أخجلتمونا بثباتكم ورسوخكم يا أطفال غزة.. فكيف اللحاق بكم؟!
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
لا يوجد مسلم في قلبه مثقال ذرة من إيمان ولا حتى إنسان ينتمي إلى الإنسانية بمعانيها ومراميها -كما حدث من شعوب العالم الحر- يرضى عن ما حدث لأهلنا وسادتنا في غزة من خسف وحرق ودمار فاق كل تصور. ولقد ذهبت المقارنات بين ما حدث من جرائم في العهود الماضية والعقود التي خلت؛ وبين ما ارتكبته الآلة الصهيونية الإجرامية المدعومة عسكريا واستخباراتيا من أمريكا وأوروبا، واتفقت جميع المقارنات على أن الجرائم الوحشية التي ارتكبها الصهاينة الجبناء تخطت كافة الحدود، حتى بلغت أوزان الذخائر والمتفجرات التي ألقيت على غزة وحدها ضعف ما ألقاه الجيش الأمريكي على مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين إبان الحرب العالمية الثانية!
وكل ذلك الألم زاده الخذلان من أولي القربي وتحولت بسببه الأحزان إلى أوجاع ثم إلى جراح عميقة؛ بحجم ما تحدثه القنابل الأمريكية في أرض غزة من حفر عميقة ودمار شامل قد استحالت الحياة بسببها!.
ورغم كل ذلك فلقد كانت محنة غزة منحة للعالمين العربي والإسلامي، وقد تفاجأت الأمة بصلابة أهل غزة وشموخ هامتهم ورسوخ عقيدتهم، ولم يقف الأمر عند الرجال الأشداء أو النساء الفضليات المربيات، بل تخطاه إلى الصبيان والأطفال ممن كانوا مع براءتهم وعفويتهم في قمة الوقار ومنتهى الاتزان وهم يُعبِّرون عن مواقفهم التي سبقت أعمارهم الصغيرة، ولا يسعك إلا الإجلال لتلك الأم الرؤوم والأب القدوة ممن كان لهما الفضل في إخراج تلك النماذج المشرّفة من صبايا غزة وصبيانها..
تُرى متى تعلم هؤلاء كل هذا الثبات والشموخ وهم في هذا العمر؟! ونظراؤهم في الجوار العربي يعيشون حالة من التدليل الممجوج التي لا تُخرج إلا النماذج التي لا تحمل لأي قضية همّا! وحال أولياء الأمور من الآباء هو التألم لفساد أبنائهم ممن أحسنوا تغذيتهم! لكنهم فشلوا في تعليمهم الرجولة حتى اشتكى قطاع كبير منهم من جحود الأبناء وسوء أدبهم! والنتيجة كانت تخريج أجيال لا تحمل همّا لقضية أو انتماء لأمة، وربما ساءت الأمور أكثر من مجرد فقدان الانتماء، فكان منهم ما لا طاقة للحديث عنه في مقالنا هذا ونحن نتحدث عن رجال في عمر الصبيان من أهل غزة!
من رأى الطفل المعجزة بحقٍ "رمضان أبو جزر"؟! وقد جرت العادة السيئة في وسائل الإعلام العربية على إطلاق لقب الطفل المعجزة على أحد المواهب الصغيرة البارعة في الرقص والغناء أو التمثيل! إنه رمضان الصغير الذي أبكى الكبار من الدعاة والعلماء وهم يستمعون إلى كلمته المسجلة وخلفه ركام المنازل الفلسطينية المتهدمة بأيدي الصهاينة، وعرّف بنفسه قائلا: اسمي رمضان محمود أبو جزر، عمري 9 سنوات، ولدت في حرب 2014 على غزة! بعيدا عن بيتي الذي قصفته طائرات الاحتلال الغادر فأصيب أبي واستشهد عمي "رمضان أبو جزر" الحافظ والمُحفظ لكتاب الله تعالى في نفس اليوم الذي ولدت فيه وتسميت على اسمه.
ثم يكمل متحدثا عن شوقه للقاء الدعاة المشرفين على برنامج "سواعد الإخاء" للحصول على وسام سفراء الحب قائلا: وقد كنت أعُدُ الأيام والليالي بعدما انتهيت من التأشيرات والإجراءات مع أبي وأخي وليد، ثم اشتريت ملابسي مع أمي! ويقول: والله لقد كان بِودّي أن ألتقيكم وفي قلبي كثير من الشوق أن أقبل رؤوسكم فردا فردا ولكن قدر الله لىّ الخير، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
ويكمل قائلا: أُطلُ عليكم من الأرض التي أشار إليها الحبيب صلى الله عليه وسلم فقال: "خير رباطكم عسقلان"، مضيفا: غزة التي قاومت وما زالت تقاوم حتى وهي تنزف! غزة ورغم ما حدث فيها من أزمات ومجازر إلا أن فيها قوما جبارين! (انتهى).
الحقيقة أن الكلمات لتعجز عن توصيف حال هذا الشبل المبارك "رمضان أبوجزر" وعن رباطة جأشه وعلو همته وتفويضه لقضاء الله بكلمات رائعة أبكت الحضور من الدعاة والعلماء، واستشعروا منها أنهم يجلسون في حضرة المُعلم وليس التلميذ!
ومن استمع إلى كلمات الطفلة التي لم تتجاوز السابعة من عمرها وهي ترد على سؤال لأحد المحاروين في أحد شوارع القطاع بكلمات تقشعر لها الأبدان وبصوت جهوري دافئ من صدق لهجتها وعذوبة منطقها، موجهة بإصبعها الحديث إلى بني صهيون فتقول: أنتم فئران يا بني صهيون ونحن أسود! ثم تقسم متوعدة واثقة بالله عز وجل فتقول: سنسجد ونصلي شكرا لله في ساحة الأقصى! إن شاء الله.. (انتهى).
ومن استمع إلى كلمات الطفلة الصغيرة التي لم تتجاوز السادسة من عمرها! وهي تقول للكاميرا والمحاور أمامها يسألها مطمئنا عن حالتها النفسية نتيجة الدمار والقصف اللعين الموجه من "الصهاينة" فترد بكلمات يعجز الكثير من أشباه الرجال عن قولها وعن إدراك معانيها قائلة: لا نخشى جيشهم فالله أكبر منهم! يا االله.. متى تعلمتِ بُنيتي هذا الشموخ الذي قَصُر مليار ونصف مسلم عن بلوغه -إلا من رحم ربي-؟! وفي أي مدرسة تخرجت بهذه الحالة الإيمانية الفريدة وأزيز الطائرات يسمع في أرجاء القطاع؟! فمن في مثل عمرك يهنأ بالرعاية والتدليل الممجوجين دون فائدة، بل ربما أفسدهم التدليل وتمردوا على أسرهم فيما بعد، ولا حول ولا قوة إلا بالله..
فلله درّ أهل غزة من صبيانها وفتياتها ممن أخجلونا بثباتهم ورسخوهم.. فكيف اللحاق بهم؟!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطينية فلسطين غزة أطفال صمود مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ما حدث غزة من
إقرأ أيضاً:
أطفال غزة.. إما قصفٌ ودماء أو عيشٌ وسط الركام والنفايات
تعكس الحياة اليومية للنازحين في غزة واقعًا قاسيًا يتجلى في مشاهد مؤلمة، حيث أظهرت صور لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أطفالًا وهم يبحثون بين أكوام النفايات على طول الساحل قرب مدينة غزة، في مشهد يجسد عمق الأزمة الإنسانية في القطاع مع كل الخطر الذي يمثله انتشار تلك النفايات على الصحة.
اعلانووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، اضطر حوالي 90% من سكان غزة للنزوح الداخلي، أي ما يقرب من 1.9 مليون شخص، بسبب الحرب الدموية المستمرة على القطاع. ويعيش هؤلاء النازحون في مخيمات مكتظة تفتقر لأبسط مقومات الحياة، وسط انتشار الروائح الكريهة والحشرات، مما يزيد من مخاطر تفشي الأمراض.
تقرير اليونسيف الذي يشير إلى نزوح أكثر من 90% من سكان قطاع غزةويصف أحد الفسلطينيين المعاناة التي يعيشونها بقوله: "نعاني من مشاكل كثيرة؛ لدينا أمراض جلدية بسبب قلة النظافة، والبرد القارس يزيد من معاناتنا، فيما تغمر رائحة النفايات المكان. لا نستطيع النوم ليلًا بسبب الأوضاع المتردية، ولا توجد حمامات أو أي وسائل للنظافة. نفتقر إلى كل مقومات الحياة الأساسية".
إضافة إلى ذلك، يؤدي تراكم النفايات على الشاطئ وتوقف خدمات جمع القمامة إلى تهديدات بيئية وصحية خطيرة. كما يعاني القطاع من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب، وغياب أنظمة الصرف الصحي الملائمة، بالإضافة إلى تراجع الإمدادات الغذائية، مما يضاعف التحديات اليومية التي يواجهها سكان غزة.
القمامة تتراكم في غزة وسط ظروف إنسانية صعبةAbdel Kareem Hanaوفي ظل هذه الأوضاع، تبذل المنظمات الإنسانية جهودًا حثيثة لتقديم المساعدة، حيث تركز على توفير المياه النظيفة وتحسين خدمات الصرف الصحي الذي تعرض بنيته التحتية لتدمير كبير بفعل القصف الإسرائيلي. إلا أن القيود المفروضة على دخول المساعدات تعرقل هذه الجهود، رغم الدعوات الأممية المتكررة لفتح ممرات إنسانية من شانها تخفيف معاناة السكان.
Relatedمن غزة إلى تشيلي.. جدارية تحكي قصص أطفال لم يعرفوا سوى الحرب والشتات"نستيقظ في الصباح متجمدين من البرد".. معاناة بلا حدود للفلسطينيين في غزة في شتاء قارس ونقص المساعداتقتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على غزة والضفة الغربية والوفد الإسرائيلي المفاوض يعود من الدوحةوعلى الجانب الآخر، تسعى المبادرات المحلية لدعم الأطفال نفسيًا واجتماعيًا عبر برامج تهدف إلى تخفيف آثار الصدمات النفسية وتعزيز قدرتهم على التكيف مع هذه الظروف القاسية.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية آلة القتل الإسرائيلية تفتك بالنازحين في غزة.. رئيس الموساد يوصي بضرب إيران ونتنياهو يتوعد الحوثيين حماس تشترط عودة النازحين للشمال وإسرائيل تخطط لمنعهم.. ما هي شروط مسودة وقف إطلاق النار بغزة؟ النازحون في مخيم النصيرات يتفقدون الأضرار بعد ضربة إسرائيلية في وسط غزة قطاع غزةالصراع الإسرائيلي الفلسطيني مخيمات اللاجئيننزوحمرضاعلاناخترنا لك يعرض الآن Next عاجل. تحطم طائرة ركاب مدنية تابعة للخطوط الأذرية قرب أكتاو في كازاخستان وحديث عن وجود ناجين من الحادث يعرض الآن Next هجوم روسي ضخم بالصواريخ الباليستية على قطاع الطاقة في خاركيف وإحباط محاولة اغتيال في روسيا يعرض الآن Next فرنسا: إنقاذ 240 شخصا في جبال الألب بعد أن بقوا عالقين في الجو بسبب انقطاع الكهرباء عن مصعد التزلج يعرض الآن Next المسيحيون في دمشق يحيون قداس الميلاد تحت حراسة أمنية ويضيئون الشموع لأجل "المخلّص" يعرض الآن Next عناق وقبلات سياسية.. فيديو ساخر بالذكاء الاصطناعي يجمع الخصوم الإسبان في أجواء عيد الميلاد اعلانالاكثر قراءة جنين: إطلاق نار كثيف ودوي انفجارات في الأسبوع الثالث من حملة الأجهزة الأمنية الفلسطينية على مخيمها غواتيمالا: السلطات تستعيد عشرات الأطفال والنساء من قبضة طائفة يهودية متشددة مقتل اثنين وإصابة آخرين في انفجار سيارة ملغومة بمركز مدينة منبج شرقي حلب المرصد السوري لحقوق الإنسان: اغتيال 3 قـضاة في ريف حماة الغربي 12 قتيلًا على الأقل بإنفجار في مصنع للمتفجرات شمال غرب تركيا اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومعيد الميلادسورياروسيابشار الأسدهيئة تحرير الشام حكم السجنالحرب في أوكرانيا انفجارالمسيحيةتلوث المياهسفينة السنة الجديدة- احتفالاتالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024