تغيير منهجي في الدبلوماسية الإيرانية.. كيف يقرأ الخبراء جولة رئيسي الأفريقية؟
تاريخ النشر: 14th, July 2023 GMT
طهران- في دخول على خط الصراع الدولي للنفوذ في أفريقيا، اختتم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي جولة أفريقية شملت كينيا وأوغندا وزيمبابوي، رغم حاجز العقوبات الغربية التي قد تقف عائقا أمام تنفيذ الخطط الإيرانية في هذه القارة.
ويرى أبو الفضل عموئي المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني أن ثمة تغييرا منهجيا حدث في عملية السياسة الخارجية مقارنة بالعقد السابق.
ويوضح -في حديثه للجزيرة نت- أنه في العقد الماضي، سعت إيران إلى حل مشاكل التجارة الخارجية من خلال التفاهم مع الغربيين ورفع العقوبات، لكن النهج المعتمد في الفترة الجديدة هو "تنويع" شركاء الأعمال.
ويتابع أنه في الأشهر 18 الماضية، سافر رئيسي إلى الصين وآسيا الوسطى وأميركا اللاتينية، ومؤخرا إلى 3 دول أفريقية، وركز خلالها على تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية وتسويق البضائع الإيرانية، كما تمت متابعة إمداد طهران باحتياجات الاستيراد من بعض المواد الغذائية والمواد الخام.
الرئيس الايراني يصل الى جمهورية زيمبابوي
وصل رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله السيد ابراهيم رئيسي، ظهر اليوم الخميس الى هراري عاصمة جمهورية زيمبابوي، قادما من كامبالا في المحطة الثالثة والاخيرة من جولته الافريقية. pic.twitter.com/ouNZegISTj
— وكالة أنباء فارس (@arabicfarsnews) July 13, 2023
اهتمام مضاعفوعن العلاقة مع أفريقيا، يقول عموئي إن أفريقيا كانت محور اهتمام إيران في الماضي بسبب الحركات المناهضة للاستعمار، ولكن نظرا لنهج تنويع شركاء الأعمال لإيران -الفترة الأخيرة- فقد حظيت باهتمام مضاعف في حكومة رئيسي.
وأشار المتحدث باسم لجنة الأمن القومي إلى أنه رغم نظام العقوبات الأميركية الأحادي الجانب ضد إيران، فإن هذا النهج الجديد زاد من حجم التجارة الخارجية الإيرانية، لافتا إلى أن حجم التجارة الخارجية غير النفطية تجاوز العام الماضي 100 مليار دولار لأول مرة.
ويضيف أنه يمكن تحليل العلاقات الثنائية بين إيران والسعودية وتعزيز العلاقات مع دول جنوب الخليج، وكذلك المحادثات الأولية لتعزيز العلاقات مع مصر، في ظل النهج جديد لسياسة إيران لتحقيق التوازن في السياسة الخارجية وتعزيز العلاقات مع الدول غير الغربية.
ولفت إلى أن إيران تنظر إلى أفريقيا على أنها "قارة الفرص المستقبلية" ورغم العلاقات السياسية الجيدة مع العديد من هذه الدول، فإن إيران لديها حصة صغيرة من تجارتها البالغة 1200 مليار دولار، وتخطط الآن لاتخاذ خطوات لتكون حاضرة في هذا السوق المتنامي.
المانع الغربيمن جانبه آخر، يستبعد الدبلوماسي الإيراني السابق أبو القاسم دلفي أن تأتي هذه الزيارات بنتائج ملموسة، مرجعا ذلك إلى العقوبات الغربية المفروضة على بلاده.
ويوضح دلفي -في حديثه للجزيرة نت- أن العلاقات الاقتصادية تستوجب وجود نظام تبادل مصرفي فعال، مضيفا أن المقايضة مفعولها محدود ولا يمكن الاتكاء عليها في كل الأعمال التجارية.
وفي السياق، يشير إلى ما يسميه التغلغل الغربي في أفريقيا، معتبرا أنه قد يكون مانعا للنفوذ الإيراني في تلك المنطقة، وبنفس الوقت سيعزز الحضور الصيني والهندي والروسي بأفريقيا مساعي إيران في هذا الاتجاه.
ومن جهته، يقول المحلل السياسي محمد رضا مرادي للجزيرة نت أن روسيا والصين ترحبان بالحضور الإيراني في أفريقيا لأن الخطوات الإيرانية لا يمكن أن تتعارض مع المصالح الصينية والروسية.
ويضيف مرادي أنه إذا كانت هناك سياسة إيرانية مدروسة وتخطيط طويل الأمد، فستشهد إيران مستقبلا نتيجة هذه الجولات، لكن شرط ألا تكون مجرد زيارات عابرة، ويجب الاستثمار على المستوى الاقتصادي والثقافي والسفارات، حسب قوله.
ويتابع "(العدو الأكبر لإيران) إسرائيل لديها استثمارات ثقافية واقتصادية وعسكرية في أفريقيا، وبدأت بإنشاء مقرات في شرق أفريقيا. ومن جانب آخر، أفريقيا مطلة على قناة السويس ومضيق باب المندب الذي يحدد حياة أو ممات إسرائيل البحري، وهذا مهم للغاية لنا وخاصة أن الجانب الآخر من المضيق هو اليمن، وإيران لديها مصالح هناك. إذن هناك ضرورة أمنية للحضور الإيراني في أفريقيا".
????الرئيس الايراني: أفريقيا أرض الفرص ولا ينبغي إهمالها
الرئيس بعد عودته من رحلة إقليمية إلى إفريقيا:
ارتباطنا بالقارة الأفريقية مهم ، مثل الارتباط بدول القارة الآسيوية وأجزاء أخرى من العالم.
لا ينبغي إهمال الارتباط بهذه القارة التي هي أرض الفرص.#يوميات_إيران pic.twitter.com/Bo9vVjgMxU
— يوميات إيران ???????? (@Irantoday_1979) July 14, 2023
الملعب الجديدويصف المحلل السياسي هذه الجولة الأفريقية للرئيس الإيراني بـ "المهمة والمصيرية" ويرجع ذلك إلى أن أفريقيا قارة الفرص على جميع الأصعدة، وهي الساحة الجديدة لصراعات النفوذ الدولية.
ويضيف أن البلدان التي تسعى للعب دور دولي تستثمر في نفوذها في أفريقيا، وإيران أيضا انطلاقا من هذا المبدأ بدأت بالتوجه نحو هذه القارة، الملعب الدولي الجديد، وتريد أن تقوم بتنشيط الإمكانيات، بعد أن كانت هذه القارة منسية ومهمشة في سياسة طهران الخارجية.
وردا عما دفع بطهران إلى التوجه الأفريقي بهذا التوقيت، يرى مرادي أن إيران اتخذت نهجا جديدا منذ أشهر وهو الحوار مع الدول التي تشكل شيئا من التنافس معها، والاتفاق التي وقعته طهران والرياض في بكين يمثل قمة هذه السياسة الجديدة. بعبارة أخرى، اعتمدت إيران سياسة إحياء العلاقات وتعميقها مع دول المنطقة، وفي ظل اتفاق بكين شهدت الدبلوماسية الإيرانية تحولات ومنها التطور في المباحثات المصرية بعد انقطاع 4 عقود.
ويتابع أن السعودية ومصر لهما نفوذ كبير بأفريقيا، وإذا كانت إيران تريد التوجه نحو هذه القارة الفترة السابقة فلا شك أنها ستواجه مانعا كبيرا باسم السعودية ومصر، لكن عندما تتم إزالة هذه الموانع من الطبيعي أن تخطو إيران بهذا الاتجاه الذي أصبح طريقه مفتوحا.
ويؤكد مرادي أن الغرب يحاول أن تبقى إيران معزولة عن العالم، ولذلك فإن تحركات طهران الحالية تعتبر محاولة لكسر هذه العزلة، وهذه الزيارات إلى أفريقيا والعالم العربي وأميركا اللاتينية تحمل رسائل مبطنة إلى الغرب بأنهم فشلوا في عزل طهران.
وقد أثمرت جولة رئيسي الأفريقية -التي تعد الأولى لرئيس إيراني منذ 11 عاما- عن توقيع 21 اتفاقية ومذكرة تعاون مع الدول الثلاث التي شملتها الجولة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی أفریقیا إلى أن
إقرأ أيضاً:
ماذا ينتظر إيران بعد عودة ترامب؟
بالنظر إلى السياسات التي اتبعها الفائز بالانتخابات الرئاسية الأميركية، دونالد ترامب، خلال ولايته الأولى، يتوقع خبراء ومراقبون أن تواجه إيران في المرحلة المقبلة اختبارا صعبا سيكون عنوانه "الضغط الأقصى"، لكن ومع اختلاف الظروف ومعادلات المنطقة ما بين الماضي والحاضر، قد يكون من الصعب التنبؤ بحدود هذا الضغط.
وستكون إيران وصراعها القائم في المنطقة -وغير المسبوق على صعيد الحدة- مع إسرائيل، على طاولة ترامب حال تسلمه المهام الرسمية في يناير المقبل، وهو ما يشير إليه السياق العام لسياساته السابقة ومواقفه التي صدرت حديثا، وحتى على مستوى فحوى مكالمته الهاتفية، الخميس، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو.
وناقش نتانياهو مع ترامب وفقا لبيان نشره مكتبه، "التهديد الإيراني وضرورة العمل معاً من أجل أمن إسرائيل". وجاء ذلك بعدما أبدت المواقف الرسمية من طهران قلقا ضمنيا تجاه إعلان فوز المرشح الجمهوري بالانتخابات الأميركية.
وصرّحت الناطقة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، أن نتائج الانتخابات "لن تؤثر" على الوضع الاقتصادي في إيران وعلى "معيشة الإيرانيين"، مما يعكس قلق النظام في طهران من إعادة العمل بسياسة "الضغط الأقصى" من جانب ترامب، القائمة على فرض عقوبات اقتصادية صارمة، حسب 3 خبراء تحدثوا إلى موقع "الحرة".
"بين ولايتين"وتمحورت سياسة ترامب في ولايته الأولى (2016-2020) حول ما يعرف بـ"الضغط الأقصى"، والتي تضمنت إعادة فرض عقوبات صارمة وشاملة على إيران، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2015.
التشدد أم الدبلوماسية.. كيف سيتعامل ترامب مع إيران؟ بعد إعلان فوز، دونالد ترامب، بانتخابات الرئاسة الأميركية، توقع خبراء أن يتبنى الرئيس الجديد نهجا أقل ميلا إلى الدبلوماسية مع إيران مقارنة بإدارة الرئيس الحالي، جو بايدن.واستهدفت السياسة تطبيق التضييق الاقتصادي من خلال فرض عقوبات قاسية على قطاع النفط الإيراني والبنوك وقطاعات أخرى، مما أدى إلى تقييد قدرة طهران على تحقيق إيرادات مالية من تصدير النفط والتعاملات الدولية.
كما استهدفت إضعاف النفوذ الإقليمي لإيران، عن طريق ضرب أذرعها وميليشياتها، واتجاه الولايات المتحدة للتعاون مع حلفاء إقليميين مثل إسرائيل ودول الخليج، من أجل زيادة الضغط على النظام الإيراني.
ورغم أن ذلك النهج أضر بالاقتصاد الإيراني، فإنه لم يؤد إلى تغيير جوهري في سلوك إيران أو إلى اتفاق جديد، مما يثير تساؤلات عن الحدود التي ستكون عليه في حال أعيد العمل به في المرحلة المقبلة، وفي ظل ما تشهده المنطقة على صعيد الصراع بين إسرائيل وإيران.
ومنذ مغادرة ترامب منصبه عام 2020، كثفت إيران تخصيب اليورانيوم، وزادت صادراتها النفطية، وكثفت دعمها للجماعات المسلحة الإقليمية. ومنذ مطلع العام الجاري، أرست سابقة بضرب إسرائيل في هجوم مباشر مرتين.
وتهدد الآن بتنفيذ رد انتقامي ثالث ضد إسرائيل، بعدما أعلنت الأخيرة توجيه ضربة لها، استهدفت أنظمة دفاع جوي ومواقع عسكرية في قلب طهران.
أما فيما يتعلق بالعلاقة ما بين ترامب وإيران، فمن المرجح أن يكون العامل المهم في هذه القضية هو طبيعة السلوك الذي سيتخذه الرئيس الأميركي المنتخب بعد توليه الرئاسة رسميا في يناير، بخصوص التقارير الاستخباراتية الأخيرة التي تشير إلى أن طهران حاولت اغتياله.
يضاف إلى ذلك أيضا عامل آخر، كان ترامب قد عبّر عنه بنفسه في أكتوبر 2024، عندما أكد أنه "على إسرائيل ضرب المنشآت النووية في إيران"، ردا على هجوم أطلقته الأخيرة تجاه إسرائيل في ذات الشهر.
"سيناريو مرجح للغاية"في حين يتفق خبيران أميركيان وثالث ضليع بالشأن الإيراني على فكرة أن ترامب سيعيد تطبيق سياسة "الضغط الأقصى" على إيران بعد دخوله البيت الأبيض، فإنهم يشيرون في المقابل إلى "سيناريوهات مفتوحة" وعدم يقين تفرضه تباينات وضبابية ما هو مقبل بين إسرائيل وإيران.
ويوضح مدير مركز التحليل السياسي في معهد "هدسون"، ريتشارد وايتز، أنه "من الصعب استشراف السياسة التي سيتبعها ترامب مع إيران، بسبب مواقفه المتضاربة. فمن ناحية اقترح أن تهاجم إسرائيل برنامج إيران النووي، ومن ناحية أخرى قال في الماضي إنه يرغب في التوصل إلى اتفاق جديد مع طهران".
عن التطبيع و"صفقة القرن".. سياسة ترامب في الشرق الأوسط حرب غزة والعمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان، والملف الإيراني. ملفات عدة ستكون على أجندة السياسة الخارجية لدونالد ترامب بعد إعادة انتخابه رئيسا.لكن على الأرجح، يرى وايتز في حديثه لموقع "الحرة"، "أننا سنشهد تنفيذا أكثر شمولية وصرامة للعقوبات، مثل تلك التي تستهدف شراء النفط الإيراني"، وهو ما يرجحه أيضا آراش عزيزي، المحاضر في التاريخ والعلوم السياسية في جامعة كليمسون.
ويعتبر عزيزي، وهو مؤلف كتاب "القائد الظل: سليماني والولايات المتحدة وطموحات إيران العالمية"، في حديثه لموقع "الحرة"، أن "لدى ترامب تناقض في سياسته تجاه إيران".
ويقول إنه "من جهة، يريد إبرام صفقة مع إيران تجعل المنطقة أكثر سلاما، وقد صرّح بذلك، لكنه أيضا قريب من الحكومة الإسرائيلية التي تشن حاليا حربا في المنطقة".
"مع دبلوماسية بارعة قد يتمكن من الوصول إلى هدف يرضي الطرفين، على الأقل في الوقت الحالي"، ومع ذلك يتابع عزيزي أن الرئيس الأميركي المنتخب "لم يُظهر براعة دبلوماسية في الماضي، فيما يحيط به أشخاص يحملون مشاعر عدائية قوية تجاه إيران".
ورغم أنهم قد يتمكنون في النهاية من الوصول إلى نوع من الاتفاق مع طهران، خاصة بالنظر إلى مدى حاجة الإيرانيين لذلك، فإن الطريق سيكون وعرا للوصول إلى هناك، وفق المحاضر في جامعة كليمسون.
ويضيف أن استشراف المتوقع يبقى رهنا بكيف سترد إيران؟، ويعتقد أن الإيرانيين "سيكونون متحمسين لإبرام صفقة مع ترامب.. لكن الأمر يتعلق بمن يبادر أولا، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدا".
"مفتاح مؤثر"خلال الحملة الانتخابية، أشار ترامب، من دون تقديم أدلة، إلى أن إيران متورطة في محاولات اغتيال حديثة استهدفته، وهدد بتدمير البلاد "إلى أشلاء".
ومع ذلك، قال أيضا خلال حملته إنه منفتح على إجراء محادثات مع إيران، بما في ذلك الملف النووي.
ويعتبر الباحث الأميركي والكاتب في مجلة "ذا إنترست"، ألكسندر لانغلويس، أنه "من الصعب تحديد المسار الذي سيتبعه ترامب" في الملف الإيراني، كما هو الحال مع العديد من سياساته السابقة.
لكن على الأرجح، حسب قول لانغلويس لموقع "الحرة"، أن يعيد الرئيس الأميركي المنتخب إطلاق حملته "للضغط الأقصى" على إيران، خاصة في ظل الحرب الإقليمية المستمرة بينها وبين إسرائيل.
هاريس أم ترامب.. من الأفضل لمواجهة الصين وإيران وروسيا؟ تفضِّلُ روسيا فوز دونالد ترامب، على عكس إيران التي ترى فرصةً ذهبية في فوز كامالا هاريس. ويتطلع الناتو للعمل مع هاريس لا مع ترامب. والصين الصامتة تنتظر رئيساً متساهلاً في منافستها لأميركا. فمن منَ المرشحَيَّن سيجدد القيادة الأميركية في عالم غارق بالأزمات، فيما تنتظر دوله من سيّد البيت الأبيض أن يحقق مصالحها لا مصلحة الولايات المتحدة.وتقول شبكة "سي إن إن" الأميركية في تقرير لها، الأربعاء، إن ترامب "كان قد فشل سابقا في احتواء نفوذ طهران بالشرق الأوسط، على الرغم من انسحابه من الاتفاق النووي لعام 2015، للحد من البرنامج النووي الإيراني وإعادة فرض العقوبات عليها".
ولم يتغير الحال كثيرا رغم إصداره في 2020 أمرا باغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، حسب الشبكة الأميركية.
وبناء على التطورات التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، تقول وكالة "رويترز" إن القلق الرئيسي بالنسبة لإيران الآن هو "إمكانية تمكين ترامب لنتانياهو من ضرب المواقع النووية الإيرانية، وتنفيذ اغتيالات وإعادة فرض سياسة الضغط الأقصى".
ونقلت الوكالة عن مسؤولين إيرانيين وعرب وغربيين توقعاتهم بأن يمارس ترامب "أقصى قدر من الضغط على المرشد الإيراني علي خامنئي، للاستسلام من خلال قبول اتفاق احتواء نووي، بشروط يحددها هو وإسرائيل".
ويرى الباحث لانغلويس أن "العامل المرتبط بشخصية ودور الأفراد الذين سيديرون وزارتي الخارجية والدفاع، سيكون مفتاحا له تأثير كبير على ترامب".
ومع ذلك، هناك نقطة مهمة يجب ملاحظتها، حسب الباحث، تتعلق بسؤال: إلى أي مدى سيسمح ترامب بأن تصل حملة الضغط المتوقعة هذه.
من ناحية أخرى، يعتقد لانغلويس أنه يبدو أن لدى ترامب "تفويض بإنهاء الحروب وليس توسيعها، كما أن الجمهور الأميركي بشكل عام يعارض حربا أخرى في الشرق الأوسط".
لكن ما سبق قد لا يكون شيئا ثابتا، خاصة عند النظر إلى مجريات الميدان، إذ يتوقع الباحث الأميركي أن "نشهد وضعا تستمر فيه إيران وإسرائيل بتبادل الضربات بشكل متزايد، مما قد يدفع إدارة ترامب إلى حافة صراع إقليمي أسوأ. وما إذا كان ترامب سيتوقف عند تلك النقطة يبقى غير معروف".
من جانبه، يقول علي فايز، مدير "مشروع إيران" في مجموعة الأزمات الدولية، المستشار الكبير لديها، إن "إيران تبدو هشة في حين أن التهديدات ضدها هائلة"، مضيفا أن خامنئي البالغ من العمر 86 عاما، "لديه نطاق محدود للتعامل مع جميع الأزمات التي تحدث في نفس الوقت".
وفي حين يتأرجح الشرق الأوسط على شفا حرب أوسع نطاقا، مع تهديد إيران بالرد على هجوم إسرائيلي على أراضيها هذا الشهر، فإن هناك مخاوف من أن انتخاب ترامب قد يمكّن نتانياهو من ضرب المنشآت النووية الإيرانية، وهو الأمر الذي حذرت منه إدارة بايدن، حسب "سي إن إن".
ويضيف فايز: "هناك سيناريو واحد، وهو أن يطلب ترامب من نتانياهو إنهاء المهمة قبل توليه منصبه رسميا، وهذا يعني أننا قد نشهد تصعيدا حادا في التوترات في نوفمبر وديسمبر - حيث تحاول إسرائيل دفع ميزتها لإضعاف إيران و (وما يعرف بـ)محور المقاومة (الميليشيات المسلحة) قبل أن يتولى ترامب منصبه.. ثم يأتي ترامب وينسب الفضل إلى نفسه باعتباره صانع سلام".
وقال المستشار في مجموعة الأزمات الدولية، إن هذا قد يتغير إذا قررت إدارة بايدن "سحب القابس" من قدرة إسرائيل على تصعيد التوترات في الأشهر الأخيرة من ولايتها.
وقد مهدت الولايات المتحدة بالفعل الطريق لذلك، بإرسال خطاب إلى إسرائيل، الشهر الماضي، تحذر فيه من العواقب إذا لم تحسن إسرائيل الوضع الإنساني في غزة، وفقا لحديثه الذي نقلته الشبكة الأميركية.
ماذا عن إسرائيل؟ولا تبدو أي ملامح حتى الآن للشكل الذي سيكون عليه التصعيد القائم ما بين إسرائيل وإيران وأذرعها في المنطقة، وعلى رأسهم حزب الله.
وتواصل إسرائيل حتى الآن التأكيد على هدفها المتعلق بإضعاف حزب الله، وتستمر بإطلاق التهديدات ضد إيران. وكانت قد ضربتها لمرتين، آخرها عبر طائرات اخترقت أجواء العراق وسوريا.
في الداخل والخارج.. ماذا يتوقعون من ترامب؟ قدم دونالد ترامب وعودا كبيرة خلال حملته الانتخابية فيما يتعلق بسياسته الخارجية إذا عاد إلى البيت الأبيض، والآن، أكدت النتائج فوزه بعدد كاف من أصوات مندوبي المجمع الانتخابي ليصبح رئيسا، فما هي أهم أوجه سياسته الخارجية وماذا يتوقع منه العالم؟ويرى تحليل نشرته صحيفة "ذا جيروزليم بوست"، الخميس، أن "سياسات ترامب في كل القضايا المتعلقة بغزة ولبنان وإيران ستكون مختلفة تماما عن سياسات سلفه.. بايدن، وسيرسم مسارا جديدا".
وفي حين أن إدارة بايدن تفتقر الآن إلى القوة اللازمة لدفع إسرائيل إلى تحسين الوضع الإنساني في غزة، من خلال تهديدها بحظر أسلحة، تعتقد الصحيفة أنه "من المفترض أن يدعم ترامب العمل العسكري الإسرائيلي ضد إيران، بما في ذلك قصف منشآتها النووية".
ويقول مدير مركز التحليل السياسي في "هدسون"، ريتشارد وايتز، إن "الحكومتين الإسرائيلية والأميركية ستقومان بتنسيق سياساتيهما" في المرحلة المقبلة بشأن الصراع مع إيران.
ويضيف الباحث لانغلويس، أنه في حال استمرت إسرائيل وإيران في التصعيد، "فقد يضع ذلك إدارة ترامب الجديدة في موقف صعب".
وتقول طهران إنها سترد على الهجوم الإسرائيلي الذي وقع في 25 أكتوبر على أراضيها، مما قد يدفع إسرائيل للرد أيضا.
ويرى الباحث الأميركي أن نتانياهو "يبدو أنه مصمم على التصعيد، مما يجعل السؤال يتمحور حول طبيعة العلاقة بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي".
ويعتقد لانغلويس أن "نتانياهو قد يتمكن من التفوق على ترامب، لكن قدرة الأخير واهتمامه باتخاذ قرارات جريئة ومحفوفة بالمخاطر، واستعداده لاستخدام القوة الأميركية بالكامل لتحقيق مصالحه، يمثلان تحديا بالنسبة للإسرائيليين".
ويعيد الباحث التأكيد على الدور الذي سيلعبه موظفو إدارة ترامب، وهو ما أشار إليه أيضا المستشار في مجموعة الأزمات الدولية، فايز، في حديثه لشبكة "سي إن إن"، مؤكدا على أنه "يجب التمييز بين ترامب وإدارة ترامب".
ويقول فايز إن إحياء نهج "الضغط الأقصى" الذي ينتهجه ترامب قد يقترن بسياسة "الدعم الأقصى" للشعب الإيراني. وهي سياسة محتملة لتغيير النظام، وزعم أن هذا "من شأنه أن يجعل من غير المرجح أن تعود الدولتان إلى طاولة المفاوضات".
ويضيف: "لا أعتقد أن أحدا في فريق الأمن القومي (التابع لترامب) سيشارك في هدف التوصل إلى اتفاق مفيد للطرفين، مع النظام الإيراني".