أحد أبطال ملحمة الشرطة بالإسماعيلية.. محطات في حياة صلاح ذو الفقار
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
ترك خلفه الطب والشرطة من أجل الفن، ولقب بصاحب العيون الضاحكة، هو الفنان صلاح ذو الفقار صاحب الإطلالة المميزة، والجاذبية الخاصة، والقدرة على إتقان أدواره الفنية ببراعة.
دخل الفنان الراحل قلوب المشاهدين بموهبته المتميزة، وأعطائه الفن حتى آخر يوم في حياته فتوفى أثناء تصوير المشهد الأخير من فيلم الإرهابي، إثر أزمة قلبية مفاجئة.
ولد صلاح ذو الفقار في المحلة الكبرى، وكان أبوه الأمير الاي «العميد» أحمد مراد بك ذو الفقار، ووالدته نبيلة هانم ذو الفقار، من عائلة فرنسية الأصل.
كان ذو الفقار متفوقًا في دراسته، ومن أبطال مصر في لعبة الملاكمة، وحصل على بطولة كأس الملك في الملاكمة عام 1947م.
صلاح ذو الفقارالتحق ذو الفقار بكلية الطب جامعة الإسكندرية لرغبة والده الذي كان يتمنى أن يصبح طبيبًا مثل جده، لكنه بعد مرض والده حول أوراقه إلى أكاديمية الشرطة حتى يكون إلى جانبه، وتخرج فيها وعمل في مديرية أمن المنوفية، ومصلحة السجون، ثم مدرسًا في أكاديمية الشرطة.
علاقة صلاح ذو الفقار بالساداتكان صلاح ذو الفقار يعمل ضابطًا في سجن مصر، بينما كان الرئيس الراحل محمد أنور السادات، مسجونا في ذلك الوقت، بسبب قضية اغتيال أمين عثمان، الضابط المسئول عن السجن في ذلك الوقت.
كان ذو الفقار مؤمنا في داخله بوطنية وبطولة السادات، وعلى الرغم من كونه يحرس السادات، بجانب المتهمين معه في القضية، إلا أنه كان يساعدهم ويعاملهم معاملة حسنة، حيث كانوا مسجونين سياسيين، فكان يحضر معه الطعام والجرائد والسجائر للرئيس الراحل السادات، وساعد أسرته على إخراج تصريح زيارة لرؤيته.
حياة ذو الفقار السياسيةكان أحد أبطال ملحمة الإسماعيلية، فكان من الضباط الأبطال الصامدين في معركتهم ضد المحتل البريطاني، رافضين الاستسلام للعدو محققين بشجاعتهم ملحمة فداء وطنية في حب مصر.
صلاح ذو الفقاربدأ ذو الفقار المبادرة بقيادة 19 من طلابه في أكاديمية الشرطة، عند قيام العدوان الثلاثي على مصر، وأخذوا يقاومون العدوان من الجيوش البريطانية والفرنسية والإسرائيلية، وحصل ذو الفقار حينها على نوط الواجب العسكري من الطبقة الأولى من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
دخول ذو الفقار عالم الفنله أشقاء أكبر منه في العمر، هما المخرجان السينمائيان محمود ذو الفقار، وعز الدين ذو الفقار، وبينما كان صلاح في مرحلة المراهقة، ظهر في فيلمين من إخراج شقيقه الأكبر محمود ذو الفقار، وبعد ذلك حاول شقيقة الآخر عز الدين إقناعه بالتمثيل، لكن بحكم طبيعة عمله كضابط في الشرطة استحالة موافقه وزارة الداخلية على دخوله عالم الفن والتمثيل.
أصر عليه شقيقه الأكبر، وعرض عليه بطولة فيلم «عيون سهرانة»، أمام النجمة الراحلة شادية، وتقدم ذو الفقار بطلب إلى وزارة الداخلية، ومن ثم وافقت على طلبه ومنحته أذن استثنائي للعمل في الفيلم.
تميز الفنان الراحل صلاح ذو الفقار ببساطة وعيون ضاحكة، وعرض عليه الكثير من الأدوار الفنية بعد أن أدى دور «حسين ابن الريس عبد الواحد»، في فيلم «رد قلبي»، ليقرر تقديم استقالته من وزارة الداخلية ويتجه إلى الفن والعمل السينمائي، لكن الداخلية قررت ترقيته إلى رتبة مقدم، وإحالته إلى المعاش نظرًا لتاريخه المشرف.
صلاح ذو الفقارنجم ذو الفقار يلمع في سماء الفنسطع نجم الفنان الراحل صلاح ذو الفقار في سماء الفن في الوطن العربي، وتعددت أدواره الفنية، وعمل كممثل ومنتج سينمائي، وحصل على العديد من الجوائز والتكريمات طوال مشواره الفني، بالإضافة إلى تقديم بطولات في العديد من المسرحيات، تعاون خلالها مع مجموعة كبيرة من المخرجين والفنانين.
عام 1986م، نجح صلاح ذو الفقار في انتخابات نقابة المهن التمثيلية، وحصل على منصب وكيل النقابة.
أبرز أعمال صلاح ذو الفقارمن أبرز أفلامه (القصر الملعون، مراتي مدير عام، صباح الخير يا زوجتي العزيزة، الرجل الآخر، لحظة ضعف).
قدم أعمالًا إذاعية ومسرحية وتلفزيونية عديدة، من أهمها مسلسلات (صابرين، الرحلة، اسألوا الأيام).
وفي التلفزيون قدم عدة مسلسلات منها (عودة الروح، الحقيقة.. ذلك المجهول، مفتش المباحث، رحلة عذاب، الهروب إلي السجن، عائلة الأستاذ شلش) بالإضافة إلى المسلسلين الدينيين (الأنصار، محمد رسول الله إلي العالم)،
كما قدم عدة أفلام تلفزيونية من أبرزها فيلم (الأسطي المدير). كان للمسرح نصيب من مسيرته حيث قام ببطولة بعض المسرحيات منها (رصاصة في القلب، روبابيكيا، عازب و3 عوانس، محترم لمدة شهر، معقول؟ لا معقول).
صلاح ذو الفقاروفاة صلاح ذو الفقارتوفى الفنان الراحل صلاح ذو الفقار 22 ديسمبر عام 1993م، في مستشفى الشرطة بالقاهرة عن عمر ناهز 67 عاما، حيث نقل إلى المستشفى إثر إصابته بأزمة قلبية مفاجئة أثناء تصوير فيلم «الإرهابي».
اقرأ أيضاًخالد جلال ناعيا الفنان عبد الله مراد: فقدنا واحدا من مؤسسي السيرك القومي
استشهاد الفنان المسرحي محمد زقزوق خطاب في قصف إسرائيلي لخانيونس
الفنانة نيللي: سعيدة بفوز الرئيس السيسي ومشاركة المصريين في انتخابات الرئاسة «فيديو»
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: حياة ذو الفقار صلاح ذو الفقار الفنان الراحل
إقرأ أيضاً:
تصدِّي الجنود المصريين لجيش بريطانيا في معركة الإسماعيلية ملحمة خالدة
فى الخامس والعشرين من شهر يناير، يحتفل الشعب المصرى بعيد الشرطة كل عام فى ذكرى معركة الإسماعيلية المجيدة التى تجسدت فيها بطولات رجال الشرطة وقيم التضحية والفداء والاستبسال دفاعاً عن تراب الوطن، وكانت ملحمة كفاح ونضال ستظل على مر العصور شاهدة على نبل البطولة وشرف الصمود.
«الوطن» تُعيد سرد أحداث ملحمة الشرطة فى 25 يناير عام 1952، حيث سطرت الشرطة المصرية واحدة من ملاحمها الخالدة فى التاريخ المصرى، وهى معركة الإسماعيلية المجيدة، عندما تصدت قوات الشرطة المصرية بعددها وعتادها المتواضع لجيش بريطانيا العظمى، أكبر دولة فى العالم.
معركة الإسماعيلية مهدت الطريق أمام ثورة يوليو 1952 وأنهت الحكم الملكى فى مصر، ومن ثم فإن توثيق معركة الشرطة ضد الاحتلال فى الإسماعيلية حق أصيل للأجيال لترسيخ التضحيات والانتماء والولاء للوطن، وإلقاء الضوء على تضحيات القوات المسلحة والشرطة، وذلك من خلال تضمينها فى المناهج التعليمية للنشء ضمن خطة دعم الأمن الفكرى للأجيال الجديدة لمعرفة ما حدث فى ذلك اليوم التاريخى، ونستعرضه فى المشاهد التالية:
إلغاء معاهدة 1936قررت حكومة الوفد الاستجابة لمطلب الشعب بإلغاء معاهدة 1936، وأعلن رئيس الوزراء مصطفى النحاس، فى مجلس النواب، يوم 8 أكتوبر 1951، إلغاء المعاهدة التى فرضت على مصر الدفاع عن مصالح بريطانيا، وتصاعدت الأمور بعد أن قرر 91 ألف عامل مصرى مغادرة معسكرات البريطانيين للمساهمة فى حركة الكفاح الوطنى، والتجار يمتنعون عن إمداد المحتلين بالمواد الغذائية.
تتوتر الأجواء بين الشعب المصرى وقوات الاحتلال الإنجليزى، وتصل الأعمال الفدائية ضد قوات بريطانيا العظمى ذروتها، وتكبدت قوات الاحتلال خسائر فادحة، وسط اشتداد أعمال التخريب والأنشطة الفدائية وتصاعد وتيرتها ضد معسكراتهم وجنودهم وضباطهم فى منطقة القناة من خلال الفدائيين، وتكبدت قوات الاحتلال البريطانى خسائر لا تقدر بثمن، فى نفس الوقت ينسحب العمال المصريون من العمل فى معسكرات الإنجليز، ما أدى إلى وضع القوات البريطانية بمنطقة القناة فى حرج شديد، وأزعجت تلك الأفعال حكومة لندن، فهددت باحتلال القاهرة إذا لم يتوقف نشاط الفدائيين، غير أن الشباب لم يهتموا بهذه التهديدات ومضوا فى خطتهم غير عابئين بالتفوق الحربى البريطانى، واستطاعوا، بما لديهم من أسلحة متواضعة، أن يكبدوا الإنجليز خسائر فادحة.
إنذار للشرطة المصريةيستدعى القائد البريطانى بمنطقة القناة، «البريجادير إكسهام»، ضابط الاتصال المصرى، وسلّمه إنذاراً لتُسلِّم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن مبنى المحافظة ومنطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة، وجاء هذا الإنذار بعد أن أدرك البريطانيون أن الفدائيين يعملون تحت حماية الشرطة، لذا خطط الاحتلال لتفريغ مدن القناة من قوات الشرطة حتى يتمكنوا من الانفراد بالمدنيين وتجريدهم من أى غطاء أمنى.
استمروا فى المقاومةيجلس وزير الداخلية فؤاد سراج الدين فى مكتبه، يتلقى اتصالاً من قائد قوات الشرطة فى الإسماعيلية، اللواء أحمد رائف، كان نصها:
- ألو.. حوّلنى على فؤاد باشا سراج الدين وزير الداخلية.
- مين يا أفندم؟ أنا اللواء أحمد رائف، قائد بلوكات النظام فى الإسماعيلية.
- حاضر يا أفندم..
- معالى الوزير صباح الخير يا أفندم..
- صباح النور.. يا أفندم قوات الاحتلال البريطانى وجّهت لنا إنذاراً برحيل قوات البوليس عن مدينة الإسماعيلية، وإحنا يا أفندم رافضين وقررنا المقاومة ومنتظرين تعليمات سعادتك..
- حتقدروا يا أحمد؟..
- يا أفندم مش هانسيب الإسماعيلية حتى لو ضحينا بآخر نفس فينا..
- ربنا معاكم.. استمروا فى المقاومة.
حصار مبنى المحافظةاشتد غضب القائد البريطانى فى القناة، بعد رفض رحيل قوات البوليس، ويأمر قواته بمحاصرة قوات شرطة الإسماعيلية، تتحرك القوات، ويحاصر أكثر من 7 آلاف جندى بريطانى مبنى محافظة الإسماعيلية، والثكنات التى كان يدافع عنها 850 جندياً فقط، ما جعلها معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصَرة.
ويقابل قائد قوات الاحتلال (إكسهام) اليوزباشى مصطفى رفعت، قائد بلوكات النظام الموجودة بمبنى محافظة الإسماعيلية، لإخلاء المبنى، وكان هذا نص المكالمة:
- إذا أنت لم تأخذ قواتك من حول المبنى.. سأبدأ أنا بالضرب، لأن تلك أرضى، وأنت الذى يجب أن ترحل منها ليس أنا.. وإذا أردتم المبنى.. فلن تدخلوه إلا ونحن جثث.. ثم تركه ودخل مبنى المحافظة.
داخل مبنى المحافظة يتحدث اليوزباشى مصطفى رفعت إلى جنوده وزميله اليوزباشى عبدالمسيح، وقال لهم ما دار بينه وبين (إكسهام)، فما كان منهم إلا أن أيّدوا قراره بعدم إخلاء المبنى، وقرروا مواجهة قوات الاحتلال، على الرغم من عدم التكافؤ الواضح فى التسليح، حيث كانت قوات الاحتلال تحاصر المبنى بالدبابات وأسلحة متطورة شملت بنادق ورشاشات وقنابل، فيما لا يملك رجال الشرطة سوى بنادق قديمة نوعاً ما.
قامت القوات البريطانية بإطلاق قذيفة دبابة كنوع من التخويف لقوات الشرطة، أدت إلى تدمير غرفة الاتصال «السويتش»، بالمبنى، وأسفرت عن استشهاد عامل الهاتف، بدأت بعدها المعركة بقوة، التى شهدت فى بدايتها إصابة العشرات من رجال الشرطة واستشهاد آخرين.
الإصراريخرج اليوزباشى مصطفى رفعت، قائد قوة بلوكات النظام الموجودة داخل مبنى المحافظة، إلى ضابط الاحتلال البريطانى فى مشهد يعكس مدى جسارة وشجاعة رجل الشرطة المصرى، فتوقفت الاشتباكات ظناً من قوات الاحتلال أن رجال الشرطة سيستسلمون، ولكنهم فوجئوا بأن اليوزباشى مصطفى رفعت يطلب الإتيان بسيارات الإسعاف لعلاج المصابين وإخلائهم قبل استكمال المعركة، وفقاً لتقاليد الحرب الشريفة التى اعتاد عليها المصريون.
رفضت قوة الاحتلال واشترطت خروج الجميع أولاً والاستسلام، وهو ما رفضه اليوزباشى مصطفى رفعت، وعاد إلى جنوده لاستكمال معركة الشرف والكرامة، التى لم يغب عنها أيضاً أهالى الإسماعيلية الشرفاء، حيث كانوا يتسللون إلى مبنى المحافظة، لتوفير الغذاء والذخيرة والسلاح لقوات الشرطة، رغم حصار دبابات الاحتلال للمبنى.
اشتباكات عنيفةتستمر الاشتباكات بشراسة، بدأت الذخيرة فى النفاد من رجال الشرطة المصرية، ولكنهم رفضوا أيضاً مجرد فكرة الاستسلام، فقرأوا جميعاً فاتحة كتاب الله والشهادتين، بمن فيهم الضابط المسيحى اليوزباشى عبدالمسيح، وقرروا القتال حتى آخر طلقة، وقرر اليوزباشى مصطفى رفعت الخروج من المبنى لقتل قائد قوات الاحتلال (إكسهام)، أملاً منه فى أن يؤدى ذلك إلى فك الحصار وإنقاذ زملائه، وبالفعل عندما خرج، توقف الضرب كالعادة، ولكنه فوجئ بضابط آخر أعلى رتبة من (إكسهام)، وبمجرد أن رأى هذا الضابط اليوزباشى مصطفى رفعت، أدى له التحية العسكرية، فما كان من اليوزباشى رفعت إلا أن يبادله التحية وفقاً للتقاليد العسكرية، وتبين بعد ذلك أن ذلك الضابط هو الجنرال (ماتيوس)، قائد قوات الاحتلال البريطانى فى منطقة القناة بالكامل.
خروج مذليتحدث الجنرال (ماتيوس) إلى اليوزباشى مصطفى رفعت، وقال له إنهم فعلوا ما عليهم بل أكثر، وإنهم وقفوا ودافعوا عن مبنى المحافظة ببطولة لم تحدث من قبل، وأنهم أظهروا مهارة غير عادية باستخدام البنادق التى معهم ووقوفهم أمام دبابات وأسلحة الجيش البريطانى المتعددة، ولا مفر من وقف المعركة بشرف، فوافق اليوزباشى مصطفى رفعت على ذلك، مع الموافقة على شروطه، وهى أن يتم نقل المصابين وإسعافهم بشكل فورى، وأن الجنود الذين سيخرجون من المبنى لن يرفعوا أيديهم على رؤوسهم، بل سيخرجون بشكل عسكرى يليق بهم، مع ترك أسلحتهم داخل المبنى، فوافق الجنرال (ماتيوس) على تلك الشروط، وتم خروج قوات الشرطة بشكل يليق بها وهم فى طابور منظم.