المفتي: دائرة المباح في الشرع أوسع من المنع أو الحرام
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
قال الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الأصل في العادات الإباحة ما دامت لا تتعارض مع الشرع؛ فيُستصحب الحِلُّ فيها.
جاء ذلك في لقائه الأسبوعي في برنامج "للفتوى حكاية" مع الإعلامي شريف فؤاد على فضائية قناة الناس خلال استكمال فضيلته الحديثَ عن الفتوى الترانسفالية للإمام محمد عبده، التي أجاب فيها عن بعض الأسئلة لمستفتٍ من بلد تسمَّى ترانسفال بجنوب أفريقيا، مضيفًا أن التشبه لا يُسمَّى تَشبُّهًا بمجرد حصول المشابهة، بل لا بدَّ من القصد والتوجه لحصول الشبه؛ لأن التشبه: تَفَعُّل، وهذه المادة تدل على انعقاد النية والتوجه إلى قصد الفعل ومعاناته؛ فالتشبه المنهي عنه لا يتحقق معناه إلا إذا قصده المتشبِّه وتعمَّده.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أنه لا ينبغي أن ينكر أحد على غيره ثقافاتٍ فقهيةً استقرَّت في بلد معين وفرض رأي واحد فقط عليهم، بل يجب ترك كل مجتمع على ما استقروا عليه من رأي أو مذهب فقهي ارتضَوه، ما دام متوافقًا مع الشرع الشريف.
وأشاد فضيلته بقول الشيخ الإمام محمود شلتوت أن أمر اللباس والهيئات الشخصية من العادات التي ينبغي أن ينزل المرء فيها على استحسان البيئة، ومَن دَرَجت بيئته على استحسان شيء منها كان عليه أن يساير بيئته. مشيرًا فضيلته إلى أن ذلك من قبيل العادات عند جمهور الفقهاء، وكذلك الأمر ينطبق على كافة العادات من مأكل ومشرب وملبس وغيرها من العادات كلبس دبلة الخطوبة والزواج أو نقاب المرأة.
وشدد فضيلته على أن المتشددين يريدون إبعاد كل شيء عن المسلم، وكأن الإسلام جاء ليضيِّق على الإنسان ويعزله عن العالم برغم أن الإسلام رسالة عالمية، فنجد البعض يترك عادات مجتمعه ويخرج إلى ثقافات أخرى ويحاول التمسك بها وكأنها شرع، وليس عليها في الحقيقة دليل في التمسك بها بذاتها دون غيرها، ولا معيار لهذا إلا الهوى، بل تناسى هؤلاء احترام الدين للعُرف كما في قوله عز وجل: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعراف: 199] وتناسَوا مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم لبيئة الآخرين وثقافاتهم وعاداتهم.
وأشار إلى أن المسلمين عندما فتحوا البلدان لم يقفوا مكتوفي الأيدي وتعاملوا بمبدأ منفتح وتقبلوا كثيرًا من تلك الأنظمة؛ وذلك لأن العادة مُحَكَّمة، وكذلك تقاليد الناس وأنظمتهم ما دامت لا تخالف الشريعة فإنه يعمل بها؛ فالتجارب الإنسانية ينبغي اعتبارها والعمل بها ما دامت لا تخالف الشريعة الإسلامية.
وأكد مفتي الجمهورية أن القول بحرمة التشبه بغير المسلمين في الأمور المباحة غير المخالفة للشرع هي أقوال وأفكار لا علاقة لها بالإسلام ولا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا بحضارة الإسلام، بل إن ما نراه من مظاهر يشترك في فعلها المسلمون وغيرهم من الأمور المباحة وشئون العادات والأعراف هي أمور مشروعة لا ممنوعة، مشيرًا إلى أن التشبه المذموم شرعًا لا يكون إلا بعد توافر ضوابط شرعية، منها على سبيل المثال لا الحصر أن يكون محل التشبه حرامًا في نفسه، كارتكاب المحرمات والمنهيات وترك المأمورات والواجبات، وهذا لا ينطبق على لبس البرنيطة على سبيل المثال، وهي إحدى المسائل التي أجاب عنها الإمام محمد عبده فيما يُعرف بالفتوى الترانسفالية.
وأشار فضيلته إلى أنه من المقرَّر أَنَّ الأمور بمقاصدها، وأن درء المفاسد مقدمٌ على جلب المصالح، ومقاصد الشريعة الإسلامية خمسة، هي: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال، وجعلت الشريعةُ كلَّ ما يحفظ هذه المقاصد مصلحة، وكل ما يضيعها مفسدة يكون دفعها في ذاته مصلحة مشيرًا إلى أن دائرة المباح أو الحلال في الشرع أكبر وأوسع من دائرة المنع أو الحرام.
واختتم فضيلة المفتي حواره بالتأكيد على أن الشرع الشريف يقوم على مراعاة التيسير ورفع الحرج وإزالة الضرر عن المكلفين، وهذا ظاهر مبثوث في عموم المقاصد والأدلة والأحكام، حتى أصبح الاعتدال سمة ملازمة للمسلم ومكونًا من مكونات شخصيته؛ وهذه المنهجية المبنية على التيسير ليست اتباعًا للهوى، بل هي مأخوذة من مسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان سمحًا وليس فظًّا غليظًا، وكذلك مأخوذة من سيرة الصحابة الكرام.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
رمضان2025 في ليبيا.. روحانية وبهجة تزينها العادات والتقاليد
يُعد شهر رمضان في ليبيا مناسبة روحانية واجتماعية عظيمة، حيث تتجلى فيه أسمى معاني التكافل والتلاحم الأسري. يتميز الشهر الفضيل في ليبيا بعادات وتقاليد متوارثة تضفي عليه طابعًا خاصًا، سواء في طريقة الاحتفال به، أو الملابس التقليدية، أو الأكلات الشهية، أو الطقوس الدينية التي تميز هذا الشهر الكريم.
أولًا: طريقة الاحتفال بشهر رمضان في ليبيايبدأ الاستعداد لاستقبال رمضان في ليبيا قبل حلوله بأيام، حيث تقوم العائلات بتنظيف المنازل وتزيينها بالفوانيس والأنوار.
كما تُخصص الأسواق الشعبية مساحات واسعة لعرض المواد الغذائية الرمضانية، مثل التمر والمكسرات والعصائر الطبيعية.
في ليلة الإعلان عن بداية رمضان، يجتمع الأهالي لمتابعة رؤية الهلال، وعند ثبوت دخول الشهر، تعم الفرحة الشوارع، وتُطلق الألعاب النارية احتفالًا بقدومه وتُحيي المساجد الليبية أولى صلوات التراويح وسط أجواء إيمانية مميزة.
ثانيًا: الزي التقليدي في رمضانيرتدي الرجال في المناسبات الرمضانية، خاصة عند الذهاب لصلاة التراويح أو حضور التجمعات العائلية، الملابس التقليدية الليبية مثل:
- الجرد: وهو لباس أبيض طويل من الصوف، يُلف حول الجسم بطريقة مميزة.
- السروال والقميص والفرملة: ملابس فضفاضة مريحة تتناسب مع أجواء رمضان.
- البلغة: وهي الأحذية التقليدية المصنوعة من الجلد الطبيعي.
أما النساء، فيرتدين الملابس الليبية المطرزة والمزخرفة مثل:
- الحولي: وهو قطعة قماش حريرية تلتف حول الجسم بطريقة أنيقة.
- الفساتين الطويلة المطرزة التي تُرتدى أثناء التجمعات الرمضانية العائلية.
يتميز المطبخ الليبي خلال شهر رمضان بأكلات شعبية شهية لا تخلو منها موائد الإفطار والسحور، ومن أبرزها:
رمضان2025 في ليبيا.. روحانية وبهجة تزينها العادات والتقاليد- الشوربة الليبية: وهي حساء تقليدي يُحضّر باللحم والطماطم والتوابل الخاصة، ويعد من الأطباق الأساسية على مائدة الإفطار.
- البوريك: وهو نوع من الفطائر المحشوة باللحم المفروم أو الجبن، ويُقلى في الزيت ليصبح مقرمشًا.
- المبطن: شرائح من البطاطس محشوة باللحم المفروم والتوابل، تُقلى حتى تصبح ذهبية اللون.
- العصيدة: من الحلويات الرمضانية المشهورة، تُصنع من الدقيق وتُقدَّم مع العسل أو التمر والزبدة.
- السفنارية: وهي حلوى تقليدية تُصنع من الجزر المبشور والعسل واللوز.
كما لا تخلو مائدة الإفطار من التمر، الحليب، والعصائر الطبيعية مثل عصير القراص (التمر الهندي) وعصير البرتقال الطازج.
رابعًا: الطقوس الدينية والروحانية في رمضانيُعرف شهر رمضان في ليبيا بجوّه الإيماني، حيث تمتلئ المساجد بالمصلين لأداء صلاة التراويح وقيام الليل وتحرص العائلات على ختم القرآن الكريم، والاستماع إلى الدروس الدينية بعد الصلوات.
كما ينتشر في ليبيا تقليد إحياء ليلة القدر، حيث تُقام حلقات الذكر وتلاوة القرآن حتى الفجر. وتزداد أعمال الخير والتكافل الاجتماعي، حيث تُنظَّم موائد الرحمن لإفطار الفقراء والمحتاجين، إضافة إلى توزيع الزكاة والصدقات.
من العادات الرمضانية المميزة في ليبيا أيضًا:- التحضير لصلاة الفجر مبكرًا، حيث يجتمع الرجال في المساجد لقراءة القرآن والتسبيح.
- طقوس السحور الجماعية، حيث تتجمع العائلات لتناول وجبة السحور قبل أذان الفجر.
- التكبير والتهليل ليلة العيد، حيث يجتمع الناس في المساجد والشوارع مرددين التكبيرات احتفالًا بنهاية الشهر الكريم.