فلج الميسر بولاية الرستاق هندسة أتقنها الأجداد وتوارثها الأبناء
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
تعد الأفلاج بسلطنة عُمان من أهم الموارد المائية التي أبدع فيها الأجداد لسقي المزروعات بمختلف أصنافها، وهي إرث جيل بعد جيل وتعتبر من أصعب المهام التي برع في هندستها العمانيون منذ القدم، كون ساقية الفلج تحتاج إلى مسارات معينة لجريانها وتحتاج إلى توفير انسيابية ودقه عالية من أجل وصول المياه إلى العديد من المزروعات، وتشتهر سلطنة عمان بالعديد من الأفلاج ومن بين هذه الأفلاج وأشهرها بولاية الرستاق "فلج الميسر" الذي أدرج ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2006، ويسقي أعدادا كبيرة من أشجار النخيل وغيرها من المزروعات بمنطقة العلاية بولاية الرستاق وما زالت قائمة حتى يوما هذا نظرا للاهتمام الكبير الذي يوليه الأهالي لفلج الميسر وغيرها من الأفلاج التي تعتبر شريان الحياة للكثير من المزارع، وكذلك يسعى الأهالي و"وكلاء" فلج الميسر إلى تطبيق الذكاء الاصطناعي للاستفادة من مياه الفلج بأقل التكاليف دون الحاجة إلى ما يعرف محليا بالمحيضري أو البيدار، وعندما يحين الوقت المحدد للسقي يتم توجيه مياه الفلج آليًا إلى المزرعة المراد سقيها وهناك يصب الماء في بركة كبيرة تسمى محليا "اللجل" ومنها يتم سقي المزارع آليا ودون تدخل بشري.
أكثر من 32 مزرعة
وقال وكيل الفلج المهندس أحمد بن سيف المزروعي: إن فلج الميسر ذات أهمية كبيرة فهو يغذّي منطقة العلاية الواقعة بمركز ولاية الرستاق، إذ تعتبر من أكبر المناطق الزراعية على مستوى الولاية، ويسقي فلج الميسر أكثر من 32 مزرعة، وإن فلج الميسر ينقسم إلى "غيزين" وكل واحد منهما ينقسم إلى اثنين وبذلك يكون عدد الأفلاج التي ينقسم إليها فلج الميسر أربعة أفلاج.
الهندسة المعمارية
مشيرا أن الفلج يتميز بهندسته المعمارية الفريدة حيث تظهر براعة الأجداد في إنشاء هذه الأفلاج باستخدام أدوات حفر بسيطة، وأشار إلى وجود سواعد إضافية للفلج كل واحد ممتد إلى جهة معينة، وذكر أن هذه السواعد تُشكل إضافة إلى ساعده الأصلي دورًا في بقاء تدفق الفلج وانسيابيته وعدم تأثره بالجفاف إلا نادرًا، كما توجد العديد من الفتحات التي تُعين الأهالي على صيانة الفلج وتوفير التهوية اللازمة لهم أثناء إزالة كل ما يعيق تدفق المياه، وقد وضعنا خطة شاملة لتطوير فلج الميسر تتضمن مجموعة من الأفكار والرؤى للإسهام في زيادة منسوب مياه الفلج.
موقع الفلج ملتقى السياح
مضيفا أن موقع الفلج يعد نقطة مهمة للعديد من السياح ومرتادي مركز المدين بولاية الرستاق، حيث إننا نسعى الاستفادة من موقع فلج الميسر ومروره في وسط قرية العلاية وأن تكون العلاية مثل المركز التجاري المفتوح، حيث يمتّع الزائر ناظريه بالمعالم السياحية على مسار الفلج والتي تبدأ من تقاطع طريق الرستاق - العوابي وحتى جامع العلاية. وسوف نسعى نحن باعتبارنا "وكلاء" للأفلاج إلى المحافظة على هذه النعمة التي أنعم بها الله سلطنة عُمان والتي هي مصدر رئيسي لري المزارع وهي إرث يجب المحافظة عليه ويجب استغلالها بالشكل الصحيح حتى يتم الاستفادة منه بشكل كبير وتطويره لمواكبة تطور العصر وزيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية.
الكثير من المعالم التاريخية
جدير بالذكر، تشتهر ولاية الرستاق بالكثير من المعالم التاريخية والأثرية كعين الكسفة التي تشتهر بمياهها الساخنة ويأتي إليها السياح من خارج وداخل سلطنة عمان وضريح الإمام أحمد بن سعيد وقلعة الرستاق التاريخية وحصن الحزم ووادي الحوقين وهناك العديد من الأودية الشهيرة على مستوى سلطنة عمان كوادي السحتن والمعروف باسم "مندوس عمان" وكذلك وادي بني عوف ووادي بني غافر ووادي بني هني وغيرها من الأودية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: بولایة الرستاق
إقرأ أيضاً:
وأذون .. عادة رمضانية تسترجع الذكريات القديمة بولاية صور
تُعد ولاية صور من الولايات العمانية التي تتميز بعادات وتقاليد رمضانية فريدة، ومن أبرز هذه العادات القديمة عادة "وأذون"، التي كانت ولا تزال تقام في أيام شهر رمضان، وترسخت في ذاكرة الأجيال السابقة، ورغم أن هذه العادة قد تراجعت مع مرور الزمن، إلا أنها لا تزال حاضرة في ذاكرة أهل الولاية وتذكّرهم بجمال تلك اللحظات.
وتتميز عادة "وأذون" بأن الأطفال يخرجون قبل أذان المغرب حاملين الأطباق التقليدية التي تشتهر بها الولاية، مثل "الفتة"، و"الأرز"، و"الشوربة"، وغيرها، ويجتمع الأطفال في مكان قريب من المنازل، وعند سماع صوت الأذان، يبدأون في إنشاد الأهازيج المميزة، موجهة للمنازل التي قد لا يصلها صوت الأذان، حيث يقولون: "وأذون وأذون شمبوعة بنت خويدم فطروا فطروا يا صايمين باكر بتصبحوا نايمين".
وفي حديثه، ذكر عبدالرحمن المخيني، أحد أبناء الولاية، أن الأطفال يخرجون من منازلهم ويجتمعون في الطرقات القريبة، حيث يتشاركون الأطباق التقليدية مثل "الفتة"، و"الكستر" (المهلبية)، و"الهريس"، و"السمك المقلي"، وغيرها، مضيفًا إن هذه العادة تضفي أجواءً من الفرح والمشاركة بين الأطفال، وتوجد أجواء من البهجة والود بينهم.
وأشار عبدالرحمن إلى أن الفئة العمرية التي تشارك في هذه العادة تتراوح بين الخمس والعشر سنوات، حيث لا يُلزم الأطفال بالصيام، مما يسمح لهم بالاستمتاع بالإفطار بعيدًا عن ضجيج الأطفال الأكبر سنًا، كما أكد أهمية توعية الأطفال بروحانية هذا الشهر الفضيل.
من جهتها، لفتت سالمة العلوية، إحدى نساء ولاية صور، إلى أن هذه العادة كانت تحمل لحظات من الألفة والود، وكانت من التقاليد التي حرص الأجداد على تنفيذها، إلا أنه مع مرور الزمن، بدأت هذه العادة الجميلة في الاندثار نتيجة للتغيرات الاجتماعية والتطورات الحياتية التي طرأت على المجتمع، مضيفة إن هذه العادة كانت توفر فرصة للراحة في جو من البساطة، حيث تتجمع النساء في "البرزة" وقت الفطور بعيدًا عن صخب الأطفال.
وأضافت سالمة العلوية: إن الأطفال كانوا يرددون عند سماع صوت الأذان الأهازيج المميزة، مثل: "وأذون وأذون شمبوعة بنت خويدم فطروا فطروا يا صايمين باكر بتصبحوا نايمين"، مما كان يضفي على هذه اللحظات سحرًا خاصًا يعبر عن الترابط الاجتماعي والروحانية في شهر رمضان.