موقع النيلين:
2025-04-26@22:22:25 GMT

كاتب إماراتي: ضجة المصلحة

تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT


للمصالح لغة إذا اختلفت أحدثت ضجةً وصحبها صخبٌ يسمع دويه القاصي والداني. المصالح وحدها تمسك بخناق العالم بلا استثناء، لذا تم إسقاط القيم والمبادئ الأخلاقية من وسط عِقْدِها. وتمت الاستعاضة في السياسة بـ «الميكيافيلية»، أي «الغاية تبرر الوسيلة»، وفي التجارة بـ «ميزان الربح والخسارة»، أما في العلاقات الدولية فليست هناك صداقة مستدامة ولا عداوة ممتدة، ولا خصومة دائمة، وإنما مصالح مستمرة.

عندما تفوح من السياسة رائحة الأخلاق الطيبة، فهي تعرَّف هكذا: «السياسة هي صلاح الموجودات، وعلى الحاكم أن يتحلى بحسن المناقب والخصال، وخير مناقب الإنسان العقل، وأفضل خصاله العدل، وخاصية العقل صحة التمييز ومعرفة الحقائق، والسيرة العادلة وحسن الاختيار».

والواقع أن بعض المعاني الجديدة للسياسة إنما تنطبق على العالم الغربي بشكل خاص، وذلك لاختلاف منظومة القيم التي تحكم السلوك في أروقة حياة المجتمعات. أما الوضع في العالم العربي والإسلامي، فلا أقول بأنه مليء بشحنات المبادئ والمُثل، ولكنه خليط من هذا وذاك. وهو واقع يحكم على مدى قربهم وبعدهم عن الإسلام وقيمه وشرائعه. والإشكالية هنا أنه عندما تسعى بعض الدول في العالمين العربي والإسلامي لتقليد نهج الغرب في إدارة شؤونها وعلاقاتها البينية، فقد تقع في قلب الصراع مع ذاتها، خاصة إذا لم تستطع ترويج قيمها للآخر المختلف.

لقد أدركتُ ذلك على نحو أكثر وضوحاً خلال فترة وجودي في بريطانيا حيث كنت أسافر نحو كثير من الدول الأوروبية، وقد تعرَّفتُ على قيمها المؤسسية وليست الفردية، وذلك من خلال التعامل مع الجامعات والسفارات والبنوك وبقية أوجه الحياة اليومية لهذه الدول.
والواقع أن القيم والمبادئ في عالمنا المعاصر عموماً قيمٌ ومبادئ فردية، وقد لا تعبّر لوائح وقوانين المؤسسات عن ذلك الأمر بدقة، بل قد يحدث التعسف والإذعان أثناء التطبيق إلى درجة قد يبدو فيها الأمرُ مخالفاً لروح القواعد والمبادئ.
بعدما عمّت المصلحة وحلت محل القيم الإنسانية، طغت التناقضات على سلوك الدول وأخذت الازدواجية تطل برأسها، أما الأفراد فقد تُرِكوا لممارسة ما يحلو لهم وفقاً لمبدأ «الحرية» غير المسؤولة. وهنا ضاعت «المسؤولية المجتمعية» وتاهت في صحراء الفوضى التي يراد لها التحكم في سير المجتمعات.

وكذلك الأمر بالنسبة للمصلحة الخالية من القيم الرفيعة، إذ يكون خيطها أرفع من خيط العنكبوت، تترنح يمنة ويسرة طوال الوقت، وقد يحدث فجأة أن ينقطع هذا الخيط الدقيق من دون معرفة السبب، وأحياناً يكون السؤال عن ذلك أمراً محرجاً وصعباً.
وفي بعض الأحيان تنقلب المصالح رأساً على عقب بين الدول، بل من اليمين إلى اليسار، والانتقال من دولة صديقة إلى دولة كانت تعشعش في خانة العداء والخصومة لعقود، لكن سرعان ما تحل المودة (المصالح) مكان الجفوة الصلبة.

هذا الأمر مفهوم على مستوى الدول والحكومات التي حيدت منظومة القيم عن طريق تحقيق مصالحها الوطنية. أما على مستوى الشعوب والأفراد، فإن معظمهم يريدون سماع صوت القيم والأخلاق الراقية لأن صداها يخترق مصالح الدول، أما المصلحة المجردة من أي قيمة مضافة فصوتها خافت ولا يُسمع إلا همساً في وسائل الإعلام التقليدية بالخصوص.

د. عبدالله العوضي – صحيفة الاتحاد

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

كاتب عالمي يزور جناح وزارة الثقافة بـ«معرض تونس الدولي للكتاب»

في إطار فعاليات الدورة 39 لمعرض تونس الدولي للكتاب، حلّ الكاتب الليبي العالمي إبراهيم الكوني ضيفاً على جناح وزارة الثقافة والتنمية المعرفية بحكومة الوحدة الوطنية، حيث كان في استقباله مدير مكتب الإعلام والتواصل ورئيس قسم المعارض بإدارة الكتاب والنشر.

وتأتي زيارة الكوني، “أحد أبرز رموز الأدب الليبي والعربي والعالمي، إلى جناح الوزارة ضمن برنامج تكريمه كـضيف شرف الدورة الحالية للمعرض، حيث حظي بحفاوة خاصة من قبل زوار المعرض ووسائل الإعلام، تقديراً لمسيرته الأدبية الزاخرة بالعطاء والإبداع”.

وفي لفتة “تعكس عمق الاحترام والتقدير، قام الرئيس التونسي قيس سعيد بتجديد زيارته لجناح وزارة الثقافة والتنمية المعرفية، تزامنًا مع تواجد الكوني، في إشارة رمزية إلى أهمية هذا الحدث الثقافي وحضور أحد رموز الفكر الإنساني في الوطن العربي، حيث تبادل الرئيس الحديث مع الكوني وعدد من القائمين على الجناح، معبرًا عن إعجابه بما يقدمه الكوني للادب العالمي، كما تؤكد مكانة الكوني كأيقونة أدبية تمثل ليبيا في المحافل العالمية”.

مقالات مشابهة

  • وفد إماراتي يبحث في المغرب تعزيز التعاون في مواجهة غسل الأموال
  • كاتب أميركي: ترامب يدمر 100 عام من الميزة التنافسية الأميركية في 100 يوم
  • مختصون: وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين.. وتنظيمها ضرورة لحفظ القيم
  • أمين البحوث الإسلامية: حماية الأوطان مرتبطة بصناعة أجيال تحفظ القيم وتتمسك بالعلم
  • كاتب عالمي يزور جناح وزارة الثقافة بـ«معرض تونس الدولي للكتاب»
  • ليلى طاهر تنفي لـ"البوابة نيوز" خبر وفاتها: أنا سعيدة بالإشاعة
  • نهيان بن مبارك: القيم الإنسانية عناصر محورية في توجيه الذكاء الاصطناعي
  • إغلاق أكبر مركز إسلامي في إيرلندا بضغط إماراتي.. والمصلون غاضبون
  • السيسي: التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي تحتم تكثيف التعاون بين الدول العربية
  • كاتب بريطاني يشيد بموقف البابا فرنسيس إزاء غزة.. منحنا قيادة أخلاقية