حددت وزارة الأوقاف، موضوع خطبة الجمعة القادمة تحت عنوان:"جريمة الاعتداء على المال العام والملك العام والحق العام"، والموافقة يوم التاسع والعشرين من ديسمبر الجاري (الجمعة الأخيرة من عام 2023).

جريمة الاعتداء على المال العام

وفي خطبة سابقة له، أكد الدكتور محمد مختار جمعة، تحت عنوان: "الكسب الحلال"، أن الاعتداء على المال العام وأملاك الدولة وعلى مال الوقف وعلى أى من الملك العام جريمة شرعية ووطنية وإثم أعظم لكثرة الحقوق المعلقة به.

وقال وزير الأوقاف، إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين لنا الفرق الواضح بين الحلال والحرام وما بينهما من مشتبهات، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): "إنَّ الحلالَ بيِّنٌ وإنَّ الحرامَ بيِّنٌ وبينهما أمورٌ مُشتبِهاتٌ لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس فمنِ اتَّقى الشُّبُهاتِ استبرأ لدِينِه وعِرضِه، ومن وقع فى الشُّبهاتِ وقع فى الحرامِ، كالراعى يرعى حول الحِمى يوشكُ أن يرتعَ فيه، ألا وإنَّ لكلِّ ملكٍ حمًى، ألا وإنَّ حمى اللهِ محارمُه"، وهذا ما قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "استفتِ قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس، وتردد فى الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك"، فكل ما تفعله مرضاةً لله ولا تخشى من اطلاع الناس عليه وتفعله علانية وبشفافية ووضوح، يسلك بك إلى سبيل الحلال إن شاء الله، وكل ما تفعله بقلق وخوف وتوجس وارتياب وتخفى فعليك أن تراجع نفسك فيه.

كما أكد وزير الأوقاف، أن أصحاب النبى (صلى الله عليه وسلم) كانوا يتركون بعض الحلال مخافة أن تكون فيه شبهة حرام، لعلمهم بمآل الحرام فى الدنيا والآخرة، فالكسب الحلال سبيل إلى مرضاة الله (عز وجل) وسبيل إلى المباركة فى الأسرة والأبناء والأحفاد، حيث يقول سبحانه: "وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِى الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا"، قال بعض أهل العلم: كان الجد السابع لهم، وهكذا الحلال، أطعم أبناءك حلالًا ولا تخف عليهم بعد ذلك، وقد سأل سيدنا سعدُ بنُ أبى وقَّاصٍ (رضى الله عنه) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسولَ اللهِ أدعُ اللهَ أنْ يجعَلَنى مُستَجابَ الدَّعوةِ، فقال النبى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "يا سعدُ، أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُستَجابَ الدَّعوةِ، والَّذى نفْسُ مُحمَّدٍ بيدِهِ، إنَّ العبدَ لَيَقذِفُ اللُّقمةَ الحرامَ فى جَوفِهِ ما يُتقبَّلُ منه عملٌ أربعينَ يومًا، وأيُّما عبدٍ نَبَتَ لحمُهُ مِن سُحْتٍ، فالنَّارُ أَوْلى به"، وكأنه يقول لنا وله ليس الأمر فى الدعاء لك، ولكن الأمر عندك أنت والزمام فى يدك أنت: "أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُستَجابَ الدَّعوةِ"، ومرَّت امرأة صالحة على قوم متفيقهين متفلسفين يقفون على الشكل لا على المضمون، فقالت من شيخكم؟ فقالوا فلان، فقالت له: كيف تأكل؟ فقال لها: أُسمى الله، وآكل بيميني، وآكل مما يليني، وأصغر اللقمة، وأجيد المضغة، فقالت له: ليس كذلك، فقال إذًا كيف الأكل؟ فقالت له: كل حلالًا وكل كيف شئت، فلو قرأ ما قرأ وسمى ما سمى وهو يأكل حرامًا لم يغنه ذلك شيئًا، فالحرام سم قاتل فى الدنيا يذهب البركة.

خطيب الجمعة بمسجد عمرو: النداء القرآني للمؤمنين جاء في 89 موضعا هؤلاء أعلى الناس درجات يوم القيامة.. داعية يوضح

وأشار جمعة، إلى أن بعض الناس ربما يقول ولكننا نشاهد غير ذلك، فنقول لهم إذا غضب الله على عبد رزقه من حرام، فإذا اشتد غضبه عليه بارك له فيه، فالله سبحانه وتعالى يقول: "سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَأُمْلِى لَهُمْ إِنَّ كَيْدِى مَتِينٌ"، والنبى (صلى الله عليه وسلم) يقول: "وأيُّما عبدٍ نَبَتَ لحمُهُ مِن سُحْتٍ فالنَّارُ أَوْلى به"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "مَن اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة، فقال له رجل: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله؟ قال وإن كان قضيبًا من أراك"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "إنَّ العبدَ لَيَقذِفُ اللُّقمةَ الحرامَ فى جَوفِهِ ما يُتقبَّلُ منه عملٌ أربعينَ يومًا، وأيُّما عبدٍ نَبَتَ لحمُهُ مِن سُحْتٍ، فالنَّارُ أَوْلى به".

كما أكد وزير الأوقاف على ضرورة الكسب من الحلال، حيث قيل يا رسولَ اللهِ: أى الكسبِ أطيَبُ قال: "عملُ الرَّجلِ بيدِه وكلُّ بيعٍ مبرورٍ"، وقال (صلى الله عليه وسلم): "ما أكلَ أحدٌ طعامًا قطُّ، خيرًا من أنْ يأكلَ من عمَلِ يدِهِ وإنَّ نبى اللهِ داودَ كان يأكلُ من عمَلِ يدِهِ"، وقد خص نبينا (صلى الله عليه وسلم) نبى الله داود (عليه السلام) من بين سائر الأنبياء، ذلك لأنه كان ملكًا نبيًا، فلم يكن بحاجة إلى العمل ليتقوت منه، وإنما كان يعمل لشرف العمل، مؤكدًا أن البيع المبرور، هو البيع الذي لا غش فيه لأن نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: "مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا"، والبيع المبرور لا احتكار فيه لأن نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: "المحتكر ملعون"، والبيع المبرور لا استغلال فيه للأزمات ولا لحوائج الناس؛ لأن نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: "مَن دخلَ فى شيءٍ من أسعارِ المسلمينَ ليُغْليَهُ علَيهِم فإنَّ حقًّا علَى اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى أن يُقْعِدَهُ بعِظَمٍ منَ النَّارِ يومَ القيامةِ"، وخص أقوات الناس لأن الحياة تتوقف عليها، والبيع المبرور لا إخفاء للعيوب فيه، ولا تدليس فيه؛ لأن نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: "الْبَيِّعانِ بالخِيارِ ما لَمْ يَتَفَرَّقا، فإنْ صَدَقا وبَيَّنا بُورِكَ لهما فى بَيْعِهِما، وإنْ كَذَبا وكَتَما مُحِقَ بَرَكَةُ بَيْعِهِما"، وأن تحرى الحلال منجاة لك ولأسرتك وأبنائك، وبركة فى مالك، وسبيل إلى مرضاة الله (عز وجل)، وليس لك إلا ما كُتب لك، فالحرام سم قاتل فى الدنيا ونار تحرق فى الآخرة، حيث يقول سبحانه: "إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الأوقاف وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة المال العام الكسب الحلال صلى الله علیه وسلم رسول الله

إقرأ أيضاً:

ما المقصود بقول الله تعالى كتب على نفسه الرحمة ؟.. علي جمعة بوضح

بين الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والمفتي السابق المقصود بقول الله تعالى:{قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}.

ما المقصود بقول الله تعالى كتب على نفسه الرحمة؟

وأوضح علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك أن كلمة كتب في لغة القرآن أي فرض فهو سبحانه وتعالى قد فرض الرحمة، وليس أحدٌ يتألى على الله، ولا يفرض على الله، ولا يوجب على الله شيئًا لأنه سبحانه وتعالى هو القاهر فوق عباده، ولأنه سبحانه وتعالى {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} ولأنه سبحانه وتعالى هو ملك ومالك السماوات والأرض وما فيهن وما بينهما.

دعاء الأم على أبنائها.. هل يستجاب حتى ولو كانت ظالمة ؟هل الدعاء يُزيد الرزق؟.. انسى الفقر نهائيًا بـ3 أعمال وآية

وأكمل: ولذلك فلا يفرض أحدٌ شيئًا على الله سبحانه وتعالى، لكن الله من رحمته، ومن واسع فضله ومَنِّه على العباد {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} ولذلك لا يخلف ذلك أبدا، ولا يرجع في حكمه أبدا؛ فالله سبحانه وتعالى كتب على نفسه الرحمة، وهو أوفى من وفَّى بالعهود سبحانه وتعالى، هذه العبارة طمأنت الخلق فهى تشبه البداية التي خاطب بها الله الناس في وحيه {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} جمالٌ في جمال، يعني ليس هناك إلا الجمال إذا ما كانت المقابلة مع الله سبحانه وتعالى في ظل الإيمان كتب على نفسه الرحمة، لم يقل إنه كتب على نفسه الرحمة والعقاب أيضًا حتى يعني كتب على نفسه الرحمة والعقاب، بل إنه كتب على نفسه الرحمة فقط، ولذلك قالوا: هو رحمن الدنيا ورحيم الآخرة فهو في الدنيا يرحم الكافر والمؤمن والعاصي والطائع، ويرحم كل شيء من الكائنات فهو رحمن الدنيا، وهو أيضًا رحيم الآخرة فالعفو مقدمٌ عنده على المؤاخذة.

وشدد علي جمعة أنه لذلك في الدعاء نقول: (اللهم إنا في حاجةٍ إلى رحمتك ولست في حاجةٍ إلى مؤاخذتنا فاعف عنا على ما كان من عمل) لأنه لا يضره شيء إلا أننا عندما نلتجئ إليه سبحانه وتعالى، ونطلب منه الرحمة فقد طلبناها من عفوٍ غفور، من رحمنٍ رحيم فهو أهلٌ لأن يستجيب لنا، وأن يعفو عنا تقصيرنا وذنوبنا وخطايانا وأخطاءنا، وأنه سبحانه وتعالى أهلٌ لذلك حيث إنه قد كتب على نفسه الرحمة .

حب النبي ركن الإيمان

وقال علي جمعة إن سيدنا النبي ﷺ حبه ركن الإيمان، ولا إيمان إلا بحبه، وهو بابنا إلى الله، وإذا لم يكن هناك إلا هذا الباب فقد نجوت، وإذا جعلت معه بابًا آخر فقد هلكت، ولذلك نقدمه على أنفسنا، وآبائنا، وإخواننا، وكل ما نحب، النبي ﷺ هو الإنسان الكامل الذي كمَّله الله، واصطفاه، وجعله أسوةً حسنة، وأمرنا بطاعته ، فَمَنْ أراد ربه وطريقه، فَلْيُصَلِّ على الحبيب المصطفى ﷺ ، وليتمثل بخلقه الكريم في عمله، وفي حياته، وفي علاقاته، وفي قراراته، وفي تصرفاته.

مقالات مشابهة

  • تغلق كل شر.. علي جمعة: 3 أعمال تفتح لك أبواب الغفران والخير
  • ماذا أصلي بعد طلوع الشمس الفجر أم الصبح؟.. لا تخالف السنة
  • ما حكم ترديد الصلاة على النبي أثناء الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
  • دار الإفتاء تكشف حكم سجود التلاوة بدون وضوء
  • هل الحج يغني عن الصلاة الفائتة لشخص كان لا يصلي؟.. الإفتاء ترد
  • ما هي الأعمال المستحبة عند زيارة مسجد النبي؟.. داعية يُوضح
  • هل التأمين على السيارات حلال أم حرام؟.. الإفتاء تكشف
  • ما المقصود بقول الله تعالى كتب على نفسه الرحمة ؟.. علي جمعة بوضح
  • دعاء الأم على أبنائها.. هل يستجاب حتى ولو كانت ظالمة ؟
  • هل تُقبل الصدقة من مال مصدره حرام؟.. الإفتاء توضح الفرق بين التصدّق وتبرئة الذمّة