نوافذ :أن تعيش كمالا وهميا
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
[email protected]
هناك فترة محددة، يقال عنها فترة الشباب، وهي الفترة النزقة في حياة كل إنسان، حيث يأتي الفرد فيها بسلوكيات فيها من الرعونة، والشطط، والتهور، في إطلاق الأحكام، ومع ذلك يسمح لنا فيها بأن نشعر بأننا على درجة كبيرة من المثالية، ولأنه شعور ضمني معنوي، ليس له أساس «مادي» على الواقع، فإن هذه الفترة لا تلبث أن تزول سريعا، وإن آمن البعض بحتمية بقائها واستمرارها عنده مدى الحياة «شعور من الوهم» فهي حالها كحال مختلف الفترات الذي ترافقنا على فترات مختلفة من أعمارنا، حيث تظل فترة الشباب من أكثر الفترات غنى بكل هذه التموضعات النفسية التي تتلاشى شيئا فشيئا مع تراكم تجربة الحياة عند كل إنسان؛ بلا استثناء، والاستثناء الوحيد الذي لا يفرط في كثير منها هو عندما يتلبس أحدنا الوهم، وما أدراك ما الوهم.
ويأتي الشعور بالمثالية عندما تطغى النرجسية على الشخصية الإنسانية، وهي القاتلة بلا شك؛ قاتلة، لأنها لا تترك مجالا لكثير من القيم الإنسانية، حيث تزج بصاحبها في متون تضخم الذات، والشعور بالفوقية الزائفة، وأصفها بالزائفة لأنه ليس هناك شخص يفوق شخصا، في أي شأن من شؤون الحياة، نعم؛ هناك مسافة أفقية، نسبية بين الأشخاص، هذه المسافة هي التي ترى فلان من الناس متفوق في أمر ما على آخرين، وهذا التفوق إن حدث فهو ليس علوا على الآخرين، وإنما في المستوى الأفقي ذاته، ويقاس بالنسبية الأفقية فقط، وليس بالنسبية العمودية، ولذلك أتصور من وجهة نظر شخصية أن من ينتقد طبيبا لا بد أن يكون طبيبا هو الآخر، وليس من المقبول مطلقا أن تنتقد طبيبا وأنت لم تدخل كلية الطب، وتعرف حقيقته، ويصدق هذا على جميع التخصصات، والمقاربة ذاتها تذهب عندما نرى فلان من الناس يوصف بالكرم -والكرم هنا حالة شائعة عند الجميع- فليس هو الكريم المطلق ليكون فوق الجميع، ولكنه يتميز بكرم نسبي، وهذه النسبية بقدر ما ترتفع في مؤشر الكرم في لحظة زمنية ما عند شخص ما، فهي تنخفض في لحظة زمنية أخرى عند ذات الشخص، لأن هناك شخصا آخر حقق نسبة أعلى، ومعنى هذا أن ليس هناك كمال مطلق، ومن يشعر نفسه بذلك فهو واهم، وعليه أن يبحث عن علاج لأوهامه.
عندما نستقرئ الواقع نجد أن هذه الصور تتكرر في كل شأن من شؤون الحياة، ولأن الحياة شأن عام، يمتلكه الجميع، فبذلك يظل الجميع عند هذا المستوى النسبي، فليس هناك تفوق بالمطلق، وليس هناك تميز بالمطلق، وليس هناك أفضيلة بالمطلق، وليس هناك إنجاز بالمطلق، فقد خبر الناس كل مشروعات الحياة اليومية على امتداد تاريخهم الإنساني، ولم يبق شيء بكر، لم تمر عليه اشتغالات الإنسان، وبالتالي فالذين يغالون في هذا الجانب، ويحملون أنفسهم فوق ما لا تطيق، يبقى من الجيد مراجعة هذه النفس، ومصارحتها، فلن تأتي بشيء لم يأت به الأُوَلُ، نعم، فطر الإنسان على البحث عن التميز، وهذا حق مشروع له، ومعاتب إن لم يسع إلى تحقيقه، إن هو يملك أدواته، ولكن هذا الحق محكوما بإطار قيمي لا يتعدى إلى الآخر، وبإطار زمني «العمر» وكما قال أحدهم: «عمر الشبيبة يبدي عذر صاحبه فما بال شيبة يستهويه شيطان» وكلا الإطارين متلازمين منذ النشأة الأولى، وحتى مغادرة هذه الحياة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: لیس هناک
إقرأ أيضاً:
أبو الحسن: مُستشار خامنئي جاء إلى لبنان بصفة المُتدخل وليس كوسيط
اعتبر أمين سرّ كتلة "اللقاء الديمقراطي" هادي أبو الحسن أن "كبير مستشاري المرشد الإيراني علي لاريجاني لم يأتِ إلى لبنان بصفة الوسيط بل بصفة المتدخل"، مشدداً على ضرورة وقف التدخلات في شؤون لبنان الداخلية والاستثمار بالشعب اللبناني.وفي حديثٍ عبر قناة الـ"LBCI"، رأى أبو الحسن أن المُسايرة لم تعد تنفع وأنه آن الاوان لاعلاء المصلحة الوطنية لأن لبنان امام مفترق طرق، لافتاً إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يفاوض باسم مكون أساسي يتعرض للقتل ويجب أن نترك له هامشاً، وأضاف: "موقف الدولة مقبول بشأن التدخل الايراني، ورويداً رويداً نستعيد سيادتنا وما حصل في المطار مؤشر جيد".
وقال: "لدينا عدو واحد وهو إسرائيل ولا أقول إن إيران عدو فكل دولة تجمعنا بها علاقات دبلوماسية هي صديقة. فعلياً، فإن فرنسا والولايات المتحدة وسطاء أما إيران فلا تتدخل كوسيط بل كشريك وهي تريد ضمان دورها في المنطقة والساحات".
وشدد على أنه "علينا أن نحافظ على حدودنا كاملة وعلى وحدتنا الوطنية وآن الأوان كي يرتاح كل الشعب اللبناني".
وتوجه ابو الحسن الى حزب الله بالقول: "فلنطبّق القرار 1701 من دون أي اجتزاء ومعاً نستطيع ان نبني لبنان الجديد ولا أتمنى أن يدفع لبنان أو أي فريق فيه الثمن".
وأكد أن "الطائف في توازناته يعطي الفرصة للجميع لأن يكون له وجود قوي وليس صحيحاً أن العودة الى كنف الدولة تضعف أي فريق".
وعن المسودة الأميركية الخاصة باتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل والتي وصلت الى بري، اشار ابو الحسن الى أنها "ترتكز على الـ1701 مع لجنة متابعة، والأميركي اقترح إدخال ألمانيا وبريطانيا فيها وبري رفض هذا الامر".
كذلك، شدّد أبو الحسن على أنه "لا يجب أن يغفل لبنان خلال المفاوضات موضوع اعادة الاعمار"، وأضاف: "لا بد من تأسيس صندوق دولي لدعمه وليس أن تدعمه دولة واحدة ترتهن قراره". وفي موضوع شاحنات الاسلحة التي تدخل بعض القرى، لفت الى أنه وضع بعهدة الجيش، مشيرا الى ان "هذا السلاح يأتي الى خطوط المواجهة وأن الاهالي لديهم خشية نتيجة الاستهدافات الاسرائيلية، داعياً الجميع الى الهدوء.