تغيير منهجي في الدبلوماسية الإيرانية.. كيف يقرأ الخبراء جولة رئيسي الأفريقية؟
تاريخ النشر: 14th, July 2023 GMT
طهران- في دخول على خط الصراع الدولي للنفوذ في أفريقيا، اختتم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي جولة أفريقية شملت كينيا وأوغندا وزيمبابوي، رغم حاجز العقوبات الغربية التي قد تقف عائقا أمام تنفيذ الخطط الإيرانية في هذه القارة.
ويرى أبو الفضل عموئي المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني أن ثمة تغييرا منهجيا حدث في عملية السياسة الخارجية مقارنة بالعقد السابق.
ويوضح -في حديثه للجزيرة نت- أنه في العقد الماضي، سعت إيران إلى حل مشاكل التجارة الخارجية من خلال التفاهم مع الغربيين ورفع العقوبات، لكن النهج المعتمد في الفترة الجديدة هو "تنويع" شركاء الأعمال.
ويتابع أنه في الأشهر 18 الماضية، سافر رئيسي إلى الصين وآسيا الوسطى وأميركا اللاتينية، ومؤخرا إلى 3 دول أفريقية، وركز خلالها على تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية وتسويق البضائع الإيرانية، كما تمت متابعة إمداد طهران باحتياجات الاستيراد من بعض المواد الغذائية والمواد الخام.
الرئيس الايراني يصل الى جمهورية زيمبابوي
وصل رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله السيد ابراهيم رئيسي، ظهر اليوم الخميس الى هراري عاصمة جمهورية زيمبابوي، قادما من كامبالا في المحطة الثالثة والاخيرة من جولته الافريقية. pic.twitter.com/ouNZegISTj
— وكالة أنباء فارس (@arabicfarsnews) July 13, 2023
اهتمام مضاعفوعن العلاقة مع أفريقيا، يقول عموئي إن أفريقيا كانت محور اهتمام إيران في الماضي بسبب الحركات المناهضة للاستعمار، ولكن نظرا لنهج تنويع شركاء الأعمال لإيران -الفترة الأخيرة- فقد حظيت باهتمام مضاعف في حكومة رئيسي.
وأشار المتحدث باسم لجنة الأمن القومي إلى أنه رغم نظام العقوبات الأميركية الأحادي الجانب ضد إيران، فإن هذا النهج الجديد زاد من حجم التجارة الخارجية الإيرانية، لافتا إلى أن حجم التجارة الخارجية غير النفطية تجاوز العام الماضي 100 مليار دولار لأول مرة.
ويضيف أنه يمكن تحليل العلاقات الثنائية بين إيران والسعودية وتعزيز العلاقات مع دول جنوب الخليج، وكذلك المحادثات الأولية لتعزيز العلاقات مع مصر، في ظل النهج جديد لسياسة إيران لتحقيق التوازن في السياسة الخارجية وتعزيز العلاقات مع الدول غير الغربية.
ولفت إلى أن إيران تنظر إلى أفريقيا على أنها "قارة الفرص المستقبلية" ورغم العلاقات السياسية الجيدة مع العديد من هذه الدول، فإن إيران لديها حصة صغيرة من تجارتها البالغة 1200 مليار دولار، وتخطط الآن لاتخاذ خطوات لتكون حاضرة في هذا السوق المتنامي.
المانع الغربيمن جانبه آخر، يستبعد الدبلوماسي الإيراني السابق أبو القاسم دلفي أن تأتي هذه الزيارات بنتائج ملموسة، مرجعا ذلك إلى العقوبات الغربية المفروضة على بلاده.
ويوضح دلفي -في حديثه للجزيرة نت- أن العلاقات الاقتصادية تستوجب وجود نظام تبادل مصرفي فعال، مضيفا أن المقايضة مفعولها محدود ولا يمكن الاتكاء عليها في كل الأعمال التجارية.
وفي السياق، يشير إلى ما يسميه التغلغل الغربي في أفريقيا، معتبرا أنه قد يكون مانعا للنفوذ الإيراني في تلك المنطقة، وبنفس الوقت سيعزز الحضور الصيني والهندي والروسي بأفريقيا مساعي إيران في هذا الاتجاه.
ومن جهته، يقول المحلل السياسي محمد رضا مرادي للجزيرة نت أن روسيا والصين ترحبان بالحضور الإيراني في أفريقيا لأن الخطوات الإيرانية لا يمكن أن تتعارض مع المصالح الصينية والروسية.
ويضيف مرادي أنه إذا كانت هناك سياسة إيرانية مدروسة وتخطيط طويل الأمد، فستشهد إيران مستقبلا نتيجة هذه الجولات، لكن شرط ألا تكون مجرد زيارات عابرة، ويجب الاستثمار على المستوى الاقتصادي والثقافي والسفارات، حسب قوله.
ويتابع "(العدو الأكبر لإيران) إسرائيل لديها استثمارات ثقافية واقتصادية وعسكرية في أفريقيا، وبدأت بإنشاء مقرات في شرق أفريقيا. ومن جانب آخر، أفريقيا مطلة على قناة السويس ومضيق باب المندب الذي يحدد حياة أو ممات إسرائيل البحري، وهذا مهم للغاية لنا وخاصة أن الجانب الآخر من المضيق هو اليمن، وإيران لديها مصالح هناك. إذن هناك ضرورة أمنية للحضور الإيراني في أفريقيا".
????الرئيس الايراني: أفريقيا أرض الفرص ولا ينبغي إهمالها
الرئيس بعد عودته من رحلة إقليمية إلى إفريقيا:
ارتباطنا بالقارة الأفريقية مهم ، مثل الارتباط بدول القارة الآسيوية وأجزاء أخرى من العالم.
لا ينبغي إهمال الارتباط بهذه القارة التي هي أرض الفرص.#يوميات_إيران pic.twitter.com/Bo9vVjgMxU
— يوميات إيران ???????? (@Irantoday_1979) July 14, 2023
الملعب الجديدويصف المحلل السياسي هذه الجولة الأفريقية للرئيس الإيراني بـ "المهمة والمصيرية" ويرجع ذلك إلى أن أفريقيا قارة الفرص على جميع الأصعدة، وهي الساحة الجديدة لصراعات النفوذ الدولية.
ويضيف أن البلدان التي تسعى للعب دور دولي تستثمر في نفوذها في أفريقيا، وإيران أيضا انطلاقا من هذا المبدأ بدأت بالتوجه نحو هذه القارة، الملعب الدولي الجديد، وتريد أن تقوم بتنشيط الإمكانيات، بعد أن كانت هذه القارة منسية ومهمشة في سياسة طهران الخارجية.
وردا عما دفع بطهران إلى التوجه الأفريقي بهذا التوقيت، يرى مرادي أن إيران اتخذت نهجا جديدا منذ أشهر وهو الحوار مع الدول التي تشكل شيئا من التنافس معها، والاتفاق التي وقعته طهران والرياض في بكين يمثل قمة هذه السياسة الجديدة. بعبارة أخرى، اعتمدت إيران سياسة إحياء العلاقات وتعميقها مع دول المنطقة، وفي ظل اتفاق بكين شهدت الدبلوماسية الإيرانية تحولات ومنها التطور في المباحثات المصرية بعد انقطاع 4 عقود.
ويتابع أن السعودية ومصر لهما نفوذ كبير بأفريقيا، وإذا كانت إيران تريد التوجه نحو هذه القارة الفترة السابقة فلا شك أنها ستواجه مانعا كبيرا باسم السعودية ومصر، لكن عندما تتم إزالة هذه الموانع من الطبيعي أن تخطو إيران بهذا الاتجاه الذي أصبح طريقه مفتوحا.
ويؤكد مرادي أن الغرب يحاول أن تبقى إيران معزولة عن العالم، ولذلك فإن تحركات طهران الحالية تعتبر محاولة لكسر هذه العزلة، وهذه الزيارات إلى أفريقيا والعالم العربي وأميركا اللاتينية تحمل رسائل مبطنة إلى الغرب بأنهم فشلوا في عزل طهران.
وقد أثمرت جولة رئيسي الأفريقية -التي تعد الأولى لرئيس إيراني منذ 11 عاما- عن توقيع 21 اتفاقية ومذكرة تعاون مع الدول الثلاث التي شملتها الجولة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی أفریقیا إلى أن
إقرأ أيضاً:
طهران تحذّر تركيا: لن تصمت أمام المبالغات!
طالب “علي أكبر ولايتي” مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي للشؤون الدولية، “المسؤولين الأتراك بالالتزام بالآداب الدبلوماسية”، مؤكّدا: “ إيران لن تصمت“.
وقال ولايتي: إن “إيران دولة قوية ذات حضارة عريقة تسعى دائمًا إلى تحقيق الأمن والتعاون الإقليمي”، مشددا على “ضرورة تحذير تركيا من أن إيران لن تصمت أمام المبالغات”.
وأضاف: “على بعض المسؤولين الأتراك أن يعلموا أن تكرار الادعاءات غير الواقعية والتدخلية لن يساعد العلاقات الثنائية بأي حال من الأحوال”، مؤكدا أن “التاريخ أثبت أن إيران كانت دائمًا ملتزمة بمبادئها وسوف ترد بشكل مناسب على أي إهانة”.
يأتي ذلك ردا على تصريحات لوزير الخارجية التركي، “هاكان فيدان”، خلال مقابلة متلفزة، “تناول فيها نهج إيران في التعامل مع الصراعات الإقليمية”، ثم استدعت وزارة الخارجية الإيرانية، سفير تركيا لديها على خلفية تصريحات “فيدان”.
وقالت الخارجية الإيرانية، إن “مساعد وزير الخارجية الإيراني مدير إدارة المتوسط وشرق أوروبا محمود حيدري، أشار، خلال لقائه حجابي كرلانقيتش، سفير جمهورية تركيا لدى طهران، إلى تصريحات وزير الخارجية التركي”، مؤكدًا “أن المصالح المشتركة بين البلدين وحساسية الأوضاع بالمنطقة تتطلب تجنب التصريحات غير المناسبة والتحليلات غير الواقعية التي قد تؤدي إلى الخلاف والتوتر في العلاقات الثنائية”.
وحسب وكالة “تسنيم” الإيرانية، أضاف حيدري، أن “استمرار العدوان والتوسع من قبل الكيان الصهيوني يمثل أكبر تهديد لاستقرار وأمن المنطقة”، مشددا على أنه “من المتوقع من الدول الإسلامية الكبرى أن تبذل قصارى جهدها لوقف الجرائم والاعتداءات التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني المظلوم وسائر شعوب المنطقة، بما في ذلك سوريا”.
من جانبه، أكد السفير التركي لدى طهران، على “نهج بلاده في الحفاظ على العلاقات الودية وتوسيعها مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية”، مضيفًا: “نحن أيضًا نؤمن بضرورة تعاون البلدين المهمين، تركيا وإيران، بشكل وثيق لتعزيز العلاقات الثنائية، وتطوير التعاون الإقليمي، ومواجهة التهديدات القائمة”.
عراقجي: إيران لا تشتري أمنها بل تصنعه
أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن بلاده “تعتمد على صناعة أمنها بدلا من شرائه”، وأن “الحفاظ على الاستقلال له ثمن وإيران كانت دائما على استعداد لدفع هذا الثمن”.
وكتب عراقجي في مذكرة في إشارة إلى اللقاء الأخير بين الرئيسي الأمريكي دونالد ترامب وفلاديمير زيلينسكي: “لم يكن الخلاف الأخير في البيت الأبيض بين “ترامب وزيلينسكي” مجرد خلاف عادي لقد كشف هذا الحدث عن تصدعات عميقة تتسع داخل النظام الدولي”.
وأضاف أن “المواجهات التي حدثت في قلب البيت الأبيض تعكس الشكوك الاستراتيجية وحالة عدم اليقين الدبلوماسي والخلافات غير المحلولة داخل معسكر الغرب”.
وأشار إلى أن “حرب أوكرانيا والتطورات الأخيرة منحت روسيا فرصة لإعادة رسم استراتيجياتها بدقة أكبر على مختلف الجبهات”، قائلا: “ومن ناحية أخرى يتوسع التعاون الاستراتيجي بين روسيا والصين، ومن ناحية أخرى يحاول الكرملين تغيير معادلة القوة على المستوى الدولي من خلال تعزيز علاقاته مع الدول النامية”.
وذكر أن “زيادة التفاعلات الاقتصادية مع دول مجموعة بريكس وتوسيع التعاون الأمني مع الشركاء الإقليميين والجهود الرامية إلى تقليل الاعتماد على النظام المالي الغربي تعكس النهج الذي اتخذته موسكو تجاه التطورات العالمية”.