لماذا يجب تعليم طفلك مهارة التعاطف مع الآخرين؟
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
"قبل أن تنتقد شخصا أو تحكم عليه، ضع نفسك في مكانه" يعبر هذا الاقتباس البسيط عن قوة التعاطف، فإدراك مشاعر الآخرين وتخيل كيف سيكون الأمر لو كنت في نفس موقفهم، تحدد قدرة الشخص على التعاطف.
والتعاطف مهارة ينبغي تعليمها للأطفال في سن صغيرة، لمشاركة المشاعر وتقديم المساعدة وهي سمة معقدة تتطور بمرور الوقت وهناك العديد من الطرق التي تعززها.
عندما يتعلم الأطفال التعاطف في وقت مبكر من أعمارهم، يصبحون أكثر لطفا وتفهما واحتراما لمشاعر الآخرين، كما يساعدهم التعاطف على بناء قدرات التواصل وتعزيز سلوكيات مساعدة الآخر، ويساهم في زيادة قدرتهم على تكوين صداقات ويمنعهم من التنمر على المحيطين بهم، ومن أهم ما مميزات التعاطف أنه يساعد الطفل على فهم اختلاف كل شخص عن الآخر وعلى إدراك مشاعر ووجهات نظر الآخرين التي ربما تكون مختلفة عن مشاعره الشخصية.
يعزز التعاطف قدرة الأطفال على تخيل نوع الفعل أو الاستجابة التي قد تساعد الآخر على التحسن أو الشعور بمشاعر إيجابية مثل تقديم دعم معنوي لصديق أو قطعة حلوى أو عناق صادق.
لأن التعاطف ليس صفة فطرية يولد بها الأطفال، فإن هناك بعض الطرق التي تساعد الآباء على تعزيز مشاعر التعاطف داخل الأطفال، أهمها بناء علاقة حب آمنة و قوية بين الوالدين والأطفال، لأن الطفل عندما يشعر بالقبول في البيئة المحيطة به، يمكنه فهم مشاعر الآخرين.
ويجب الأخذ في الاعتبار أن الأسرة هي المرجع الاجتماعي الأول للطفل والمقياس الذي يعزز استجاباته لذلك ينبغي أن يكون الآباء قدوة للطفل، من خلال إظهار التعاطف الصادق مع المحيطين، والاعتذار عند الخطأ، لأنه عندما يعتاد الآباء الاعتذار دون غرور أو تنصل يتعلم الأطفال متى يجب أن يقولوا ذلك.
يمكن بناء التعاطف عن طريق الحكايات واللعب التمثيلي الذي يضع الأطفال بالفعل في مواقف متخيلة تعزز مشاعر التعاطف داخلهم.
يعد تشجيع الأطفال على الاعتراف بالمشاعر السيئة مثل الحزن أو الغضب، دون خوف أو قلق من الأحكام أو السخرية، إحدى الطرق الفعالة في بناء التعاطف لدى الطفل. عندما يدرك الطفل مشاعره الشخصية بعمق ويعبر عنها يصبح قادرا على فهم مشاعر الآخرين ومدركا لطرق تعبيرهم عن هذه المشاعر.
لذلك؛ تحقق من مشاعر طفلك، لأنه في بعض الأحيان عندما يشعر الطفل بالحزن أو الغضب، لا يفكر الآباء سوى في إخفاء المشاعر السيئة وإصلاح الأمر حتى لا يشعر الطفل بأي ألم. لكن يجب أن يدرك الآباء والأطفال أن المشاعر السيئة جزء من الحياة وعلى الطفل أن يتعلم كيف يتعامل معها ويفهم حقيقتها بدلا من رفضها، لأن فهم حقيقة مشاعره الشخصية يساعده على فهم مشاعر الآخرين.
تجنب ترسيخ الشعور بالذنبربما يعتقد البعض أن ترسيخ الشعور بالذنب يجعل الطفل يتعاطف مع الآخرين، لكن العكس هو الصحيح، حيث تؤثر مشاعر الذنب بطريقة سلبية على التعاطف، أي أن الطفل لا يمكنه التعاطف مع الآخرين إذا شعر أنه الشخص السيء أو المتسبب في المشاعر السلبية لشخص آخر، لأنه عندما يشعر بالخجل ويجد نفسه موضع الهجوم بل يتحول إلى شخص متمركزا حول ذاته ولا يرى سوى الموقف الخاص به. لذا فإن محاولات إشعار الاطفال بالذنب أو الخطأ لا تعد الطريقة المناسبة لتعزيز مهارات التعاطف مع الآخر، لكنها على العكس تجعل الأطفال يتجهون نحو مشاعر الغضب واللامبالاة والانعزال.
يظهر الأشخاص البالغون تعاطف أكبر تجاه الأفراد المشابهين لهم، وتشير الأبحاث أن الأطفال لديهم نفس الاتجاه، لذلك تعد واحدة من أفضل طرق تشجيع التعاطف وتنميته هي جعل الطفل يدرك الأشياء المشتركة بينه وبين الآخرين، وهو ليس أمرا سهلا لأن الأطفال بطبعهم يميلون إلى الأنانية ولا يمكنهم رؤية الصورة الأوسع.
كما أسهمت التكنولوجيا الحديثة في البعد عن الحياة الطبيعية، ويسبب الإفراط في استخدام الشاشات في زيادة عزلة الأطفال وتمحورهم حول ذاتهم، وبالتالي تراجع مشاعر التعاطف داخلهم، لذا ينصح خبراء التربية وعلماء النفس، الوالدين بتقليل وقت استخدام الشاشات ومنح الأطفال وقت وفرص أكبر للتواصل الاجتماعي الفعلي واللعب من أجل تنمية مشاعر التعاطف.
في الوقت نفسه، يمكن أن تعزز رعاية الحيوانات الأليفة مشاعر التعاطف لدى الأطفال، لأنها توفر للأطفال مسؤولية يومية ذات معنى كبير، سواء عن طريق الاهتمام بطعام وشراب الحيوان الأليف أو عن طريق رعايته والعطف عليه، ويمكن أن يتعلم الأطفال التعاطف حتى عن طريق العناية بالنباتات ورعايتها ومراقبة نمو الزهور الصغيرة، ما يعزز شعور الطفل بالتعاطف بالإضافة إلى تعزيز شعوره بالإنجاز.
يعتذر الأطفال المتعاطفون عندما يخطئون ويصبحون أكثر وعيا بتأثير أفعالهم على الآخرين، ويسألون دائما عن أسباب المشاعر السلبية للأشخاص المحيطين بهم. ويُظهر هذا الفضول اهتمامهم بفهم مشاعر الآخرين وتقدير تجاربهم، ما يجعل الطفل قادر على تطوير علاقات صحية وغير معقدة طوال حياته.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مع الآخرین مع الآخر عن طریق
إقرأ أيضاً:
عمرو الليثي : دور مهم للدراما في بناء وتنشئة وتربية جيل جديد
اكد الإعلامي عمرو الليثي ان الدراما التلفزيونية تُعد إحدى أهم وسائل التأثير فى المجتمعات، لما لها من قدرة على جذب انتباه الجمهور، خاصة الأطفال والمراهقين، الذين يُعتبرون أكثر الفئات تأثرًا بما يشاهدونه. ومع ازدياد عدد المسلسلات والبرامج التى تحتوى على مشاهد عنف أو ألفاظ خارجة أو مفاهيم مشوشة، يُثار تساؤل مهم حول مدى تأثير هذه الأعمال على الأطفال الذين يتعرضون لها دون رقابة أو توجيه.
واضاف الليثي خلال تصريحات صحفية خاصة أن العنف فى الدراما يمثل خطرًا كبيرًا على نفسية الطفل، حيث تؤكد الدراسات النفسية أن مشاهدة الأطفال لمشاهد العنف بشكل متكرر يمكن أن تؤدى إلى تطبيع العنف لديهم، مما يجعلهم أكثر تقبلًا له أو ميلًا لتقليده فى سلوكهم اليومى. فبدلًا من أن ينمو الطفل فى بيئة تشجع على الحوار والتفاهم، يجد نفسه أمام نماذج تحل مشاكلها باستخدام القوة، مما يرسخ لديه مفاهيم خاطئة حول العدالة والعلاقات الإنسانية. كما أن مشاهدة مشاهد العنف المفرط أو المواقف المرعبة يمكن أن تسبب للأطفال القلق والخوف واضطرابات النوم. والتعرض المستمر لمحتوى غير مناسب لأعمارهم قد يؤدى إلى مشاكل فى تقدير الذات والشعور بالأمان.
وتابع ان الألفاظ الخارجة التى تستخدم فى بعض الأعمال الدرامية، حتى وإن كانت بهدف الواقعية، تؤثر بشكل مباشر على قاموس الطفل اللغوى. فالطفل بطبيعته يقلد ما يسمعه، وعندما يتعرض بشكل متكرر لألفاظ نابية أو غير لائقة، قد يكتسبها ويستخدمها فى حياته اليومية، مما يحدث خللًا فى سلوكياته ويؤثر على علاقاته داخل الأسرة والمدرسة.
وهناك أيضًا المفاهيم المغلوطة التى تروج لها بعض الأعمال، مثل تصوير الجريمة على أنها بطولة، أو إضفاء صبغة إيجابية على سلوكيات غير أخلاقية، فهى من أخطر أنواع التأثير. فعقل الطفل فى مرحلة التكوين، وعندما يتشبّع بهذه الرسائل المشوشة، قد يتبنى مفاهيم خاطئة حول الصواب والخطأ، مما يؤثر على قيمه ومعتقداته ويشكل شخصيته بطريقة غير سوية. ولأن الدراما جزء من ثقافة المجتمع، فإن مسؤولية صانعى المحتوى كبيرة فى توجيه الرسائل بشكل يخدم القيم التربوية والإنسانية. كما أن للأهل دورًا لا يقل أهمية إذ ينبغى أن يكونوا على وعى بما يشاهده أطفالهم، ويوجهونهم لما هو مناسب لأعمارهم، مع فتح باب الحوار لفهم ما يتأثرون به.
وتبقى الدراما التلفزيونية سلاحًا ذا حدين، إما أن تساهم فى بناء جيلٍ سوى قادر على التفكير والتحليل، أو تزرع فيه بذور السلوكيات السلبية. ومن هنا تأتى أهمية تبنى سياسة إعلامية رشيدة تراعى مستقبل الأجيال وتحمى عقولهم من التلوث الثقافى والسلوكى.