ورفعت الحشود الجماهيرية في المسيرة العلمين اليمني والفلسطيني، والشعارات المؤكدة أن تحالف حماية السفن الإسرائيلية لن يرهب الشعب اليمني، وإنما يزيده إصرارا على موقفه الثابت والمبدئي في نصرة الشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة ومواجهة العدوان الصهيوني - الأمريكي.

وجددت الحشود المليونية التأكيد على الجهوزية والاستعداد التام لمواجهة أي تصعيد في البحر الأحمر، وتنفيذ أي خيارات وتوجيهات للقيادة الثورية لخوض المعركة المباشرة مع العدو الصهيوني - الأمريكي؛ نصرة للأقصى الشريف وفلسطين.

وأكدت أن الخروج غير مسبوق في العاصمة صنعاء والمحافظات رسالة واضحة لأمريكا ودول الغرب، بوقوف الشعب اليمني خلف قيادته الحكيمة، وتفويضه المطلق لكل القرارات في نصرة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة.

وحذرت الحشود كل الدول من التورط في الانخراط في هذا التحالف، الذي يهدف إلى حماية الكيان الصهيوني الغاصب، ويمثل خطرا وتهديدا على الملاحة الدولية في البحرين الأحمر والعربي.

وأكد المشاركون في المسيرة أهمية الاستمرار في منع السفن الإسرائيلية أو السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني، حتى فك الحصار وإدخال الغذاء والدواء والوقود للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، كموقف لا يقبل المساومة أو التراجع عنه.

وجددوا ثبات موقف اليمن قيادة وحكومة وشعبا لنصرة الأقصى والشعب الفلسطيني، وحركات الجهاد والمقاومة في غزة والأراضي المحتلة، كواجب ديني ووطني وإنساني مهما تخاذل المتخاذلون.

وأعلنت الحشود الجماهيرية مواصلة الاستنفار والتعبئة والتحشيد لتعزيز الجاهزية لخوض أي مواجهة محتملة والمشاركة المباشرة في مواجهة الكيان الصهيوني، الذي يرتكب أبشع المجازر والجرائم بحق الأطفال والنساء والمدنيين في قطاع غزة وأرض فلسطين المحتلة.

واعتبرت انخراط أي دولة في تحالف حماية السفن الإسرائيلية مشاركة مباشرة في العدوان الصهيوني المجرم على الشعب الفلسطيني. وحيّت عمليات القوة الصاروخية والقوات البحرية، وكذا الملاحم البطولية التي يسطرها أبطال المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدو الصهيوني البربري.

وفي المسيرة، عبّر عضو اللجنة العليا لنصرة الأقصى، أحمد حامد، عن التحية والاجلال لشعب الإيمان والحكمة، شعب الحرية والاستقلال والصبر والصمود والجهاد والثقافة القرآنية والهوية الإيمانية، الذي يقف المواقف المشرفة ويخرج باستمرار في مسيرات مليونية من أجل نصرة لقضايا الأمة ووقوفا مع فلسطين والقدس والمقدسات الإسلامية، شعورا منه بالمسؤولية، وقياما بالواجب الذي يفرضه عليه دينه وإيمانه وإنسانيته، وإدراكه لخطورة التقصير أمام ما يعمله اليهود، وما يمارسه أعداء الأمة من ظلم وفساد في الأرض.

وأشار إلى أن الشعب اليمني لا يثنيه عن موقفه لا عدوان ولا حصار ولا حسابات سياسية ولا عقوبات محتملة؛ لأنه يعرف أن من يجب أن يخاف منه هو الله سبحانه وتعالى، الذي بطشه شديد وعذابه أليم، الذي إليه يرجع الأمر كله، ومن يدبر الأمر ويخلق المتغيرات وهو من ورائهم محيط، ينصر ويؤيد وهو الولي والناصر.

وقال: "إن هذا الوعي، الذي حملناه والمواقف المشرفة التي تبنيناها، هي ثمرة من ثمار الثقافة القرآنية ومكاسب الجهاد في سبيل الله، وبفضل القيادة، التي تمثل مع الهدى أكبر نعمة منَّ الله بها على هذا الشعب وعلى الأمة بكلها، قيادة وفية قوية شجاعة حكيمة صادقة واثقة، أعدت هذا الشعب ورفعت رأس الأمة، وأعادت الأمل للشعوب المستضعفة، قائدا عزيزا أبرز قوة الإسلام وحكمة القرآن، وأعاد للمسلمين الاعتبار، ودلهم على طريق العزة والفوز والفلاح في إطار مسيرة قرآنية، ومشروع عملي يمثل الحل والمخرج من هذا الواقع السيئ، وحالة الهوان التي تعيشها الأمة الإسلامية".

ولفت حامد إلى أن الأمة الإسلامية وصلت إلى مستوى من الضعف؛ باتت فيه غير قادرة على اتخاذ موقف مشرف، أو حتى صياغة بيان مؤثر، بل وصل بها الحال لأن تدافع عن أعدائها، وتخدمهم وتقبل اليد التي تضربها، وتجند كل إمكاناتها لإسكات الأصوات الحرة خدمة لأعدائها.

وأكد أنه كان لطوفان الأقصى الدور الكبير، الذي يقدم الشواهد والبراهين على صدق الموقف وأصالة الانتماء، وفرز الصادقين من الأدعياء..

وقال: "إنه زمن كشف الحقائق، الذي تحدث عنه الشهيد القائد، الذي تجلت فيه الحقائق على أرقى مستوى لمعرفة الحقيقة لمن أراد الحقيقة في الساحة الإسلامية وخارجها، فقد كشف بكل وضوح كذب وزيف أمريكا والغرب الكافر في عناوينهم الزائفة، التي خدعوا بها العالم، واستعمروا بها الشعوب، ونهبوا ثرواتها".

وأوضح أنه قد ظهر جليا مستوى الدعم والتحريض والتبني والمشاركة من قبل أمريكا والغرب الكافر لليهود الصهاينة؛ لارتكاب أبشع الجرائم بكل حرية واستخفاف بالدم المسلم، في مجازر بشعة لم يشهد لها التاريخ مثيلا، فظهرت الصورة الحقيقة للحرية المزعومة في تلك المجازر الجماعية، التي يرتكبها قتلة الأنبياء بالجملة، وفي تلك الأطنان من القنابل والأسلحة الفتاكة التي يقتلون بها الأحرار والحرائر من أبناء الشعب الفلسطيني، بلا رحمة ولا إنسانية، وعلى مرأى ومسمع من العالم المتواطئ.

وأضاف: "لقد ظهرت حريتهم الزائفة في قتل عشرات الصحفيين، ومعاقبة وطرد الرياضيين الذين يعبرون عن تضامنها مع فلسطين داخل الغرب المتشدق بالحريات، وتجلت هذه الحرية في إطلاق الكلاب البوليسية لتنهش الجرحى، واستهداف مدارس الأونروا المكتظة باللاجئين، وشاهدنا حقوق الإنسان واضحة جلية بين ركام المباني، التي امتلأت بها الأحياء، حيث الإنسان يمزق والأسر تباد، وتقطع، والبشر يداسون بالمجنزرات، ويدفنون أحياء، فلا حق حفظ ولا حقوق بقيت".

وتابع: "شاهدنا الأطفال بالآلاف قتلى وجرحى، وآلاف أخرى يبحثون عن بقايا أم ممزقة وأشلاء أب متناثرة، لم يحصلوا على أبسط الحقوق في هذه الحياة التي ملأتها أمريكا إجراما وظلما، فأسر بأكملها أبيدت ومسحت من السجل المدني، وعشرات الآلاف لم يعد لهم مأوى، ولم يعودوا يحصلون على شربة ماء، أو حتى حبة دواء، وشاهدنا المستشفيات تقصف والمخابز تستهدف".

وأكد رئيس اللجنة العليا لنصرة الأقصى أن كل تلك العناوين الزائفة ظهرت في الأحزمة النارية وبراميل متفجرة، ومساندة أمريكية، وتصريحات تقول إنه لا أدلة بعد عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى وحرب الإبادة الجماعية..

وقال: "وجدنا القانون الدولي ممزقا بين جماجم الأطفال، ومرميا داخل حضانات الخدج وأشلاء الرضع، والأمم المتحدة علينا مكبلة بلا قلق، ولا أسف".

ولفت إلى أن الجامعة العربية، وقادة العالم الإسلامي يجتمعون على خذلان غزة، ويخرجون ببيان هزيل، مثل طمأنة للعدو الصهيوني، وأعطى رسالة خزي وعجز واستسلام أمام اليهود وأعداء الأمة..

وأضاف: "وجدنا صمتنا عربيا مخزيا وفتاوى لعلماء السوء سيئة معيبة، تدعو إلى الصمت، وتحث على إغماض الأعين، تأمر بالملاهي، وتنهى عن المظاهرات، ومراقص في السعودية، وجلب للمغنيين اليهود والملحدين، وإطلاق مسابقات للكلاب والقطط، وكأن ما يجري في غزة حفل عرس لا جرائم إبادة".

وقال: "وجدنا من يعرض نفسه من الخونة والعملاء في سوق الخدمة؛ دفاعا عن اليهود ونصرة للصهاينة، ومن يفعل سلاحه لحماية العدو الإسرائيلي، وأنظمة تحاصر غزة وتغلق معابرها، وفتحت جسرا بريا لإمداد اليهود بالمواد الطازجة، ووجدنا زعماء همهم إخراج الأسرى ومصافحة قادة الاحتلال بدون حياء ولا خجل، وكذا منابر وأقلام تخدم اليهود ومساحات وإعلام تدافع عنهم؛ تزرع اليأس وتصنع التبريرات".

ولفت حامد إلى أنه، وفي المقابل، هناك أصوات حرة ومواقف صادقة تدافع وتناصر وتكشف الحقائق تضرب العدو، وتقدم الشهداء، وشعبا يمانيا يطلق الصواريخ والطائرات، ويخوض للقدس الغمرات يركب الأمواج، ويقتاد السفن الإسرائيلية، ويضرب أي سفينة تتجه إلى موانئ الاحتلال، ويفرض حصارا على العدو مقابل الحصار.

وأكد وجود قائد عزيز يبرز في الميدان لم يترك غزة وحدها ولن يتركها، أعلن وبكل وضوح، وأسمع كل العالم أن المعركة واحدة، وأن العدو واحد، واتخذ خيارات لم يتخذها لشعبه في مواجهة العدوان، ليتجلى بذلك أن القدس هي العنوان الكبير الذي احتضنه الشعب اليمني قضية، وآمن به مبدأ، واتجه إليه جهادا ومسؤولية.

ولفت إلى أن الشعب اليمني لا تخفيه التحالفات، ولا توقفه التهديدات، ولا ترعبه القطع العسكرية الأمريكية، وإن قالوا عنها مدمرة، فهو لا يراها إلا صيدا ثمينا، إذا حركت أمريكا ذيلها، وورطت نفسها.. مؤكدا أن " هذا الموقف الشعبي والالتفاف الجماهيري الكبير يحسب له العدو ألف حساب، فموقفكم العظيم والفاعل أوقف ميناء إيلات، وغيرت به سفن الاحتلال والناقلة إليه طريقها عبر الرجاء الصالح، وجمدت به كبريات الشركات البحرية عملها، وارتفعت به السلع في أسواق العدو الصهيوني، وأذل أمريكا وإسرائيل وأسقط هيبتها".

وأفاد بأن موقف الشعب اليمني "أحرج الأعراب، وكشف النقاط عن مستوى السقوط لأنظمة تتفرج على ما يجري في غزة من مجازر جماعية، وحرب إبادة، وتجويع ولا من مجيب، إلا من بعض أصوات ومواقف كنتم أنتم رجالها الصادقين قولا وفعلا وتأثيرا".

ودعا حامد المتصهينين من أنظمة العمالة إلى التفكير في أوجاع غزة بدلا من التفكير في هموم الصهاينة والتخفيف من معاناة اليهود..

وقال: "تحالفوا من أجل إخوانكم بدل التحالف مع أعدائكم، ما بالكم، ما طبكم، ما دواؤكم، ما الذي دهاكم حتى وصلتم إلى هذا الواقع المخزي والغريب والمؤلم، لمن تحتفظون بجيوشكم وأسلحتكم إذا لم تتحركوا في موقف كهذا، فمتى ستتحركون؟ إذا لم تحرككم هذه المجازر الوحشية ونداءات أطفال ونساء غزة فما الذي سيحرككم؟ أين غيرتكم وعروبتكم وإسلامكم؟ ما أخزاكم وما أذلكم، وما أسوأ موقفكم، فمأساة غزة كبيرة لا يسكت عنها إلا من لا ضمير له".

وخاطب حراس إسرائيل المتحالفين من أجل حماية سفنها قائلا: "لا تتورطوا في إذكاء النار، فالبحر عميق والحيتان جائعة، ستندمون وتغرقون وتتفاجأون؛ لأن الموقف ثابت والقرار نافذ، حصار بحصار، ولا حل إلا بوقف العدوان، ومن تحرك في هذا التحالف يعلم علما يقينا أنه يقدم خدمة لإسرائيل.

وجدد رئيس اللجنة العليا لنصرة الأقصى التأكيد أن أكبر خطر يهدد الملاحة الدولية، وجميع الدول هو التحرك الأمريكي الذي يسعى لعسكرة باب المندب وخليج عدن، وتأمين الصهاينة لارتكاب حرب الإبادة الجماعية.

ودعا المرتزقة والخونة وحراس الصهاينة، الذين باعوا شعبهم وكانوا مطايا للاحتلال على بلدهم وتنافسوا في العمالة والخيانة لخدمة الأعداء في أسوأ موقف، ألا يتنافسوا في خدمة اليهود على حساب الأشقاء في غزة، ويتاجرون بالدماء والمقدسات؛ لأنهم سيخسرون حتما، ويضيفون إلى سجلهم السيئ خزيا إلى خزيهم. وجدد التأكيد على أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم، فالله معهم ناصرا ومعينا، واليمن قيادة وشعبا معهم، وإلى جانبهم حتى النصر بإذن الله.

وأضاف: "للسيد القائد نقول: يا سيدنا فوضناك فنحن جنودك ورصاصة في يمناك أضرب بنا أنى تشاء، وخض بنا عمق البحار لك العهد والولاء".. مؤكدا على استمرار موقف اليمن المتصاعد والصادق مع القدس والأقصى وفلسطين والمناهض والمعادي لأمريكا وإسرائيلي.

وعبّر عن الشكر للحشود الجماهيرية على التفاعل والاستمرار في الخروج الكبير مع الأشقاء والمقدسات في فلسطين، الذي ليس بالأمر البسيط بل أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه جهاد في سبيل الله.

ودعا رئيس اللجنة العليا لنصرة الأقصى إلى تفعيل المقاطعة الاقتصادية بقوة والاستفادة من مدرسة الأحداث والشواهد، والتسلح بالوعي العالي تجاه ما ينشره الأعداء وأذنابهم من شبه ودعوات تثبيط ومحاولات تقزيم لمواقف اليمن المؤثرة والفاعلة والعظيمة.

وأكد بيان صادر عن المسيرة ألقاه عضو اللجنة العليا لنصرة الأقصى، الفريق الركن جلال الرويشان، أن استمرار العدو الصهيوني المجرم في سفك الدم الفلسطيني وارتكاب الجرائم البشعة بجميع أنواعها بحق الأطفال والنساء والمدنيين يأتي ضمن العقيدة الإجرامية للوبي اليهودي الصهيوني، وبدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية.

وأشار إلى أن هذا العدو المجرم لن يوقفه عند حده إلا المواقف الجهادية البطولية الصادقة، وأن الصمت على استمرار الجرائم يمثل مشاركة في الجريمة.. منوهاً بموقف الشعب اليمني الواعي الذي يتحرك في كل الميادين والساحات ويمارس كل الوسائل الممكنة لنصرة الأقصى وإخوانه في فلسطين، تحركه القوة الايمانية بالله وعدالة القضية، ويسمع نداء وصراخ المظلومين.

وأكد البيان على المضامين والرسائل والمواقف القوية والصادقة والمشرفة، التي تمثل الشعب اليمني، خصوصا والأمة الإسلامية عموما، التي أطلقها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، في خطابه التاريخي، يوم الأربعاء الماضي.

وجدد التأكيد للعالم أن هذا هو موقف اليمن الموحد والمبدئي والثابت والمعلن والصريح، الذي لن يتغير أو يتزلزل، ولن يتراجع عنه وعن نصرة الشعب الفلسطيني وبذل أقصى الجهود في ذلك.. معلنا استعداد الشعب اليمني وجهوزيته الكاملة لكل الاحتمالات والسيناريوهات المتوقعة، وذلك من منطلق قول الله تعالى [وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة].

وأشار البيان إلى أن المعركة المباشرة مع الأمريكيين والإسرائيليين لطالما انتظرها الشعب؛ ليكون له شرف المواجهة المباشرة في هذه المعركة.

كما جدد بيان المسيرة مطالبة الشعب اليمني الصادقة والواضحة لجميع الدول المجاورة، ومن لديهم حدود مشتركة مع الشعب الفلسطيني، بفتح ممرات برية آمنة لتدفق المجاهدين من أبناء الشعب اليمني والشعوب المؤمنة؛ للالتحام المباشر مع العدو الصهيوني المجرم ومساندة لإخوانهم في فلسطين المحتلة.

وأشاد بالمواقف والعمليات الجهادية البطولية المنكلة بالعدو الصهيوني المجرم، التي ينفذها المجاهدون من كتائب القسام وسرايا القدس وبقية الفصائل الفلسطينية المجاهدة، وكذلك العمليات التي ينفذها رجال المقاومة الإسلامية في حزب الله اللبناني، التي أحرمت العدو نومه وأقضت مضجعه.

وحذر البيان الدول التي يتم الدفع بها وتوريطها في تحالف حماية السفن الإسرائيلية، سواء كانت ظاهرة أو مستترة، أن أي عمل عدائي ضد الشعب اليمني وموقفه المناصر للشعب الفلسطيني المظلوم لن يمر دون رد، وأن توسع المشاركة يعني في المقابل توسع الأهداف للقوات المسلحة اليمنية وقد أعذر من أنذر.

واستنكر حالة الخنوع والخذلان من قبل الأنظمة العربية والإسلامية فيما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مجازر وجرائم على يد الأمريكي والإسرائيلي، وحالة التبعية العمياء لهذه الأنظمة، التي تزج بهم أمريكا للقتال نيابة عنها في كل الحروب.

ودعا بيان المسيرة الشعوب العربية والإسلامية إلى أن يكون لهم موقف واضح في هذه المعركة؛ فالصمت لن يعفيهم من المسؤولية، فالساكت عن الحق شيطان أخرس.

وأكد استمرار الشعب اليمني في حملة المقاطعة الاقتصادية للبضائع الأمريكية والاسرائيلية، والشركات الداعمة لها.. مجددا دعوته لأحرار الأمة إلى المقاطعة الاقتصادية كأقل مشاركة في نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم. وكان شاعر الثورة معاذ الجنيد ألقى قصيدة بعنوان "برقية إلى الشهيد القائد".

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: اللجنة العلیا لنصرة الأقصى نصرة الشعب الفلسطینی السفن الإسرائیلیة الصهیونی المجرم العدو الصهیونی الشعب الیمنی فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

“الثورة نت” ينشر نص كلمة قائد الثورة بمناسبة الانتصار التاريخي للشعب الفلسطيني

الثورة نت/..
نص كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، بمناسبة الانتصار التاريخي للشعب الفلسطيني، الإثنين 20 رجب 1446هـ / 20 يناير 2025م.

أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ

بِـسْــــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَــنِ الرَّحِـيْـمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

قال الله تعالى في القرآن الكريم: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}[الحج:39]، صَدَقَ اللهُ العَلِيُّ العَظِيم.

بمناسبة الانتصار التاريخي العظيم، الذي منَّ الله به على الشعب الفلسطيني، ومجاهديه الأعزاء في قطاع غزة، بعد خمسة عشر شهراً من الإبادة الجماعية، والعدوان الهمجي الإجرامي الوحشي الإسرائيلي، بشراكةٍ أمريكية، نتوجه أولاً: بالحمد والشكر لله تعالى، رب العالمين، ونصير المستضعفين، ومذل المستكبرين، وقاهر الجبابرة والطغاة الظالمين، الذي له الفضل والمِنَّة، فهو الذي أعان إخوتنا المجاهدين في قطاع غزة، وثبَّت أقدامهم، وسدَّد رميهم، وأنزل السكينة عليهم، وربط على قلوبهم، وأيّدهم بنصره، وهو الذي أمدَّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بالثبات والصمود، بالرغم من وحشية العدو وجبروته، وممارسته الإبادة الجماعية بكل وسائل الإبادة، والإجرام بمنتهى الإجرام.

ثانياً: نتوجه بأطيب التهاني والمباركة للشعب الفلسطيني، بكل فصائله ومكوناته في الداخل والخارج، بدءاً بمجاهديه الأعزاء في قطاع غزة، كتائب القسام، ومعها سرايا القدس، وبقية الفصائل المرابطة المجاهدة، المضحية، التي اتَّحدت وتعاونت مع كتائب القسام جنباً إلى جنب وكتفاً بكتف، وقاتلت العدو الإسرائيلي، وتصدَّت لعدوانه الهمجي ببسالةٍ وتفانٍ وثباتٍ منقطع النظير، وكان لهذا التعاون القائم على قرارٍ حاسمٍ بالمواجهة للعدو، والتصدي لعدوانه، مهما كان حجم التضحيات، ومستوى التحديات، مع الصبر والاستبسال، كان لهذا التعاون القائم على هذا القرار أهميةٌ كبيرةٌ فيما منَّ الله به وتحقق من نتائج عظيمة.

وقد بارك الله تعالى ثبات إخوتنا المجاهدين في قطاع غزة، وصبرهم، وجهادهم، وتضحياتهم، بما أمدهم به من سكينةٍ، وربطٍ على القلوب، وتثبيتٍ، وعونٍ، وتسديد، ونصر، فقد كانوا على مستوى الإمكانات يقاتلون بإمكاناتٍ بسيطةٍ ومحدودةٍ مع حصارٍ شديد، في مقابل ما هو بحوزة العدو، وما شارك به الأمريكي، وهو الكثير، من أفتك السلاح، ووسائل التدمير والقتل الأكثر تطوراً على المستوى العسكري.

وعلى مستوى الظروف الصعبة المعقدة، من عدوانٍ مدمر، واجتياحٍ شامل، ورصدٍ جويٍ كثيف، ونشاطٍ استخباراتيٍ مطبق، وظروفٍ بالغة التعقيد، حشد لها العدو بمشاركةٍ أمريكيةٍ وبريطانية ما يساعده على تدمير أي نشاطٍ مقاوم، والقضاء على أي تحركٍ جهاديٍ للتصدي للعدو، مع ظروفٍ محيطةٍ صعبةٍ للغاية، فيما يستهدف به العدو كل محيطهم الشعبي، ومجتمعهم، وأهليهم في قطاع غزة، من قتلٍ، وإبادةٍ، وتجويعٍ، وتدميرٍ شاملٍ، وتدميرٍ أيضاً لكل مقومات الحياة… وغير ذلك.

ثم مع حجم التضحيات الكبيرة، بقوافل الشهداء من القادة، وفي طليعتهم الشهداء الأعزاء: إسماعيل هنيَّة، والعاروري، والسنوار “رَحِمَهُم الله”، وقادة في الميدان من الكوادر ومن بقية المجاهدين، وجرحى، مع كل ذلك لم تنكسر إرادتهم، {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}[آل عمران:146].

وبالرغم أيضاً من التخاذل العربي الرسمي الواسع، والموقف السلبي لبعض الأنظمة العربية، وأيضاً الموقف السلبي- وللأسف الشديد- للسلطة الفلسطينية.

بالرغم من كل ذلك وفَّقهم الله، وأعانهم، وثبَّتهم؛ فكانوا ثابتين وفاعلين في عملهم الجهادي، وتصديهم البطولي للعدو الإسرائيلي، وأبدعوا في التكيُّف مع مختلف الظروف العسكرية، وابتكار التكتيكات اللازمة، واستفادوا حتى من بعض قنابل العدو التي لم تنفجر، وقاتلوه حتى بالسلاح الأبيض، ونفَّذوا عملياتٍ بطوليةٍ وفدائيةٍ جهاديةٍ ستبقى في سجلهم التاريخي العظيم، مُلهِمةً للأجيال؛ ولـذلك فقد كانت عملية طوفان الأقصى بنفسها نقلةً نوعيةً في العمل الجهادي الفلسطيني، وكان أيضاً هذا الصمود العظيم على مدى خمسة عشر شهراً، بما تحقق فيه من إبداعات، وما كان له من نتائج، نقلةً عظيمةً ومهمةً، وتجربةً ناجحةً كذلك.

ثم بثبات حركات المقاومة في الموقف السياسي، حيث حملت حركة المقاومة الإسلامية حماس راية الجهاد السياسي بكل ثبات، ولم ترضخ لكل الضغوط ومحاولات الابتزاز، الرامية إلى إخضاعها للقبول بصيغة استسلامٍ تتنازل فيها عن حقوق الشعب الفلسطيني، وتعطي العدو في المفاوضات ما عجز عن الحصول عليه في الميدان العسكري، وقد كانت جولات التفاوض وما قبلها وما بينها ساحةً حقيقيةً للمواجهة السياسية، في مقابل حجم الضغوط الأمريكية والغربية، التي كانت ضغوطاً كبيرة، مع الضغط الحاصل في قطاع غزة، لكن حركة المقاومة الإسلامية حماس ثبتت، ومعها حركة الجهاد الإسلامي، وبقية الفصائل الفلسطينية، بتعاونٍ تامٍ وروحٍ أخوية، حتى تحققت النتائج المهمة، التي حافظت على الحقوق الفلسطينية، وعلى النتائج المهمة للفعل المجاهد المقاوم في قطاع غزة.

ثم أيضاً بثبات الحاضنة الشعبية الفلسطينية، بالرغم من الإبادة بكل وسائلها، من قتلٍ وتجويع، ومع الجراح والمرض، والبرد القارس، والحصار التام، والتدمير لكل مقومات الحياة.

ومع ذلك أيضاً ما قدمته الضفة الغربية من تضحيات، وعملياتٍ بطولية، والعمليات التي نفَّذها الاستشهاديون في مناطق متعددة من فلسطين.

فهذا الصبر، وهذه التضحيات، وهذا الجهد، وهذه الجهود، هو القربان العظيم إلى الله تعالى، والعطاء الكبير، والتقدمة المهمة التي باركها الله وحقق لها هذه النتائج المهمة، والتي ستستمر- إن شاء الله- في مسارٍ تصاعدي، وهي نقلةٌ حقيقية في ميدان المواجهة مع العدو الإسرائيلي إلى مستوىً متقدم، له أهميته الكبرى، في مستقبل الشعب الفلسطيني، وزوال الكيان الغاصب المؤقت، وتحقق الوعد الإلهي المحتوم.

قد لا يستوعب البعض أهمية ما تحقق من ذلك، لكن يكفيهم أن هناك إجماعاً إسرائيلياً على فشل المجرم [نتنياهو]، وأن اليوم التالي للحرب، الذي كثيراً ما كان يركز المجرم [نتنياهو] على الحديث عنه، ويرسم لهم صورة انتصارٍ إسرائيلي، بزوال حركة مقاومة الإسلامية حماس، وكتائب القسام، والفصائل الفلسطينية المجاهدة من قطاع غزة، والسيطرة الإسرائيلية التامة، كان اليوم (بالأمس) يوماً للانتصار الفلسطيني، وللمجاهدين الفلسطينيين بكل جلاء، كان يوماً حماسياً في غزة، ظهرت فيه فصائل المقاومة منتصرة.

من أهم أيضاً ما كان بارزاً وفارقاً في هذه الجولة من المواجهة مع العدو الإسرائيلي، من بعد طوفان الأقصى، وكان علامةً فارقةً في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي، هي: جبهات الإسناد، التي استمرت بالإسناد للشعب الفلسطيني، ومجاهديه الأعزاء، بشكلٍ غير مسبوقٍ في تاريخ هذا الصراع، وبشكلٍ مستمر:

جبهة الإسناد في لبنان، وما قدمه حزب الله من تضحياتٍ عظيمة، من قادته، وكوادره، وأفراده المجاهدين، وبشكل غير مسبوقٍ مع الشعب الفلسطيني، وما أسهم به على مستوى النكاية بالعدو الإسرائيلي، والالتحام في العمليات الكبيرة والمواجهات الشاملة، وحجم الاستنزاف الكبير جداً للعدو، وتنكيله الكبير بالعدو، وما ألحقه به من الخسائر الفادحة، والأضرار الكبيرة، في عمله الجهادي العظيم، وفي أثناء مرحلة مواجهته للعدوان الإسرائيلي على لبنان.

جبهة الإسناد في العراق، وعملياتها التي استمرت إلى الآونة الأخيرة، واستمرت بعض فصائلها دون توقف، إلى حين تحقيق الانتصار.

دور الجمهورية الإسلامية في إيران، التي استمرت بالدعم دون توقف، بالرغم من الضغوط والإغراءات، وكذلك عملياتها الكبرى، المدمرة، والكبيرة، والغير مسبوقة، في الوعد الصادق.

جبهة الإسناد في يمن الإيمان، التي فاجأت العالم بمستوى موقفها، واستمرارها، وثباتها، وبزخمها الشعبي، والسقف العالي للموقف.

ونتحدث هنا على نحوٍ من التفصيل، وبالاختصار عن الموقف اليمني، وحديثنا عن الموقف اليمني ليس للتمنن، ولا للمزايدات، فهو أداءٌ لواجبٍ مُقَدَّسٍ، وهو مسؤوليةٌ دينية، وهو بتوفيقٍ من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ ولـذلك نقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ}[الأعراف : 43]، ولكنه يهمنا الحديث عن هذه التجربة المهمة، وللبناء على ما قد تحقق في الحاضر والمستقبل.

ونتحدث أولاً: عن مميزات هذا الموقف:

الميزة الأولى للموقف اليمني: أنه ثمرةٌ للانطلاقة الإيمانية، والتوجه القرآني لشعبنا العزيز، الذي هو مصداقٌ للحديث النبوي: ((الْإِيْمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ))، هذه الانطلاقة، وهذا التوجه، الذي ارتقى بشعبنا العزيز، من مجرد العاطفة الوجدانية، والتعاطف النفسي، والمواقف الشكلية والمحدودة؛ إلى مستوى الشعور بالمسؤولية، والموقف العملي الجهادي الشامل في كل المجالات.

هناك الكثير من أبناء أمتنا الإسلامية، يحملون تجاه الشعب الفلسطيني، ومظلوميته الكبيرة ومعاناته، التعاطف بالشعور الوجداني، والعاطفة النفسية، ولكن لا يرقى هذا التعاطف لدى الكثير من الحالة النفسية إلى مستوى الموقف العملي، قد يرقى لدى البعض إلى مستويات محدودة بحسب ظروفهم وأوضاع بلدانهم، لكنه في واقعنا في اليمن ارتقى بشعبنا العزيز إلى ترجمة هذا التعاطف إلى مستوى أكبر، إلى أن يكون شعوراً بالمسؤولية الدينية، والإيمانية، والأخلاقية، والإنسانية، وأن يتحول إلى مواقف عملية جهادية شاملة.

الميزة الثانية في موقف اليمن: هي الاتجاه الرسمي والشعبي معاً، في توجهٍ واحد، وموقفٍ واحد، بسقفٍ عالٍ أيضاً؛ ولـذلك لم تنجح أمريكا ومن مع أمريكا في التأثير على هذا الموقف، من خلال أسلوبها الذي تستخدمه في بقية البلدان، حيث تُكَبِّل الموقف الشعبي من خلال الجانب الرسمي؛ فتحرك الأنظمة والحكومات والزعامات في بعض البلدان، للضغط على شعوبها، وتكبيلها وتقييدها من أي تَحَرُّكٍ، أحياناً من أي تحرك بأي مستوى، وأحياناً من أي تحرُّكٍ بالمستوى المطلوب، بمستوى المسؤولية وبما ينبغي، وأحياناً تستخدم أمريكا أسلوب الإثارة لمكونات شعبية، وللشعوب، تحت عناوين واصطناع مشاكل وأزمات وقضايا؛ من أجل الانتقام من الموقف الرسمي.

شاهدنا في بعض البلدان الإسلامية، أن يكون على رأسها زعيم، يتبنى موقفاً مناهضاً للسياسة الأمريكية والهيمنة الأمريكية، ومعادياً للعدو الإسرائيلي، ثم تصنع له أمريكا مشكلةً معينة، من خلال أجهزة في نظامه، أو من خلال جيشه، أو من خلال الواقع الشعبي، وتحرك ضده إمَّا انقلاب، وإمَّا موقفاً يطيح به، وينهيه وينهي تأثيره ووجوده.

لكن فشلت في اليمن؛ نتيجةً للتوجه الشامل على المستوى الرسمي والشعبي، فلا هي تمكنت من أن تحرك الموقف الرسمي لتكبيل وتقييد الموقف الشعبي، ولا هي نجحت في التأثير على الموقف الشعبي، ليكون ضاغطاً على الموقف الرسمي بأي عنوان، بافتعال أي قضايا أو عناوين؛ فكانت هذه ميزة: هذا التحرك الشامل المتناغم، وكان الموقف الرسمي يعبِّر بكل صدقٍ ووضوح عن الموقف الشعبي.

ثم الموقف العملي، الذي هو تحركٌ شاملٌ في كل المجالات، بدءاً من العمليات العسكرية، ومراحلها التصاعدية، بالرغم مما واجهته من تعقيدات، كان ما يرغب به شعبنا العزيز، وما يريده، وما طالب به، هو: التفويج، والاشتراك المباشر في القتال، جنباً إلى جنب مع المجاهدين في فلسطين، ولو تهيأت الظروف لذلك فقد كنا جاهزين لتفويج مئات الآلاف للجهاد في سبيل الله تعالى، نصرةً للشعب الفلسطيني، بالقتال المباشر مع المجاهدين في فلسطين، لكن التعقيد الذي حال دون ذلك هو بعد المسافة، والعائق الجغرافي، بوجود أنظمة وحكومات وبلدان فيما بيننا وبين فلسطين، لم تستجب لطلب أن تفتح طرقاً ومنافذ بريَّة آمنة للعبور منها، للوصول إلى فلسطين، والمشاركة مع الشعب الفلسطيني في غزة.

كُنَّا نرصد مسار الأحداث بعد عملية طوفان الأقصى، التي هي نقلة نوعية، وكبيرة، ومهمة جداً، وباتت فعلاً القضية الفلسطينية ببركتها في مرحلةٍ متقدمة، كنَّا نرصد مسار الأحداث، وننسق مع إخوتنا في محور المقاومة، وبقية جبهات الإسناد، واتخذنا قراراً أعلناه في كلمةٍ متلفزة: بأن العدو الإسرائيلي إذا اتَّجه إلى تجاوز الخطوط الحمر، فسنتجه إلى العمليات العسكرية، المساندة للشعب الفلسطيني ومجاهديه في غزة، الخطوط الحمر التي قصدناها، هي:

عندما يرتكب العدو الإسرائيلي المجازر الجماعية.

أو يعمل على الاجتياح البري لقطاع غزة.

أو يستهدف بنية المقاومة الإسلامية في غزة، بشكلٍ يضر بها ويؤثِّر عليها.

عندما ارتكب العدو الإسرائيلي جريمته الكبرى، بالاستهداف للمستشفى الأهلي المسمَّى بـ (المعمداني)، قررنا في تلك الليلة بنفسها التدخل بالإسناد العسكري؛ لأن العدو الإسرائيلي تجاوز الخطوط الحمراء، وارتكب مجزرة إبادة جماعية، كُنَّا نريد في تلك الليلة أن تكون أول عملية عسكرية مساندة، مباغتةً ومفاجئةً للأعداء، لكن الأمريكي مع نشاطه التجسسي في الأجواء اليمنية رصد التحركات والاستعدادات للعملية؛ وبالتالي أرسل برسالةٍ إلينا فيها التهديد، والوعيد، والتحذير، فكان ردنا عليه- بتوفيق الله- رداً قوياً، وأكدنا على ثباتنا على موقفنا، وقررنا تنفيذ العملية في صباح ذلك اليوم، بالرغم من معرفتنا أن الأمريكي سيسعى إلى اعتراض الصواريخ والمسيَّرات، فقررنا تنفيذ العملية بالصواريخ والمسيَّرات باتَّجاه أم الرشراش وجنوب فلسطين، وكانت هذه هي مرحلتنا الأولى في عمليات الإسناد العسكرية، وكان ذلك أقصى ما نمتلكه، وما يتوفر لدينا من إمكانات، هو: القصف إلى ما يسميها العدو بـ [إيلات] إلى أم الرشراش في جنوب فلسطين، الأمريكي كان مستعداً للاعتراض، وتعاون مع بعض الأنظمة العربية، وسعى لاعتراض ما تمكن من اعتراضه من تلك الصواريخ، ومن تلك الطائرات المسيَّرة، ووصل ما وصل.

اتجهنا على أساس الاستمرار في هذه العمليات، مع دراسة خيارٍ إضافي؛ من أجل فاعليةٍ أكبر، وضغطٍ أكبر على العدو، وتقرر لدينا أن نعتمد العمليات البحرية، على أساس أن تكون مساراً إضافياً، مع الاستهداف بالقصف الصاروخي إلى فلسطين المحتلة، لاستهداف العدو في أم الرشراش وجنوب فلسطين، وكانت هذه مرحلةً ثانية.

العمليات البحرية بدأت بدايةً موفقة، بتوفيقٍ من الله تعالى، ومباركة، ومفاجئةً للعدو الإسرائيلي وغيره، وللأمريكي، وللعالم، بدأت بالسيطرة المباشرة على سفينةٍ إسرائيلية، وكانت السيطرة عليها، ومشاهد العملية التي وُثِّقَت أثناء تنفيذ العملية، كان لها صداها الكبير، وتأثيرها الكبير، وتمهيدها المهم لما بعدها من عمليات.

الأمريكي قلق بشكلٍ كبير، وكثَّف من تواجده بقطعه الحربية في البحر، ونشاطه البحري؛ من أجل حماية السفن الإسرائيلية. الإسرائيلي اغتاظ جداً، ومن لحظة السيطرة على تلك السفينة الإسرائيلية، كان هناك تصريحات من المجرم [نتنياهو]، تصريحات من قادة الجيش الإسرائيلي، من كبار المجرمين الإسرائيليين، التي تُعبِّر عن شدة غيظهم، وعن مدى ما كانوا فيه من القهر والضيم، وما كانوا فيه من الغيظ الشديد، لكن العمليات البحرية استمرت، بالرغم من تحرك الأمريكي الواسع لحماية السفن الإسرائيلية، وكانت بتعاونٍ كامل ما بين القوات البحرية، التي كانت في مقدمة من يُقدِّم الشهداء في سبيل الله تعالى في هذه العمليات، والقوات الصاروخية، والطيران المُسيَّر، هذه القوى الثلاث في القوات المسلحة اليمنية لها الدور الكبير جداً في هذه العمليات العسكرية، والذي كان بجهدٍ مستمر، وبتضحيات، وبثبات، وبعملٍ دؤوب، نسأل الله تعالى أن يكتب أجرهم، وأن يتقبل منهم جهادهم وتضحياتهم.

الأمريكي كثَّف الانتشار في البحار، واستعان بالأوروبيين في ذلك، وكان تركيزه مع من يتعاون معه من الأوروبيين على عمليات الاعتراض للصواريخ، وللطائرات المُسيَّرة، وعلى مرافقة السفن الإسرائيلية التي تتحرك في البحر، لكنه بالرغم من كل ذلك فشل، كانت تُقَابَل استراتيجيتهم في الاعتراض بكثرة إطلاق المسيَّرات والصواريخ، فكانوا إن اعترضوا البعض منها، وصل البعض الآخر؛ ولـذلك نجحت العمليات البحرية بالاستهداف للسفن الإسرائيلية، وأثَّرت على حركتها ونشاطها.

ما بعد ذلك تم الانتقال إلى تطوير الصواريخ، وتطوير الطائرات المسيَّرة، وتطوير الزوارق البحرية، وكل هذا تحقق فيه نتائج مهمة ونقلات مهمة، تفاجأ الأعداء بشكلٍ كبير (الأمريكي، وتفاجأ معه الآخرون أيضاً) من استخدام الصواريخ البالِسْتِيَّة في العمليات البحرية، لأول مرة في التاريخ، لم يسبق أن تستخدم الصواريخ البالِسْتِيَّة، التي تستخدم عادةً لاستهداف أهداف ثابتة في البر، ولكن أن تستخدم لاستهداف أهداف بحرية متحركة في البحر، فكان هذا مفاجئاً لهم جداً، وكان هذا بتوفيق الله تعالى، وبجهدٍ تقنيٍ بذله الإخوة في الصاروخية، كذلك تحققت نتائج مهمة في تطوير الطائرات المسيَّرة، والزوارق البحرية بموازاة ذلك؛ ولـذلك كانت عمليات الاعتراض ضعيفة، بعد هذا التطور، على مستوى الصواريخ البالِسْتِيَّة، واستخدامها في العمليات البحرية، وعلى مستوى تطوير الطائرات المسيَّرة والزوارق البحرية، فكان تأثيرها تأثيراً كبيراً، وصل إلى تخوّف العدو الإسرائيلي من حركة أي سفن تابعةٍ له بشكلٍ مباشر، وتوقف عن ذلك.

يعني: بفضل الله تعالى، في تلك المرحلة المهمة، نجحت قواتنا المسلحة بإيقاف النشاط المباشر الملاحي للعدو الإسرائيلي عبر البحر الأحمر بشكلٍ كامل، من خلال سفنه التي يمتلكها، وانتقل العدو الإسرائيلي إلى استخدام طريقةٍ أخرى، هي: نقل بضائعه في سفن لشركات أخرى، ولدول أخرى، بحيث تُنْقَل فيها بضائعه، بدلاً من النقل لها في سفن يمتلكها هو، بالرغم من أنه ما قبل ذلك كان يعتمد على أسلوب التمويه، التمويه لسفنه، من خلال أنها لم تكن تحمل العلم الإسرائيلي وهي تمر في البحر الأحمر وباب المندب، ثم يُمَوِّه أيضاً باسم دول أخرى، وشركات أخرى، فلم ينجح في ذلك، تم الاكتشاف لها، من خلال نشاط معلوماتي مُنَظَّم وقوي، واختراق معلوماتي مهم، بجهدٍ مهم، نجحت فيه القوات المسلحة، ثم انتقل إلى تلك الطريقة، التي هي: نقل بضائعه في سفن لدول أخرى، ولشركات أخرى، وكان الاستهداف لها يمثل أيضاً خطوةً جديدة، ومرحلةً جديدة ذات حساسية كبيرة، لكن كان يترافق مع ذلك تحذير للشركات، وتحذير للدول التي تتبعها تلك الشركات، وتحذير أيضاً للسفن نفسها أثناء تحركها، ثم تستهدف.

كان الانتقال إلى هذه المرحلة أمراً مزعجاً بشكلٍ كبير للأمريكي وللإسرائيلي؛ لأن معناه: المنع للإسرائيلي من نقل بضائعه في التصدير، أو في الاستيراد، بشكلٍ نهائي عبر البحر الأحمر وباب المندب بأي وسيلة من الوسائل، لا في سفنه المباشرة، مع تمويهها، ثم فشل في ذلك، ولا عبر سفن أخرى، وهذا له تأثيره المباشر على العدو الإسرائيلي في اقتصاده.

الأمريكي انتقل للتصعيد مع ذلك في مرحلة جديدة من التصعيد، وحاول أن يحشد لها الآخرين، ولكنه فشل في ذلك، فقط تحرك معه البريطاني، انتقل إلى مرحلة من التصعيد بالعدوان على بلدنا إسناداً للإسرائيلي، وأعلن عن ذلك، ولأنه أصبح يفشل في مسألة الاعتراض، أراد أن يستهدف البنية الصاروخية، في منصات الإطلاق، في المصانع، في المخازن، وأن يستهدف العمليات التي يتم فيها إطلاق الصواريخ والمسيَّرات في داخل بلدنا.

ترافقت العمليات العدوانية على بلدنا، التي ينفذها الأمريكي، مع رصدٍ جويٍ كثيفٍ جداً، بالأقمار الصناعية، وكل أنواع طائرات التجسس التي يعتمد عليها الأمريكي؛ بهدف الاكتشاف للبنية الصاروخية التحتية، لمنصات الإطلاق، لمرابض الإطلاق، للمخازن، للمصانع، وحاول الأمريكي أن يكثِّف من استهدافه للبنية التحتية، لكنه فشل في ذلك، وتوسَّعت دائرة العمليات من البحر الأحمر، وباب المندب، وخليج عدن، إلى بحر العرب، وكانت هذه أيضاً نقلة في العمليات، ومرحلةً مهمةً وجديدة، وتوسَّعت بأكثر من ذلك إلى أقصى البحر العربي، وإلى المحيط الهندي، وبمحاذاة سقطرى، وهذه أيضاً إنجازات كبيرة، وتصعيد في العمليات، له تأثيره على الأعداء.

توسَّعت العمليات البحرية إلى البحر الأبيض المتوسط، وهذه الخطوة تمت بناءً على التنسيق ما بيننا وبين الإخوة في المقاومة الإسلامية في العراق، لكن هذا المسار واجه الكثير من العراقيل، نتيجةً لحجم الضغوط على الإخوة في المقاومة الإسلامية في العراق؛ ولـذلك لم يكن هذا المسار فعَّالاً بقدر ما كُنَّا نريد، وكُنَّا نأمل الاستمرار في تقوية هذا المسار.

أيضاً فيما يتعلَّق بالمحيط الهندي: نجحنا في مستويات معينة، لكن الأعداء عملوا على الابتعاد أكثر في أقصى المحيط الهندي، بمسافات بعيدة، وكان هذا أيضاً يتطلب المزيد من تطوير القدرات؛ للوصول إلى مسافات أبعد في المحيط الهندي.

ثم كذلك فشل الأمريكي في حماية السفن بشكلٍ نهائي، السفن التي تتبع العدو الإسرائيلي، أو التي تحمل بضائع له، وتوقف النشاط الملاحي الذي يتبع العدو الإسرائيلي بشكلٍ نهائيٍ عبر البحر الأحمر، وباب المندب، وخليج عدن، والبحر العربي، في هذا المسار توقف بشكلٍ كامل؛ وبالتالي توقف بشكلٍ كامل ميناء أم الرشراش، التي يسميها العدو [إيلات]، توقف بشكلٍ نهائيٍ عن العمل، وهو الميناء الفلسطيني الوحيد المطل على البحر الأحمر، الذي كان يستفيد منه العدو استفادةً كبيرة في كل مساره الملاحي عبر البحر الأحمر، كان لهذا تأثيره الكبير على العدو في الجانب الاقتصادي، في خسارته لما كان يحصل عليه من إيراد مالي من هذا الميناء، وفيما كان يصدِّره عبره أيضاً، للحركة التجارية، أيضاً كان للعمليات تأثيرها الكبير على جنوب فلسطين، وعلى أم الرشراش، وتحوَّل الوضع هناك إلى منطقة شبه مهجورة ومشلولة من أي نشاط اقتصادي ونشاط سياحي، وكان لهذا تأثيره الكبير على العدو.

فيما يتعلَّق بالصاروخية والمسيَّرة: استمرت العمليات بالاستهداف للعدو إلى فلسطين، مع التطوير المستمر لتجاوز حالات الاعتراض، التي ينشط فيها الأمريكي، وأيضاً لتطوير القدرات لتجاوز الاعتراض الإسرائيلي نفسه، فكان النجاح في تطوير الطائرة المسيَّرة (يافا)، التي تمَّ الاستهداف بها في مرحلة متقدَّمة بالوصول إلى يافا المحتلة، التي يسميها العدو [تل أبيب]، إلى المركز الذي يمثِّل مركز الثقل لدى العدو، على المستوى الإداري في كيانه المحتل، ثم بتطوير صاروخ (فلسطين)، الذي كان نقلةً حقيقية فيما يتعلق بالصواريخ، وكذلك للوصول به إلى يافا المحتلة، وإلى أي مكان في فلسطين المحتلة؛ لاستهداف أي أهداف تابعة للعدو الإسرائيلي.

كانت هذه النقلة مزعجة جداً للعدو الإسرائيلي، الذي يرى نفسه يواجه هذه العمليات دون أن يتمكَّن من منعها، أصبحت جبهةً قويةً، مؤرِّقةً للعدو، مؤثرةً عليه، ودون أن يتمكَّن من التخلص منها، من خلال الاستناد على الأمريكي، والاعتماد على الأمريكي والبريطاني، وأصبح العدو الإسرائيلي في وضعٍ صعب؛ وبالتـالي كان يوبِّخ الأمريكي ويلومه: [لماذا لم ينجح في توفير الحماية له؟!].

الأمريكي كان منزعجاً جداً؛ ولـذلك اتَّجه إلى التصعيد في عدوانه على بلدنا، واستخدم وسائل جديدة في تصعيده العدواني على بلدنا، منها:

طائرات الشبح، التي- ربما- هي آخر ما لدى الأمريكي في الطيران الحربي، يأتي بها من أمريكا رأساً لتنفذ عمليات قصف عدوانية في بلدنا، ثم تعود إلى أمريكا؛ لأنها- كما بلغنا، وكما هو منشور ومتداول عن هذه الطائرة- أنها ليست موزَّعةً في القواعد العسكرية الأمريكية في بقية البلدان؛ لأهميتها الكبرى لدى الأمريكي، ولما لها من مميزات كبيرة جداً، يحتفظ بها في أمريكا، وتنفذ عمليات من هناك، ثم تعود إلى أمريكا، وهذا يعتبر- يعني- تصعيداً كبيراً بالنسبة للأمريكي، وخطوةً يعتبرها خطوةً كبيرة، في محاولات ضغطه لمنع العمليات اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني ومجاهديه.

واستخدم أيضاً قاذفات الـ (بي-52)، وهي أيضاً من أهم ما بحوزة الأمريكي من سلاحٍ جويٍ مدمِّر، يعتمد عليه، وله هيبته عند مختلف الدول الكبرى، وجيوشها الكبرى بما تمتلكه.

الأمريكي كثَّف أيضاً من الرصد الجوي، مع كل ذلك فشل، يعني: عمل على مستوى سلاح الجو على التصعيد حتى باستخدام هذه الوسائل، التي لا يستخدمها إلا نادراً، في حالات نادرة، في حالات استثنائية، مع ذلك فشل، استمرت العمليات: سواءً بالقصف الصاروخي، أو بالمسيَّرات، في العمليات البحرية، والعمليات المساندة إلى فلسطين المحتلة؛ لاستهداف أهداف تابعة للعدو الإسرائيلي.

استخدم الأمريكي حاملات الطائرات، التي كان يُرعِب بها كبار منافسيه ومناوئيه من الدول الكبرى في العالم، وأتى بها إلى البحر الأحمر، وإلى البحر العربي، ومع ذلك تم استهداف حاملة الطائرات، وأصبحت في حالة الدفاع، بدلاً من أن تكون في موقع الهجوم، بل تزامنت كثيرٌ من عمليات الاستهداف لها، مع تحضيرها وترتيبها لتنفيذ عمليات عدوانية على بلدنا، مع قوة الاستهداف، وكثافة العمليات التي تستهدفها، اضطُر الأمريكي إلى أن يهرب بحاملة الطائرات [روزفلت] من البحر الأحمر، ثم حاملة الطائرات [لينكولن] حتى من البحر العربي، ثم أتى بحاملة الطائرات [ترومان]، وهي تهرب باستمرار في كل عملية اشتباك معها إلى أقصى شمال البحر الأحمر، وتتموضع بعيداً جداً عن السواحل اليمنية، بما هو أبعد من ألف كيلو متر؛ ولـذلك كلما اقتربت من أجل تنفيذ عملية، يتم الاشتباك معها، ثم تهرب على الفور، وتغادر تشكيلاتها الجوية من الطائرات التي تقلع من فوقها لتنفيذ عمليات، تعود على الفور إلى فوقها، وتهرب وتغادر مسرح عملياتها.

هذا المستوى من التصعيد أيضاً لم ينجح به الأمريكي في الضغط على العمليات اليمنية لإيقافها، مع أنه من الخطوات المتقدِّمة جداً للضغط الأمريكي العسكري، فشلت حاملات الطائرات في أن توفر حالة ردع، لمنع العمليات اليمنية، أو أن تنجح في إيقافها بالفعل، لا بالردع، ولا بالفعل، ولا بالاعتراض؛ ولـذلك استمرت العمليات العسكرية بالقصف الصاروخي، والطائرات المسيَّرة، والعمليات البحرية، ولم تتوقف حتى تمَّ هذا النصر بفضل الله تعالى.

القوات البرية في القوات المسلحة كانت أيضاً في جهوزية مستمرة، ومرابطة دائمة، واستعداد للتصدي لأي محاولات عدوانية برية، وبذلت الجهد المستمر في المرابطة، في الانتباه، في الحضور، في الاستعداد، في التدريب والتأهيل، في كل ما تتطلبه الجهوزية العالية للتصدي لأي تصعيدٍ عسكريٍ عدوانيٍ يشمل الجانب البري، هذا في المسار العسكري، وكانت فيه نقلات وخطوات بفضل الله تعالى، ومواجهة أيضاً لكثير من التكتيكات الحربية الأمريكية، ووسائل التصعيد وأساليب التصعيد التي اعتمد عليها الأمريكي.

وصل الموضوع إلى اشتراك الإسرائيلي، بعد عجز الأمريكي عن حمايته، وعجزه أيضاً عن التصدي للصواريخ التي كانت تخترق الأجواء، ولم تتمكن المنظومات الإسرائيلية المتوفرة للعدو الإسرائيلي من اعتراضها ومنعها، فكان لها تأثيرها الكبير، الضاغط جداً على العدو الإسرائيلي، على مستوى الفزع والرعب الذي تصاعد، وكان يسبب في طرد ملايين المستوطنين الصهاينة من على فراش نومهم إلى الملاجئ، أحياناً خمسة مليون صهيوني أو أكثر يهربون في منتصف الليل، أو في آخر الليل، إلى الملاجئ، في حالة من الرعب والتدافع يهلك فيها بعضهم، وكذلك الأضرار المباشرة، والأضرار على الوضع الاقتصادي، وكذلك التأثير على حركة الرحلات الجوية إلى مطار [بن غوريون]… وغير ذلك من التأثير المباشر على العدو، مع تأثير العمليات البحرية.

العدوان الإسرائيلي الذي تكرر لعدة مرات، لم يحقق أي نتيجة، ولم ينجح أبداً في الضغط لإيقاف العمليات اليمنية، التي استمرت بتصاعد وتصعيدٍ ملحوظ، خصوصاً في الأسابيع الأخيرة، التي كانت بشكلٍ شبه يومي، هذا في مسار العمليات العسكرية، والتي كانت بأعلى سقف، وبكل جرأة، من منطلقٍ إيماني، بإحساسٍ بالمسؤولية الإيمانية، وأداءٍ جهاديٍ في سبيل الله تعالى، وبجهدٍ وتضحيات قدَّمتها القوة الصاروخية، وقدَّمها الإخوة المجاهدون في الطيران المسيَّر… وبقية التشكيلات التي كان لها إسهام كبير في هذه العمليات، رأس الحربة كان هو: الإخوة المجاهدون في القوات الصاروخية.

فيما يتعلَّق بالتحرك الشعبي: كان التحرك الشعبي مميزاً، ومختلفاً عن غيره في كل الشعوب والبلدان، والمفارقة كبيرة ما بين حال البلدان المتخاذلة، والصامتة، والمكبَّلة، والمقيَّدة، وما بين هذا المستوى العالي من التحرك الشعبي في اليمن.

كان هناك نشاط واسع جداً، من ضمنه:

مسار التعبئة العسكرية، وهو مسار في غاية الأهمية، تمَّ فيه تدريب مئات الآلاف من أبناء الشعب اليمن، مع أنشطة متنوعة، من: المناورات العسكرية، والعروض العسكرية، والمسير العسكري، ولا يزال هذا المسار مستمراً، وإن شاء الله بما هو أكبر وأقوى.

كان هناك مئات الآلاف من الوقفات المتنوعة، ومنها: وقفات كثيرة جداً، بالآلاف، وقفات نسائية، هناك وقفات لمختلف أبناء اليمن، وقفات لطلاب الجامعات، وقفات على مستوى النشاط الاجتماعي، وقفات قبلية عظيمة وكبيرة ومهمة… وقفات متنوعة لكل فئات المجتمع، أمسيات وندوات، كل هذا كان بمئات الآلاف من الأنشطة المكثفة.

كان هناك أيضاً الخروج المليوني الأسبوعي، الذي استمر على مدى خمسة عشر شهراً، بزخمٍ شعبيٍ هائل، في مئات الساحات، وفي مقدِّمتها: ميدان السبعين في صنعاء، بما لا مثيل له أبداً في أيِّ بلدٍ في العالم، ولا لنصرة أي قضية، هذا الخروج المليوني في كل أسبوع استمر أولاً بدون كللٍ، ولا مللٍ، ولا فتور، وبقيت الصورة الهائلة جداً لملايين اليمنيين في ميدان السبعين، وفي غيره من مختلف الساحات، صورةً أسبوعيةً يشاهدها العالم دون أن تتراجع، دون أن تضمحل أو تتلاشى.

كان هناك أيضاً مع هذا الاستمرار، الذي هو ميزة عظيمة جداً؛ لأن الكثير من الناس وبالذات العرب، من أكبر السلبيات التي يعاني منها العرب هي: الملل، والكلل، والفتور، والتوالي، لكن هذا النشاط الكبير في الحضور الأسبوعي دون كلل، كان وراءه إيمان، دافعٌ إيماني، كان هناك استمرار في كل الأحوال:

في شدة الحر، وفي المناطق التي تعاني من شدة الحرارة، في المناطق الشرقية، في الجوف، في صحاريها ومناطقها، التي هي في ذروة الصيف في شدة الحرارة، ومنتهى الحرارة، في مأرب، في الحديدة، كذلك في بعض مديريات محافظة حجة، في كل تهامة، في مناطق كثيرة.

مع حالة البرد الشديد في المناطق الباردة، وفي أوقات البرد.

في حالات المطر، المطر يصب، والمتظاهرون يخرجون، والسيل يتدفق في الشوارع، وهم يسيرون بينه إلى المظاهرات.

في شهر رمضان في فترة الصوم.

في مراحل القصف والتصعيد العدواني، كان أحياناً يأتي التصعيد في الليل ويخرج الناس في النهار، يأتي التصعيد أحياناً في الصباح، ويخرج الناس في الظهيرة، ثم أتى القصف والتصعيد بالتزامن مع المظاهرات، كما حصل مؤخراً في صنعاء، وعمران، والحديدة، وخرج الناس والقصف في صنعاء بجوارهم، وثبتوا، واستمروا، ولم يتزحزحوا، في مشهدٍ عظيم، من أعظم المشاهد للثبات، ورباطة الجأش، والتماسك، والشجاعة.

هذا الاستمرار في كل الأحوال، في كل الظروف، خروج أيضاً لكل الفئات: شيباً، من الطاعنين في السن، من الآباء، وشباناً، وصغاراً، وكباراً، وبتفاعل كبير، تعبِّر الاستصراحات، والهتافات، والبنادق، والخناجر، عن هذا التفاعل، وحتى ملامح الوجوه.

قدَّم هذا الخروج المليوني الشعبي المستمر رسالةً قويةً للأعداء، في حجم مستوى التفاعل الشعبي، وكان محبطاً للأعداء؛ لأن الأعداء ينظرون إلى هذه الصورة، التي تعبِّر عن تفاعل هذا الشعب، ثم يحبطون: [كيف سيتعاملون مع ذلك؟! وماذا سيفعلون؟!].

قدَّم رسالة تضامنٍ قوي مع الشعب الفلسطيني، الذي يجد شعباً يهتف معه، يصرخ له، يناصره، يحمل آلامه وآماله، يتضامن معه تضامناً صادقاً، وكان لهذا أهمية كبيرة جداً.

قدَّم هذا الخروج الأسبوعي المليوني دعماً كبيراً للعمليات العسكرية، والمسارات التصعيدية، والمراحل التصعيدية، وتكاملاً معها، وللموقف الرسمي.

مع الخروج المليوني كان هناك أيضاً الإنفاق بالمال، جهاد في سبيل الله بالنفس وبالمال مع الظروف الصعبة جداً، حتى من الفقراء، والشعب اليمني بأكثره يعيش حالةً من الظروف الصعبة، والفقر، مع الحصار الذي له فترة طويلة جداً، ومع سيطرة الأعداء على ثرواته النفطية وغيرها.

لم يتأثر الموقف الشعبي بالحملات الدعائية، بالرغم من أنَّ الأمريكي نظَّم أكبر حملة إعلامية دعائية موجَّهة لاستهداف الشعب اليمني؛ بهدف التأثير على موقفه، من تشكيك، من إثارة قضايا، من تشويه… من غير ذلك، على مدار أربعة وعشرين ساعة لا تتوقف أبداً، ولا مثيل لها، ومع ذلك فشل فشلاً ذريعاً وكاملاً في التأثير على الموقف الشعبي.

لم يتأثر الموقف اليمني بكل أنواع الضغوط: الضغوط العسكرية، الضغوط السياسية، الضغوط الاقتصادية، الضغوط حتى على الملف الإنساني، التهديدات المستمرة، واستمر وهو مستمرٌ في موقفه والأيدي على الزناد.

فيما تحقق حتى الآن، ومع ما منَّ الله به حالياً من الانتصار الكبير لإخوتنا المجاهدين في قطاع غزة، ومع دخول الاتِّفاق في مراحل التنفيذ، نحن الآن نرصد ما يتم، ونرصد مراحل تنفيذ الاتفاق، ونحن في هذه المراحل بكلها جاهزون للتصعيد، في أي مرحلةٍ يعود العدو الإسرائيلي فيها إلى التصعيد، وينكث بالاتفاق، نحن في جهوزية مستمرة، والأيدي على الزناد، وعملياتنا مرتبطة بمدى تنفيذ العدو للاتفاق.

نحن فيما تعلق بما بعد ذلك، يعني: في المرحلة الحاضرة والمستقبلة، القضية الفلسطينية قضية باقية، المسجد الأقصى والمقدسات، الشعب الفلسطيني، حقه في الحُرِّيَّة والاستقلال، تطهير وتحرير فلسطين كل فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي، قضية باقية، والمسؤولية فيها مسؤوليةٌ مستمرة، علينا وعلى كل المسلمين؛ ولـذلك نحن نركز على الاستعداد للجولات الآتية، حتماً لابدَّ من جولات آتية، ما تمَّ حتى الآن هو جولة على مدى خمسة عشر شهراً، هذه جولة من المواجهة مع العدو الإسرائيلي، هناك جولات قادمة، نسعى أيضاً للاستعداد لها، مع الجهوزية المستمرة الآن للتدخل الفوري، في أي وقتٍ يعود العدو الإسرائيلي فيه إلى التصعيد، وجرائم الإبادة الجماعية، والحصار لقطاع غزة، ومنع الغذاء والدواء عن أهالي غزة، جاهزون للعودة إلى التصعيد مرةً أخرى مع إخوتنا المجاهدين في فلسطين، ومستعدون، وعاملون باستمرار للاستعداد للجولات الآتية الحتمية، في كل المجالات؛ من أجل أداءٍ أقوى من هذه الجولة- بإذن الله تعالى- على كل المستويات.

أيضا سنتصدى لكل محاولات الأعداء، ولكل أجندتهم الرامية إلى إزاحة شعبنا عن موقفه وتوجهه، بمختلف الأساليب التي يستخدمها الأعداء، الأعداء لهم أجندتهم لهذه المرحلة، التي سيتحركون فيها، سواءً ضد الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزاء، أو ضد جبهات الإسناد، ومنها: جبهة اليمن.

نحن أيضاً ندعو الجميع من أبناء أمتنا الإسلامية، في المنطقة العربية وغيرها، للوقوف الصادق والجاد مع الشعب الفلسطيني؛ باعتبار ذلك مسؤوليةً على الجميع كما قلنا، تجاه المقدسات، وعلى رأسها: المسجد الأقصى الشريف، تجاه الشعب الفلسطيني، الذي هو جزءٌ من هذه الأمة، يجب عليها نصرته، والوقوف معه، ومساندته؛ حتى يحظى بكامل الاستقلال والحُرِّيَّة، وأيضاً لتطهير فلسطين كل فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي، هذه مسؤولية الجميع، على الجميع أن يستشعر هذه المسؤولية، من تجاهل؛ لا يفيده تجاهله.

إذا كان البعض نظراً للهجمة الإسرائيلية، والتدخل الأمريكي الذي كان بشراكة تامة مع العدو الإسرائيلي، في عدوان الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، كان البعض من الأنظمة وبعض النخب يائسون من إمكانية انتصار الشعب الفلسطيني، فما حدث من انتصار تاريخي هو درس للجميع، ويفترض أن يبعث الأمل في نفوس الجميع، وأن يكون حافزاً لاستشعار المسؤولية من جديد، والتحرك من الجديد من قبل الجميع.

نحن أيضاً نقول لكل الذين يحاولون- نصرةً للأمريكي والإسرائيلي- أن يشككوا بمواقفنا، أو أن يقللوا من أهميتها: الميدان مفتوحٌ أمامكم، عليكم أنتم مسؤولية، تفضلوا، اعملوا أكثر مما نعمل، أقوى مما نعمل، أفضل مما نعمل، ولن يكون موقفنا تجاهكم مثل موقفكم تجاهنا، سنكون إيجابيين جداً تجاه أي عمل جاد وصادق ومؤثِّر لنصرة الشعب الفلسطيني؛ أمَّا موقف شعبنا فتأثيراته ونتائجه واضحة، يعترف بها العدو، ترتبط بها حقائق في الواقع العسكري، والواقع الاقتصادي… وغير ذلك.

نحن في الختام قلنا لإخوتنا في فلسطين في بداية الأحداث، قلنا لهم: لستم وحدكم، الله معكم، ونحن معكم حتى النصر، وثبتنا بتوفيق الله تعالى، ثبت شعبنا العزيز بتوفيق الله تعالى مع الشعب الفلسطيني ومجاهديه حتى تحقق هذا الانتصار في غزة، ونقول لهم أيضاً من جديد: لستم وحدكم، ولن تكونوا وحدكم، الله معكم، ونحن معكم حتى النصر بتحرير فلسطين كل فلسطين، واستعادة المقدَّسات.

أَسْأَلُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ ينصرنا بنصره، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.

وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

مقالات مشابهة

  • برلمانية: مصر تواصل جهودها لضمان وصول المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني في غزة
  • “الثورة نت” ينشر نص كلمة قائد الثورة بمناسبة الانتصار التاريخي للشعب الفلسطيني
  • الأمين العام لحركة المجاهدين: العدو الصهيوني فشل في كسر إرادة الشعب الفلسطيني ومقاومته
  • حركة المجاهدين: العدو الصهيوني فشل في كسر إرادة الشعب الفلسطيني ومقاومته
  • حزب الله يبارك للشعب الفلسطيني ومقاومته ولكل القوى التي ساندت غزة الانتصار الكبير
  • الرئيس الإيراني: الشعب الفلسطيني وقف ضد الكيان الصهيوني بقوة وكرامة
  • أبناء كيلو 16 في الدريهمي بالحديدة ينظمون وقفة قبلية مسلحة نصرة للشعب الفلسطيني
  • سياسي كويتي ’’للشعب اليمني’’: أنتم تاجُ رؤوسنا
  • فضل الله: الصمود الاسطوري للشعب الفلسطيني يرغم العدوّ على الانصياع لمطالبه
  • أبناء مربع الحنكة بمدينة البيضاء يباركون للشعب الفلسطيني نصر غزة على العدوان الصهيوني