وزير الدفاع: عيوننا ترصد وتتابع تحركات كيان العدو الصهيوني في جميع أنحاء العالم ولدى قواتنا عدة خيارات لمواجهته
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
يمانيون/ صنعاء
أكد وزير الدفاع بحكومة تصريف الأعمال، اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، أن لدى القيادة الثورية والسياسية والعسكرية العليا خيارات عديدة في حال استمر العدوان والحصار والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.وقال الوزير العاطفي، خلال زيارته التفقدية للمنطقة العسكرية الخامسة ولقائه بقادة المحاور والألوية والوحدات العسكرية في المنطقة اليوم: “عيوننا ترصد وتتابع تحركات الكيان في جميع أنحاء العالم”.
وأضاف: “القوات المسلحة اليمنية قد فرضت معادلة جديدة على مستوى المنطقة والعالم بفضل الله وبفضل القيادة الربانية، وبدعم واصطفاف الشعب اليمني، الذي التف حول القيادة وفوّض قائد الأمة تفويضاً مطلقاً لا يوجد له مثيل على مستوى العالم في العصر الحديث؛ لاتخاذ القرارات الحاسمة والرادعة والحكيمة ضد الطغيان المتوحش للكيان الصهيوني، الذي أوغل في سفك دماء إخواننا وأهلنا في غزة، وفي كل فلسطين”.
وأشار إلى أن العدو الصهيوني مركز على قتل الأطفال والنساء والجرحى، ومسنود بقوى الاستكبار العالمي بقيادة واشنطن ولندن وباريس، وكل قوى الشر والأحقاد الصليبية المفرطة في عدائها وحقدها على الأمة.
وأوضح وزير الدفاع بحكومة تصريف الأعمال أنه، وفي معمعات السياسة ومتغيراتها، تنشأ تفاوتات وتباينات إلا في مبدأ السيادة الوطنية لا خلاف ولا اختلاف ولا تباينات.
وتابع: “نحن في اليمن شعباً وقيادة وقوى سياسية وتيارات متفقون على أن السيادة الوطنية بمفهومها الواسع هي السيادة العسكرية والسيادة الأمنية والقرار الوطني والسيادة في الثروة والجغرافية لا تقبل المناورة”.
ومضى بالقول: “ينبغي على القوى الدولية والإقليمية أن تعلم أن الإرادة الوطنية اليمنية أرست دعائم قوية من الاستقلالية، ومن الانتصارات، وأن مرحلة جديدة بقيادة شجاعة تم صياغتها على أيدي اليمنيين الأبطال والمجاهدين لن نكون على وفاق مع حسابات الأعداء والخصوم؛ لأن القرار الوطني المقاوم للهيمنة أصبح صاحب الكلمة وصاحب الترتيبات القادمة، التي توضح أن الانتصار العظيم قد بدأ”.
وأردف قائلاً: “ليكن معلوماً للجميع أن اليمن بموقعها الجيواستراتيجي ظلت محط الأطماع الأجنبية والصهيونية، وهذا يجعلنا دوماً في القوات المسلحة على استعداد دائم لمواجهة مختلف التحديات، التي تفرضها هذه الجغرافية المهمة والجيواستراتيجية”.
وأفاد اللواء العاطفي بأن “الكيان الصهيوني منذ بداية تأسيسه وزراعته في الأراضي الفلسطينية كان من أولوياته، خاصة بعد عام 1967م، أن يكون باب المندب والبحر الأحمر، وعلى الامتداد حتى المحيط الهندي، مسيطراً من قبل من يدعمه، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية ومن يواليه من المطبعين”.
وقال: “في العقود الأخيرة، أصبح مسيطراً، بل إن الكيان كان يعتبر باب المندب والبحر الأحمر جزءًا لا يتجزأ من أمنه القومي؛ لأن الغرب والكيان قد اعتادوا على استباحة الأراضي والمياه والأجواء العربية والإسلامية”.
وأضاف: “السبب في ذلك، أنه بعد عام 1967م كان هناك فراغ في الوطن العربي والمنطقة، وخاصة في نهاية السبعينيات حتى قيام ثورة 21 من سبتمبر المجيدة، فاليمن أصبح اليوم من يملأ هذا الفراغ بقيادة قائد الأمة، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي”.
وأكد وزير الدفاع :أن اليمن اليوم يدافع عن الأمن القومي العربي والإسلامي، وما تقوم به القوات المسلحة اليمنية هو في صالح الدول، التي تعمل على التحرر من هيمنة الكيان الصهيوني وأمريكا على مستوى دول العالم”.
وتابع: “الأعداء خططوا ونفذوا العدوان على اليمن بتحالف أكثر من 17 دولة حتى لا يحصل ما حصل من قبل اليمن في هذه الأيام بالوقوف لنصرة أهلنا في فلسطين، وقصف أهداف حساسة للكيان على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحصار الموانئ للكيان”.
واستطرد قائلاً: “هناك دول لا تستطيع حتى أن تلوح باستخدام القوة؛ لأن الموقف يحتاج إلى قرارات جريئة وإستراتيجية، وقائد الأمة السيد عبدالملك الحوثي هو من يملك الشجاعة والجرأة والقرار المستقل، وبحنكة وحكمة؛ لأن الخوف والتهديد والترهيب والترغيب ليس في حساباته، فهو يعرف الله حق المعرفة، ومن يعرف الله فهو حسبه ونعم الوكيل”.
وذكر اللواء العاطفي أن “المؤامرات كانت كبيرة على القضية الفلسطينية، وعلى الأمة العربية والمنطقة”.. مؤكداً أن “اليمن قيادة وحكومة وشعباً وقوات مسلحة وبالتنسيق مع أحرار الأمة أفشلوا هذه المؤامرات الدنيئة”.
ومضى قائلاً: “حسابات السياسة والتطبيع لن تحل مشكلة الفلسطينيين بل هي بيع للقضية الفلسطينية والفلسطينيين، وحسابات الثورات والمواجهة وتوحيد صف الأمة هي التي ستحل كل المشاكل في المنطقة، بما فيها القضية الفلسطينية”.
وقال: “بالقرارات الشجاعة والجريئة والإستراتيجية، التي وجّه بتنفيذها قائد الأمة، اعتمدت القوات المسلحة اليمنية قواعد اشتباك جديدة مع الكيان الصهيوني، وفرضت معادلة عسكرية يمنية لم يشهدها هذا الكيان الغاصب طوال السبعة العقود الماضية”.
وأضاف: “لأول مرة يفرض حصار بحري على موانئ الكيان الصهيوني بالحديد والنار، وفضل كبير أن يكون على يد القوات المسلحة اليمنية، ومثل هذ العمل العسكري اتخذته القيادة الثورية عن كفاءة وتقدير لكافة نتائجه؛ لأنها رأت همجية وعدوانية ووحشية الصهاينة وآلتهم العسكرية في الإبادة الجماعية والحصار لأهل فلسطين، ولم تجرؤ أي دولة من قبل أن تعمل ذلك”.
واعتبر الوزير العاطفي ما قامت به القوات المسلحة اليمنية بداية لسلسلة من الأعمال والخطوات الإجرائية المساندة والداعمة لنصرة غزة وأهلها.
وجدد التأكيد على أن اليمن أصبح اليوم الرقم الأصعب والمؤثر في أي معادلة، وعلى دول العالم الحر أن تسارع لقيام تحالفات مع الجمهورية اليمنية الفتية للتحرر من الظلم والهيمنة.. وقال: “الخير قادم من اليمن لأن لليمن جذور في المروءة والأخلاق والكرم ونصرة المظلوم”.
وعبّر وزير الدفاع عن الشكر والتقدير لكل فرد وصف وضابط وللقيادة العسكرية المقتدرة في المنطقة العسكرية الخامسة، التي تولت المهام وحققت نجاحات ملموسة في العمل العسكري القتالي، وفي مهام الإعداد والبناء والتدريب والتأهيل، وفي إعلاء قيم الانضباط العسكري.
وقال: “إننا في قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة نولي أهمية خاصة بأوضاع الأبطال في مختلف صنوف وتشكيلات القوات المسلحة معيشياً وتدريباً وتأهيلاً وصحياً، وعلى القادة بذل المزيد من الجهود في بلورة هذه الاهتمامات على صعيد الواقع العملي”.
وكان وزير الدفاع نقل، في مستهل كلمته، لقيادة المنطقة العسكرية الخامسة والقادة وكافة ضباط وصف وجنود المنطقة تحايا وتهاني قائد الثورة، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وتبريكات فخامة المشير الركن مهدي المشاط – رئيس المجلس السياسي الأعلى – القائد الأعلى للقوات المسلحة، وباسم قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان.
وبارك كل جهد بذلوه ويبذلونه في مواقع رباطهم في مواقع الشرف والبطولة وجبهات القتال والمواجهة وهم يدافعون عن الأمة ورسالتها وقيمها الإسلامية والوطنية؛ انتصاراً للحق والعدل ومقاومة الظلم ضد المعتدين والطغاة من قوى الشر والاستكبار وأذنابهم وعملائهم في المنطقة، الذين ينتهكون سيادة الأوطان وينهبون ثروات الشعوب.
وخاطب المقاتلين بالقول: “إن من الأولويات الماثلة أمامنا اليوم هو الحفاظ على الروح الإيمانية والسعي المستمر في جميع مهامنا القتالية والتدريبية والثقافية والتربوية كقوات مسلحة من منطلق الجهاد في سبيل الله والثقة بالله والإيمان الراسخ بأن النصر هو من عند الله والتوكل عليه في كل وقت وحين”.
وأضاف: “إن من أهم عوامل تحقيق الانتصارات في ميادين القتال في ظل معطيات ومقتضيات المعركة الحديثة هو رفع الروح المعنوية العالية للمقاتلين وإشباعها بالروح الإيمانية التي لا تتزعزع، بالإضافة للتدريب القتالي المكثف الذي من خلاله يكتسب المقاتلين المهارات والخبرات والقدرات العسكرية العالية التي تمكنهم من إحراز النصر في ميادين القتال”.
وتابع الوزير العاطي: “يقع على عاتقكم مسؤوليات كبيرة تتجسد بالاهتمام المستمر في جوانب التدريب والتأهيل، وبذل الجهود المتواصلة والعناية القصوى في هذا الجانب الهام”.. مؤكداً أن “على القادة يقع الدور الأكبر في بلورة الخطط التدريبية والإشراف المباشر على عملية التنفيذ والتقييم وتذليل الصعوبات أمام المختصين – إن وجدت”.
وقال: “إن التوجه السليم والمثابرة نحو البناء العسكري النوعي للقوات المسلحة اليمنية هو إستراتيجية نسير وفق محدداتها الرئيسية؛ كون هذه الإستراتيجية تضمن لنا أن نختزل المسافات ونوفر الطاقات المهدرة، كما أن الإعداد والتدريب والتأهيل العسكري سيحقق للمؤسسة العسكرية الدفاعية الانطلاقة المنشودة، لاسيما وأن هذه القوة الرائدة اكتسبت مهارات قتالية نادرة طوال السنوات التسع، التي مرت بها من المواجهة ومن إدارة القتال بأنواعه، ومن اختبار قدراتها في وسط اشتعالات نيران الحرب العدوانية”.
وأضاف: “المرحلة الراهنة التي نمر بها تشهد الكثير من المستجدات والمتغيرات على مختلف المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، وتزداد فيها حدة الصراعات بين القوى العالمية وما نراه اليوم من تحرك متسارع من قبل القوات الأجنبية وأدواتها في المنطقة يضعنا كقوات مسلحة يمنية أمام جملة من الواجبات والمهام الوطنية المقدسة؛ لعل من أبرزها اليقظة والحذر، فالمرحلة القادمة حساسة ودقيقة ولا تقل أهمية أو خطورة عما مر من مراحل اشتعال المواجهات، التي يتوجب علينا الاستعداد لها ولأحداثها المستقبلية، سواء من حيث الجهوزية العالية للمعركة الدفاعية والهجومية أو من حيث إدراك واستيعاب المهام وطبيعة التطورات القادمة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي”.
واختتم وزير الدفاع كلمته بالقول: “هذه المرحلة ضبابية ومؤشرات المخادعة والمراوغة فيها عالية، ولا ينبغي علينا أن نتغافل فلقد عرفنا التاريخ، وخبرتنا الأيام أننا نسبق براكين الخطر، وأننا قادرون -بالله وتوفيقه وبالقيادة الحكيمة- أن نلوي أعناق المخاطر ولن نتهاون في إنجاز واجباتنا ومسؤولياتنا حتى في أشد الظروف قسوة وأخطرها موقفا”.
فيما ألقى قائد المنطقة العسكرية الخامسة، اللواء يوسف المداني، كلمة رحب في مستهلها بزيارة وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال التفقدية لوحدات المنطقة ومنتسبيها الأبطال المرابطين على امتداد الساحل الغربي.. مؤكداً أن كل منتسبي المنطقة قادة وضباط وأفراد يدركون حساسية المرحلة وطبيعة المهام الموكلة إليهم.
وبيّن اللواء المداني أن الموقف اليمني الثابت والمبدئي الذي رسمه سيّد القول والفعل قائد الثورةالسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي والوعد الصادق، الذي أكد للعالم أجمع أن المقاومة الفلسطينية ليست لوحدها وكانت النتائج بفضل الله وعونه إيجابية.
وأشار اللواء المداني إلى أن مقاتلي المنطقة العسكرية الخامسة يقفون اليوم أكثر استعداداً وجهوزية ويقظة لكافة المخاطر والتهديدات، ويتوقون شوقا لمواجهة الصهاينة، ومن يدور في فلكهم، وأنهم لن يرحموا من يفكر بالارتهان بهم، أو ينفذ مخططاتهم في الساحل الغربي.. مؤكداً أن منتسبي المنطقة العسكرية الخامسة يجددون العهد لقائد الثورة وللشعب اليمني بأنهم سيظلون أوفياء لواجباتهم الدينية والوطنية والقومية حتى تحقيق النصر، ودحر الطغيان والاحتلال إلى مزبلة التاريخ.
بدوره، أوضح قائد لواء الدفاع الساحلي – مدير الكلية البحرية، اللواء الركن محمد القادري، أن القوات المسلحة اليمنية فرضت وضعاً مغايراً ومعادلة توازن جديدة في البحر الأحمر، والجميع جاهزون لكافة الاحتمالات، وبخيارات فاعلة ومؤثرة.
حضر اللقاء مدير التعبئة العامة في وزارة الدفاع، العميد ناصر اللكومي، ووكيل أول محافظة الحديدة، أحمد البشري.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المنطقة العسکریة الخامسة القوات المسلحة الیمنیة الکیان الصهیونی وزیر الدفاع قائد الأمة فی المنطقة من قبل
إقرأ أيضاً:
هكذا تجاوز اليمن الحسابات الضيقة في إسناده لغزة
يمانيون/ تقارير
لم تكن العمليات اليمنية -فقط- ضرب العدو الإسرائيلي في عُقر كيانه، وليس -فقط- إنهاء حقبة الهيمنة الأمريكية، وإنما أيضا كسر التوقعات، وإثبات الجدارة، وكشف حقيقة العدو. فمنذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، لم يجرؤ ولم يتوقع أحد أن يكون هناك من سيواجه أمريكا بالتصريحات فما بالك بالمواجهة العسكرية، وفي مسألة ليست ثانوية وإنما مسألة تعتبرها واشنطن مصيرية، وهي التي تعني هيبتها وهيمنتها، وتعني الكيان الإسرائيلي مندوبها في المنطقة العربية، ومصالحها في المنطقة.
اليمن يتجاوز “البروبجاندا” والتهويلبمواجهته الكائن الأكبر في الإجرام والنهب وإزعاج استقرار الشعوب. أثبت اليمن بأن القوة الأمريكية ليست أكثر من عُقدة زرعتها المخططات الاستعمارية في قناعات العالم لتثبيطهم عن قتالها، ضف إليه الكثير من ادعاءات الطفرة العلمية التي تفوق الخيال بما يجعل من أمريكا كائناً استثنائياً، ومتفوقاً على الجميع، حتى الكائنات الفضائية لم تكن تحط إلا في الأراضي الأمريكية، وهو من الادعاءات التي يدحظها العجز عن نشر صور كافية ثابتة ومتحركة لهذه الكائنات. وفي كل الأحوال كان اليمن البلد الوحيد الذي تجاوز “بروبجاندا” التهويل، وعُقدة التفوق الأمريكي، ووقف قولا وفعلا في مواجهة الأمريكان والصهاينة عندما تطور الأمر للاستفراد بشعب مسلم هو الشعب الفلسطيني، وعندما أصبح الأمر هو الدفاع عن السيادة الوطنية من انتهاكات الدولة المارقة وقصفها الأعيان المدنية في اعتداء سافر.
الموقف الذي لفت أنظار العالمومن وراء المحيطات تواترت الأصوات، تُقر وتثني على اليمن، أولا لوقفته الإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني الذي تتم إبادته ببطء، وثانيا لشجاعته في الوقوف في وجه أعتى جبابرة وبلاطجة العصر، أمريكا والكيان الصهيوني، وثالثا لقدرته فعليا على التأثير، إذ فرض حصارا بحريا خانقا على كيان العدو الإسرائيلي، وأربك وهدد وضرب البحرية الأمريكية، وأدخل الإدارة الأمريكية بمؤسساتها العسكرية والسياسية في حسابات يائسة تدفعها باستمرار لإخراج المخزون الاستراتيجي من الأسلحة، فضلا عن تسبُب الزلزال اليمني في تآكل هيبتها التي بنتها على مدى عقود بممارسة صنوف الإجرام.
بالتوازي أيضا، كانت الأصوات الأجنبية وهي تشيد بالموقف اليمني، تستهجن وتستنكر على العرب والمسلمين هذه السلبية المقيتة في تسجيل أي موقف يعبر عن واحدية الانتماء للعروبة والإسلام واللغة والتاريخ المشترك.
ثم في المقابل، لا تزال أنكر الأصوات تستنكر فعل اليمن الإنساني، وهي الأصوات التي ظلت دائما تجلد ذاتها بالتهكم على الواقع العربي الغارق في الخنوع والضعف عن مواجهة أعداء الأمة، وهي الأصوات التي كانت تتغنى بالقضية الفلسطينية، وبرموز القومية العربية، وتتحسّر على خلو الساحات من أي تحرك يعيد للأمة أمجادها أو على الأقل يضع حدا لهذا الانحدار الذي جعل منها أرضا وشعوبا، مستباحة للقوى الإمبريالية، وأعجزها عن الانتصار للمقدسات الإسلامية، وللقضية التي عرّت زيف كل الشعارات والمواثيق القائمة على مبادئ الحرية والقيم الإنسانية.
لم تكتفِ أنكر الأصوات بالإساءة إلى القومية العربية والانتماء الإسلامي لدى الآخرين بهذه السلبية، ولكنها ذهبت إلى نقد أي تحرك عربي يرفع راية الحقوق قولا وفعلا.
في منتصف الخمسينيات والستينيات بلغ الشعور القومي العربي أوجّه، ثم بدأ هذا الشعور بالانحدار، وتراجَع زخمه من بعد (1967م)، ولم يدفع مرور عقود إلى الوقوف لمراجعة هذا المآل البائس، وعلى العكس من ذلك ظهر من يدافع ويجعل من التماهي مع ثقافة الخنوع فعلا حضاريا، يؤهل كي نكون كالمجتمعات الغربية.
الشعور بحجم هذه المشكلة يتعاظم مع إدراك أن أجيالا جديدة تلد على واقع مسلوب من الإرادة ومن القرار، وعلى واجهات ونُخب وأنظمة تتحرك في فلك “أمريكا” وتعمل في حب “إسرائيل”، تنكرت لمبادئها، وبدأت تنظر للعالم بالعين الغربية، وتحاول محاكاة ثقافة الآخر بكل تفاصيلها حتى ذابت الهوية العربية، وتلاشت مقولات “الهم العربي المشترك” و”بلاد العرب أوطاني”، وبلغ الأمر حد النظر إلى مسألة الهوية والقومية كنوع من التخلف، والتنكر للقضية العربية وتبني طرح الأعداء الذي لا يعترف للفلسطينيين بوطن أو هوية.
يقول الكاتب الغربي الدكتور حذيفة المشهداني “كنا أغبياء نهتف طيلة مئة عام بتحرير الأقصى، كنا نهتف للجيوش، واكتشفنا أنها مجرد قطعان من المافيات تحمي حدود الصهاينة”.
ذهب الأمر أيضا إلى معاداة أي صوت أو تحرك يهدف إلى استنهاض الأمة ضد محاولات السلب ومصادرة الحقوق، وبتنا نرى ونسمع من يناهض مقاومة الاحتلال، ومن يعترض على عمليات الإسناد اليمنية لأهالي غزة الذين حاصرهم العدو بآلة القتل والجوع.
ويحدث هذا رغم أن المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة قد أسقط وبكل جدارة النظرية الأمنية الإسرائيلية، ورغم أن دولا عديدة في العالم غير عربية وغير إسلامية قطعت علاقاتها بالكيان الإسرائيلي أو علّقتها وسحبت سفراءها، كما فعلت بوليفيا وكولومبيا وتشيلي والبرازيل وجنوب إفريقيا ونيكاراجوا وغيرها، فضلا عن ساحات عالمية لا تهدأ رفضا لهذا الانتهاك السافر للحقوق الإنسانية في غزة، إلا أن نُخبنا السياسية العربية ترى في الفعل المقاوم عملا عنيفا يزعزع الأمن والاستقرار.
بشاعة الجرائم الإسرائيلية باتت تفرض على الجميع التحرك انتصارا للإنسان وللقيم، لأنها تعني كل المجتمع البشري، والسكوت على توجهات ترامب ونتنياهو سيقود إلى وصول المد العبثي إلى الجميع.
تنقل صحيفة “الغارديان” البريطانية عن مصدر استخباراتي عسكري رفيع، قوله: إن الوحدة العسكرية المتورطة في قتل 15 مسعفا وعامل إنقاذ فلسطينيا في رفح كانت تحت قيادة جنرال إسرائيلي سيئ السمعة، سبق أن اتهمه بعض جنوده بـ”ازدراء الحياة البشرية”، فيما تؤكد وزارة الخارجية الأمريكية، بكل بجاحه، أن المساعدات الإنسانية ستتدفق إلى قطاع غزة في حال أقدمت حركة حماس على نزع سلاحها وأطلقت سراح الرهائن الصهاينة.
في هذا الوقت يتحدث مراسل قناة “i24NEWS “الصهيونية بأن: تركيا وقطر تقودان عملية لنقل سكان غزة إلى مخيمات اللاجئين في شمال سوريا، مقابل حصول الإدارة السورية الجديدة على اعتراف دبلوماسي. من جانب آخر اتهم المكتب الإعلامي الحكومي في غزة العدوَ الصهيوني بمواصلة جريمة التعطيش الممنهجة بحق أكثر من 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة، وأنه يحوّل المياه إلى أداة إبادة جماعية وسلاح قتل بطيء.
وكل تلك ماهي إلا ملامح لشكل الانتهاك لحق الحياة، يمارسها رائدا الفوضى في العالم “ترامب ونتنياهو”، كما أنها شواهد على الخطر المحدق بالحياة البشرية على الأرض.
مع شروع العدو الإسرائيلي في جريمة الإبادة الجماعية ضد أبناء غزة، اتخذ اليمن الموقف المعبر عن تمسكه بالقيم والثوابت الدينية والأخلاقية والإنسانية، فجاءت عملياته مؤلمة للصهاينة والمتصهينين، لإحباطها المخططات الهادفة إلى فرض الهيمنة الكاملة على الأمة، انطلق اليمن وصنع فارقا أذهل الجميع وبات يواجه أعتى إرهابيي العالم، أمريكا و”إسرائيل”، لا يحيد عن موقفه ولا يتنازل عن ثوابته، فأكد أنه بمقدور الأمة أن يكون لها الصوت الأقوى واليد الأعلى إن هي شدت العزم وتوكلت على الله وعملت بالأسباب. يقول السيد القائد: الخيار في اليمن مختلف، الخيار هنا قرآني إيماني إنساني، خيار الشرف والإيمان.
نجح اليمن العظيم في تقزيم القوة الأمريكية وإظهارها كقوة بطش تمارس البلطجة ونهب العالم بقوة السلاح، كما نجح في تعرية زيف الأقاويل التي ظلت القوى الإمبريالية تُخدر بها دول العالم الثالث، وتتخذ منها منصات لاستهداف من يخالفها، بدواعي الانتهاك وعدم احترام حقوق الإنسان.
نقلا عن موقع أنصار الله