مفارقات مابعد الخسارة.. مرشحون تركوا صلاة المساجد وآخرون اوقفوا المشاريع اعتكافاً
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
بغداد اليوم - ديالى
بعد أيام على إعلان نتائج انتخابات 18 كانون الأول، رصد مواطنو محافظة ديالى مفارقات كبيرة، تأتي في سياق السلوك المتعارف عليه بانقلاب المرشحين بعد الانتخابات، لكن هذه المرة اصبح الانقلاب ليس على الناس فقط بل حتى على بعض الاركان الدينية، فيما تندرج بعض حالات الانقلاب هذه، ليس بفعل فوز المرشح بل بسبب خسارته وانكفائه على نفسه حزنا على النتائج.
وقال ابراهيم عمر متقاعد من سكنة بعقوبة في حديث لـ"بغداد اليوم"، ان "مرشحا كان اشبه بدعاة الايمان، يحضر منذ اسابيع في صلوات الجمعة التي استثمرها في الجذب الانتخابي، اختفى فجأة في اول جمعة بعد اعلان نتائج الانتخابات عقب خسارته القاسية".
وأضاف، انه "اتمنى ان لايكون حضوره للمسجد لاهداف سياسية"، لافتا الى ان "غير هذا المرشح الكثيرين بعضهم نواب كنا نراهم في المساجد قبيل الانتخابات بكثرة والان اختفوا".
أما عيسى عبدالله وهو مواطن من احدى مناطق المحافظة، قال انه "يسكن عشوائية قرب بعقوبة، وتعهد مرشح تابع لجهة متنفذة بمد طريق وبالفعل تم البدء بالمرحلة الاولى ولكن توقف كل شي بعد خسارته".
وتابع: "اتصلنا بالمقاول وقال المرشح في اجازة خارج العراق للتخفيف من وطأة خسارته فيما ننتظر تحقيق وعوده رغم اننا انتخبناه".
فيما اقر ابراهيم هادي مراقب انتخابي بان "العشرات من المرشحين الاقوياء تعرضوا الى ضغط نفسي حاد عقب خسارتهم الانتخابات خاصة وانها قاسية في بعض الاحيان".
وأضاف، ان "بعض المرشحين انفق من 500 مليون الى مليار دينار ولم يحصل على الف صوت وبعضهم اعلى بقليل والبعض الاخر الان يعاني من ديون متراكمة بفعل ما انفقه على مشاريع لجذب الاصوات".
واشار الى ان "انتخابات ديالى هي الاغرب في نتائجها ومعطياتها خاصة مع غياب لاعبين مهمين كان فوزهم مؤكدا لكن 18 كانون الأول تغيرت بها المعادلة".
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
لماذا مذاق الخسارة مرّ؟
«الخسارة تشعل نار الندم في قلوبنا، لكنها تعلمنا قيمة اتخاذ القرارات بحكمة» بهذه الحكمة القديمة، نسأل أنفسنا، كيف نرى الحياة بعد أن نفقد شيئا كنا نرتقب حدوثه بنجاح ؟ وهل الخسارة تنمي فينا الشعور بالمسؤولية وترفع شغفنا لتحقيق الفوز؟.
وأخيرا، لماذا نشعر بمرارة الهزائم عندما نخسر معركة كنا على ثقة بأننا سنخرج منها منتصرين؟ الإجابات عن تلك الأسئلة تحتاج منا إلى وعي تام، وإلى دراسة مستفيضة لمعرفة آلية التفكير والتوقع والأمل لدى الإنسان على وجه الأرض، ولهذا يؤكد علماء النفس أن طبيعة النفس البشرية غاية في التعقيد، بمعنى أن البعض منا يركن إلى الخسارة بسهولة تامة، ويعتقد بأنها تشكل نهاية المطاف وربما هي مرحلة النهاية والخلاص من كل محاولة أخرى يمكن أن يجربها أو يخوض معتركها، ولهذا الأمر يجد المحبط سببا أو مبررا يدفعه إلى الاستسلام والتوقف عن أي محاولة مرة أخرى، أو الإقدام على مجازفة جديدة قد يكتب لها النجاح لكن خوفه من الفشل يمنعه عن ذلك، أو حتى التفكير بهذا الأمر خوفا من إحباط يأتي من تجارب أخرى تكون أكثر حدة وقسوة عليه.
بالمقابل هناك من يجد في الخسارة ملاذا، لتحفيز الذات على تحقيق النجاح، وطريقا لطرد الطاقة السلبية التي اكتسبها من فشل سابق، وأصبح لديه القدرة على تحقيق الهدف، إيمانا منه بأن النجاح نسبي والخسارة كذلك، وأن حياة الإنسان لا تختزل في النجاحات فقط، وإنما في نوعية المعارك الصغيرة، التي يخوضها مع نفسه، والمخاوف التي يتخطاها، ولا يعلم بأمرها سواه.
في عالم الاقتصاد والسياسة والاجتماع وغيرها، هناك معارك يخوضها البشر عندما يتنافسون فيما بينهم من أجل إحراز تقدم نفسي ومعنوي، المنتصر لا يشعر بما يختلج في صدور الخاسر، وقد لا يلتفت إلى الوجع الذي تسببه تلك الخسارة وهذا يقودنا إلى تصديق ما قاله البعض وأكدوا عليه وهو «أن الحياة هي مكسب وخسارة في كل شيء ليس في الرياضات والمنافسات فقط، ولذا يجب عليك أن تتحلى بالصبر والاحتساب عند الخسارة في أي عمل تقوم به مثلما تتحلى بالفخر وتشعر باللذة عند الانتصار»، فالمريض مثلا يخوض معركة قاسية مع المرض، قد ينتصر جسده على من يهاجمه، وربما يخسر المريض حياته لأن المرض كان أقوى منه وأشد.
يقول الكاتب عادل المرزوقي في مقال نشره منذ عام تقريبا في صحيفة خليجية: «التعرض للإحباط، وخيبة الأمل ليس بالأمر النادر، والناس في الخيبات سواسية، ولكن الفرق يكمن في طبيعة خطوتنا التالية، ومدى تقبلنا للخسارة وتعاملنا معها، وكذلك مقدار خوفنا من نظرة المجتمع، ومدى قوتنا على النهوض بعد السقوط، وشغفنا لتذوق «عسل الفوز».
ويضيف: الكثير منا يكره الخسارة، ويسعى بكل جهده، لتحقيق الفوز من «الضربة الأولى»، ولكن الحياة لا تسير وفق أهوائنا، وإنما تفرض علينا قواعد محددة يجب الالتزام بها، والفوز والخسارة يمثلان قواعد راسخة فيها، وعلينا القبول بهما، لنتمكن من تحقيق أهدافنا الحقيقية».
أجد فيما ذهب إليه الكاتب المرزوقي سببا في التفاؤل وعدم ترسيخ الأفكار السوداء في الذهن حتى لا تتعقد الأمور بذواتنا، وبذلك نحن من نصنع الفشل بأيدينا دون أن نعلم ذلك، فهذا الخوف يصبح رهابا يسيطر على أدمغتنا ويمنعنا من مواجهة الحياة بكل ما فيه من نتائج إيجابية أو سلبية.
استوقفتني بعض الكلمات التي كتبها مغرد عبر صفحته في منصة «ميتا» حيث يعبر عن رأيه فيقول: «الخسارة لا تعني الفشل، بعض الخسارة ربح من حيث لا تدري، من يفقد ثقته بنفسه لحظة ستتضاعف خسارته، وفي بعض الأحيان تتعلم من الخسارة أكثر من الفوز فهي التي ستجبرك على إعادة تأهيل نفسك والعمل من جديد، لذا إياك أن تجعل الخوف من الخسارة يدفعك لعدم العمل حتى وإن كانت الخسارة صعبة ومذاقها مرّا !! ولكن..ربما تجعلك قويا ذات يوم أكثر من الأول».