الجزائر «العُمانية»: تسرد الكاتبة الجزائرية مريم نريمان نومار في روايتها «الشيفرة المفقودة»، سلسلة من المغامرات التي يقوم بها أربعة أصدقاء يدمنون على التكنولوجيا، ثم يعمل قرصان محترف على جرّهم إلى داخل جهاز الحاسوب محاولًا تحويلهم إلى فيروسات كمبيوتر بشرية.

وعبر سلسلة من المغامرات يخوضها الفتيان، تتكشف لهم الحقائق شيئًا فشيئًا، ليعرفوا أنهم ليسوا الوحيدين الذين تم سحبهم إلى داخل الجهاز، فهناك المئات غيرهم، لكنهم استطاعوا النجاة من ذلك المصير عبر خطأ في عملية نقلهم إلى داخل جهاز الحاسوب.

تستعرض الرواية ما يمكن أن ينتج من أضرار على الجيل الناشئ بسبب إدمان التكنولوجيا، وغياب الرقابة العائلية، وما يمكن للشاشة التي ينفرد بها الطفل في غرفته أن تقدم له من غث وسمين، وأنه قد يقع ضحية لمواقع أو أشخاص يدمرون حياته. وكأنما تسعى المؤلفة، وهي أستاذة بجامعة باتنة2، إلى تعزيز وعي الطفل بهذه المخاطر، والتذكير بدور الأهل في التوجيه والمراقبة.

وبعد انزلاقها نحو ذلك العالم الغامض، تَظهر الشخصيات التي اختارتها الكاتبة من فئة الفتيان قادرة على مراجعة سلوكياتها، وتتميز كلّ منها بملامح جسدية ونفسية خاصة بها، فالفتى عمر تميز بالذكاء وسـرعة البديهة، على الرغم من أنّ ملامحه تبدو خلاف ذلك، وكان يفكر بقراراته بعقلانية؛ ما جنّبه الوقوع في العديد من المشاكل التي اعترضت طريقه في البيت والمدرسة والحي، وكان يحب تجريب الألعاب التي تصدر حديثًا، حتى إنه مثّل مرجعًا للألعاب الإلكترونية في نظر أصدقائه.

ونقرأ عن هذه الشخصية كما ورد في الرواية: «كان مولعًا بالمغامرات الإلكترونية، وطالما تمنى لو تتاح له الفرصة ليخوض تجربة مشابهة، وقد جرب مرة إحدى الألعاب التي يستخدم فيها نظارات اللعب الخاصة بالواقع الافتراضي بتقنية ثلاثية الأبعاد، ويذكر جيِّدًا كمية الحماسة التي عاشها في اللعبة، حيث شعر أنه موجود بالفعل في ساحة القتال؛ كان يصرخ أحيانًا بأعلى صوته بينما والده وشقيقه يضحكان منه ومن الحركات التي يقوم بها، بدا لهما وكأنه يتصارع مع الهواء! أما هو فقد شعر كما لو أنه يحلم وعيناه مفتوحتان».

أما الفتى سامي فكان يتمتع بفضول لتجربة كل جديد تطرحه تلك الشبكة العملاقة، ويحلم أن يسافر إلى أمكنة وأن يلتقي بالأبطال الذين كانت أمه تحكي له قصصهم رغم أنهم خياليّون، وكانت عندما يسألها عنهم تقول: «لا تضع حدودًا لخيالك، دعنا نفترض وجودهم معنا في الواقع ونتخيل معًا أحداث القصة».

وعُرف عن الفتى بلال أنه قيادي وسريع البديهة، و«لم يكن يومًا لاعبًا تابعًا، وكان الجميع يرشحونه لمنصب القيادة. ومنذ سنواته الأولى في المدرسة كان يوكل له المعلم دور قيادة الصف، وكانت لعبته المفضّلة في الحي هي تجميع الأطفال الأصغر منه سنًّا، ثم تدريسهم وممارسة دور المعلم عليهم، وخلال عطلة الصـيف كان يشارك في المخيمات المدرسـية، ولا يقبل إلّا بدور القائد، وها هو هنا يجد نفسه من دون أي حسابات مسبقة يقود صديقيه، مع الاستفادة من رأي كل واحد منهما».

أما ندى فعمرها تسع سنوات، وكانت قبل انتقالها إلى العالم القابع خلف الشاشة تستمتع كثيرًا بالألعاب التي تحتوي على ألبسة الفتيات، وفي الواقع كانت تترك اللعب عبر اللوح الإلكتروني؛ لتطلب من شقيقتها أن تضع لها طلاء أظافر يشبه الذي وضعته للفتيات في اللعبة، وكانت تحب استخدام الهاتف الذكي أو اللوح الإلكتروني أكثر من متابعة مسلسلات الكرتون، إذ تمنحها هذه الأدوات فرصة اختيار مشاهدة ما تشاء بينما يفرض عليها التلفزيون برنامجًا معينًا.

ومن أجل التخلص من المنزلق الذي وجدوا أنفسهم به، يتعاون الأصدقاء الأربعة للقضاء على ذلك القرصان وعلى فكرته القائمة على إنتاج فيروسات حاسوب تمتلك سرعة الفيروسات المعروفة من جهة، والقدرة على التفكير البشري من جهة أخرى، لكنه يفشل في مسعاه في النهاية؛ إذ يدمر الأصدقاء الأربعة مخططاته وينجحون في تحرير أنفسهم وتحرير الفتيان الآخرين أيضًا.

تتسم الرواية بلغتها المناسبة للفئة العمرية التي تتوجه لها، وتشتمل على العديد من المفردات والمصطلحات الجديدة الخاصة بعالم التكنولوجيا؛ وهو ما جعل الأحداث أكثر قربًا من القارئ وأكثر قدرة للتعبير عن العوالم التي فرضتها تطورات التكنولوجيا، تلك التي تؤكد الكاتبة عبر طرحها للموضوع أهمية التعاطي معها، لكنها تشدد في الوقت نفسه على أهمية التسلح بالحذر واليقظة خلال ذلك التعاطي.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

لطيفة بنت محمد: تسخير التكنولوجيا لتطوير مسارات التعليم

دبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة نهيان بن مبارك: تعزيز التعليم في بيئة تحتضن التعدد الثقافي «التسامح والتعايش» تطلق اللقاء التعريفي لأندية التسامح بجامعة زايد

افتتحت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، أمس، فعاليات مؤتمر اليونيسكو العالمي الثالث للموارد التعليمية المفتوحة الذي تنظِّمه منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو» لأول مرة في العالم العربي، بالتعاون مع مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة في مركز دبي التجاري العالمي. وألقت سموّها الكلمة الافتتاحية للمؤتمر بحضور نخبةٍ من القادة العالميين وصنّاع القرار والمبتكرين الذين يجتمعون في دبي لمناقشة الحلول المعرفية المفتوحة والذكاء الاصطناعي من أجل تحقيق الوصول الشامل إلى المعرفة.
وأكدت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم أهمية مساعي المؤتمر نحو استكشاف الإمكانات الكبيرة التي تتيحها الموارد التعليمية المفتوحة بما يسهم في تسهيل الوصول لمصادر المعرفة، وتوحيد الجهود لمشاركة التعليم الرقمي، لافتةً سموّها إلى أهمية تسخير التكنولوجيا في تحسين وتطوير مسارات التعليم وتعزيز شموليته، ومواجهة التحديات العالمية عبر حلولٍ مبتكرة تسهم في توفير واستدامة المزيد من الفرص التعليمية، وضمان شفافية المعلومات في ظل التطور التكنولوجي المتسارع الذي قد ينعكس على جودة المعلومات، ما يستدعي بذل المزيد من الجهود لتقديم برامج مرخّصة قادرة على إنتاج المعرفة، وتوفير المعلومات الصحيحة، بما ينعكس إيجاباً على مستقبل التعليم حول العالم.
جلسات نقاشية
تضمن المؤتمر جلسات نقاشية بما في ذلك جلسة «تشكيل مستقبل التعليم»، التي شهدت مشاركة وزراء ومتحدثين بارزين، من بينهم ورلي آدم-سول زومارو، وزيرة الاقتصاد الرقمي والاتصالات في بنين.

مقالات مشابهة

  • حرب المسيّرات.. التكنولوجيا التي أعادت تشكيل وجه النزاعات العسكرية
  • دفاع الناصري يثير تساؤلات بشأن مصداقية رواية "اسكوبار" عن حفل زفافه مع الفنانة لطيفة رأفت
  • ثلاث فتيات وامرأة غامضة.. ننشر الفصل الأول من رواية «البوشّيه»
  • بيان لحزب الله يفند رواية الاحتلال حول كمين قتل فيه جنود وباحث توراتي متطرف (صور)
  • مخيلة الخندريس . . رواية غير
  • أسهم شركات التكنولوجيا تهبط بمؤشر "نيكي" الياباني
  • عن رواية بنفس الاسم للأديب عمر طاهر.. فيلم "كحل وحبهان" يفوز بجائزة أفضل سيناريو في ملتقى القاهرة السينمائي
  • Cairo ICT’24.. كيف تعزز المدن العلمية ريادة مصر في التكنولوجيا وريادة الأعمال؟
  • لطيفة بنت محمد: تسخير التكنولوجيا لتطوير مسارات التعليم
  • صحيفة عبرية تسلط الضوء على رواية "الصبي اليتيم الضائع".. رحلة خطيرة من اليمن إلى أرض الميعاد (ترجمة خاصة)