لم يتوقف العدوان الإسرائيلي عند حد استهداف المدنيين والمنازل المأهولة وتدميرها على رؤوس سكانيها في قطاع غزة، بل يمارس الاحتلال الإسرائيلي قتلا من نوع آخر، عبر منع المستلزمات الطبية والأدوية والمواد الأساسية من الدخول إلى غزة، تاركا مئات الآلاف من النازحين فريسة لأمراص تهدد حياتهم، في ظل انعدام مقومات الرعاية الصحية الأولية.



شهود عيان تحدثوا لـ"عربي21" من مركز إيواء في شمال قطاع غزة، أكدوا انتشار أمراض جلدية ومعوية غير معهودة بين شريحة كبيرة من النازحين، لا سيما الأطفال، والنساء، وذلك في ظل غياب تام لأبسط مقومات الرعاية الصحية الأولية، والمواد الأساسية اللازمة للنظافة الشخصية، لا سيما المياه التي أصبحت غير متوفرة، وبالكاد يستطيعون الحصول على القليل منها للشرب فقط، رغم تلوثها وتغير خصائصها الرئيسية.

أمراض جلدية
النازحة ليلى في مركز إيواء عيادة الفالوجا في جباليا شمال قطاع غزة كشفت لـ"عربي21" عن إصابة أولادها الأربعة بمرض جلدي لم تراه أو تسمع به من ذي قبل، إذ ينتشر على أجساد أطفالها بقع حمراء كبيرة، يصاحبها حكة شديدة، تحولت بسبب غياب العلاج إلى التهاب جلدي يؤرق أطفالها، ويجعلهم في حالة إعياء مزمنة.

تفيد ليلى أن هذه الحالة التي أصيب بها أولادها يبدو أنها معدية وتنتشر بين النازحين بشكل كبير، إذ تشتكي نساء كثر في نفس مركز الإيواء من إصابتهن أو أولادهن بنفس المرض الجلدي، دون أن يتمكن أي منهن من السيطرة عليه أو علاجه، في ظل غياب تام للرعاية الطبية.


تقول ليلي في شهادتها لـ"عربي21"، إنها "حاولت بكل السبل والوسائل الحصول على أي علاج لأطفالها، إلا أنها لم تتمكن، فالعيادة التي تتواجد بها لا يوجد لديها أي من الأدوية، ما دفعها لمحاولة تجريب وصفات شعبية علها تسكن ألام أطفالها، إلا أن ذلك لم يفلح".

وتعمدت قوات الاحتلال تدمير القطاع الصحي في شتى أرجاء قطاع غزة، لكن ذلك أصبح واضحا تماما في مناطق الشمال من القطاع، إذ لا مكان حاليا لاستقبال المرضى والجرحى، أو تقديم أبسط مقومات الرعاية الأولية، بعد ضرب وتدمير عشرات المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية، أبرزها، مستشفيات، الشفاء، والإندونيسي، وكمال عدوان، وبيت حانون".

انتشار حشرات الرأس
ليلى حالها حال النازحة نداء التي اشتكت من انتشار حشرات الرأس "القمل" بشكل كبير في أوساط النازحين في ذات مركز الإيواء "عيادة الفالوجا" في شمال قطاع غزة، وأفادت في شهادة لـ"عربي21" أن معظم الأطفال والنساء في مركز الإيواء الذي تحتمي فيه مع زوجها وأطفالها الثلاثة، يعانون انتشار حشرات الرأس بشكل غير مسبوق، وذلك بسبب انعدام فرص الاستحمام، في ظل شح المياه، ومنع دخول أدوات النظافة الشخصية في مراكز الإيواء، وحتى في المتاجر الخاصة التي إما أغلقت أبوابها، أو جرى تدميرها بسبب عنف القصف الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي.

تقول نداء :"نبكي ألما وحسرة على ما وصل به حالنا في ظل استمرار العدوان (..) لم نصل إلى هذا الحال على الإطلاق، نرى أولادنا يموتون جوعا ومرضا أمام أعيننا ولا نستطيع عمل شئ لهم".

ويتواجد بمركز الإيواء عادة بضعة آلاف من النازحين، رغم أن قدرتها الاستيعابية أقل من هذا العدد بكثير، فضلا عن أنها  غير مخصصة أصلا لعمليات الإيواء، ما يدفع النازحين إلى افتراش الأرض، والتحاف من تيسر من الأغطية التي استطاعوا أن يجلبوها معهم من بيوتهم المدمرة، الأمر يعمق حجم الكارثة الصحية في تلك المراكز، وينذر بتفاقمها أكثر، في ظل استمرار الحصار المطبق على قطاع غزة.


نزلات معوية
وفي شهادة أخرى على سوء الحالة الصحية للنازحين، يقول النازح إسماعيل لـ"عربي21"، إن ابنته الصغيرة مرح ذات العامين من العمر، أصيب بنزلة معوية حادة، بسبب حالة التلوث التي أصابت الغذاء والماء في مراكز الإيواء.

ويشير إسماعيل إلى أن ألاما شديدة في البطن، مع حالة إسهال مزمنة ما زالت تعاني منها طفلته الصغيرة منذ أسبوعين متواصلين، دون أن يتمكن من السيطرة على حالتها،أو علاجها بسبب شح الأدوية، وعدم وجود مراكز طبية يمكن مراجعتها.

ويلفت إسماعيل إلى أن النزلات المعوية تنتشر بشكل كثيف بين الأطفال والبالغين في المركز الذي يتواجد فيه بحي الدرج في غزة، دون الحصول علاج، ما دفعه لمحاولة تجريب وصفات شعبية متوارثة كغلي نبتة الميرامية، أو الكراوية، إلا أن كل هذه التجارب باءت بالفشل، مبديا خشيته من تفاقم الحالة بكل أكبر، بما يهدد حياة "مرح" وأمثالها من المصابين، داعيا المنظمات الصحية العالمية للتدخل العاجل وإنقاذ النازحين من أمراض سارية بدأت تنتشر في أوساطهم، بسبب التلوث الذي أصاب كل شئ في غزة.

وفاة العشرات
بدوره، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق إنسان، إنه رصد وفاة العشرات من المرضى والجرحى بما في ذلك داخل مستشفيات وعيادات صحية، نتيجة عدم توفر الرعاية الصحية، فضلا عن وفاة عشرات آخرين داخل منازلهم لتعذر نقلهم للمشافي.

وفي تقرير سابق له، حذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) التابع للأمم المتحدة من أن خطر انتشار الأمراض المعدية على نطاق واسع يتهدد مليونا و700 ألف نازح داخل قطاع غزة.

وقال المكتب في بيان إنه سجل أعدادا متزايدة من المصابين بأمراض مختلفة، مثل التهابات الجهاز التنفسي الحادة والإسهال والتهاب الجلد وغيرها من الأمراض المتعلقة بانعدام وسائل النظافة، بسبب الاكتظاظ وسوء الظروف الصحية في الملاجئ التابعة للأمم المتحدة التي تؤوي النازحين.

وأشار "أوتشا" إلى أن ضيق المساحة داخل ملاجئ الإيواء في الجنوب يضطر معظم النازحين من الرجال والمراهقين إلى البقاء بالعراء في ساحات المدارس أو الشوارع خارج الملاجئ.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة النازحين فلسطين غزة النازحين مراكز الايواء انتشار الامراض سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مرکز الإیواء قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

وزير الرياضة يشهد إطلاق مراكز السلامة النفسية بمراكز الشباب

أكد الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، أن الوزارة تسعى إلى جعل مراكز الشباب بيئة آمنة وداعمة لا تقتصر على الرياضة فقط، بل تشمل أيضًا الصحة النفسية كجزء أساسي من بناء شخصية الشباب، مشيرًا إلى أن المشروع يعكس رؤية القيادة السياسية في تحقيق التنمية المستدامة من خلال الاستثمار في الإنسان، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 في تحقيق التنمية المستدامة.


وذكرت الوزارة، في بيان اليوم ، أنه في إطار استراتيجية الدولة لتعزيز الصحة النفسية ودعم الشباب، فقد شهد الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، فعاليات إطلاق مراكز السلامة النفسية بمراكز الشباب، والتي تأتي بالتعاون بين الوزارة ممثلة في الإدارة المركزية لمراكز الشباب والهيئات الشبابية، والإدارة المركزية للطب الرياضي، بالشراكة مع مؤسسة "فاهم" للدعم النفسي، والأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة اليونيسف في مصر.


وانطلقت المرحلة الأولى من المشروع بتنفيذ دورة تدريبية متخصصة لتأهيل كوادر وحدات السلامة النفسية في عشر مديريات للشباب والرياضة، تشمل محافظات المنيا، كفر الشيخ، جنوب سيناء، الإسكندرية، القليوبية، بورسعيد، البحر الأحمر، أسوان، الشرقية، وبني سويف.


وشهدت الفعاليات حضور الدكتورة نبيلة مكرم، رئيس مجلس أمناء مؤسسة "فاهم"، والدكتورة منى عبد المقصود، الأمين العام للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، والدكتورة نيفين دوس، ممثلة منظمة اليونيسف في مصر، إلى جانب قيادات وزارة الشباب والرياضة، وعدد من الخبراء والمتخصصين في مجال الصحة النفسية.

وأضاف وزير الشباب والرياضة، أن مراكز السلامة النفسية تهدف إلى تقديم الدعم النفسي للنشء والشباب داخل مراكز الشباب، من خلال كوادر مؤهلة تلقت تدريبات مكثفة لضمان تقديم خدمة عالية الجودة، مشيرًا إلى أن الوزارة تعمل على التوسع في هذه المراكز لتغطية مختلف المحافظات خلال الفترة المقبلة.


وأشار إلى أن الوزارة تعمل على تعزيز دور مراكز الشباب في تقديم خدمات متعددة تخدم مختلف احتياجات المجتمع، حيث تم إنشاء أندية متنوعة مثل أندية العلوم التي تهدف إلى تنمية القدرات العلمية للشباب، وكذلك مراكز السلامة النفسية التي توفر الدعم النفسي للنشء والشباب.


وفي كلمتها، أشادت الدكتورة نبيلة مكرم بالتعاون المثمر بين مؤسسة "فاهم" ووزارة الشباب والرياضة، مؤكدة أن الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة العامة، وأن توفير الدعم النفسي داخل مراكز الشباب خطوة مهمة في بناء جيل واعٍ ومتماسك نفسيًا.


ومن جانبها، أكدت الدكتورة منى عبد المقصود، أن الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان تحرص على توفير التدريب والدعم الفني لضمان تقديم خدمات نفسية متخصصة داخل مراكز الشباب، بما يساهم في تعزيز الوعي النفسي لدى النشء والشباب.


وأعربت الدكتورة نيفين دوس ، عن تقديرها لهذه المبادرة، مشيرة إلى أن منظمة اليونيسف في مصر تدعم كل الجهود الرامية إلى تعزيز الصحة النفسية للأطفال والشباب، وتوفير بيئة آمنة تساعدهم على النمو والتطور بشكل صحي ومتوازن.


وتأتي هذه الخطوة في إطار حرص وزارة الشباب والرياضة على توفير خدمات متكاملة داخل مراكز الشباب، بما يسهم في تعزيز الوعي بالصحة النفسية، وتقديم الدعم اللازم للنشء والشباب، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.


وفي ختام اللقاء، قام وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي، رفقه السادة الحضور؛ بتكريم السادة المتدربين مجتازي الدورة التدريبية لمراكز السلامة النفسية.

مقالات مشابهة

  • عودة التصعيد إلى غزة تدخل المنظومة الصحية في موت سريري
  • تعرف على القيادات الحكومية التي اغتالتها إسرائيل بعد استئناف العدوان على غزة
  • لقاء بين الجميّل وصدي ركّز على الاشكاليات التي تواجه قطاع الكهرباء
  • وزير الرياضة يشهد إطلاق مراكز السلامة النفسية بمراكز الشباب
  • وزير خارجية مصر يكشف عن بدء تدريب الشرطة الفلسطينية التي ستدخل إلى غزة
  • عربي21 تكشف أرقاما صادمة حول أزمة نقص الأوكسجين بمستشفيات غزة
  • «الفارس الشهم 3» توزّع كسوة شتوية على النازحين في غزة
  • استجابة لمطالبة القوات الروسية بدء مغادرة النازحين السوريين لقاعدة حميميم
  • ارتفاع أسعار المنتجات الأميركية بسبب الحرب التجارية التي أطلقها ترمب
  • تفاقم أوضاع النازحين في النيل الأبيض بسبب نقص الماء والغذاء