قناة السويس بخير.. فيتش تنصف الممر الأهم عالميا و20 دولة بحارس الازدهار
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
قالت وكالة "فيتش"، إن تغيير مسار السفن للمرور حول أفريقيا، بعيداً عن قناة السويس، في أعقاب الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر يضيف تكاليف على شركات الشحن.
وبرزت قناة السويس كممر هام لتجارة الغاز الطبيعي المسال العالمية خلال العامين الماضيين، مدعومة بحاجة أوروبا إلى الوقود فائق التبريد، كبديل رئيسي للغاز الطبيعي الروسي المنقول عبر الأنابيب، كما زادت أهمية القناة خلال العام الجاري أيضاً، نظراً للازدحام في قناة بنما.
ويستهدف الحوثيون المدعومون من إيران أي سفينة لها صلة بإسرائيل، كرد فعل على الحرب مع حركة "حماس". وأدت تلك الهجمات التي يشنها الحوثيون إلى عرقلة حركة الشحن في البحر الأحمر.
أشارت "فيتش" إلى مرور حوالي 50 سفينة يومياً عبر القناة، وما بين 25% إلى 30% من أعداد شحن الحاويات العالمية بها، ويخدم معظمها التجارة بين أوروبا وآسيا، بحسب (اقتصاد الشرق - مع بلومبرج).
قد يؤدي تغيير مسار المرور حول أفريقيا إلى زيادة وقت السفر من الشرق الأقصى إلى أوروبا 50%، وهو ما قد يقلل من القدرة العالمية الفعالة لشحن الحاويات بنسبة 10% إلى 15%، وفق فيتش.
وتتوقع "فيتش" ألا تستمر الاضطرابات لفترة كافية ليكون لها تأثير ملموس على توازن العرض والطلب في مجال الشحن البحري خلال المدى المتوسط، خاصة أنه لم يتم تحويل جميع سفن الحاويات بعيداً عن قناة السويس.
وتفاقم الاضطرابات في البحر الأحمر أوضاع التجارة العالمية المتأثرة من اختناق المرور عبر قناة بنما، الناجم عن الجفاف ما أدى إلى انخفاض عدد السفن المارة بها إلى النصف تقريبا، حسب "فيتش".
ونظراً لأهمية ممر البحر الأحمر، تم تشكيل تحالف عسكري بقيادة الولايات المتحدة لإنشاء ممر آمن، وهو ما يدعم وجهة نظر الوكالة بأن الاضطرابات من غير المرجح أن تستمر.
ويعد البحر الأحمر أحد أهم الممرات الملاحية في العالم، وتعبر مياهه حوالي 14% من إجمالي التجارة العالمية المنقولة بحراً.
اتفاق بين مصر وبريطانيا بشأن سلامة الملاحة في البحر الأحمر.. تصريحات مهمة الحوثيون يهددون باستهداف سفن الدول المنضمة للتحالف الأمريكي في البحر الأحمروقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يوم الإثنين، إن بلاده وحلفاءها، بمن فيهم المملكة المتحدة وكندا وفرنسا وغيرها، اتفقوا على إنشاء قوة بحرية للتصدي لهجمات الحوثيين على السفن في المنطقة.
وأضاف في بيان أن "هذا تحدٍ دولي يتطلب تحركاً جماعياً"، ومع ذلك تعهد مسلحو جماعة الحوثي في اليمن بمواصلة استهداف السفن.
واستهداف سفن تجارية بمدخل البحر الأحمر بصواريخ ومسيرات يطلقها الحوثيون من السواحل اليمنية، ازدادت في الأسابيع الأخيرة، وكان أحدثها ما أعلنه الحوثيون، الإثنين، في بيان، من استهداف لسفينتي نفط وحاويات "لهما ارتباط بالكيان الصهيوني".
وأعلن وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، الإثنين، خلال زيارته البحرين تشكيل تحالف دولي يضم 10 دول للتصدي لهجمات الحوثيين المتكررة على سفن يعدونها "مرتبطة" بإسرائيل في البحر الأحمر.
تحالف حارس الازدهاروقال أوستن في بيان، إن التحالف الأمني سيعمل "بهدف ضمان حرية الملاحة لكل البلدان ولتعزيز الأمن والازدهار الإقليميين"، ويضم كلا من الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والبحرين، وكندا، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا، والنرويج، وسيشل، وإسبانيا.
وتتصاعد حدة المخاوف من التحالفات العسكرية في البحر الأحمر، الذي يعد شريانا حيويا لحركة التجارة العالمية، وممرا استراتيجيا "يستقطب اهتماماً وتنافساً دوليا متصاعدا"، في ظل وجود الكثير من القوى البحرية والقواعد العسكرية بمنطقة القرن الأفريقي.
ويمر بمنطقة البحر الأحمر نحو 40% من حركة التجارة العالمية، كما "مرت نحو 12% من إجمالي النفط المنقول بحرا في النصف الأول من 2023، وكذلك 8% من تجارة الغاز الطبيعي المسال من باب المندب وخط أنابيب سوميد وقناة السويس"، حسب إحصاءات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
من جانبه أكد وزير الخارجية، السفير سامح شكري، الخميس، أن الدول المطلة على البحر الأحمر "تتحمل مسؤولة حمايته"، في تصريحات تأتي في ظل استمرار الهجمات الحوثية ضد سفن في البحر الأحمر، وإعلان تحالف دولي لمواجهتها.
وقال شكري خلال مؤتمر صحفي مع نظيره البريطاني ديفيد كاميرون: "نشترك في مبادئ خاصة بحرية الملاحة وضرورة الحفاظ عليها، الدول المشاطئة تتولى مسؤولية تأمينه، ونواصل التعاون مع كثير من شركائنا لتوفير الظروف الملائمة للسماح بحرية الملاحة وتيسير النفاذ لقناة السويس".
سامح شكري: المجتمع الدولي ومجلس الأمن يتحملان مسئولية الأوضاع في غزة الحوثيون يجبرون ناقلة نفط أمريكية في البحر الأحمر على تغيير مسارهاوتابع الوزير شكري: "بريطانيا عضو في تشكيل وحدة بحرية جديدة في هذا الإطار، ومصر لها علاقات وتعاون مع شركائها في أطر أخرى، ومستمرون في التنسيق والحديث حول أفضل الوسائل لتوفير حرية الملاحة، ومنع أي تأثيرات سلبية على سلاسل الإمداد".
من جانبه، قال وزير الخارجية البريطاني: "ناقشنا مسألة أمن البحر الأحمر، وهناك عدة دول تشارك في قوة بحرية وبريطانيا من بينها، من المهم جدا تأمين البحر الأحمر سواء لمصر أو بريطانيا أو العالم، وإلا ستتأثر سلاسل الإمداد"، متابعا: "لن نسمح بحدوث ذلك، الحفاظ على الممرات المائية أمر مهم ونتعامل معه بجدية".
فيما أكد الدكتور الربان منتصر السكري، الخبير الدولي في مجال النقل البحري، أن التوترات في البحر الأحمر لن تؤثر على قناة السويس، مشيرا إلى أن عدد السفن العابرة من القناة لم تقل بسبب الأحداث.
وأضاف، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "كل الزوايا" مع الإعلامية سارة حازم طه، المُذاع على قناة "أون"، أن الحوثيين كل مطالبهم فك الحصار عن الشعب الفلسطيني والسماح بدخول الغذاء إليه، مشيرا إلى أن وقف الهجوم على السفن في البحر الأحمر يتم حله بالتفاوض، والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لن يجدي نفعًا، ووجود توتر في البحر الأحمر يؤثر على حركة التجارة بين جنوب شرق آسيا وأوروبا، لأن الحوثيين يهاجمون السفن التي تدخل إسرائيل، والعابرة من خليج العقبة إلى ميناء إيلات، لذلك حركة التجارة عبر قناة السويس لم تتأثر.
ارتفاع أسعار السلعولفت إلى أن أسعار السلع التي تصدر من جنوب شرق آسيا إلى أوروبا سترتفع بشكل كبير جدا، لأن أسعار النقل ارتفعت 600%، وهذا الارتفاع كارثة على العالم كله.
وشدد على أن إسرائيل أيضًا هي المتضرر الأكبر، لأنها كانت تعتمد في توفير المنتجات الزراعية من خلال زراعة غلاف غزة، وبسبب الأحداث تم تفريغ هذه المنطقة من السكان، وبالتالي لا توجد زراعة.
وتابع: "التحالف الدولي بقيادة أمريكا هيزود المشكلة في إمداد السلاسل التجارية، لأن حركة التجارة ستتوقف بسبب وجود الآليات العسكرية في خليج العقبة وبالتالي سيتضرر العالم كله".
وأردف: "الحوثيون ليس لديهم ما يخسروه، وكل مطلبهم ارفعوا الحصار وادخلوا المواد الغذائية إلى قطاع غزة، وهذا أمر طبيعي".
من جانبه قال الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، إن الأزمات مستمرة حول العالم، وأن حركة الملاحة في قناة السويس منتظمة، مشددا: "نتابع جميع أحداث التوترات باستمرار في البحر الأحمر".
وأشار الفريق ربيع خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي مصطفى بكري ببرنامج "حقائق وأسرار"، عبر فضائية "صدى البلد"، إلى أن هناك 113 سفينة حولت وجهتها من قناة السويس بداية من 19 نوفمبر إلى 20 ديسمبر، مرجعا ذلك نتيجة للأحداث الجارية في مضيق باب المندب والاتجاه عبر طريق رأس الرجاء الصالح.
وأوضح رئيس هيئة قناة السويس، أن متوسط السفن العابرة في قناة السويس خلال اليوم، يتراوح من 72 إلى 74 سفينة، بإجمالي حمولات 4.2 مليون طن بضائع.
ووافقت أكثر من 20 دولة في المجمل على المشاركة في التحالف الجديد الذي تقوده الولايات المتحدة، لحماية حركة التجارة في البحر الأحمر من هجمات الحوثيين في اليمن. وفق ما أعلن البنتاغون الخميس.
ومع ذلك، فإن العدد الإجمالي الجديد يشير إلى أن ثمانية على الأقل من الدول التي قررت الانضمام لتلك الجهود، ترفض الكشف عن مشاركتها علنا، في إشارة إلى الحساسيات السياسية للعملية مع تصاعد التوترات الإقليمية نتيجة الحرب بين إسرائيل وحماس.
وقال الميجور جنرال باتريك رايدر: "لقد وافقت الآن أكثر من 20 دولة على المشاركة" موضحا أن اليونان وأستراليا أعلنتا الانضمام، مضيفا: "سنسمح بمشاركة دول أخرى، الأمر متروك لها للحديث عن انضمامها".
وأطلقت الولايات المتحدة عملية "حارس الازدهار" هذا الأسبوع قائلة إن أكثر من 12 دولة وافقت على المشاركة في جهد سيشمل دوريات مشتركة في مياه البحر الأحمر بالقرب من اليمن.
الصراع العسكري بغزةوقال رايدر إن كل دولة ستساهم بما تستطيع واصفا العملية بأنها "تحالف الراغبين"، مضيفا في مؤتمر صحفي: "في بعض الحالات سيشمل ذلك سفنا. وفي حالات أخرى قد يشمل أفرادا أو أنواعا أخرى من الدعم".
وتفاقمت الأزمة في البحر الأحمر مع تصاعد الحرب في غزة والتي أدت إلى مقتل ما يقرب من 20 ألف فلسطيني، وفقا لمسؤولي الصحة في القطاع.
وأطلق الحوثيون وحزب الله اللبناني صواريخ على إسرائيل منذ بدء الصراع في السابع من أكتوبر الماضي، عقب هجوم لحركة حماس على إسرائيل.
في غضون ذلك، كثف الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر وهددوا باستهداف جميع السفن المتجهة إلى إسرائيل وحذروا شركات الشحن من التعامل مع الموانئ الإسرائيلية.
وردت البحرية الأمريكية والبريطانية والفرنسية بإسقاط طائرات مسيرة وصواريخ أطلقها الحوثيون، وهي إجراءات يقول بعض المنتقدين في واشنطن إنها لا تكفي لثني الحوثيين عن مواصلة هجماتهم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: قناة السويس فيتش البحر الأحمر الحوثيون وزير الدفاع الأميركي حارس الازدهار إسرائيل الولایات المتحدة التجارة العالمیة فی البحر الأحمر حرکة التجارة قناة السویس إلى أن
إقرأ أيضاً:
“الانتقام لأمريكا وإسرائيل” عنوانًا للتحشيد الإقليمي ضد اليمن: مرارة الهزيمة تفضحُ أهدافَ واشنطن
يمانيون ـ تقرير
مع ثبوتِ هزيمتِها التأريخية في مواجهة اليمن وفشلها الفاضح في ردع جبهة الإسناد اليمنية لغزة، تتخبط الولايات المتحدة الأمريكية بين رغبتها الشديدة بالانتقام من الشعب اليمني للتغطية على تلك الهزيمة وذلك الفشل، بين انعدام الخيارات الفاعلة لتنفيذ هذه الرغبة، فبعد أن أثبتت القوات المسلحة مصداقيتها أمام قطاع الشحن، من خلال وقف العمليات البحرية على السفن غير المملوكة للعدو الصهيوني، وتجاوب العديد من مشغلي السفن مع ذلك، أبدت واشنطن اندفاعًا نحو محاولة تدويل مأزقها من خلال إظهار البحر الأحمر كمنطقة خطر مُستمرّ على الجميع، والدعوة إلى تشكيل تحالفات جديدة تتضمن دولًا إقليمية، في مسعى جديد للتحشيد ضد اليمن خلف قرار التصنيف الجديد، وهذه المرة لأغراضٍ انتقامية وسياسية معلَنة وواضحة لا تستطيع دعايات “حماية الملاحة” المزيفة إخفاءَها.
شركاتُ الشحن تثقُ بمصداقية صنعاء:
منذ أن كشفت وكالات الأنباء الدولية ومنصات الشحن البحري عن تلقي العديد من شركات الشحن رسائلَ من مركز تنسيق العمليات الإنسانية بصنعاء بشأن رفع العقوبات عن السفن غير المملوكة لكيان العدوّ (مع ربط رفع العقوبات عن سفن العدوّ باكتمال تنفيذ اتّفاق وقف إطلاق النار في غزة) أبدى قطاع الشحن تجاوبًا مع تلك الرسائل ونقلت العديد من التقارير عن مسؤولين في الأمن البحري قولهم إن العديد من أصحاب السفن يعملون على ترتيب العودة إلى البحر الأحمر، وأن التباطؤ يعود إلى سببين: الأول هو الحرص على التأكّـد من صمود وقف إطلاق النار في غزة، والثاني هو الوقت اللازم للتخطيط للعودة لتجنب اضطراب سلاسل التوريد والازدحامات.
وقد أكّـدت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية هذا الأسبوع أن العديد من مشغلي السفن [غير المملوكة للعدو بطبيعة الحال] يعتزمون العودةَ إلى البحر الأحمر بمُجَـرّد اكتمال المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، والتي يفترَض أن تضمن انتهاءَ الحرب واكتمال تبادل الأسرى، وهو ما يعني إلى أن القسمَ الأول من مخاوف شركات الشحن يعودُ إلى عدم الثقة بالتزام العدوّ بالاتّفاق.
وأشَارَت الصحيفة إلى أن القسم الثاني من مخاوف مشغلي السفن يتعلق بتعقيد الترتيبات اللازمة لعودة الإبحار عبر البحر الأحمر من ناحية الازدحام والاضطراب المفاجئ لأسعار الشحن، وهو ما يعني أن المسألةَ مسألة وقت إذَا صمد اتّفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفقًا لمديرِينَ تنفيذيين نقلت عنهم الصحيفة الأمريكية.
أمريكا تسعى لتشكيل تحالف “انتقامي” جديد ضد اليمن:
لكن الولايات المتحدة تحاول رسمَ واقع مختلف من خلال مواصلة حملة التضليل التي فشلت على مدى عام كامل في إقناع العالم بأن البحر الأحمر أصبح منطقة خطرة على التجارة الدولية وأن جميع السفن مستهدفة بلا استثناء، في محاولة لضرب مصداقية صنعاء التي أكّـدت الوقائع من التقارير أن شركات الشحن تثق فيها بشكل رئيسي، وقد ذكرت العديد من التقارير الغربية والبريطانية مؤخّرًا أن أصحاب السفن لا يعولون على التحَرّكات الأمريكية بل “ينتظرون إشارة” من صنعاء؛ مِن أجلِ العودة إلى البحر الأحمر، وقد جاءت تلك الإشارة بوضوح.
هذه المساعي الأمريكية التضليلية تأتي في محاولة لإبقاء المجال مفتوحًا أمام التحشيد الإقليمي والدولي ضد صنعاء، خُصُوصًا بعد قرار التصنيف الأخير لحركة “أنصار الله” والذي تعول واشنطن على استخدامه كغطاء ووسيلة لترغيب أَو ترهيب بعضِ الأنظمة المعادية لليمن؛ مِن أجلِ التصعيد ضد الشعب اليمني.
لكن دعاية “حماية حرية الملاحة” التي فشلت الولايات المتحدة في ترويجها خلال أكثر من عام، أثناء الهجمات اليمنية، تبدو اليوم أقلَّ قابليةً للترويج مما كانت، بل تطغى عليها الرغبةُ الانتقامية المعلَنة بوضوح من جانب الولايات المتحدة، والتي عبَّر عنها نص قرار التصنيف الذي أشَارَت مبرّراته بشكل صريح إلى أنه يأتي كمحاولة للانتقام من هزيمة البحرية الأمريكية وتحييد التهديد الذي أصبح يشكِّلُه اليمنُ على كيان العدوّ ومصالح الولايات المتحدة وأدواتها في المنطقة، وهو ما برهن -من غير قصد- على مصداقية الموقف المعلن لصنعاء بشأن اقتصار تهديد عمليات الإسناد البحرية وغيرها على كيان العدوّ والأطراف المعتدية على اليمن.
هذا أَيْـضًا ما أكّـده “معهد واشنطن لسياسَة الشرق الأدنى” المرتبط بالاستخبارات الأمريكية في تقرير جديد زعم فيه أن البحر الأحمر لا يزال منطقة خطرة، ولكنه في محاولته لتفسير ذلك الخطر قال إنه “حتى لو أَدَّى وقف إطلاق النار في غزة إلى انخفاض ملحوظ في الهجمات في البحر الأحمر، فلن يغير ذلك من طبيعة الحوثيين أَو عدائهم تجاه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة و”إسرائيل”، وعلى الرغم من الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية العديدة ضد اليمن، فَــإنَّهم لا يزالون يمتلكون ترسانة متطورة تشمل الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز وطائرات بدون طيار هجومية بعيدة المدى” وهو ما يعني أن الخطر الذي تحاول الولايات المتحدة الترويج لوجوده في البحر الأحمر مقتصر على الثلاثي الذي يمتلك توجّـهات عدائية أصلًا ضد اليمن، وليس خطرًا “دوليًّا”.
وفيما اقترح المعهد على الولايات المتحدة “وشركائها” تنسيقًا للحفاظ على وجود عسكري في البحر الأحمر وإنشاء “تحالفات جديدة تضم دول البحر الأحمر مثل مصر وإريتريا والمملكة العربية السعوديّة والسودان” فَــإنَّ عنوان “الحفاظ على أمن الممر البحري” الذي حاول وضعه لهذه الخطوات، لا يستقيم أبدًا مع المخاوف الخَاصَّة التي ذكرها؛ باعتبَارها “تهديدات” فمصر والسعوديّة والسودان وإرتيريا لا مصلحة لها في الانخراط ضمن تحالف هدفه الأَسَاسي -كما ذكر المعهد- هو تحييد التهديد الذي تشكله القوات المسلحة اليمنية على كيان العدوّ والهيمنة الأمريكية والبريطانية على البحر الأحمر وباب المندب، وليس من المنطقي أن تعتبر هذه الدول أن تصاعد القدرات العسكرية اليمنية وبقاءها تهديدٌ يقتضي أن تتحَرّك للتخلص منه.
ووفقًا لذلك، يتبين بشكل واضح أن محاولة التحشيد الإقليمي التي تمارسها الولايات المتحدة في المنطقة ضد صنعاء تأتي؛ بهَدفِ الانتقام من الهزيمة التأريخية التي منيت بها البحرية الأمريكية والبريطانية في تحييد الخطر اليمني الاستراتيجي على كيان العدوّ الصهيوني، وأن عناوين “حماية الملاحة” أَو “خطر اليمن على شركاء أمريكا” ليست سوى محاولات بائسة ومكشوفة لاستمالة بعض الأطراف التي تمتلك أصلًا توجّـها عدائيًّا مسبقًا ضد اليمن، أَو ابتزاز الأطراف الأُخرى التي لا تملك مثل هذا التوجّـه.
والحقيقة أن بروز التوجّـه الانتقامي والمخاوف الخَاصَّة لدى الولايات المتحدة بهذا الشكل، يمثل دليلًا مسبقًا على حتمية فشل مساعي التحشيد العدواني ضد اليمن، سواء على مستوى حجم التحشيد أَو على مستوى نتائجه، وهذا ما يؤكّـده أَيْـضًا واقعُ الفشل السابق والذريع لواشنطن في تحشيد حلفائها ضمن عملية ما سمى بـ “حارس الازدهار” قبل عام، حَيثُ انتهى الأمر بذلك التحالف مقتصرًا على الولايات المتحدة وبريطانيا، حتى إن الاتّحاد الأُورُوبي لجأ إلى تشكيل عملية مستقلة حرص على توصيفها بـ”الدفاعية” لتجنب التورط في المعركة الأمريكية والبريطانية العدوانية، ولن يكون الواقع مختلفًا اليوم مع حديث الولايات المتحدة بصراحة عن رغبتها في الانتقام لهزيمتها المخزية أمام اليمن، وهي رغبةٌ تُسقِطُ دعاية “حماية الملاحة” التي ثبت فشلها مسبقًا.
المصدر: المسيرة