هل تؤجج أهداف نتنياهو الشخصية فتيل خلاف جديد مع بايدن؟
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
واشنطن- يزداد يقين النخبة السياسية في واشنطن، في غياب أي مصلحة أميركية في الإبقاء على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بنفس الوتيرة المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وطفت على السطح خلافات علنية بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول طريقة إدارة الحرب على غزة، ومستقبل القطاع بعد توقف القتال، وهي خلافات لم تصل لنقطة وقف أو تغيير طبيعة الدعم الأميركي لتل أبيب.
وتشير تقارير إلى بُعد جديد وراء بروز وتحريك هذه الخلافات بين الجانبين، يتمثل في رغبة نتنياهو في إعادة انتخابه بالانتخابات المتوقع إجراؤها فور توقف العدوان على غزة.
هدف بعيد المنال
ويرفض بايدن الدعوة لوقف إطلاق النار لأنه وقّع على هدف نتنياهو العسكري الرئيس المتمثل في تدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالكامل، وذلك رغم أن هذا الهدف، عسكريا، بعيدُ المنال.
ومع دعم بايدن الثابت لتل أبيب حتى الآن، يتعرض لضغوط متزايدة، بما فيها من داخل حزبه الديمقراطي، لكبح جماح العدوان الإسرائيلي على غزة. ويخشى بايدن كذلك من توسع الحرب وخطر جر الولايات المتحدة إليها أو الضرر الهائل الذي يلحقه دعمه للحرب بمكانة أميركا وقيادتها العالمية.
وقال بايدن -الأسبوع الماضي- إن إسرائيل بدأت تفقد الدعم العالمي بسبب ما وصفه بقصفها العشوائي لغزة، لكنه أكد مجددا أن تل أبيب يمكن أن تعتمد على الدعم الأميركي وشدد على أنه يدعم "حقها في الدفاع عن نفسها".
كما أكد وزير الدفاع لويد أوستن -خلال زيارته إسرائيل قبل أيام- رغبة واشنطن في "الانتقال من العمليات عالية الكثافة إلى العمليات الجراحية الأقل كثافة والأكثر جراحة".
وتجاهلت إسرائيل الطلب الأميركي، وذلك رغم إشارة أوستن إلى إجرائه مناقشات مع مسؤولين إسرائيليين، بمن فيهم نتنياهو، حول ما سماه كيفية الحد من الخسائر في صفوف المدنيين والأضرار الجانبية مع استمرار العملية.
وأرسل أعضاء ديمقراطيون في مجلس النواب -من ذوي الخلفيات الأمنية والعسكرية- رسالة إلى الرئيس يؤكدون فيها أن الاستراتيجية العسكرية لحكومة نتنياهو ليست في مصلحة الولايات المتحدة ولا في مصلحة أمن إسرائيل.
وجاء في الرسالة "نحن قلقون للغاية من الإستراتيجية العسكرية الحالية لنتنياهو في غزة. إن تزايد عدد القتلى المدنيين والأزمة الإنسانية غير مقبولة ولا تتماشى مع المصالح الأميركية. كما أنها لا تعزز قضية الأمن لحليفتنا إسرائيل. ونعتقد أيضا أنه يُعرّض للخطر الجهود الرامية لتدمير منظمة حماس الإرهابية وتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن".
فرض شروط
ووقّع على رسالة النواب الديمقراطيين 6 مشرعين عملوا في السابق في وكالة الاستخبارات المركزية والقوات المسلحة الأميركية.
وأضاف النواب من خلال رسالتهم "من مواقفنا في لجان الاستخبارات والخدمات المسلحة والشؤون الخارجية، دفعنا باستمرار إسرائيل لتغيير إستراتيجيتها العسكرية، ولم يكن هناك تغيير كبير" واختتموا بالقول "نحثكم على مواصلة استخدام كل نفوذنا لتحقيق تحول فوري وكبير في الإستراتيجية والتكتيكات العسكرية في غزة".
وتأتي الرسالة أيضا في الوقت الذي يُعبر فيه عدد متزايد من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، وعلى رأسهم السيناتور بيرني ساندرز، عن قلقهم ويسعون إلى فرض بعض الشروط على تقديم المساعدات لإسرائيل.
وتتفق أركان الإدارة الأميركية وعلى رأسها الرئيس بايدن، وقادة الديمقراطيين بمجلسي الكونغرس، والنواب والشيوخ، على دعم هدفي حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي المعلنين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، المتمثلين في "تدمير حركة حماس" حتى لا تتمكن من تكرار هجماتها، وإعادة المحتجزين المتبقين لديها.
كما تدعم واشنطن عدة أهداف إسرائيلية أخرى مثل إعادة تأسيس الردع لأعداء تل أبيب، وطمأنة الإسرائيليين بأن دولتهم لا تزال قادرة على حمايتهم.
غير أن تقارير نُشرت مؤخرا تشير إلى هدف رئيسي ثالث لحكومة نتنياهو بدأ يطفو على السطح الساخن والأحداث المتسارعة بلا خجل، وهو "إعادة انتخابه رئيسا للوزراء".
وبدأ هذا الهدف يظهر على السطح بعدما كرر بايدن قبل أسبوع دعوته إلى دعم فكرة سيطرة السلطة الفلسطينية، التي تدير أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، على قطاع غزة بعد انتهاء العدوان على القطاع.
لوم وقلق
ورفض نتنياهو دعوة بايدن وقال "غزة لن تكون حماسستان ولا فتحستان" في إشارة إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) أكبر فصيل فلسطيني والتي لعبت دورا أساسيا في توقيع اتفاقات أوسلو ولا تزال تسيطر على السلطة الفلسطينية.
وفي اليوم التالي، أجابت تسيبي هوتوفلي، سفيرة اسرائيل لدى المملكة المتحدة، عندما سُألت عما إذا كانت إسرائيل تدعم حل الدولتين، وأكدت "الجواب: لا على الإطلاق" وهو ما يتناقض مع ما يكرره بايدن وكبار مسؤولي إدارته.
وتشير استطلاعات الرأي الحديثة إلى أن قرابة 70% من الإسرائيليين يريدون رؤية انتخابات جديدة تجري بمجرد انتهاء الحرب مع حماس، في وقت يلقي أغلبية الإسرائيليين باللوم على نتنياهو فيما حدث من إخفاق استخباري وعسكري غير مسبوق.
والأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لنتنياهو هو أن استطلاعات كثيرة تظهر أيضا أن 31% من ناخبي حزب الليكود يقولون إنهم سيصوتون لحزب مختلف في الانتخابات القادمة.
من ناحية أخرى، ورغم دعم البيت الأبيض، أصر بايدن مرارا وتكرارا على أن السلطة الفلسطينية يجب أن تحكم غزة بعد "القضاء على حماس" وأنه يجب إقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، بينما يرفض نتنياهو هذه المبادئ بتصريحات علنية قوية على نحو متزايد.
ويرى معلقون أميركيون أن نتنياهو يحاول بكل الطرق إظهار نفسه كحامي مصالح إسرائيل الأمنية، حتى لو وصل لحد مواصلة الحرب ضد حماس بنفس الطريقة العبثية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والتي لم تعد تنال ثناء أميركيا، وتقرّبه من الدخول في خلاف علني صاخب مع بايدن.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
قرارات ترامب المُشتعلة تؤجج الصراعات في العالم
منذ تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة في ولايته الرئاسية الثانية بتاريخ 20 يناير الماضي، احتل دونالد ترامب بؤرة الاهتمام العالمي والعربي، تزامنًا مع قراراته المشتعلة التي اتسمت بالصدامية المفرطة، تارةً مع المعسكر الغربي بسبب قراره الذي يفضي إلى فرض الرسوم الجمركية على السلع الأوروبية بجانب مخططاته بانتزاع جرينلاند من الدنمارك، وتارةً مع محاولته العلنية بتصفية القضية الفلسطينية من خلال تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وهو مؤشر ربما يعكس الصورة العامة التي تبدو عليها ولاية ترامب الثانية رئيسًا لأمريكا.
مسعى لتصفية القضية الفلسطينية.. ورفض مصري أردني
وقدم ترامب في مستهل ولايته الثانية، مقترحًا مفاده تهجير الفلسطينيين من داخل قطاع غزة إلى دول أخرى، في مقدمتها مصر والأردن، وهو المقترح الذي قوبل برفضٍ قاطع.
وكان رد وزارة الخارجية المصرية واضحًا، من خلال تمسك مصر بثوابت ومحددات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، مشددة على أنها تظل القضية المحورية بالشرق الأوسط، وأن التأخر في تسويتها وفي إنهاء الاحتلال وعودة الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني، هو أساس عدم الاستقرار في المنطقة.
وقالت الوزارة، في بيان: «في هذا السياق تعرب الوزارة عن استمرار دعم مصر لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسكه بحقوقه المشروعة في أرضه ووطنه، وبمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني».
وشددت الخارجية المصرية على رفضها لأي مساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواءً من خلال الاستيطان أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، سواءً كان بشكل مؤقت أو طويل الأجل، وبما يهدد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، ويقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها.
ودعت وزارة الخارجية المجتمع الدولي في هذا السياق إلى العمل على بدء التنفيذ الفعلي لحل الدولتين، بما في ذلك تجسيد الدولة الفلسطينية على كامل ترابها الوطني وفي سياق وحدة قطاع غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، وفقا لقرارات الشرعية الدولية، وخطوط الرابع من يونيو لعام 1967.
بدوره، علق وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، مشددًا على أن رفض الأردن لتهجير الفلسطينيين "ثابت لا يتغير" مضيفًا: "أولويتنا في الأردن تثبيت الفلسطينيين على أرضهم".
مطمع في نيل جرينلاند.. والدنمارك تُعقب: ليست للبيع
في وقتٍ سابق، أدلى ترامب بتصريحات قائلًا فيها إنه سيجعل جرينلاند جزءا من الولايات المتحدة بينما لم يستبعد استخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية لإقناع الدنمارك بتسليمها.
لتُعلق رئيسة وزراء الدنمارك مته فريدريكسن، قائلةً أن جرينلاند ليست للبيع، بعد أن قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الأسبوع الماضي إن اهتمام الرئيس دونالد ترامب بشراء الجزيرة "ليس مزحة".
وتابعت قائلة قبل اجتماع غير رسمي لزعماء دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل: " جرينلاند اليوم جزء من مملكة الدنمارك، جزء من أراضينا وليست للبيع".
صدام مع كندا.. ومطالبة بإدراجها ولاية أمريكية
ودعا ترامب، إلى جعل كندا ولاية أمريكية، في تصريحات تفاقم التوتر أكثر مع أحد أبرز حلفاء بلاده، مبررًا ذلك بأن الولايات المتحدة تدفع "مئات مليارات الدولارات لدعم كندا"، في إشارة على ما يبدو إلى العجز التجاري مع الدولة الجارة، قال ترامب "من دون هذا الدعم الهائل لما كانت كندا موجودة كدولة قابلة للحياة". وأضاف "لذلك، على كندا أن تصبح ولايتنا الـ51 الغالية".
ليرد زعيم حزب المحافظين الكندي المعارض بيير بوليفر، مؤكدًا أنه سيمنع انضمام بلاده إلى الولايات المتحدة ويضمن أمن حدودها في حال وصوله لمنصب رئيس الوزراء مشددًا على أن كندا دولة عظيمة ومستقلة.
وكتب بوليفر في حسابه على منصة "إكس": "لن تصبح كندا أبدا الولاية رقم 51، نقطة على السطر.. نحن دولة عظيمة ومستقلة".
الرسوم الجمركية.. حرب تجارية مباشرة مع أوروبا والصين
بينما لم يخف ترامب نواياه منذ البداية في فرض الرسوم الجمركية على البضائع الأوروبية والصينية والقادمة من المكسيك، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أن الاتحاد الأوروبي سيرد بشكل صارم على الولايات المتحدة في حال فرض الرسوم الجمركية على السلع الأوروبية.
وقالت فون دير لاين: "إذا فرضت الرسوم الجمركية علينا بشكل غير عادل، فإن الاتحاد الأوروبي سيرد بشكل صارم".
وبعدها قالت وزارة المالية الصينية، إن بكين فرضت تعريفة بنسبة 15% على الفحم والغاز الطبيعي المسال الأميركي، وفرض تعريفة إضافية بنسبة 10% على النفط الخام والمعدات الزراعية وبعض السيارات.
وعلى أثر ذلك، شهدت الأسهم الأمريكية، انخفاضًا بعد التراجعات في الأسواق الآسيوية والأوروبية، وسط مخاوف من اندلاع حرب تجارية.
ترامب يتراجع.. تجميد الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك لمدة شهر
ولكن بالأمس، أعلنت رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم بعد اتصال مع الرئيس الأمريكي، تجميد الرسوم الجمركية لمدة شهر، مقابل نشر 10 آلاف جندي مكسيكي على الحدود بين البلدين.
واليوم الثلاثاء، أعلن ترامب ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، عقب اتصال هاتفي بينهما، إيقاف زيادة الرسوم الجمركية المتبادلة على البلدين لمدة شهر، بحثاً عن الوصول إلى اتفاق، وذلك بعد ساعات من إعلان مشابه بين الولايات المتحدة والمكسيك.
وقال ترامب، عبر منصة Truth Social، إنه "سيتم تعليق التعريفات الجمركية التي تم الإعلان عنها لمدة 30 يوماً، لمعرفة ما إذا كان يمكن التوصل إلى اتفاق اقتصادي نهائي مع كندا".
انسحاب أمريكي من مجلس حقوق الإنسان ووقف تمويلات "الأونروا"
وكان من البارز أيضًا، توقيع الرئيس الأمريكي على أمر تنفيذي يقضي بانسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ووقف كل التمويل المستقبلي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في الأراضي الفلسطينية.
وقبلها أعلن ترامب، انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، وهو ما دفع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، لمطالبة قادة العالم بالضغط على واشنطن لإعادة النظر في قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب من المنظمة الأممية، مؤكدا في اجتماع مغلق مع دبلوماسيين الأسبوع الماضي أن الولايات المتحدة ستفقد معلومات مهمة حول تفشي الأمراض العالمية.