فاطمة عواد الجبوري البعض ممن ليس لديهم إطلاع أو معرفة بالنظام الدستوري والقانوني الحاكم في لبنان كانوا يعتقدون بأنّ أزمة الفراغ الرئاسي هي أزمة متكررة وتنحصر أبعادها ونتائجها السلبية على هذا النطاق وحسب، ولكن يبدو بأن لبنان قد يواجه أزمة فراغ جديدة مع انتهاء شهر يوليو 2023. تتمثل هذه الأزمة برفض رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التمديد لرياض سلامة حاكم مصرف لبنان المركزي.

رياض سلامة استمرّ في منصبه لمدة ثلاثين عاماً وبدأ عمله في 1993 وتم التمديد له لأربع مرات متتالية في 1999 و2005 و2011 و2017. المعضلة في عدم التمديد لسلامة لا تكمن في عدم رغبة ميقاتي التمديد له وإنما تتعلق بمذكرة التوقيف الدولية الصادرة بحقه كما قامت محكمة الاستئناف الفرنسية بتأييد قرار الحجز على أمواله ضمن احتمالية محاكمته بتهم تتعلق بالفساد. في الحقيقة تأتي انعكاسات الفراغ الرئاسي على منصب حاكم البنك المركزي من خلال أن الرئيس هو من يقوم باختيار الحاكم الجديد للبنك أو المصرف المركزي اللبناني، وفي ظل فشل الفرقاء السياسيين بانتخاب رئيس للبلاد خلال 12 جولة سابقة، يبدو بأن هذا البلد الذي يعاني من اقتصاد منهار وأزمة مستمرة معرض لشغور منصب الحاكم للبنك المركزي. بالطبع المشرع اللبناني ومن خلال المادة 18 من قانون النقد والتسليف نص على أن يشغر نائب الحاكم الحالي هذا المنصب في حالة شغوره ولكن الأزمة الحالية متفاقمة إلى درجة أن نواب سلامة الأربعة أكدوا على رغبتهم بالاستقالة الجماعية في حال شغور المنصب. إن مراجعة التصريحات للساسة اللبنانيين قد تشير إلى إمكانية تفادي مثل هذا الشغور الخطير خصوصا بأن الخلاف فيما يبدو ينحصر شأنه كشأن باقي الملفات الخلافية حول الشخصية التي ينبغي لها أن تتسلم هذا المنصب. يبدو بأن تمسك الأطراف السياسية في لبنان بموقفهم الثابت من أسماء مرشحين بعينهم يعمل على تقريب لبنان من أزمة انهيار خطيرة لا يمكن لأي دولة خارجية أو تحالف دولي أن يخرجه منها. المعارضة تتمسك بأزعور كمرشح لها ويبدو بأنهم يسعون جاهدين إلى جلب آراء النواب السنة عبر جهود الرئيس فؤاد السنيورة الذي فشل هو وأشرف ريفي في ملئ فراغ سعد الحريري بعد اعتزاله العمل السياسي، ويبدو بأن محاولاته تحصيل الدعم أو التأييد من قبل السفارة السعودية لم تكلل بالنجاح وعليه فيبقى المرشح أزعور مرشح المرحلة المؤقتة. بينما يدعم الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل مرشحهم عن تيار المردة سليمان فرنجية ويصرون على ألا بديل عنه في هذه المرحلة. ونختم بالقول بأن الأزمة الدستورية التي يمرّ بها لبنان تشير إلى عمق الأزمة الاقتصادية والسياسية المحتملة التي من الممكن أن يقع لبنان ضحيتها خلال الأسابيع المقبلة. حالة الشغور الرئاسي لم تنحصر نتائجها ضمن جدران الرئاسة وحسب بل وانعكست على مناصب أخرى كمنصب “حاكم مصرف لبنان المركزي”، هذه المؤسسة التي تقوم بدور مصيري في السيطرة على قيمة الدولار ومنع انهيار الاقتصاد (المنهار نسبياً) في البلاد. فهل سيخرج لبنان من هذه الأزمة سالماً؟ كاتبة وباحثة عراقية @fatimaaljubour تويتر

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

المسافرون واحتياطيات العراق.. تحليل لقرار المركزي في ظل أزمة مالية مقلقة

بغداد اليوم - بغداد

أوضح الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، اليوم الإثنين (7 نيسان 2025)، أن البنك المركزي نفى بسرعة الخبر الذي تداولته وكالات محلية والمتعلق بتوقف تزويد المسافرين بالدولار الرسمي. ولم يُعرف بعد إذا كان المصدر المطلع الذي اعتمدت عليه الوكالات قد تعمد تسريب الخبر لجس نبض الشارع وقياس ردود أفعاله أم لأسباب أخرى.

وقال المرسومي في إيضاح تابعته "بغداد اليوم"، إن "العراق يعاني حاليًا من أزمة مالية بدأت ملامحها في نهاية العام الماضي وتفاقمت حاليًا نتيجة لانخفاض أسعار النفط المرتبط بالتعرفة الجمركية، فيما فقد البنك المركزي 15 ترليون دينار من احتياطاته الرسمية في العام الماضي عندما كان سعر النفط 76 دولارًا، ومن المرجح أن يستنزف البنك المركزي المزيد من احتياطاته هذا العام بسبب الأزمة الراهنة".

وأضاف: "قد تقتضي الضرورة حاليًا اتخاذ إجراءات قاسية من البنك المركزي للمحافظة على احتياطاته النقدية، وهو ما فعله في عام 2020 عندما خفض سعر صرف الدينار مقابل الدولار لمواجهة الأزمة. والوضع الحالي لا يختلف كثيرًا عن عام 2020 سوى أن الأزمة كانت آنذاك صينية واليوم أمريكية".

ويُذكر أن "العراق أنفق في عام 2023 أكثر من عشرة مليارات دولار على استيراد خدمات السفر، معظمها لتغطية نفقات المسافرين العراقيين إلى الخارج".

ونفى البنك المركزي امس الأحد (6 نيسان 2025)، الاخبار المتداولة بشأن إيقاف تزويد المسافرين بالدولار وبالسعر الرسمي، مؤكدا أن القرار ساري المفعول ولا صحة عن إيقافه.

وأوضح البنك المركزي في بيان، تلقته "بغدد اليوم"، أن "عملية تزويد المسافرين بالدولار تجري بانتظام وانسيابية عالية ووفق نظام الكتروني متطور تعمل عليه الشركات والمصارف في كافة المطارات العراقية خاصة بعد تطبيق الآليات الجديدة التي مكّنت المسافرين من استلام حصصهم من العملة الأجنبية (الدولار) وفق معاملات سليمة، تسهّل وصولهم الى الدولار بشكل اسرع وقضت على الظواهر السلبية التي كان يمارسها المضاربون".

وأضاف البيان "يحتفظ البنك المركزي العراقي بحقه القانوني في مقاضاة مروجي الشائعات الهادفة لزعزعة الاستقرار النقدي و خلق فرص للمضاربات".


مقالات مشابهة

  • كيف بدأت أزمة الرسوم الجمركية التي أدت إلى خسائر فادحة عالميا؟ (تسلسل زمني)
  • تعليمات جديدة من البنك المركزي بشأن استخدام البطاقات دولياً
  • المسافرون واحتياطيات العراق.. تحليل لقرار المركزي في ظل أزمة مالية مقلقة
  • الشحومي: المصرف المركزي شريك في الأزمة الاقتصادية
  • كاريكاتير عماد عواد
  • نكبة جديدة تلوح في الأفق..(البلاد) تسلط الضوء.. إسرائيل ترسخُ احتلالًا طويل الأمد في جنوب سوريا
  • لجنة الاستئناف تكشف آخر تطورات أزمة مباراة القمة
  • لبنان طرح الدبلوماسية المكوكية لحل الأزمة الحدودية مع إسرائيل
  • الليرة اللبنانية من الأسوأ عالمياً.. العين على الاصلاحات وقرارات المركزي
  • «المركزي اللبناني» يتعهد بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب