يتصاعد التوتر بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وبين الإمارات العربية المتحدة، التي يتهمها بدعم خصمه الفريق محمد حمدان دقلو الذي يحاربه منذ 8 أشهر، مع طرد دبلوماسيين واتهامات موجهة لأبو ظبي بأنها "دولة مافيا".

بدأ التصعيد بتصريحات نارية للفريق ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، اتهم فيها الإمارات بأنها "دولة مافيا" سلكت "طريق الشر" بدعمها قوات الدعم السريع التي يقودها الفريق دقلو.

وفي خطاب حماسي أمام جنوده في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اتهم الفريق ياسر الإمارات -أيضا- بأنها ترسل منذ اندلاع الحرب أسلحة إلى قوات الدعم السريع عبر أوغندا وأفريقيا الوسطى "بمساعدة فاغنر"، مجموعة المرتزقة الروس التي كانت في وقت من الأوقات تنتشر بقوة في بانغي.

وأضاف "بعدما ضعفت فاغنر، صارت طائراتهم تمر من تشاد. ومنذ أسبوع تهبط تلك الطائرات في مطار نجامينا"، مشيرا بأصابع الاتهام -كذلك- إلى المشير خليفة حفتر الرجل القوي في شرق ليبيا.

منذ اندلاع الحرب، تحدثت تقارير عديدة وخبراء عن مثل هذه القنوات. ولم تردّ السلطات الإماراتية على طلب وكالة الصحافة الفرنسية التعليق على هذه الاتهامات.

في أغسطس/آب المنصرم، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن مسؤولين أوغنديين قولهم، إنهم عثروا على أسلحة في طائرة شحن كان يُفترض أن تنقل مساعدات إنسانية إماراتية إلى لاجئين سودانيين في تشاد.

نقطة تحول

يقول جلال حرشاوي الخبير في مركز أبحاث (رويال يونايتد سرفيسز إنستيتيوت فور ديفنس آند سكيوريتي ستاديز)، "حتى وقت قريب، كان الفريق أول البرهان حذِرا ودبلوماسيا، وتجنب أي مواجهة كلامية مباشرة مع فاعلين رئيسين؛ مثل: حفتر وروسيا وأبو ظبي".

لكن تصريحات الفريق ياسر العطا كانت نقطة تحول.

يؤكد أليكس دي فال أحد أكبر الخبراء المتخصصين في الشأن السوداني، أن رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كان يدعم الفريق دقلو؛ لأنه "أرسل له جنودا من قواته للمشاركة في الحرب الإماراتية السعودية في اليمن".

ويتابع "كما أن دقلو يستفيد من تجارة الذهب التي تفيد كذلك الإمارات". وأتاحت هذه التجارة، حسب واشنطن، تمويل جزء من عمليات فاغنر.

"شبكات طي الكتمان"

أما المحلل أندرياس كريغ فيقول، إن "تاريخ الإمارات والسودان هو تاريخ شبكات نسجتها أبو ظبي لتحقيق أهداف إستراتيجية، ولكنها احتفظت بتلك الشبكات طي الكتمان، وحرصت على أن تكون قادرة على نفي" أي صلات بها.

لذلك، كما يوضح جلال لوكالة الصحافة الفرنسية، ظلت الاتهامات القليلة التي وُجهت للإمارات بالتدخل في السودان "فاترة" على الرغم من "الدعم الكبير من شرق ليبيا ومن روسيا والإمارات" لقوات الدعم السريع.

في أغسطس/آب المنصرم، نفت الإمارات بحزم المعلومات التي نشرتها وول ستريت جورنال. غير أن متظاهرين سودانيين عادوا وهاجموا الإمارات في نوفمبر/تشرين الثاني الفائت.

في أعقاب ذلك، طردت الإمارات دبلوماسيين سودانيين، حسب وزير الخارجية السوداني علي صدّيق الموالي للجيش.

وقال علي صدّيق في تصريحات للتلفزيون الرسمي السوداني، "لم نطلب توضيحات من الإمارات على الرغم من توافر معلومات لدينا حول تورطهم في الحرب". وتابع "لكنهم بادروا بطرد دبلوماسيينا فاضطررنا للرد".

طريق مسدود

في 10 ديسمبر/كانون الأول الماضي، طلبت وزارة الخارجية السودانية من 15 دبلوماسيا إماراتيا مغادرة البلاد خلال "48 ساعة"، بعدما عدّتهم أشخاصا غير مرغوب فيهم.

وأوضح وزير الخارجية أن تصريحات الفريق ياسر العطا جاءت بسبب وصول الأمور مع الإمارات إلى الطريق المسدود.

ويعتقد جلال حرشاوي أن سلوك الجيش السوداني هو "تصرف يائس" من قوة "تضيق الخيارات أمامها"، خاصة على الصعيد العسكري أمام قوات الدعم السريع التي تسيطر على الخرطوم وغالبية إقليم دارفور، إضافة الى مناطق أخرى يتمدد نفوذها فيها تدريجا.

ويرى أن الجيش يسعى إلى "الحصول على إدانات لإمدادات السلاح الإماراتية غير الشرعية لقوات الدعم السريع".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

السودان.. «البرهان» يتوّعد باستمرار الحرب ويدعو الجميع لـ«تحكيم العقل»

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني، الفتاح البرهان، “عدم استعداده للمساومة أو التفاوض مع قوات “الدعم السريع”، متهما إياها بـ”الميليشيا الإرهابية التي تنتهك حرمات الشعب”.

وقال البرهان، السبت، في كلمة وجهها للشعب السوداني بمناسبة عيد الفطر، نقلتها وكالة “سونا”: “تدخل هذه الحرب التي تعيشها بلادي والتي أشعلتها مليشيا آل دقلو ومعاونيها وداعميها عامها الثالث وقد فعلت بالوطن والمواطن أسوأ ما يمكن أن يحدث في الحروب”.

وأضاف: “إن الفظائع التي ارتكبت في حق شعبنا والمرارات التي أذاقها لهم هؤلاء المجرمون صورها وأصواتها وجراحها المتجددة تجعل الخيارات صفرية في التعامل مع هؤلاء المجرمين وداعميهم، وأقول لهم بصوت الشعب النازح والمهجر والذي نهبت أمواله والمحاصر والأمهات الثكالى والأطفال الإيتام والشهداء، إننا لن نغفر ولن نساوم ولن نفاوض ولن ننكص عن عهدنا مع الشهداء”.

ووفقا للوكالة، أكد قائد الجيش السوداني، “أن القوات المسلحة تقف على مسافة واحدة من جميع المواطنين، ولا تنحاز لأي جهة على حساب الآخرين”.

وتابع البرهان: “أجدد عهد القوات المسلحة مع الشعب أن لا تراجع عن هزيمة وسحق مليشيا آل دقلو الإرهابية ورغم ذلك ظلت أبواب الوطن مفتوحة لكل من يحكم عقله ويتوب إلى الحق من الذين يحملون السلاح، فالعفو عن الحق العام ومعالجة الأمر العسكري ما زال ممكنا ومتاحا”.

وناشد البرهان المواطنين السودانيين المتواجدين في مناطق سيطرة الدعم السريع، قائلا: “أناشد أهلنا في مناطق سيطرة التمرد برفع أيديهم عن مساندة مشروع آل دقلو الاستعماري، وحماية أبنائهم من الذين سيوردونهم المهالك، فالسودان الواحد الموحد أرضا وشعبا أمانة تاريخية يجب عدم التفريط فيها”.

وكان “سيطر الجيش السوداني على معظم مدينة أم درمان، التي تضم قاعدتين عسكريتين كبيرتين، ويبدو أنه عازم على بسط السيطرة على كامل منطقة العاصمة التي تتألف من ثلاث مدن هي الخرطوم وأم درمان وبحري”، لم تصدر “قوات الدعم السريع” تعليقا على تقدم الجيش في أم درمان حيث لا تزال القوات شبه العسكرية تسيطر على بعض المساحات”.

يذكر أن الحرب التي اندلعت في أبريل نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أدت إلى “مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح الملايين من منازلهم، ويعيش نحو نصف سكان السودان، أي حوالي 26 مليون شخص، وهم يواجهون انعدام الأمن الغذائي مع تزايد مخاطر المجاعة في مختلف أنحاء البلاد، وتدهور شديد للأوضاع الاقتصادية”، وفق تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

مقالات مشابهة

  • مدفعية الجيش السوداني في الفاشر تستهدف مستنفري الدعم السريع
  • الجيش السوداني يحبط هجوما على الأبيض ويلقي القبض على عدد من المتعاونين مع الدعم السريع
  • الجيش السوداني يستعيد منطقة حيوية في جنوب كردفان بعد سيطرة لساعات بواسطة الدعم السريع
  • بعد اقتحامه بواسطة الدعم السريع.. الجيش السوداني يدفع بتعزيزات عسكرية نحو جسر مهم
  • تصاعد التوتر.. الجيش التايواني يتابع تدريبات الصين العسكرية عن قرب
  • أبرز محطات الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع
  • الجيش السوداني يتقدم في الفاشر والدعم السريع يقصف المدينة
  • البرهان متوعدا بالاستمرار في مواجهة “الدعم السريع”: لا مساومة أو تفاوض مع “منتهكي حرمات الشعب”
  • السودان.. «البرهان» يتوّعد باستمرار الحرب ويدعو الجميع لـ«تحكيم العقل»
  • بعض الأسئلة التي تخص قادة الجيش