مكة المكرمة

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.

وقال فضيلته: “كرّم الله بني آدم بالستر واللباس دون سائر المخلوقات، كما كرمهم بالزينة والتزين، وحين وسوس الشيطان لآدم وحواء عليهما السلام وأكلا من الشجرة كانت العقوبة أن بدت لهما سوءاتهم”، مبيناً أن الإنسان هو الوحيد من بين المخلوقات الذي يستتر، ويلبس، ويتزين، وحين تنتكس عنده الفطرة يخلع ستر الله عليه، ويدخل في القبائح والفضائح، وكشف السوءات والعورات.

وأشار فضيلة الشيخ بن حميد، إلى أن الله تعالى أحكم الستر بالدين والشرع، فبيّن للإنسان ما يجب عليه ستره من بدنه، وأفعاله، ومشاعره، وبيّن له ما يكشف وما لا يكشف، وبيّن له حدود الإظهار والإخفاء بل ربط الله الستر بالجمال: جمال اللباس، وجمال الصورة، وجمال التقوى، موضحاً أن الستر يحافظ على طهارة المجتمع، ويبقي على سمته ووقاره، فتحفظ الآذان عن سماع البذيء من الأقوال، وتغض الأبصار عن المستقبح من المناظر، والستر هو تغطية المسلم عيوبه، وإخفاء هناته، وما يقع منه، وعدم كشفها للناس مع ما يطلب من الندم، والتوبة، والاستغفار، والستر إخفاء، وصون، وحفظ، والستر مقرون بالأدب، والحكمة، والذوق، ورهافة الحس.

وأكد فضيلته، أن من أعظم علامات الصلاح “ستر العبد على أخيه عيبه، وحسن ظنه بإخوانه، واشتغاله بعيبه عن عيوب الناس”، وما ستر الناس عليهم بيوتهم، والتجسس والتحسس، فإنه مفسد لدينك، ومفسد الأخلاق الناس، مشيراً إلى أن الستر منة عظيمة، ونعمة جسيمة لو كشفها الله عن الناس لافتضحوا، ولما نظر أحد إلى وجه أخيه، ولعمت العداوة والبغضاء.

وفي المدينة المنورة، تحدّث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان، عن فضل الإيمان بقضاء الله وقدره، باعتباره ركناً من أركان الإيمان، الذي يستوجب التسليم بأن أقدار الله وقضائه سبحانه خيرها وشرّها التي كتبها الله على الخلائق قبل خلق السماوات والأرض، ومذكراً بأن طاعة الله سبب للخير، ومعصيته سبب للشرّ، وأن الصبر عاقبته خير في كل أمور المؤمن.

وأوضح الشيخ البعيجان في خطبة الجمعة، أن الإيمان عليه مدار السعادة والرضا، والفوز والأمن والأمل، في العاجل والمستقبل، وحقيقته قولٌ باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة، وينقص بالعصيان، وله أركان وأصول، وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشرّه.

وبيّن أن الإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان، وأصلٌ من أصول عقيدة الإسلام، فلا يتم إيمان المسلم حتى يعلم أن كل شيءٍ بقضاء الله وقدره، قال تعالى :” إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ” وقال سبحانه: “وَكَانَ أمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا”، ولا يتم إيمان المسلم حتى يعلم أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فما يخرج عن إرادته وقضائه وقدرته شيء مهما يكن، فإنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، فلا راد لقضائه سبحانه وتعالى ولا معقّب لحكمه، ولا تبديل لخلقه، ولا حول ولا قوة إلا به، قال جلّ وعلا: ” وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ” ، ولا يتم إيمان المسلم حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، قال الله تعالى: ” قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ” وعن جابر ابن عبدالله رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” لا يؤمن عبدٌ حتى يومن بالقدر خيره وشرّه، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه” رواه الترمذي.

وأضاف فضيلته، أن الله تعالى كتب مقادير الخلق قبل أن يخلقهم، فعن عبدالله بن عمر ابن العاص – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “إن الله تعالى كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلِق السماوات والأرض” رواه الحاكم.

وأوضح الشيخ عبدالله البعيجان، أن من الإيمان بالقضاء والقدر، العلم أن حلو القضاء ومرّه وخيره وشرّه غير خارج عن إرادة الله وقدرته ومشيئته، فحلو القضاء وخيره قدر من الله، وهو من كرمه سبحانه وفضله ونعمته، ومُرّ القضاء وشرُّه قدر من مقدور الله يصيب به من يشاء من عباده، لكن الطاعة سبب للخير، والمعاصي سبب للشرّ، والجزاء من جنس العمل، ولا يظلم ربك أحداً قال تعالى: ” وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ”.

وأضاف فضيلته، أن من الإيمان بالقضاء والقدر الصبر والرضا عدم التسخّط والجزع، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “استعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قُل قدرُ الله وما شاء فعل، فإن لو تفتحُ عملَ الشيطان” رواه البخاري.

وبيّن أن من نظر بنور الله وببصيرة المؤمن تلمّس جوانب الخير في كل ما يصيبه، قال تعالى: “وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ”.

وحضّ فضيلته على الصبر عن المصيبة، فقد وعد الله الصابرين على البلايا والنوائب وبشّرهم بالخير والمثوبة، فقال تعالى :” وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ” وقال جلّ وعلا :”إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب”.
وختم فضيلته الخطبة، مذكراً أن الإيمان بالقضاء والقدر يورث راحة البال، وطمأنينة النفس، واليقين، والتعلّق بالله، وصدق التوكّل عليه، والتوجّه إليه، فكل شيء بقضاء وقدرٍ مكتوب.

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: المسجد الحرام المسجد النبوي خطبة الجمعة الله تعالى قال تعالى الله علیه الله عن لم یکن

إقرأ أيضاً:

خطيب المسجد النبوي: الزكاة حق لله تزيل الغل والحقد وتنشر المودة

أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي،  المسلمين بتقوى الله، منوها أن كمال الإنسان وعلو درجته لا يكون إلا بعبادة الله تعالى والإحسان إلى خلقه وأن صرف الشرور هو بأداء حق الله عليه ونفعه للعباد وأن مايلحقه من شر ومكروه هو بقدر ما ترك من عبادة الله وبقدر ما قصر في نفع الخلق.

الزكاة في الإسلام

واستشهد خطيب المسجد النبوي، خلال خطبة الجمعة، بقول الله تعالى (وَٱلْمُؤْمِنُونَ ولمؤمنات بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍۢ ۚ يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ ۚ أولئك سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ).

وأشار إلى أن الزكاة هي نفع مخصوص ومفروض على من تجب عليهم لمن تجب لهم قال جل من قائل (كَانُواْ قَلِيلاً مّن اللّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِيَ أَمْوَالِهِمْ حَقّ لّلسّآئِلِ وَالْمَحْرُومِ ).

وأوضح خطيب المسجد النبوي، أن من محاسن الإسلام أن جعل الزكاة ركنًا من أركان الإسلام تؤدى على وجه مخصوص ولطائفة مخصوصة من المسلمين لسد حاجتهم وهي جالبة للمودة والبركة مبعدة للحقد والغل مطهرة للقلب من البخل والشح وهي من أخطر ما تصاب به القلوب ففي الحديث ( اتَّقُوا الظُّلمَ ؛ فإنَّ الظُّلمَ ظُلُماتٌ يومَ القيامةِ ، واتَّقُوا الشُّحَّ ؛ فإنَّ الشُّحَّ أهلكَ مَن كانَ قبلَكُم ، حملَهُم على أنْ سَفكُوا دِمائَهم ، واستَحَلُّوا مَحارِمَهم ).

من أول ليلة.. خطيب المسجد النبوي: بلوغ شهر رمضان نعمة تستوجب شكر اللهخطيب المسجد النبوي: رمضان شهر الإخلاص والإقبال على الله والأنس بطاعته

وبين الحذيفي أن الزكاة تنفي عن المجتمع وحر الصدور وغلها والحقد وتشيع المودة والرحمة والتسامح بين الناس والتكافل، فالزكاة أوجبها الله على الأغنياء لترد على الفقراء فهي حق لله تعالى أمر أن تصرف للفقراء ولم يترك تحديد مقدارها لأحد.

ففي الحديث عن أبي هريرة (ما مِن صاحِبِ ذَهَبٍ ولا فِضَّةٍ لا يُؤَدِّي مِنْها حَقَّها، إلَّا إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ صُفِّحَتْ له صَفائِحُ مِن نارٍ، فَأُحْمِيَ عليها في نارِ جَهَنَّمَ، فيُكْوَى بها جَنْبُهُ وجَبِينُهُ وظَهْرُهُ، كُلَّما بَرَدَتْ أُعِيدَتْ له، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ؛ إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ. قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، فالإِبِلُ قالَ: ولا صاحِبُ إبِلٍ لا يُؤَدِّي مِنْها حَقَّها -ومِنْ حَقِّها حَلَبُها يَومَ وِرْدِها- إلَّا إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ بُطِحَ لها بقاعٍ قَرْقَرٍ أوْفَرَ ما كانَتْ، لا يَفْقِدُ مِنْها فَصِيلًا واحِدًا، تَطَؤُهُ بأَخْفافِها وتَعَضُّهُ بأَفْواهِها، كُلَّما مَرَّ عليه أُولاها رُدَّ عليه أُخْراها، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ؛ إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ. قِيلَ: يا رَسولَ اللهِ، فالْبَقَرُ والْغَنَمُ؟ قالَ: ولا صاحِبُ بَقَرٍ ولا غَنَمٍ لا يُؤَدِّي مِنْها حَقَّها، إلَّا إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ بُطِحَ لها بقاعٍ قَرْقَرٍ، لا يَفْقِدُ مِنْها شيئًا، ليْسَ فيها عَقْصاءُ، ولا جَلْحاءُ، ولا عَضْباءُ، تَنْطَحُهُ بقُرُونِها وتَطَؤُهُ بأَظْلافِها، كُلَّما مَرَّ عليه أُولاها رُدَّ عليه أُخْراها، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ؛ إمَّا إلى الجَنَّةِ، وإمَّا إلى النَّارِ. قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، فالْخَيْلُ قالَ: الخَيْلُ ثَلاثَةٌ: هي لِرَجُلٍ وِزْرٌ، وهي لِرَجُلٍ سِتْرٌ، وهي لِرَجُلٍ أجْرٌ؛ فأمَّا الَّتي هي له وِزْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَها رِياءً وفَخْرًا ونِواءً علَى أهْلِ الإسْلامِ، فَهي له وِزْرٌ، وأَمَّا الَّتي هي له سِتْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَها في سَبيلِ اللهِ، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ في ظُهُورِها ولا رِقابِها، فَهي له سِتْرٌ، وأَمَّا الَّتي هي له أجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَها في سَبيلِ اللهِ لأَهْلِ الإسْلامِ في مَرْجٍ ورَوْضَةٍ، فَما أكَلَتْ مِن ذلكَ المَرْجِ أوِ الرَّوْضَةِ مِن شَيءٍ، إلَّا كُتِبَ له عَدَد ما أكَلَتْ حَسَناتٌ، وكُتِبَ له عَدَدَ أرْواثِها وأَبْوالِها حَسَناتٌ، ولا تَقْطَعُ طِوَلَها فاسْتَنَّتْ شَرَفًا أوْ شَرَفَيْنِ، إلَّا كَتَبَ اللَّهُ له عَدَدَ آثارِها وأَرْواثِها حَسَناتٍ، ولا مَرَّ بها صاحِبُها علَى نَهْرٍ، فَشَرِبَتْ منه ولا يُرِيدُ أنْ يَسْقِيَها؛ إلَّا كَتَبَ اللَّهُ له عَدَدَ ما شَرِبَتْ حَسَناتٍ. قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، فالْحُمُرُ؟ قالَ: ما أُنْزِلَ عَلَيَّ في الحُمُرِ شَيءٌ، إلَّا هذِه الآيَةُ.

وفي الخطبة الثانية أوضح الحذيفي أن الإخلاص في العبادة والمداومة أوضح على الدعاء ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( الدعاء هو العبادة)، ختم إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف بالحث على إعطاء القرآن حقه من التلاوة والإكثار من النوافل والإحسان إلى الناس.

مقالات مشابهة

  • السعودية.. توفير خدمة هي الأولى من نوعها في «الحرم المكي»
  • خطيب المسجد النبوي: الزكاة نفع مخصوص وتجب على هؤلاء
  • للصلوات الخمس والتراويح.. جدول أئمة الحرم المكي والمسجد النبوي اليوم الجمعة
  • خطيب المسجد النبوي: الزكاة حق لله تزيل الغل والحقد وتنشر المودة
  • خطبتا الجمعة بالحرمين: الزكاة والصدقة تنفيان عن المجتمع وحر الصدور وغلها وتشيعان المودة والرحمة بين الناس
  • خطبتي الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • بث مباشر.. خطبة وصلاة الجمعة الثانية في رمضان من الحرمين الشريفين
  • بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي.. مركز عمليات أمن المسجد الحرام يسهّل رحلة الإيمان
  • مركز عمليات أمن المسجد الحرام يسهّل رحلة الإيمان
  • مرور المدينة المنورة يؤمن كافة الطرق المؤدية من وإلى المسجد النبوي الشريف