طالب الجنرال الإسرائيلي السابق أودي ديكل، والذي رأس فريق التفاوض مع الفلسطينيين في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت في عملية أنابوليس 2007-2008، حكومة الاحتلال بأن تتخلى عن تصلبها ورفضها للضغوط الأمريكية والأوروبية والعربية التي تريد منح السلطة الفلسطينية السيطرة على قطاع غزة بعد الحرب على "حماس".

وبدلا من التصلب، يقترح ديكل، في مقال نشره "معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي"، على تل أبيب أن تتبنى نهجا إيجابيا يركز على الشروط الضرورية لقيام السلطة الفلسطينية في شكل جديد "يخدم أمن إسرائيل"، وحينها يمكن لها تولي الأمور في غزة.

وتعارض الحكومة الإسرائيلية بشدة موقف الولايات المتحدة، والمجتمع الدولي، والدول العربية البراجماتية، التي ترى في السلطة الفلسطينية التي أعيد تنشيطها العنصر الوحيد القادر على حكم قطاع غزة بعد هزيمة حكومة "حماس".

اقرأ أيضاً

الاتحاد الأوروبي يعتمد 130 مليون دولار مساعدات للسلطة الفلسطينية

تداعيات رفض إسرائيل للسلطة الفلسطينية في غزة

ويقول الكاتب إن اعتراض إسرائيل سيكون له 3 تداعيات محتملة:

أولا: قد تضطر إسرائيل إلى حكم قطاع غزة، ما يعني إعادة احتلاله عسكريا بالكامل.

ثانيا: ترك القطاع للفوضى والتي ستؤدي إلى عودة نمو "حماس".

ثالثا: قد تفرض الولايات المتحدة والمجتمع الدولي على إسرائيل واقع استعادة سيطرة السلطة الفلسطينية على قطاع غزة.

ولذلك، يرى ديكل أنه على الحكومة الإسرائيلية "أن تتصرف بحكمة"، وأن تقدم متطلبات واضحة للإصلاحات في السلطة الفلسطينية، وبالتزامن مع ذلك، أن تهيئ الظروف لتهيئة آليات حكومية منقحة في قطاع غزة تكون قادرة على الاندماج في السلطة الفلسطينية في المستقبل.

اقرأ أيضاً

واشنطن تحث عباس على إجراء إصلاحات في السلطة لإدارة غزة بعد الحرب

ماذا تريد إسرائيل؟

ويقول الكاتب إنه رغم أن الحكومة الإسرائيلية أحجمت عن تقديم رؤيتها علناً لقطاع غزة في "اليوم التالي" لانتهاء الحرب، إلا أنه من الممكن تحديد النقاط الرئيسية في الخطوط العريضة التالية:

إزالة القدرات الحكومية لـ"حماس" في المنطقة. إنشاء كيان حكومي "معدل" غير متطرف ولا يدعم الإرهاب في قطاع غزة؛ على حد قول الكاتب. تحويل غزة إلى مكان لا يشكل تهديدا أمنيا لإسرائيل. منح إسرائيل حرية العمل العسكري في القطاع، لعرقلة نمو "حماس" وأي فصيل مقاوم آخر. دعم الآليات المحلية التي يمكن أن تشكل "خطاباً" حكومياً بديلاً، بحيث لا تكون إسرائيل نفسها مسؤولة عن حياة سكان غزة.

وتشير البنود السابقة بوضوح إلى أن إسرائيل لا تريد عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، حيث تراها فاسدة وداعمة للإرهاب، كما يقول، وأن سيطرتها على غزة من شأنها أن تمهد الطريق أمام إعادة نمو حماس واستيلائها في نهاية المطاف على النظام السياسي الفلسطيني.

اقرأ أيضاً

خليفة عباس المحتمل: السلطة الفلسطينية مستعدة لإدارة غزة بعد الحرب 

ويأتي ذلك الرفض، رغم أن إسرائيل لا تزال تعتبر السلطة الفلسطينية عنوانًا أمنيًا وحكوميًا، وشريكًا في التنسيق الأمني، وكيانًا يلبي الاحتياجات المدنية لنحو ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية.

لا بديل حكومي

ومن ناحية أخرى، لم تقدم إسرائيل بديلاً حكومياً قابلاً للتطبيق للإدارة المدنية لقطاع غزة عن ذلك الذي عرضته الولايات المتحدة.

وفي اجتماع للجنة الشؤون الخارجية والدفاع في 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن "القطاع سيكون تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية. بعد الحرب، ستعمل إدارة مدنية في غزة وسيتم إعادة بناء قطاع غزة بقيادة دول الخليج".

ولكن على الرغم من توقعاته، لا توجد دولة عربية، بما في ذلك مصر، على استعداد للمشاركة في إدارة قطاع غزة حتى بعد هزيمة "حماس"، يقول الكاتب.

ويضيف: وكما هو الحال مع الولايات المتحدة، فإن كافة الجهات الفاعلة ذات الصلة في المجتمع الدولي وبين الدول العربية البراجماتية تعترف فقط بالسلطة الفلسطينية باعتبارها الكيان الشرعي الذي يجب أن يتولى مسؤولية قطاع غزة.

اقرأ أيضاً

عباس يجدد رفضه فصل إسرائيل لغزة: القطاع جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية

ماذا يقترح الكاتب؟

ويقترح أودي ديكل أن تطالب إسرائيل بإنشاء هيئة خارجية، بقيادة الولايات المتحدة، تحدد معايير "تنشيط" السلطة الفلسطينية الجديدة وعمل آلياتها، فضلاً عن الإشراف على تنفيذ الأهداف، وهي:

(1) سلطة فلسطينية مستقرة ومسؤولة وفعالة، وغير ملوثة بالفساد.

(2) شروط استمرار عمل السلطة الفلسطينية بعد محمود عباس، بما في ذلك صياغة إجراء منظم لخلافته.

(3) اعتراف السلطة الفلسطينية رسميًا بدولة إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، وكذلك وقف التحريض على العنف والتطرف، والمصادقة على جميع التعهدات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية بموجب اتفاقيات أوسلو، والالتزام بـ تنفيذها.

(4) مركزية احتكار السلطة في أيدي السلطة الفلسطينية، وكذلك استمرار التنسيق الأمني الوثيق مع إسرائيل.

ويمضي الكاتب في تفصيل تلك الرؤية لتكون على النحو التالي

الأمن: ستعلن السلطة الفلسطينية معارضتها الصريحة والواضحة بالقول والممارسة، أي نوع من الكفاح المسلح أو العنيف ضد إسرائيل.

سيتم تطبيق مبدأ "سلطة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد"؛ حيث تقوم السلطة بنزع سلاح أية قوة مسلحة في أراضيها، وسوف تحظر حمل أو حيازة الأسلحة ومصادرة الأسلحة غير القانونية، وستكون الأجهزة الأمنية الموحدة التابعة للسلطة الفلسطينية هي القوة الوحيدة المسلحة بأسلحة الشرطة، وسيحدد المنسق الأمني الأمريكي برنامج التدريب والكفاءة المطلوب من الأجهزة الأمنية.

التعليم ومنع التحريض: تلتزم السلطة الفلسطينية بوضع مناهج محدثة لا تتضمن محتويات معادية لإسرائيل ومعادية لليهود، وتعليم يدعم التعايش؛ علاوة على منع التحريض في وسائل الإعلام والمساجد ووسائل التواصل الاجتماعي.

النظام القضائي: استقلال القضاء مرتكزاً على القانون، والسعي لتحقيق العدالة، وخلق الثقة بين المواطن والحكومة.

الاقتصاد والميزانية: سيتم وضع آلية لمنع توزيع الأموال على "السجناء وأسر الإرهابيين والقضايا الإرهابية".

سيتم دفع الرواتب للموظفين فقط، مع رقابة فعالة لمنع الفساد.

وستكون هناك هيئة قادرة على توقيع اتفاقيات التجارة الحرة، وإصدار العملة المستقلة، وإنشاء نظام جمركي مستقل، وإدارة السياسات النقدية والمالية.

 الأطر الدولية: وضع حد لسلوك السلطة التصادمي وصدامها مع إسرائيل في الآليات والمحافل الدولية، وخاصة من خلال الدعاوى القضائية أمام المحاكم الدولية.

اقرأ أيضاً

خبير: استدعاء السلطة الفلسطينية لغزة "وهم أمريكي" ولا بديل عن التفاوض مع حماس

اختبار في الضفة

وبحسب الكاتب، تتلخص إحدى الأفكار التي تقترحها إسرائيل في وضع السلطة الفلسطينية التي أعيد تنشيطها على المحك، أولاً في الضفة الغربية، للتحقق من قدرتها بالفعل على تنفيذ الإصلاحات.

وفي هذه الحالة، بمجرد تعزيز وظائف السلطة الفلسطينية وفعاليتها، سيتم تكليفها بالمسؤولية عن قطاع غزة. وحتى ذلك الحين، خلال الفترة الانتقالية، ستحتل إسرائيل قطاع غزة.

وفي سيناريو أكثر إيجابية بالنسبة لإسرائيل، قد تتولى قوة إقليمية ودولية مسؤولية مؤقتة عن إدارة الحياة المدنية في المنطقة (نوع من "نظام الوصاية").

ومع ذلك، فإن فرص نجاح هذا السيناريو ضئيلة لأن إسرائيل ستواجه بعد ذلك خطر الغرق في مستنقع غزة مع مرور الوقت.

خطة بديلة بعيدا عن السلطة

والفكرة الثانية هي إطلاق خطة "اليوم التالي" في قطاع غزة دون انتظار استكمال عملية الإصلاح والتجديد للسلطة الفلسطينية.

وبدلاً من التركيز على مواجهة السلطة الفلسطينية باختبار معقد من المرجح أن تفشل فيه، ينبغي لإسرائيل، بالتنسيق مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي والدول العربية البراغماتية، أن تساعد في بناء آليات السيطرة المدنية في قطاع غزة، مع تشجيع نمو آليات الرقابة المحلية – السلطات المحلية والعشائر القيادية، كما يقول الكاتب.

اقرأ أيضاً

نتنياهو عن سيطرة السلطة الفلسطينية على غزة: لن أسمح بأن يكون القطاع بعد الحرب "فتحستان"

علاوة على ذلك، قد يتم تعيين إدارة تكنوقراطية لإدارة قطاع غزة، سوف تشرف على الآليات الأمنية القائمة على أفراد من غزة والذين تم تدريبهم في مصر بتوجيه من المنسق الأمني الأمريكي.

وستعمل الإدارة التكنوقراطية بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، التي ستستمر في العمل كقناة لتحويل الميزانيات الحيوية لاحتياجات قطاع غزة.

وهذا يعني إقامة نظام فلسطيني فيدرالي، يعمل فيه قطاع غزة كمنطقة منفصلة عن الضفة الغربية، على أن يتم التوحيد بعد استكمال الإصلاحات في السلطة الفلسطينية.

المصدر | أودي ديكل / معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السلطة الفلسطينية غزة ما بعد حماس الإدارة الأمريكية محمود عباس حماس فی السلطة الفلسطینیة للسلطة الفلسطینیة الولایات المتحدة الفلسطینیة ا فی قطاع غزة اقرأ أیضا بعد الحرب غزة بعد فی غزة

إقرأ أيضاً:

قيادي في حماس يتحدث عن شكل الحكم في غزة خلال المرحلة القادمة

كشف القيادي في حركة حماس باسم نعيم، عن سعي الحركة لتشكيل حكومة تكنوقراط متفق عليها من الفصائل الفلسطينية لإدارة قطاع غزة.

وقال نعيم في مقابلة مع قناة الأقصى إن "هناك مساعٍ من أجل إنهاء الانقسام، وتكثيف للجهود من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية”.

وأضاف نعيم، “نسعى لتشكيل حكومة تكنوقراط (من خارج الفصائل) متفق عليها من الفصائل الفلسطينية من أجل إدارة المشهد في قطاع غزة”.

وبشأن الاتفاق، قال نعيم إن “المرحلة الأولى مرحلة إنسانية يُفرج بموجبها عن (الأسرى من) الأطفال والنساء وكبار السن”.



وتابع القيادي في حماس، "بعد الأسبوع الأول من الاتفاق، ستنسحب القوات الإسرائيلية من شارع الرشيد في غرب قطاع غزة، وسيتمكن النازحون من العودة إلى شمال القطاع مشيا على الأقدام دون قيد أو تفتيش”.

وأفاد بأنه “سيكون هناك مسح (فحص) إلكتروني للسيارات العائدة إلى شمال القطاع بتنظيم فلسطيني وإشراف قطري”.

وأردف نعيم أنه “في اليوم السابع للاتفاق سيُفتح معبر رفح، (الحدودي مع مصر) للسفر وخروج الجرحى ودخول المساعدات (من الجانب الفلسطيني للمعبر مباشرة)”.

ومرارا، أكدت حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية رفضها ما تتضمنه تقارير إعلامية، خاصة إسرائيلية وأمريكية، عن مخططات لإدارة غزة من جانب أطراف غير فلسطينية.

وصباح الأحد، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى تستمر مرحلته الأولى 42 يوما، يتم خلال التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية.

والأحد، أفرجت سلطات الاحتلال عن 90 أسيرة وأسيرا فلسطينيين، بعد أن أطلقت “حماس” سراح 3 أسيرات “مدنيات” إسرائيليات.



وإجمالا، تحتجز دولة الاحتلال أكثر من 10 آلاف و300 أسير فلسطيني في سجونها، وتقدر حاليا وجود نحو 96 أسيرا إسرائيليا بغزة، فيما أعلنت حماس مقتل عشرات من الأسرى لديها في غارات إسرائيلية عشوائية.

ومن المقرر أن تطلق “حماس” في المرحلة الأولى سراح 33 أسيرا وأسيرة إسرائيليين، مقابل أسرى فلسطينيين يتوقف عددهم على صفة كل أسير إسرائيلي إن كان عسكريا (مقابل 50 أسيرا) أم “مدنيا” (مقابل 30 أسيرا).

وبدعم أمريكي، خلفت الإبادة الإسرائيلية في غزة بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير/ كانون الثاني 2025 أكثر من 157 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • قيادي في حماس يتحدث عن شكل الحكم في غزة خلال المرحلة القادمة
  • رئيس وزراء قطر من دافوس: السلطة الفلسطينية هي من يجب أن يحكم غزة
  • فور نهاية الحرب..قطر: نأمل عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة
  • رئيس الوزراء القطري: نأمل أن نرى عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة وحكومة تعالج المشاكل
  • ‏وزارة الصحة الفلسطينية: مقتل شخص نتيجة قصف إسرائيلي في جنين
  • جيش الاحتلال يتحدث عن موعد عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة
  • كلام خطير.. أدرعي يتحدث عن خطط إسرائيلية جديدة لمواصلة القتال في لبنان!
  • البرغوثي أبرزهم.. أسماء فلسطينية ترفض إسرائيل الإفراج عنهم ضمن صفقة تحرير الأسرى
  • خبير إسرائيلي: على إسرائيل أن تتعلم من فشلها في الحسم مع حماس وحزب الله
  • ماكرون يؤكد للرئيس الفلسطيني على أهمية عودة إدارة فلسطينية لحكم غزة