إعداد: سيباستيان سايبت إعلان اقرأ المزيد

لطالما اعتبرت إسرائيل فتح جبهة ثانية شمالا ضد حزب الله أسوأ سيناريو محتمل منذ بدء الحرب ضد حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

لكن اتساع نطاق الحرب الدامية الجارية في قطاع غزة لتشمل الحدود اللبنانية ضد الجماعة الإسلامية السياسية-العسكرية المؤيدة لإيران، يبقى من أكبر هواجس الدولة العبرية وحليفتها الرئيسية الولايات المتحدة، التي سبق أن أرسلت حاملتي طائرات نشرتهما قبالة سواحل لبنان في محاولة لردع حزب الله.

ومع دخول الحرب بين حماس وإسرائيل شهرها الثالث، أخذ الخطاب في تل أبيب منحى تصعيديا، فيما يسعى الجيش الإسرائيلي لفرض نفسه بشكل متزايد شمالا. ففي 6 ديسمبر/كانون الأول، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي اليميني المتشدد يوآف غالانت أن بلاده مستعدة "لاستخدام كافة الوسائل الضرورية لدفع حزب الله بعيدا عن الحدود". بدوره، أبدى بيني غانتس، زعيم المعارضة الذي انضم إلى حكومة الحرب، توافقا مع نزعة الصقور اليمينيين، مؤكدا في 16 ديسمبر/كانون الأول أن إسرائيل "ستكون قادرة على صد" الحركة الشيعية الموالية لطهران.

"ضبط النفس رغم الوضع المتوتر"

بالتزامن مع تصاعد نبرة الخطاب المؤيد أكثر من ذي قبل لخيار الحرب، كثّف الجيش الإسرائيلي ضرباته مع إعلانه الأربعاء عن استهداف "مركز قيادة" لحزب الله في جنوب لبنان.

وقُتلت امرأة في الثمانين من عمرها وأصيب زوجها بجروح في قصف إسرائيلي الخميس على قرية حدودية في جنوب لبنان، وفق ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، بينما أعلن حزب الله شنّ عدد من الهجمات على الدولة العبرية.

يرى عمري برينر، وهو محلل إسرائيلي متخصص في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط بالمجموعة الدولية لدراسات الأمن، بأن "هذه (استهداف مركز القيادة) ليست أول مرة، إلا أنها ليست نوعا من الأهداف التي اعتادت إسرائيل على استهدافها".

كما يشن حزب الله بشكل يومي قصفا على طول الحدود بين البلدين. يوضح فيليبو ديونيجي المتخصص في حزب الله بجامعة بريستول في إنكلترا: "حاليا، الوضع متوتر فعلا، مع سقوط ضحايا في صفوف الجانبين، رغم أنه أكبر بالنسبة لحزب الله، وهو في ارتفاع مستمر". يضيف عمري برينر: "لو لم تكن الحرب مشتعلة في الجنوب، فإن تبادل إطلاق النار الحالي على الحدود اللبنانية كان قد أدى إلى اندلاع صراع مفتوح بين إسرائيل وحزب الله".

اقرأ أيضاترسانة حزب الله العسكرية... ما هي أسلحته الجديدة ومدى تأثيرها على أي حرب مع إسرائيل؟

يتابع فيليبو ديونيجي أن "كلا المعسكرين يظهران" في الوقت الحالي "قدرا معينا من ضبط النفس عبر رفض اللجوء إلى المزيد من التصعيد". لكن التصريحات الأخيرة للمسؤولين الإسرائيليين وعمليات الجيش الإسرائيلي على هذه الجبهة، تثير قلقا كبيرا لدى واشنطن. في هذا الإطار، يوضح كلايف جونز، مدير معهد دراسات الشرق الأوسط والإسلامية بجامعة دورهام: "إذا لم تشن إسرائيل حتى الساعة هجوما بريا على مواقع حزب الله في لبنان، فهذا بفعل الضغوط الكبيرة التي يمارسها الحليف الأمريكي".

من جانبها، قالت راندا سليم مديرة إدارة الصراع في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، لصحيفة "الغارديان" البريطانية، إن أغلب الخبراء الإقليميين متفقون على أن "قرار تحويل هذا الوضع إلى حرب مفتوحة يتوقف بشكل رئيسي على إسرائيل". في نفس الشأن، يوضح فيليبو ديونيجي: "القوى الدولية الكبرى التي لديها مصالح في المنطقة، الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي، لا تريد أن ترى أزمة إقليمية جديدة تندلع. يخاطر حزب الله كثيرا من ناحية الخسائر وصورته في لبنان إذا ما نُظر إليه على أنه جر البلاد إلى الحرب". فيما يخص إيران، القوة الوصية على حزب الله، يقول الخبير من جامعة بريستول بأنها "تحبذ شن حرب استنزاف على إسرائيل".

بدورها، راجعت الدولة العبرية "أولوياتها الأمنية، بما في ذلك جبهة الشمال منذ هجوم حماس على أراضيها في 7 أكتوبر/تشرين الأول "، حسبما يؤكد عمري برينر. كما قررت "نقل حوالي 200 ألف مواطن كانوا يقيمون قرب الحدود اللبنانية بسبب خطر تواجدهم ضمن نطاق نيران حزب الله" وفق كلايف جونز. وتقول السلطات الإسرائيلية لا يمكن لهؤلاء النازحين العودة إلى منازلهم قبل أن يتراجع حزب الله.

"بعض الوقت للدبلوماسية"

يلحظ آهرون بريغمان أستاذ العلوم السياسية ومتخصص في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بمعهد كينغز كوليدج في لندن: "لهذا، ليس أمام إسرائيل سوى خيارين: إما الانسحاب عن طريق التفاوض، أو، في حال فشل ذلك، الانسحاب بالقوة". يعتقد هذا الخبير بأنه لا يزال أمام الدبلوماسية بعض الوقت للتوصل إلى حل يسمح للجميع بالخروج من عنق الزجاجة.

اقرأ أيضاميقاتي: لبنان "في عين العاصفة" ونعمل على تجنيبه "دخول الحرب" مع إسرائيل

 

من جانبه، يقول كلايف جونز: "يشكو الإسرائيليون مثلا من أن حزب الله لم ينسحب قط من شمال نهر الليطاني (30 كيلومترا من الحدود)، بموجب القرار رقم 1701 الصادر عن الأمم المتحدة". في الواقع، لم تنجح المنظمة الدولية يوما في إجبار حزب الله على احترام هذا النص الذي تم تبنيه في 2006 وكان من المفترض أن يضمن نهاية الأعمال العدائية بينه وبين إسرائيل.

لكن في حقيقة الأمر، سيجد هؤلاء المقاتلين الموالين لإيران صعوبة في القبول بأي انسحاب. يوضح ديونيجي: "لقد أوضحوا فعلا بأنهم لن يتحركوا طالما تستمر الحرب في غزة. ولأنهم خسروا بالفعل حوالي مئة مقاتل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، فإنهم لن ينسحبوا دون الحصول على تعويضات".

كذلك، ليس من غير المؤكد بأن الحكومة الإسرائيلية مستعدة لتقديم أدنى تنازلات في هذا الشأن. يشرح عمري برينر: "يجب أن نفهم جيدا بأن لدى الجيش الإسرائيلي قناعة بأنه لا يمكن تجنب اندلاع حرب جديدة ضد حزب الله، وأيضا ضد إيران. ربما ليس غدا أو بعد أسبوع، لكن قريبا. وطالما أنه يخوض الحرب فعليا، فمن الأفضل له، في نظره، أن يبادر سريعا بشن الهجوم بدلا من المغامرة بالانتظار وأن يجد نفسه من ثمة في مواجهة عدو إيراني سيصبح حسب الإسرائيليين حتميا قوة نووية قريبا".

"حرب كارثية على الجميع"

في الواقع، تفضل إسرائيل أن تخوض حربا على جبهتين بدلا من مواجهة عدو مدعوم بقوة نووية. لكن مثل هذه الحرب حسب آهرون بريغمان "ستكون كارثية على الجميع. حزب الله، وصواريخه التي تزيد عن 150 ألف، لديه القدرة على إلحاق أضرار جسيمة بإسرائيل، وللدولة العبرية التي يمكن لها أن تسبب أضرارا رهيبة لبيروت والبنية التحتية اللبنانية".

إلى جانب ذلك، هناك أيضا التكلفة البشرية وبالتالي السياسية بالنسبة لإسرائيل. يتساءل كلايف جونز: "هل الإسرائيليون مستعدون للقبول بسقوط مزيد من الوفيات، خاصة بين صفوف جنود الاحتياط، حيث إن معظم القوات النظامية منخرطة بالفعل في حرب غزة؟".

اقرأ أيضالبنان: حزب الله يعلن إسقاط طائرة مسيّرة إسرائيلية وسط تصاعد التوتر على حدود البلدين

 

لهذا، فإن السيناريو الأكثر احتمالا هو أن يدع حزب الله وإسرائيل الباب مفتوحا أمام المفاوضات لأطول فترة ممكنة. كما أن الدولة العبرية تريد أن تثبت لحليفتها الولايات المتحدة، بأن الحرب المفتوحة المحتملة لن تندلع سوى كملاذ أخير.

وسط هذه الظروف، سيواصل الخصمان اللدودان وفق آهرون بريغمان "حربهما منخفضة الحدة مع الاكتفاء بعمليات القصف والغارات الجوية". في المقابل، يحذر فيليبو ديونيجي من أنه كلما طال أمد هذه الاشتباكات الحدودية "كلما زاد خطر وقوع حادث تجاوز أحد المعسكرين للخط الأحمر للمعسكر الآخر". يمكن أن يكون التصعيد مثلا أمرا حتميا في حال قتلت إسرائيل مسؤولا في حزب الله في إحدى ضرباتها الجارية ضد أهداف مثل مراكز القيادة.

هذا، وكان حزب الله قد أعلن ليل الأربعاء الخميس عن مقتل أحد مقاتليه بعد غارة إسرائيلية على منزل في قرية مركبا الحدودية. جاء ذلك بعدما كان الحزب الذي خسر حوالي مئة مقاتل في لبنان منذ بداية الحرب، قد أعلن مقتل مقاتلين آخرَين الأربعاء.

وأدى العنف الذي لا يزال محصورا على المناطق الحدودية إلى مقتل أكثر من 140 شخصا، بينهم عشرون مدنيا في لبنان، إضافة إلى مقتل ما لا يقل عن 11 شخصا على الجانب الإسرائيلي.

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج حزب الله الحرب بين حماس وإسرائيل لبنان النزاع الإسرائيلي الفلسطيني إيران للمزيد الغارات على غزة فرنسا قانون الهجرة الحرب بين حماس وإسرائيل غزة الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا الجیش الإسرائیلی الدولة العبریة فی لبنان حزب الله

إقرأ أيضاً:

إنفوغراف.. أبرز قادة حماس الذين اغتالتهم إسرائيل بعد استئناف الحرب على غزة

استهدفت إسرائيل خلال عدوانها المستمر على قطاع غزة  في مارس/آذار 2025، مجموعة من قادة حركة حماس البارزين في مجال العمل الحكومي والأمني، مما أودى بحياة 8 من أبرز الشخصيات القيادية في الحركة.

ونعت حركة المقاومة الإسلامية حماس عضو مكتبها السياسي النائب بالمجلس التشريعي الفلسطيني  صلاح البردويل، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، وقالت إنه استشهد في غارة إسرائيلية استهدفت خيمته أثناء قيامه ليلة الـ23 من شهر رمضان في منطقة المواصي غربي مدينة خان يونس.

وكان البردويل من أبرز القيادات التي شاركت في إدارة الملف السياسي للحركة، وله دور كبير في توجيه الأنشطة السياسية والإعلامية للحركة في الداخل والخارج.

وقبل انقضاء 24 ساعة على اغتيالها البردويل، اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلي زميله في المكتب السياسي القيادي إسماعيل برهوم.

وهو عضو آخر في المكتب السياسي لحركة حماس، والذي اغتيل أثناء تلقيه العلاج في "مجمع ناصر الطبي" بعد إصابته في غارة إسرائيلية سابقة.

برهوم كان قد تعرض لإصابة خطيرة في غارة جوية استهدفته في مدينة رفح قبل أن يتم استهدافه مجددًا أثناء فترة علاجه.

ويعتبر إسماعيل برهوم من الرعيل الأول لحركة حماس منذ تأسيسها إبان الانتفاضة الأولى عام 1987.

إعلان

وعرف عنه أنه من رواد العمل الخيري ورجال الإصلاح المجتمعي بالمدينة، وكانت مواقفه السياسية والإستراتيجية هدفا دائما للاحتلال الإسرائيلي.

وبعد مرور 58 يوما على اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة في 19 يناير/كانون الثاني 2025، نعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عددا من قادة العمل الحكومي في القطاع، إثر استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية في 18 مارس/آذار 2025، ومنهم:

عصام الدعليس

هو أحد القيادات البارزة في حركة حماس، وشغل الدعليس عدة مناصب قيادية، حيث كان مستشارا سياسيا لرئيس حركة حماس السابق إسماعيل هنية، ورئيسا لدائرة الإعلام في الحركة قبل أن يتم تعيينه رئيسا للجنة متابعة العمل الحكومي في غزة في يونيو/حزيران 2021.

وكان الدعليس عضوا في المكتب السياسي لحركة حماس، وله دور كبير في إدارة شؤون القطاع خلال فترة حكمه.

محمود أبو وطفة

وكيل وزارة الداخلية في قطاع غزة، وشغل منصبا محوريا في إدارة الشؤون الأمنية للقطاع.

وكان أبو وطفة يشرف على العمليات الأمنية، خاصة في فترات التصعيد العسكري، وهو شخصية بارزة في الحفاظ على استقرار الأمن والنظام في القطاع.

أحمد الحتة

حاصل على درجة الماجستير في القانون، شغل أحمد الحتة منصب وكيل وزارة العدل في قطاع غزة منذ ديسمبر/كانون الأول 2021.

وكان للحتة دور مهم في إدارة النظام القضائي في غزة، ويُعرف بمساهماته في تعزيز القوانين الفلسطينية في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها القطاع.

واستشهد الحتة مع زوجته وأبنائه، في واحدة من أكثر الحوادث المأساوية التي شهدها القطاع.

بهجت أبو سلطان

المدير العام لجهاز الأمن الداخلي في قطاع غزة، والذي كان مسؤولا عن توفير الأمن الداخلي في القطاع والتنسيق بين الأجنحة الأمنية المختلفة لحركة حماس.

أبو سلطان كان شخصية محورية في تعزيز الأمن واستقرار غزة في مواجهة التحديات التي فرضتها الحروب المتواصلة.

إعلان

ويأتي استشهاد هذه الشخصيات القيادية في حركة حماس، في سياق تصعيد غير مسبوق من العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد غزة، حيث لم تقتصر الهجمات على القيادات العسكرية فقط، بل شملت شخصيات مدنية كان لها دور محوري في إدارة شؤون القطاع وتنظيم الحياة اليومية للسكان.

وهذا التصعيد يرفع من حدة المعاناة الإنسانية في غزة، ويؤكد مرة أخرى على حجم التحديات التي يواجهها سكان القطاع في ظل العدوان المستمر.

مقالات مشابهة

  • الرئيس اللبناني: لن نسمح بتكرار الحرب التي دمرت كل شيء في بلادنا
  • خبير عسكري: تل أبيب تنفذ حربها بدعم أمريكي لتحقيق "حلم إسرائيل الكبرى"
  • خبير عسكري: تل أبيب تنفذ حربها بدعم أمريكي لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى
  • إنفوغراف.. أبرز قادة حماس الذين اغتالتهم إسرائيل بعد استئناف الحرب على غزة
  • أردوغان: إسرائيل تواصل سياسة الإبادة الجماعية في شهر رمضان
  • الجيش الإسرائيلي: تحول جذري في سياسة إسرائيل تجاه حماس وغزة
  • بنك إسرائيل المركزي: نفقات حرب غزة زادت الدين العام الإسرائيلي وأضرت بالاقتصاد
  • الجيش الإسرائيلي يعلن عدد الأهداف التي قصفها في غزة وسوريا ولبنان
  • الآلاف يحتشدون أمام الكنيست الإسرائيلي للمطالبة بالتوصل لاتفاق لإطلاق سراح المحتجزين ووقف الحرب
  • كاريكاتير.. فيما الاحتلال يواصل إبادة غزة أحذية التطبيع تواصل الانحطاط