة نت/..

أوضحت صحيفة “لويدز لست” أن تحليلات حركة المرور عبر باب المندب وقناة السويس تشير إلى أن الإعلان اليمني في وقف العمليات البحرية فشل في إقناع قطاعات كبيرة من الصناعة بالعودة إلى المنطقة. مضيفا أن البيانات تظهر أن بعض السفن تعود إلى عبور باب المندب، لكن معظم الصناعة تواصل تجنب ذلك لم ويحدث أي تغيير ملموس في حركة المرور خلال الأسبوع الذي أعقب إعلان “الحوثيين” وقفًا جزئيًا للهجمات.

كما أوضح أن الإعلان اليمني بالرفع الجزئي للقيود في البحر الأحمر لم يؤد إلى عودة جماعية إلى الممر الملاحي المحاصر الذي يمر عبر هذه المياه، لكن باب المندب أصبح الآن خيارا قابلا للتطبيق بالنسبة لبعض الذين كانوا يتجنبون المنطقة. وأضاف: “لقد مر أسبوع منذ أن أصدر الحوثيون إشعارًا يقولون فيه إنهم لن يستهدفوا بعد الآن السفن المملوكة والمدارة من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والتي ترفع علمهما بعد تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة”.

وبحسب بيانات تتبع السفن المقدمة من شركة لويدز ليست إنتليجنس ، بلغ إجمالي عدد السفن العابرة لباب المندب 223 سفينة خلال الأسبوع الماضي، بزيادة 4% على أساس أسبوعي، ولكن بما يتماشى مع المستويات التي شهدناها خلال الأشهر القليلة الماضية. وانخفضت أعداد السفن العابرة لقناة السويس بنسبة 7% إلى 194 سفينة.

وكما كان متوقعا، تؤكد الأرقام أن عودة أحجام حركة المرور في البحر الأحمر إلى طبيعتها لن تحدث بين عشية وضحاها، ولكنها تكشف عن وجود بعض مالكي السفن والمشغلين الذين ينظرون الآن إلى البحر الأحمر على أنه مفتوح للأعمال التجارية. وأضاف التقرير أن من بين السفن التي أبحرت عبر باب المندب الأسبوع الماضي، كان ما يقرب من 25 سفينة إما عائدة إلى نقطة الاختناق بعد تجنب المنطقة منذ نهاية عام 2023، أو كانت تقوم برحلتها الأولى عبر المضيق دون وجود تاريخ من مثل هذه العبور خلال العامين الماضيين.

وذكرت الصحيفة أن مركز المعلومات البحرية المشترك قال إن ست سفن مرتبطة بالولايات المتحدة أو المملكة المتحدة عبرت منطقة التهديد منذ 19 يناير 2025.

وقالت اللجنة المشتركة لمراقبة البحر الأحمر وخليج عدن في أحدث تقرير أسبوعي لها: “تقدر اللجنة أنه مع تقدم اتفاق السلام وبقاء السفن والبنية التحتية غير مستهدفة، فمن المتوقع تحسن الاستقرار؛ ومع ذلك، تظل المخاطر في البحر الأحمر وخليج عدن مرتفعة”.

ولا يفاجأ محللو الأمن البحري بأن جزءاً كبيراً من الصناعة يواصل التحول حول رأس الرجاء الصالح.

ويقول رئيس قسم الاستشارات في مجموعة إي أو إس للمخاطر مارتن كيلي: “يحتفظ الحوثيون بالقدرة على استئناف الهجمات ضد السفن في البحر الأحمر في غضون مهلة قصيرة للغاية، وبالتالي فإن المخاطر يمكن أن تتغير بسرعة كبيرة”. “ومن المرجح أن يستمر هذا في ردع شركات الشحن عن المخاطرة بالتواجد في مدى صواريخ الحوثيين أو طائراتهم بدون طيار في حال فشل وقف إطلاق النار في غزة وعودة الحوثيين إلى ملف الأهداف السابق”. ووصف وقف إطلاق النار بأنه هش، فيما تظل التوترات في المنطقة مرتفعة.

وأوضح أن التقلبات السياسية هي أحد الأسباب التي تدفع مالكي السفن ومشغليها إلى الاستمرار في تغيير مساراتهم، ورغم أن الباب يبدو مفتوحاً أمام الكثير من قطاعات صناعة الشحن، فإن السفن المملوكة لإسرائيل لا تزال معرضة لخطر الاستهداف.

مقالات مشابهة

  • رئيس قناة السويس: مؤشرات البحر الأحمر إيجابية وجاهزون لاستقبال السفن
  • رئيس قناة السويس: الظروف مهيأة لعودة الملاحة البحرية بالبحر الأحمر
  • شاهد | البحرية الأمريكية: معركة البحر الأحمر استنزفت جهوزيتنا
  • البحرية الأمريكية تكشف أهوال 15 شهراً من المواجهة مع صنعاء
  • البحرية الأمريكية: مررنا باختبار حقيقي في البحر الأحمر
  • البحرية الأمريكية في البحر الأحمر.. 15 شهراً شكلت ضغطاً واستنزافاً حقيقيين 
  • ماذا قال ضباط البحرية الامريكية عن15شهر من المواجهة في البحر الاحمر
  • انضمام فرقاطة إيطالية للأسطول الأوروبي ''أسبيدس'' في البحر الأحمر
  • انضمام فرقاطة إيطالية لمهمة "أسبيدس" لحماية الملاحة في البحر الأحمر
  • صحيفة “لويدز لست”: رغم إعلان اليمن وقف الهجمات البحرية إلا أن قطاعات صناعية لم تعد للمنطقة