“حارس الازدهار” الأميركي في مواجهة العزم اليمني
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
محمد جرادات
لا علاقة للرخاء بما يجري في البحر الأحمر، ولكن صناعة السينما في هوليوود افتتحت فرعاً لها في البنتاغون، وهي تحاكي ميدان الطوفان المشتعل منذ السابع من أكتوبر، وقد اتقدت واحدة من جمراته في قلب هذا البحر، فاختنق ميناء “إسرائيل” الرئيسي في إيلات، وقد أصبح فارغاً من السفن، ومن خلفه كيان يشيع مع قتلاه كل جوانب قوته وهيبته، بما تطلب بعد 70 يوماً من الحرب ونيّف أن يحضر إلى “تل أبيب” أبرز قادة مجلس الحرب الأميركي تشارلز براون ولويد أوستن وجيك سوليفان.
ولكن أنصار الله اليمنيين يصرون على أن الكيان العبري لن يتنفس ولن ينعم بالرخاء الأميركي عبر نافذة البحر الأحمر الاستراتيجية إلا بعد أن تتنفس غزة ويدخل إليها الغذاء والدواء بشكل يؤدي إلى رفع الحصار، إضافة إلى وقف الوحشية الإسرائيلية في الضفة، في استراتيجية يمنية محكمة في الصياغة النظرية والعاطفية والفكرية، ولكنها أيضاً فاعلة في الميدان الحربي.
لم تكن المفاجأة في إطلاق هذه العمليات اليمنية ولا في الرد عليها أميركياً بالإعلان عنها من قلب “تل أبيب”، ولكن المفاجئ هو هذا النجاح اليمنيّ المبهر بما يشبه نجاح غزة في عبور السابع من أكتوبر، فاليمن المقسم بين حكومة إسلامية ثورية منظمة في صنعاء لا تحظى باعتراف دوليّ وحكومة مرتزقة في عدن ومأرب تحظى بهذا الاعتراف، رغم تشرذمها وضعفها وارتهانها للسعودي والإماراتي، هذا اليمن الموجوع بحرب عربية/دولية ضده منذ سنوات، والبعيد عن فلسطين، يفاجئ العالم بأنه الأقرب إلى تحسس أوجاعها، والأقدر على نصرتها، وهو يقبض على واحد من شرايين حياة الكيان الإسرائيلي.
هل ثمة فرصة أمام هذه القوة الدولية لاحتواء العناد اليمني ونجدة “إسرائيل”، وهي قوة عملاقة تشكّلت من أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا ودول أخرى كثيرة أعلنت عن نفسها، وأخرى توارت خجلاً من فرط الفضيحة، وكأن العالم بقده وقديده هرع ليعطي فرصة إضافية للكيان الإسرائيلي حتى يشبع وحشيته من أطفال غزة وأهل الضفة، ولكنه اليمن الحارس الطبيعي لأمواج البحر هو من أطلق للرياح الحمراء هزيعها، فأجبر كبريات شركات الشحن العالمية على تحويل مسارها نحو رأس الرجاء الصالح، بعيداً 20 يوماً للاستدارة حول أفريقيا.
بين أساطيل حارس الرخاء لنجدة “إسرائيل” وروح البحر الساكنة في ميناء الحديدة، تحاول مفاوضات تجري في عُمان أن تحتوي مواجهة محتملة، ولكن اليمني يرد على تشكيل هذه القوة بمزيد من التأكيد على الاستمرار في توجيه الضربات الصاروخية وإطلاق المسيّرات البحرية ضد السفن المخالفة، ومن قبلها وبعدها استهداف إيلات ومناطق حساسة في جنوب الكيان الإسرائيلي، فهذا بحسب تصريحات قادتهم ما وعد الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، في تعبير ديني ثوري يعكس التركيبة العقائدية لأنصار الله.
إنه الرخاء الهش والمفتعل، حتى لو كان بحراسة فخر الصناعة الغربية، فكيف يصمد في مواجهة أمواج البحر، وهي تخرج من أعماقها غضب التاريخ وأشلاء الطفولة الممزقة صباحاً مساء في غزة العصية على الانكسار؟
ليس ثمة احتمال لنجاح هذه القوة الدولية في إعادة سفن العالم للإبحار في البحر الأحمر نحو إيلات لأسباب عديدة، أهمها:
التركيبة الفكرية والنفسية الصلبة لأنصار الله اليمنيين هي تركيبة مدعومة بقوة عسكرية صاروخية وبحرية متنامية، رغم أنها لا تقارن بالقوة الدولية بطبيعة الحال، ولكنها قادرة في أقل أحوالها على تنفيذ اختراقات ميدانية في البحر مهما كانت فعالية الحراسة الدولية، وهذه الاختراقات في حدها الأدنى كافية لتشكيل تهديد دائم للسفن التجارية المبحرة نحو إيلات، وهي ليست مضطرة إلى تعريض تجارتها للخطر، بما يدفعها إلى البحث عن حلول بعيدة عن ميدان مشتعل.
تمتُّع اليمنيين بمعرفة المنطقة وطبيعتها، فهم أهلها، بما يجعلهم أكثر مرونة ومناورة في الحركة، إضافةً إلى اعتمادهم على قطع بحرية صغيرة قادرة على تنفيذ تهديداتها، وبالتالي فإن قدرة القوة الدولية على إعاقة المسيرات والصواريخ المتجهة إلى السفن المخالفة ليست كافية ولا آمنة إلا بنسبة محدودة لا تكفي لهذا الرخاء الذي أطلقت أميركا شعاره النظري.
تشرذم الموقف الدولي والإقليمي في ظل تناقضات السياسة الإسرائيلية أمام طموح نتنياهو الشخصي في إطالة أمد الحرب، في وقت شددت غالبية دول العالم والإقليم على ضرورة وقفها، رغم حرص هذه القوى الدولية والإقليمية على أمن “إسرائيل”، بما فيها تلك التي توارت خجلاً أمام بعض حياء من شعوبها، وكلها متضامنة مع غزة، وتؤيد موقف اليمن الشجاع، كما تضحيات حزب الله وضربات المقاومة العراقية، في وقت تقف أميركا، ومعها كل هذا الاصطفاف، عاجزة عن ثني قوى المقاومة الداعمة للصمود الفلسطيني في وجه آلة الوحشية الإسرائيلية، بما يجعل قدرتها على مواجهة اليمني محدودة، وخصوصاً أن حكومة عدن لا تملك من أمرها السياسي والعسكري شيئاً.
وحساب السرايا ليس مثل حساب القرايا، كما يقول المثل الشعبي. لذا، فإن هذه القوى الدولية ستجد نفسها أمام معطيات واقعية تغلّب فيها الضغط على الكيان الإسرائيلي لوقف الحرب مقابل تجنب مواجهة بحرية دامية مع اليمن العنيد، وخصوصاً أمام استحقاق الأسرى الإسرائيليين الضاغط بقوة داخلياً وخارجياً، في ظل المتاهة التي يغرق فيها جيش الاحتلال في كثبان غزة، مع تراجع العالم عن دعم “إسرائيل” أمام طيشها الجنوني في قتل الآلاف من دون أدنى هامش عسكري، بما يرجح هشاشة دور هذه القوة الدولية وانكفاءها نحو هامش ثانوي لا قيمة استراتيجية له.
باحث فلسطيني ً#اليمن#تحالف أمريكا لحماية السفن الإسرائيلية#دعم فلسطين#نصرة غزةالمصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القوة الدولیة هذه القوة
إقرأ أيضاً:
“ناشيونال” تؤكد نجاح صنعاء و”التلغراف” تسخر من الأطلسي
يمانيون – متابعات
أكدت مجلة “ناشيونال إنترست” نجاح قوات صنعاء في تعطيل قدرة البحرية الأمريكية في البحر الأحمر، فيما أكدت صحيفة “التلغراف” أن حكومة صنعاء أحرجت قوات حلف “شمال الأطلسي” بمنع سفنه من عبور البحر الأحمر؛ خوفاً من استهدافها.
وقال محلل الأمن القومي في المجلة، براندون جيه ويتشرت: “يؤسفني نجاح اليمنيين بقدراتهم العسكرية التي شكلت تهديداً خطيراً ومتنامياً على البحرية الأمريكية”.
وأضاف: “تطوير اليمنيين ونشرهم صواريخ باليستية مضادة للسفن عقُد قدرات البحرية الأمريكية على فرض قوتها على الممرات المائية الحيوية في مضيق المندب بالبحر الأحمر”.
وتساءل بالقول: “إذا كان اليمنيون تمكنوا من كبح قدرات البحرية الأمريكية على فرض قوتها في البحر الأحمر، فإن الصين لن تواجه مشكلة كبيرة في إبقاء أسطول البحرية الأمريكية السطحي فوق الأفق، بينما يسيطر الجيش الصيني على منطقته”.
“ناشيونال إنترست”، وهي مجلة أمريكية مشهورة، أشارت إلى أنه سبق إقرار الأوساط الأمريكية والغربية بفشل قواتها في وقف هجمات قوات صنعاء المساندة لغزة رغم القصف والهجمات العدوانية على اليمن.
“التلغراف” تسخر
بدورها، قالت التلغراف: “نحن أمام حقيقة لا مفر منها صورة مروعة، عندما نشاهد البحرية الألمانية – مجموعة المهام البحرية التابعة لحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي- خائفة من المرور عبر البحر الأحمر”.
وأضافت: “الألمان الذين هم جزء من مجموعة المهام البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي لمواجهة الهجمات اليمنية، يرسلون سفنهم الحربية للعبور حول أفريقيا بعيداً عن البحر الأحمر”.
“التلغراف”، الصحيفة الأكثر شهرة في بريطانيا وأوروبا، أشارت إلى منع حكومتها -في وقت سابق من هذا العام الجاري 2024- حاملة طائراتها “إتش إم إس كوين إليزابيث” من الانتشار في البحر الأحمر.
وأكدت عودة انتشار سفينة الإنزال “لايم باي”، المساندة للأسطول الملكي البريطاني في المحيطين الهندي والهادئ عبر جنوب وغرب إفريقيا؛ تجنباً من المرور عبر البحر الأحمر.
الأمر المحسوم بنظر “التلغراف” أن “البحر الأحمر أصبح يشكل إحراجاً لقوات حلف شمال الأطلسي؛ بسبب هجمات القوات اليمنية”.
202 قطعة بحرية
وأعلنت اليمن، في 4 يناير 2024، منع عبور واستهداف السفن “الإسرائيلية” والأمريكية والبريطانية والأوروبية، وأي سفن مشاركة ضمن عمليات حلف “حارس الازدهار”، أو “إسبيدس” في بحار الأحمر والعربي والمحيط الهندي؛ مساندة للكيان الصهيوني.
ومُنذ 10 يناير 2023، استهدفت قوات صنعاء 202 قطعة بحرية تجارية وحربية وزوارق وبارجات ومدمرات وحاملات طائرات “إسرائيلية” وأمريكية وبريطانية في بحار الأحمر والعربي والأبيض المتوسط، والمحيط الهندي.
كما أسقطت 11 طائرة أمريكية بدون طيار من نوع “أم كيو 9″، فوق أجواء المحافظات المحررة التابعة لحكومة صنعاء؛ إسناداً للمقاومة ونصرة لغزة، ضمن معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، المساندة لعملية “طوفان الأقصى”.
————————————-
– السياسية – صادق سريع