رحيل الشاعر في غزة يعني موت الكلمة.. كما صورة الصحافي
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
كما ان للصورة دوراً مهماً في نقل الحدث والواقع خلال الحرب، أيضاً للكلمة أثرها في الحرب، فكثيراً ما يلعب الشعر في الحروب دوراً مهماً وموت الشاعر يعادل موت الصحافي في الأهمية، فمع موت كلاهما تموت الكلمة والصورة، ويهدر حق المظلوم.
في السابق كان الشعراء صوت قبيلتهم، ولهم دور مهم في المعارك والحروب لا يقل عن دور الفرسان، كما يحدث اليوم تماماً في غزة، فالشاعر لا يقل أهمية عن الصحافي في دوره من نقل الصورة، ومواكبة المعارك القتالية، إلا أنه "الشاعر" بات اليوم في غزة ينقل أحلام أهالي القطاع، ورسائلهم التي لا تأخذ حيزها الكبير في الحرب، من الهروب، إلى الفقد، والظلم، والأحلام التي ضاعت، فالكملة هنا تترجمها عبر سائل، بكلمات تحدث، تحت وقع الحرب ،أثراً كبيراً في ذهن القارئ وتخيل الصورة.
مقارنة بسيطة
في حالة الحرب دائماً تكون الكاميرات جاهزة للتوثيق في أيدي الصحافيين، أما أفواه الشعراء فتكون خرساء من هول المشاهد، إذ تلتهم النيران أفواه المتكلمين، ولا يوجد تعابير تُساعد الوصف أو حتى تنمقه، كي يخرج بصور تترجم المشهد إلى الأذهان، فهنا تكمن الصعوبة والفرق بين الشاعر والصحافي في غزة، مع أن عامل الخوف مشترك، ألا وهو الموت.
ورغم دعوات الشاعر الفلسطيني محمود درويش، الذي لا يزال صوته حياً وسط الحرب الدامية، للتوقف عن الكتابة بلغة "الندب"، لأن غزة لا تُحب النواح بل تعرف شيئاً واحداً فقط، "المقاومة"، لكن كلماته لا تزال حاضرة بين رسائل غزة التي تخرج إلينا ونقرأها على لسان شعرائها، كي ولو بنسبة قليلة، نشعر ما يشعرون به في مواجهة شبح الموت.
مقارنة الموت
وكما تستهدف إسرائيل الصحافيين في غزة لإسكات اصواتهم، فإنها أيضاً تستهدف الشعراء، ما يعني استهداف الصورة والفكرة، مع هدم جمالية الكلمة، فإسرائيل لا تريد فقط حصد المزيد من الأرواح بل تريد استهداف جمال غزة وفكرها الذي يحمله شعراؤها هرباً من القصف كي يحافظوا على هذا الجمال، ويروى خلال الحرب وبعدها.
وكما يموت الصحفي وهو ينقل الصورة، وتموت معه رسالته، التي يعبر عنها بالصور، أو مقطع الفيديو، كذلك الشاعر أيضاً عندما يموت، يرحل معه إنتاجه الفني فالكثير من القصص والحكايات والشخصيات لم تعد موجودة، كما الصحفي أيضاً فالكثير من الصور والتوثيق التي عاشها ترحل معه، ويبقى العامل المشترك لدى كلاهما، ما يصلنا نحن من كلمة طبعت صوراً عن غزة وأهلها في أذهاننا، وصورة من صحافي وثقت انتهاكات وجرائم إسرائيلية يريدون نحن أن نراها، ونسمعها.
ومن بين الشهداء الذين ارتقوا في الإبادة المستمرة في غزة منذ السابع من تشرين الأول، الفنانة التشكيلية هبة زقوت، والشاعرة هبة أبو الندى، والفنانة المسرحية ايناس السّقا، والفنان الدرامي علي نسمان، والفنانة التشكيلية حليمة الكحلوت.
ولا ننسى طبعاً اغتيال الصحافيين، استشهد أكثر 53 صحافياً منذ السابع من تشرين الأول وحتى الثاني والعشرين من تشرين الثاني بحسب لجنة حماية الصحافيين، آخرهم مصور الجزيرة سام أبو دقة.
وقد كتب الشهيد عمر فارس أبو شاويش ذات يومٍ قائلاً: "عندما تتجرّأ علينا الحياة، ندرك أن الوقت الاحتياطي لنا في هذا الزمان قد أوشك على النفاد، وعلينا ممارسة لعبة البقاء في أي مساحة، كبيرة كانت أم صغيرة، لنتمكن من مجاراة هذا الوقت، ونخلق لأنفسنا – ربما – حياة قصيرة لا تشبه أيّ شيء، سوى الصمت". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
أمسية شعرية للشاعر الأردني محمد العامري في معرض الكتاب
شهدت قاعة "ديوان الشعر" انطلاق الأمسية الشعرية للشاعر الأردني محمد العامري، ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56، والمقامة بمركز المعارض في التجمع الخامس. أدار الأمسية الكاتب والشاعر والأديب محمد الكفراوي، الذي أثنى على إبداع الشاعر.
وقال الكفراوي إن الشاعر والفنان التشكيلي الأردني محمد العامري هو رئيس جمعية الفنانين التشكيليين الأردنيين، وعضو جمعية نقاد الفن التشكيلي الأردنيين، وجمعية الكتاب الأردنيين، واتحاد الكتاب العرب، ومدير دائرة الفنون حاليًا، ورئيس تحرير مجلة الفنون. وأضاف أن العامري أقام 15 معرضًا فرديًا في الأردن، منها: "في خطوط"، "جدران الأربعة"، "جاليري أورفلي"، "جاليري الشرق"، "جاليري حمورابي"، و"المركز الثقافي الملكي". كما شارك في معارض خارجية في "بيت الأدب" في ميونخ - ألمانيا، و"جاليري سبيس" في دبي - الإمارات العربية المتحدة، وغيرها الكثير.
وأكد الكفراوي أن الشاعر والفنان التشكيلي الأردني محمد العامري استطاع أن يزاوج بين طاقة الشعر وسحر الفن بجميع أنواعه في أعماله الشعرية.
وأشار إلى أن الشاعر محمد العامري انطلق من سحر الطبيعة ووحيها، فاستلهم الماء، والخضرة، والبحر، والشجر في أعماله التشكيلية التي تحتفي بالطاقة اللونية المميزة باعتبارها مصدرًا للمشاعر، كما يقوم بتطويع اللغة بأسلوب خاص ليخلق حالة سردية مختلفة قريبة من التداعي الصوفي والواقعية السحرية.
وأضاف أن تجربته الشعرية مميزة ومتنوعة، حيث كتب في قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر، وظهرت مفردات الطبيعة بشكل واضح في مجمل تجربته الشعرية والفنية.
وقدّم محمد الكفراوي لمحة عن أعمال الشاعر محمد العامري، مشيرًا إلى أنه أصدر مجموعته الشعرية الأولى عام 1990 بعنوان "معراج القلق"، ثم كتابه الثاني "خسارات الكائن" عام 1995، الذي حاز على جائزة أفضل ديوان شعر عربي، ثم كتاب "الذاكرة المسننة وبيت الريش" عام 1999، و"قميص الحديقة" عام 2003، و"ممحاة العطر" عام 2017. كما أصدر "شجرة الليف" (سيرة ذاتية) عام 2015، و"عليه العشب" عام 2020 عن دار خطوط للنشر والتوزيع، و"أحلم بالرصيف – يوميات الفيروس" عام 2020، الذي حصل على الجائزة الأولى من دار خطوط للنشر والتوزيع، و"شباك أم علي" (رواية) عام 2020 عن دار الجيدة للنشر والتوزيع، و"تفاحات سوداء" عام 2021، و"دع كل شيء واذهب إلى النهر" (كتاب باللغة الألمانية) منشورات دار الآداب في ميونخ 2004، و"التفكير باليدين" (مجلد حول تجربته في الفنون التشكيلية) عام 2011، و"فن الغرافيك الأردني" (الطبعة الأولى عام 2006، والطبعة الثانية عام 2015).
له مجموعة من البحوث في مجال الفنون التشكيلية، كما أنه كاتب مقال شهري في مجلات متخصصة مثل مجلة دبي الثقافية ومجلة الشارقة الثقافية.
وقال الشاعر محمد العامري إن المعتزل الصحي كان له أثر كبير في التفاعل الإبداعي بين حالته النفسية وطبيعة النصوص التي أنجزها، حيث تتحرك الأشياء ببطء شديد تحت وطأة الزمن السريع وقسوته، وهي تجربة شبيهة باختبار المريد الصوفي للارتقاء إلى مرتبة أعلى، وكان للشعر الدور الأكبر في ملء إناء الحالة بالضوء، ذاك الضوء الذي كان يضيء عتمة الواقع.
وأضاف الشاعر الأردني أن المخزون الجمالي للطبيعة، الذي احتفظ به منذ الطفولة، لا يزال ينبوعًا للإبداع في داخله.
وأكد أنه ابن التراب بعشبه، حيث يتتبع مشمومات أديم الأرض، وقال: "كي أستعيد كينونتي، كتبت إلى شجرة الليف، التي تبث رائحة المكان في الكتابة، ولقد لعبت بالطين، وغسلت يدي بمياه نهر الأردن، وشممت عطر العشب في الفجر، واستنشقت رائحة الليمون في مزارعنا. لم تزل الطبيعة هي الملهم الأكبر في حياتي الإبداعية، سواء في الكتابة أو في الرسم والتلوين".
وشدّد على ضرورة الاهتمام بالغلاف الفني للعمل الأدبي، مبررًا ذلك بأن الغلاف هو العتبة الأولى للكتاب.
وأشار إلى أن التجربة العرفانية العالية تكمن في النظر إلى جوهر الأشياء وحيويتها، حيث تسهم الألوان والأشكال في نقل ما تيسر من الحالة الصوفية في الرؤيا إلى مشهد جديد، فتحدق الروح في أعماق اللوحة، وتكشف عن الحياة وتجلياتها العالية.
وأكد أن الفن هو التوازن بين جميع الإبداعات، وقال: "على الكاتب أن يكون حرًا ومتمردًا".
وتساءل الشاعر محمد العامري: كيف لي أن أكتب الشعر دون أن أقرأ ألوانه؟ وكيف لي أن أستشعر دلالات الجمل التي تنطلق بين السطور كحصان جامح بحيوية لا يمكن اللحاق بها إلا في الحلم، إن أمكن؟
وأضاف: "كنت أذهب إلى المواربة بين بكاءين، وأحاول أن أجد مخرجًا لتحبير هذه اللحظة في لغة الشكل واللون والفراغ والاكتظاظ والمبادلة بين لون وآخر، بين نقطة ونقطة، بين خط متعرج ومستقيم. الشعر يكره الخط المستقيم، وكذلك الرسم، لذلك أطلقوا عليه اسم الخط اليابس". وأشار إلى ضرورة وجود نظرة فلسفية تجاه البصريات الشعبية.
وفي ختام الأمسية، ألقى الشاعر محمد العامري على الحضور قصيدتين بعنوان: "سأريكم روحي على شكل طير" و"لي من منازل أهلي بحور".