شفق نيوز/ دعا "منتدى الشرق الاوسط" الامريكي الولايات المتحدة إلى حماية تجربتي الحكم الذاتي للكورد في العراق وسوريا، حيث تتعرض المنطقتان الى تهديدات متزايدة خصوصا جانب القوى الاقليمية، وخصوصا ايران وتركيا، والى تهديدات داخلية تفرضها حكومتا بغداد ودمشق. 

وبعدما أشار التقرير الأمريكي إلى أن واشنطن لعبت أدوارا مركزية في إنشاء المنطقتين الكورديتين في العراق وسوريا، إلا أنه حذر من أن الديناميكيات المتغيرة في كلا البلدين والمنطقة الأوسع قد تجبر الولايات المتحدة على الانخراط بشكل أكبر في الحفاظ على هذه الكيانات الكوردية، لافتة إلى أن منطقتي الحكم الذاتي كانتا واعدتين، لكنهما تعانينان حاليا من أوضاع هشة إلى جانب التحديات الداخلية والخارجية، وبامكان واشنطن مساعدة حلفائها الكورد على حماية مشاريعهم السياسية.

ولفت التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ إلى أنه على عكس اخوانهم في سوريا، فان الكورد في العراق يتمتعون بتاريخ أطول بكثير مع الاستقلال السياسي، حيث ترجع تجربتهم مع الحكم الذاتي الى العام 2003، بل الى العام 1991 بعدما فرض التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، منطقة الحظر الجوي فوق شمال العراق واقام "ملاذات امنة" في اقليم كوردستان.

وتابع بأن الكورد كانوا حصلوا على نوع من الحكم الذاتي ولو بالاسم بعد اتفاق العام 1970 بين الكورد والنظام البعثي للرئيس آنذاك أحمد حسن البكر.

لكن التقرير حذر من أن الحكومة المركزية في بغداد تواصل جهودها لتشديد قبضتها على العديد من شؤون الكورد التي كانت حتى وقت قريب مسائل بديهية، بما في ذلك السيطرة على المعابر الحدودية والمطارات والميزانية وعائدات النفط ووضع مجالس المحافظات في اقليم كوردستان.

وتابع التقرير؛ أنه فيما يبدو يبدو أن محاولات بغداد للحد من الحكم الذاتي الكوردي في الشمال تصاعدت في الشهور الاخيرة، الا انه اعتبر ان الوضع كان يتخذ منحى متراجع بالنسبة للكورد منذ تشرين الاول/اكتوبر 2017، بعد استفتاء الاستقلال، الذي حظي بتأييد غالبية عظمى من الكورد، لكن الحكومة العراقية اتخذته ذريعة للقيام اجراءات انتقامية ضد اقليم كوردستان.

واضاف التقرير انه رغم ان حق الكورد في منطقة اتحادية واردة في في الدستور العراقي للعام 2005، الا ان الكورد لم يعودوا يشعرون أن مثل هذه المادة في الوثيقة الأكثر أهمية في البلاد يمكن أن تضمن استقلالهم الذاتي، وذلك لان الحكومة العراقية  صارت تخضع بشكل متزايد لسيطرة الجماعات الشيعية الموالية لإيران والتي لديها ميول طائفية وقومية.

واشار التقرير الى انه منذ استفتاء العام 2017، فان الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، والتي يحظى معظمها ايضا بدعم بغداد، سيطرت على المزيد من المساحات فيما يعرف باسم "المناطق المتنازع عليها"، مضيفا ان هذه الميليشيات وانصارها المحليين في مدينة كركوك، رفضوا أمر اصدره رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في سبتمبر/أيلول بإعادة مبنى في المدينة تابع للحزب الديمقراطي الكوردستاني، وهو مسألة تطورت الى اشتباكات عنيفة مع السكان الكورد في المدينة، حيث سقط مدنيون كورد كما ان المحكمة الاتحادية العليا قررت تعليق تنفيذ أمر السوداني. 

الى ذلك، قال التقرير أن تراجع مساحة المناطق التي يسيطر عليها الكورد في الشمال، ترافق مع تقلص دور حكومة اقليم كوردستان بشكل عام في السياسة العراقية، مضيفا أنه منذ العام 2003، كان الكورد لاعبا رئيسيا في تركيبة السياسة الوطنية العراقية، حيث لعب القادة الكورد بالفعل دورا مهما في الحفاظ على العراق كدولة موحدة، خاصة خلال الفترة الدموية بين عامي 2006 و2007 والتي شهدت أعمال عنف طائفية الطابع بين الجماعات السنية والشيعية، فيما كان الكورد هم الذين لعبوا دور الوساطة بين الجانبين، ما أدى في نهاية الامر الى الحؤول دون تفكك العراق، والذي للمفارقات العجيبة إنها النقطة التي يتم اتهام الكورد بأنهم يسعون خلفها. 

وبالاضافة الى ذلك، فقد لعب الكورد دور صناع الملوك بتشكيل الحكومات العراقية منذ العام 2005. وقد اعطى الموقف الموحد بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني والاحزاب الكوردية الاخرى، للكورد نفوذا في المفاوضات المتعلقة بالقضايا الملحة في السياسة الوطنية العراقية وسمح للكورد لاقليم كوردستان بالحفاظ على حكمه الذاتي.

لكن التقرير اعتبر أن الوضع لم يعد كذلك الآن، حيث ان "البيت الكوردي" منقسم حاليا أكثر من اي وقت مضى، مشيرا إلى أن الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة في العام 2006 بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني والتي وحدت الإدارات المختلفة في الاقليم تحت قيادة حكومة الإقليم، أصبحت بلا جدوى خلال السنوات الاخيرة، بسبب وجهات النظر المتفاوتة بشكل متزايد بين الحزبين وظهور قوى سياسية أخرى، وهو ما هز الشرعية التأسيسية لحكومة الاقليم كهيئة حاكمة قوية. 

واشار التقرير الى ان الرسالة التي وجهها رئيس الوزراء في الإقليم مسرور بارزاني الى الرئيس الامريكي بايدن في ايلول/سبتمبر الماضي، ربما تلخص الوضع المزري للكورد، حيث حثه على التدخل في القضايا العالقة بين حكومة الاقليم وبغداد، معربا عن مخاوفه من أنه إذا تركت الازمة دون حل، فإن الإقليم قد ينهار بالكامل. 

الا ان التقرير رأى أن الانقسامات العميقة داخل الأحزاب السياسية في الإقليم، ينبغي ألا يتم النظر إليها بشكل منفصل عن المحاولات التي تبذلها القوى الاقليمية، وخصوصا تركيا وايران، والتي تسعى الى الحد من الحكم الذاتي الكوردي في العراق، ان لم يكن تدميره، حيث أن البلدين كانا يعارضان استفتاء العام 2017، وهما منذ ذلك الوقت يعملان بشكل وثيق احيانا، نحو تفكيك أي احتمال لاقامة دولة كوردية او حتى قيام حكم ذاتي قوي داخل العراق.

الى ذلك، تحدث التقرير عن قيام الحكومة المركزية في بغداد والموالية لإيران بحرمان حكومة الإقليم في الاشهر الاخيرة من العديد من الموارد المالية المهمة، بما في ذلك منع صادراتها النفطية الى تركيا، حيث من غير المرجح ان تشهد المحادثات بين بغداد وحكومة الاقليم حول حصة الاخيرة من الميزانية الوطنية أي اختراقات، مضيفا انه يبدو ان الحكومة العراقية مهتمة فقط بالتوصل الى حلول مؤقتة تهدف الى ابقاء الكورد تحت رحمة بغداد. 

ورأى التقرير؛ أن الخلافات الحادة بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم، تعزى 

الى محاولات إيران وتركيا لتقسيم "البيت الكوردي"، وهي انقسامات أدت الى عدم وجود جبهة كوردية موحدة، ليس فقط في البرلمان العراقي وتشكيل الحكومة العراقية، وانما ايضا في محادثات حكومة الاقليم وبغداد حول القضايا ذات الأهمية الاستراتيجية للاقليم. 

وبعدما أشار التقرير الى الأوراق الخارجية التي تستخدمها ايران وتركيا لممارسة المزيد من الضغوط على الكورد في العراق، اوضح ان الامر بالنسبة لطهران، يتعلق بوجود جماعات المعارضة الكوردية الإيرانية في الإقليم، بينما بالنسبة إلى تركيا، فإن المسألة تتعلق بأنها تستخدم وجود مقاتلي حزب العمال الكوردستاني في منطقة نائية يتعذر الوصول إليها في اقليم كوردستان، كذريعة ليس فقط لتنفيذ هجمات وضربات جوية عبر الحدود، ولكن أيضا لتوسيع وجودها العسكري في الإقليم عبر العشرات من مواقعها العسكرية. 

وتابع التقرير؛ أن مثل هذه الهجمات التركية تقوض شرعية حكومة اقليم كوردستان ككيان وتضر بثقة الكورد المحليين بحكومتهم. 

خاتمة

وخلص التقرير الى القول انه بينما أن الوضع الحالي للحكم الذاتي الكوردي في العراق وسوريا، يبدو قاتما فعليا، إلا أنه لا يزال هناك بارقة من الأمل لهذين الكيانين الموالين لامريكا ليس فقط بامكانية التغلب على هذه الاوضاع الصعبة، وانما ايضا ان لكي يحققا ازدهارا والتحول إلى حلفاء أقوياء للولايات المتحدة على المدى الطويل في هذه المنطقة التي أصبحت أكثر عداء لأمريكا بشكل متزايد. 

واعتبر التقرير الأمريكي ان الكورد في العراق وسوريا، لا يزالون يمتلكون أوراقا سياسية وعسكرية كبيرة بإمكانهم استخدامها للحفاظ على مناطقهم المتمتعة بالحكم الذاتي، الى جانب ان استمرار وجود هاتين المنطقتين الكورديتين، ولو بشكل متفاوت، بفضل التدخل الأمريكي، قد يكون ممكنا ايضا من خلال التزام امريكي قوي ومستمر.

وأوضح التقرير؛ أنه بالنظر إلى للوضع المتردي الحالي للكورد في كلا البلدين، فإن بمقدور الولايات المتحدة ان تمنح الاولوية لأهدافها لمساعدة الكورد على انقاذ مكاسبهم السياسية، اولا، من خلال المضي قدما في هذا المسار المتمثل باستمرار الانخراط العسكري والدبلوماسي الأمريكي في كلا الملفين. واضاف "إن القيام بذلك يمكن أن يكون بمثابة ضمانة للاستقرار على المدى القصير والمتوسط". 

وتابع قائلا ان "الجانب المهم الاخر هو ان تساعد الولايات المتحدة كلا الكيانين الكورديين على تقوية مؤسساتهما الديمقراطية والسماح لأنظمة الحكم التعددية بالازدهار"، مضيفا ان المشاعر المؤيدة لاميركا بين الكورد في العراق وسوريا لا تزال مرتفعة، ولهذا فإنه بمقدور واشنطن ان تستفيد من ذلك للاستثمار بشكل أكبر في ترسيخ الديمقراطية والتنمية الاقتصادية وتطوير القدرات المجتمعية وغيرها من جوانب التنمية التي يمكن أن تكون مفيدة للكورد على المدى الطويل.

وختم بالقول انه برغم ان هاتين المنطقتين تتمتعان بالحكم الذاتي في بلدين مختلفين، إلا أن أعداء أميركا وخصومها، ينظرون إليهما باعتبارهما جزءا من مشروع واحد، وهم عازمون على تدميره، ولهذا فإنه ليس فقط من الصواب بالنسبة للولايات المتحدة ان تحمي هذه الكيانات الكوردية، وانما من مصلحتها ايضا ان تقوم بذلك بالفعل.

ترجمة: وكالة شفق نيوز

المصدر: شفق نيوز

كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي ايران اقليم كوردستان الولايات المتحدة الاميركية الحكومة الاتحادية استفتاء الاستقلال الولایات المتحدة الحکومة العراقیة فی العراق وسوریا اقلیم کوردستان حکومة الاقلیم الحکم الذاتی التقریر الى فی الإقلیم لیس فقط إلى أن

إقرأ أيضاً:

تحليل.. ملف العراق تراجع لدى واشنطن في الفترة الأخيرة لكن مسؤولين صغار تدخلوا - عاجل

بغداد اليوم - أربيل 

قال الاكاديمي وأستاذ الاقتصاد سالار عزيز، اليوم الأربعاء (6 تشرين الثاني 2024)، إن ملف العراق تراجع في الفترة الأخيرة بشكل كبير لدى الولايات المتحدة في فترة ادارة بايدن.

وأوضح عزيز في حديث لـ"بغداد اليوم"، إنه "ربما خلال الأشهر الأخيرة تدخلت الولايات المتحدة في العراق ولكن عبر مسؤولين صغار كالسفراء او قناصل او مسؤولين في الخارجية ولعبوا دور الوساطة مؤخرا بين بغداد واربيل وخاصة بقضية الرواتب والانتخابات والملف النفطي".

وأشار إلى، أنه " في ظل أوضاع  المنطقة فإن  دور الولايات المتحدة وملف الاقليم تراجع لديها، ولكن ربما يتغيير الوضع مع وصول ترامب".

ولفت عزيز إلى أن " الوساطة الامريكية يمكن ان تلعب دورا مهما خاصة في المجال النفطي كون الشركات الامريكية هي المستفيدة من نفط الاقليم بالدرجة الأساس وهي أكبر المستثمرين في هذا الملف".

ودعت الولايات المتحدة، الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، يوم الأربعاء (13 أيلول 2023)، الى الحوار في حلّ خلافاتهما بشأن الموازنة المالية بما يتوافق مع "مصلحة الشعب".

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، في تصريح صحفي تابعته "بغداد اليوم"، "نواصل دعوتنا لأربيل وبغداد لحلّ مشاكلهما حول الموازنة بما يتوافق مع مصلحة العراقيين".

وتأتي دعوة واشنطن مع استمرار الخلافات بين بغداد والإقليم بشأن مستحقات إقليم كردستان بالموازنة العامة للعراق لسنة 2023 ومن ضمنها رواتب موظفي كردستان، رغم الاتفاقات التي توصل لها الجانبان بهذا الشأن والتصويت على مشروع القانون في البرلمان العراقي.

وكشفت شبكة المونيتور الدولية من خلال تقرير نشرته يوم الثلاثاء (12 أيلول 2023)، عن ارسال رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور بارزاني، برقية الى الرئيس الأمريكي جو بايدن، يطلب منه خلالها التدخل "العاجل" لإنقاذ إقليم كردستان مما وصفه بــ "الانهيار النهائي". 

وأعاد التصعيد والتصريحات المتبادلة بين حكومتي بغداد وإقليم كردستان، بشأن الاتفاقات السياسية التي كانت أساسا لتشكيل حكومة محمد شياع السوداني، المخاوف من دخول الطرفين أزمة جديدة، إذ اتهمت حكومة أربيل، بغداد بـ"انتهاك" تلك الاتفاقات، مطالبة بإرسال مستحقاتها المالية، فيما ردت حكومة السوداني بتأكيد إيفائها بالالتزامات.

وكان الكرد قد وضعوا شروطا عدة على تحالف "الإطار التنسيقي" مقابل التصويت لحكومة محمد شياع السوداني، تتعلق بحل المشاكل العالقة بين إقليم كردستان وبغداد، أبرزها حصة الإقليم في الموازنة المالية الاتحادية العراقية.

وتعد الملفات العالقة بين بغداد وأربيل إحدى أبرز المعضلات التي تواجهها الحكومات العراقية المتعاقبة، أبرزها رواتب موظفي إقليم كردستان، والتنسيق الأمني في المناطق المتنازع عليها، والاتفاق على آلية تصدير النفط من حقول الإقليم، وغيرها.

 

مقالات مشابهة

  • تحليل.. ملف العراق تراجع لدى واشنطن في الفترة الأخيرة لكن مسؤولين صغار تدخلوا
  • تحليل.. ملف العراق تراجع لدى واشنطن في الفترة الأخيرة لكن مسؤولين صغار تدخلوا - عاجل
  • تقرير أممي: مرض الكوليرا اجتاح اليمن بشكل غير مسبوق منذُ مطلع 2024
  • السوداني يوجه بصرف تكاليف إنتاج ونقل النفط في حقول الإقليم ويلحق الضرر بالخزينة الاتحادية
  • واشنطن بوست: أميركا تواجه صعوبة في توزيع أنظمة دفاع لحماية حلفائها
  • أكسيوس: واشنطن حذرت بغداد من أن إسرائيل قد تهاجم العراق إذا لم يمنع الهجوم الإيراني
  • أمين التعاون الإسلامي يدعو إلى تدخل دولي عاجل لحماية المدنيين الفلسطينيين
  • شاخوان عبد الله: اتفاق ثلاثي على اعادة حقوق الكورد والتركمان في كركوك
  • بعد خلاف أمريكي-سعودي جديد بشأن اليمن.. الرياض تقدم شرطاً لدخولها بشكل مباشر في معركة الحديدة
  • مفوضية الانتخابات تعلن عن نهاية استقبال الطعون في انتخابات الإقليم