كيف ينضم جنود من خارج إسرائيل إلى جيشها؟
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
لا تقتصر الخدمة في جيش الاحتلال الإسرائيلي على المواطنين في إسرائيل، وإنما تتعداها إلى حملة الجنسية المزدوجة، حتى لو كانوا يقيمون بشكل دائم في الخارج، وأيضا من يسمون بـ "الجنود الوحيدين" الذين ليس لهم عائلات.
ومع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد معركة طوفان الأقصى، يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استدعى جيش الاحتلال الإسرائيلي جنود الاحتياط، بمن فيهم المقيمون بالخارج بشكل دائم.
وثمة أعداد كبيرة من الإسرائيليين الذين يحملون جنسيات أجنبية، خاصة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، ولا يوجد أعداد دقيقة لهؤلاء.
ومؤخرا، وثقت تقارير صحفية انضمام مقاتلين أوكرانيين لصفوف قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وأفادت مصادر مطلعة بأن 7 منهم قتلوا بمعارك في حي الشجاعية، بينما قالت كييف إنها لم ترسل جنودا خارج حدودها.
وقد تداولت وسائل التواصل مقطع فيديو يظهر فيه جنود مدججون بالسلاح يختبئون خلف حائط، ويتحدثون اللغة الأوكرانية.
ويقول أحد الجنود -في المقطع- إنهم جاؤوا للقتال من أجل الحيلولة دون حصول "هولوكوست" جديدة، في محاولة لتبرير مشاركتهم في الاعتداء على الشعب الفلسطيني.
يأتي هذا بالتزامن مع ما كشفته وسائل إعلام إسرائيلية بشأن قرار جيش الاحتلال سحب لواء غولاني من قطاع غزة، بعد 60 يوما من القتال تكبد فيها خسائر كبيرة، في حين ذكرت القناة 13 الإسرائيلية أن جنود هذا اللواء غادروا غزة لإعادة تنظيم صفوفهم.
تغطية صحفية: متداول| نشطاء يتداولون مشاهد لمرتزقه أوكرانيين يقاتلون في صفوف جيش الاحتلال بقطاع غزة. pic.twitter.com/YlJuD2lqRp
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) December 19, 2023
تجنيد مزدوجي الجنسيةفي 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قالت السفارة الإسرائيلية بالعاصمة البريطانية على موقعها الإلكتروني إنه "بموجب قانون جهاز الأمن الإسرائيلي يتعين على جميع المواطنين الإسرائيليين في إسرائيل والخارج التجنيد في الجيش، حتى لو كانوا يحملون جنسية مزدوجة ويقيمون بشكل دائم في الخارج".
وأوضحت السفارة أن الإسرائيليين الذين يعيشون في الخارج يحتاجون إلى تقديم طلب لتحديد وضعهم العسكري عند بلوغهم سن 16 و4 أشهر، وقبل سن 19 عاما.
والخدمة العسكرية إلزامية للرجال والنساء في إسرائيل عند سن 18 عاما، وبعد ذلك يتم تصنيف الجنود في وحدات الاحتياط.
وطلبت السفارة من الإسرائيليين الراغبين في التجنيد التواصل مع ممثل الجيش الإسرائيلي في أوروبا، وذلك عبر البريد الإلكتروني.
وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قالت صحيفة غلوبس الإسرائيلية إن إسرائيل استدعت مئات الآلاف من جنود الاحتياط ردا على هجمات حركة حماس، بما في ذلك الإسرائيليون الأميركيون الذين يعيشون بالولايات المتحدة، والذين يعودون إلى إسرائيل في رحلات جوية طارئة.
أصوات فرنسية غاضبةوأثارت مشاركة مواطنين أجانب -يحملون الجنسية الإسرائيلية، في العدوان على قطاع غزة- ردود فعل في فرنسا وجنوب أفريقيا خلال الأيام الأخيرة.
وقال النائب الفرنسي توماس بورتيه في تغريدة عبر منصة إكس "بعثت رسميا برسالة إلى وزير العدل إيريك دوبوند موريتي، أطلب منه استخدام سلطته في التوجيه، حتى يتمكن من فتح تحقيقات بشأن 4 آلاف فرنسي موجودين على الجبهة في غزة، ضمن الجيش الإسرائيلي".
وأضاف الأربعاء الماضي "وفي حالة ارتكاب جرائم حرب، أطلب تقديمهم (الفرنسيين) أمام العدالة الفرنسية، كما سأحيل الأمر إلى المدعي العام عبر المادة 40" متابعا "وفيما يتعلق بجرائم الحرب التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية على حد سواء، فمن غير المقبول أن يشارك بها المواطنون الفرنسيون".
ولم تعلق الحكومة الإسرائيلية أو الحكومة الفرنسية على تصريحات النائب الفرنسي.
رفض من جنوب أفريقيابدورها، قالت جنوب أفريقيا إن مواطنيها الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي قد يواجهون الملاحقة القضائية في الداخل، حيث ندد الرئيس سيريل رامافوزا بالحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة باعتبارها إبادة جماعية.
وقالت الخارجية إنها قلقة للغاية من التقارير التي تفيد بأن بعض الجنود الإسرائيليين -الذين هم من مواطني جنوب أفريقيا- قد انضموا إلى الجيش الإسرائيلي للقتال في غزة، أو يفكرون في القيام بذلك.
وتابعت الوزارة -الاثنين الماضي- أنه من المحتمل أن يساهم مثل هذا الإجراء في انتهاك القانون الدولي، وارتكاب المزيد من الجرائم الدولية، مما يجعلهم عرضة للمقاضاة في البلاد، موضحة أن مواطني جنوب أفريقيا بحاجة إلى موافقة حكومية مسبقة للقتال بشكل قانوني في إسرائيل.
وأضافت أن المواطنين المُجنسين إسرائيليا معرضون لخطر تجريدهم من جنسيتهم الجنوب أفريقية، للانخراط في حرب لا تدعمها البلاد أو تتفق معها.
ولا يوجد في القانون الإسرائيلي ما يلزم التخلي عن الجنسية الإسرائيلية عند الحصول على جنسية أخرى، إذ يُسمح للمواطنين بالحصول على جنسية مزدوجة، وحتى جنسيات متعددة.
وكانت إسرائيل أعلنت استدعاء 360 ألف جندي احتياط مع بداية العدوان على قطاع غزة، دون أن توضح عدد القادمين من الخارج منهم.
ماذا عن الجنود الوحيدين؟في هذا السياق، قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إنه "وفقا لبيانات الجيش، فإنه عام 2021 انضم 2507 مهاجرين جدد إلى الجيش الإسرائيلي كجنود وحيدين، أو جنود لا يعيشون مع عائلاتهم، بما في ذلك 59 من جنوب أفريقيا".
وأضافت الأربعاء الماضي أن "هذا لا يشمل جميع الجنود الإسرائيليين الذين يحملون جنسية مزدوجة من جنوب أفريقيا" دون أن تحددهم.
وينضم إلى الجيش من يسمون بـ الجنود الوحيدين الذين يتبرعون بالانضمام للجيش الإسرائيلي، دون أن تكون لهم عائلات في إسرائيل.
ويقول مركز الجنود الوحيدين في موقعه على الإنترنت إن "الجندي الوحيد هو جندي في الجيش ليس لديه عائلة في إسرائيل تدعمه: مهاجر جديد، متطوع من الخارج، يتيم أو فرد من منزل مفكك".
ويضيف المركز أن هناك أكثر من 7 آلاف جندي وحيد، يخدمون حاليا في الجيش الإسرائيلي، حوالي 45% منهم من المهاجرين الجدد القادمين من الجاليات اليهودية في جميع أنحاء العالم، و50% من الإسرائيليين الأيتام، أو الذين يأتون من خلفيات اجتماعية واقتصادية منخفضة.
وأشار إلى أن هناك البعض الذين يأتون من الأحياء الدينية المتشددة، الذين تتجنبهم عائلاتهم ومجتمعاتهم لأنهم قرروا الذهاب إلى الجيش.
وتابع: يتم وضع معظم الجنود الوحيدين في وحدات قتالية، ويكون لديهم دافع كبير للخدمة بالجيش الإسرائيلي، ويحرسون حدود إسرائيل برا وجوا وبحرا، لافتا إلى أن المال يصبح قضية رئيسية لهم، حيث إن الراتب الشهري للجندي الوحيد ضعف ما يتقاضاه الجندي العادي في وحدته، لكنه لا يزال غير كاف في الغالب لدفع الفواتير، وغسل الملابس، ودفع ثمن الأثاث والأجهزة المنزلية، وشراء الطعام ليوم السبت (العطلة الدينية لليهود).
وأضاف أن الجيش يدعم الإيجار حتى 1048 شيكلا شهريا (283 دولار) لكنه لا يكفي لإنشاء منزل في إسرائيل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی جیش الاحتلال جنوب أفریقیا على قطاع غزة فی إسرائیل إلى الجیش فی الجیش فی غزة
إقرأ أيضاً:
التحقيقات الإسرائيلية بفشل 7 أكتوبر.. كيف خدعت حماس الجيش والشاباك؟
سيطر على الإسرائيليين منذ صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى اليوم سعي لمعرفة ليس فقط ما جرى وإنما أيضا لماذا جرى، وبالتالي أين كان الجيش الإسرائيلي.
وحسب افتتاحية "هآرتس" أول أمس الأحد، فإن تحقيقات الجيش بينت أن السبب الأساس "لتغيب الجيش الإسرائيلي في 7 أكتوبر في غلاف غزة هو أن أسرة الاستخبارات -والجيش والشاباك على رأسها- لم تصدق أن بوسع حماس تنفيذ هجوم منسق لآلاف المخربين في أكثر من 100 نقطة اقتحام، وأن تنجح في كسر فرقة غزة والسيطرة على جزء كبير من المنطقة التي في مسؤوليتها".
وأشارت إلى أن 7 أكتوبر/تشرين الأول هو نتاج مفهوم سياسي مشوش يمكن وفقه "إدارة النزاع" وأن "حماس هي ذخر"، الى جانب خطأ استخباري بموجبه حماس لا تريد ولا تستطيع أن تنفذ هجوما بحجم كهذا، واستعداد دفاعي مشوش، والصلات الظرفية العميقة بين هذه الأضلاع الثلاثة لا يمكن البدء بحل لغزها من دون لجنة تحقيق رسمية.
وشكّل المفهوم السياسي المشوش ما اعتبر أهم الأسباب في بلورة ما عرف بالفشل المفهوماتي، والذي قاد إلى الاستخفاف بحماس من جهة وتفسير سلوكياتها ومواقفها بشكل خاطئ.
واعتبرت التحقيقات أن نقطة التحول الجوهرية كانت في إغفال المعاني الفعلية لانتخاب قيادة حماس في 2016، والتي فاز فيها يحيى السنوار بالمكانة القيادية العليا في غزة حين بدأ تنفيذ خطة الحرب ضد إسرائيل عمليا بهدف تدميرها أو على الأقل إلحاق أذى بليغ بها.
إعلان تحرك السنوار"وجاء في تحقيقات الجيش أن "عملية الجرف الصامد انتهت بفهم السنوار أن خطة الهجوم لن تنجح إلا إذا بدأت بمفاجأة كاملة، وأن سيطرته وجماعته على غزة في أوائل عام 2017 تعزز هذا".
وأشار التحقيق أيضا إلى أنه "في عام 2017 بدأت احتجاجات جدية ضد حماس داخل غزة، وبالتالي تحرك السنوار نيابة عن المدنيين، وفي الوقت نفسه بدأت مظاهرات السياج ضد إسرائيل، والتي انتهت بالتوصل إلى تسوية، ولم تفهم المخابرات أن حماس بهذه الطريقة كانت تعوّد إسرائيل على تصور أنها تتجه نحو التسوية، في حين كانت خطة كسر الطوق في غزة تتشكل".
وكانت حماس أنشأت بعد عملية الجرف الصامد في العام 2014 -ولأول مرة- قيادة عامة تضم قادة ألوية بقيادة محمد الضيف.
وفي الواقع، كان رئيس قسم العمليات الأول في حماس رائد سعد هو من وضع خطة الغزو البري من دون أي أنفاق على الإطلاق، بسبب بناء إسرائيل الجدار تحت الأرض.
وبعد عامين فقط وصلت هذه الخطة (سور أريحا) إلى انتباه شعبة الاستخبارات، ولكن تم التعامل معها على أنها مجرد فكرة بعيدة عن الواقع.
وبحسب هذه الخطة، جرى العمل على تشكيل كتائب النخبة، على أن يتم الانتهاء من تشكيل احتياطي لكل كتيبة في عام 2019.
وكشفت المعلومات الاستخباراتية التي خرجت من غزة خلال مناورات العام الماضي عن حجم الفشل الاستخباراتي، فمنذ عام 2017 تضمنت خطة الغزو الكيبوتسات والمستوطنات التي سيتم احتلالها، والخداع والاستيلاء على رموز القوة الإستراتيجية في الجنوب، مثل محطات الطاقة ومراكز الشرطة، والوصول إلى مدن مثل بئر السبع وأسدود والمجدل.
تقليص التدريباتوبسبب تفشي كورونا قررت حماس تحويل الموارد من تدريبات النخبة إلى مكافحة الوباء، وخلال هذه الفترة زاد تقليص التدريبات تهدئة إسرائيل.
وكشفت المواد الاستخباراتية التي تم جمعها من غزة خلال العمليات ضد حماس خلال العام الماضي أن خطة "سور أريحا" شملت منذ عام 2016 آلاف المقاتلين في 6 كتائب لغزو إسرائيل.
وكشفت التحقيقات أن "هذه الخطة تم تجاهلها في عام 2019 في أحد تقييمات الوضع الاستخباراتي تحت إدراك أنها غير محتملة".
كما كشفت التحقيقات أن الخداع الإستراتيجي لحماس تكثف في العامين السابقين للحرب عندما عضت المنظمة الإرهابية شفتيها في جولات التصعيد مع إسرائيل وتركت "الجهاد الإسلامي" وحيدة في الميدان.
إعلانوفي غزة، اعتقدوا في مايو/أيار 2022 أن هذا هو الوقت المناسب لإطلاق خطة الهجوم، وبالتالي ينبغي لحماس أن تبادر إلى التحرك لتحقيق أحد 3 أهداف، من الصغير إلى الكبير على الأقل: تغيير ميزان الردع مع إسرائيل، وتحرير الضفة الغربية، وتدمير إسرائيل كدولة إذا انضم الحلفاء بقيادة حزب الله إلى الهجوم.
وعموما، كل تصرفات حماس لم تثر شكوكا جدية لدى شعبة الاستخبارات ووحدة الأبحاث، ولم تنشأ في الإطار الاستخباري حالة تحاول التناقض مع التصورات القائمة.
وهذا ما خلق وهم اليقين وإدراكا زائفا للتفوق الاستخباراتي كجزء من الفهم في إسرائيل بأن أعداءنا أدنى، وأن وفرة المعلومات تجعل العدو "شفافا" أمامنا بالفعل، وهو ما خلق حقا شعورا بالزيف.
وبحسب التحقيقات، فإن سياسة إسرائيل في التفريق بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس أدت إلى تقوية الحركة على مر السنين، بما في ذلك عبر تدفق الأموال القطرية إلى غزة والمساعدات الإنسانية.
وقد اختارت إسرائيل سياسة "إدارة الصراع" التي تهدف إلى الحفاظ على الواقع القائم، وبعبارة أخرى يمكن إيجاد فترات هدوء في ضوء الفهم بأن حماس ليست معنية بحرب واسعة النطاق ولا تستعد لها.
عنوان حماسوتظهر التحقيقات العسكرية التي نشرت تحت عنوان "تصورات إسرائيل لقطاع غزة" أن المستوى السياسي أراد أن تبقى حماس عنوانا، وأن الجيش لم يبدِ في أي وقت اعتراضا على هذه السياسة.
ورأت أن هذا المفهوم إلى جانب مفهومي "إدارة الصراع" و"ردع حماس" ساهمت بشكل حاسم في النتائج القاتلة التي أسفر عنها هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأن هذه المفاهيم السياسية والعسكرية التي ترسخت على مدى سنوات تبين أنها كارثية.
وفي نظر التحقيقات بدأت هذه التصورات تتشكل في بداية العقد الماضي، واشتدت حتى انفجرت صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
إعلانوكان المفترق المركزي والمصيري -وفقا أيضا لتحقيقات أخرى أجريت في جيش الدفاع الإسرائيلي- هو عملية حارس الأسوار في مايو/أيار 2021، وعند هذه النقطة تباعدت الطرق التي رأى بها الجانبان الصراع: في إسرائيل كانوا مقتنعين بأن حماس تعرضت لضربة قاتلة، بما في ذلك أنفاقها القتالية (عملية الخداع الفاشلة للقيادة الجنوبية)، وكدليل على ذلك استنتجوا خطأ أنها رُدعت عن الانضمام إلى جولتي القتال اللتين دارتا بعد ذلك "الفجر" و"الدرع والسهم"، تاركة "الجهاد الإسلامي" وحيدة.
ولم تعترف إسرائيل بأن "حارس الأسوار" كانت بالنسبة لحماس المحرض الرئيسي لشن "حرب التحرير" من خلال جعل خطة الغزو -التي أطلق عليها الجيش الإسرائيلي اسم "سور أريحا"- قابلة للتنفيذ.
وفي الخلفية، كان زعيم حماس يحيى السنوار متحمسا عندما رأى أنه نجح في توحيد الساحات حول قضية الحرم القدسي خلال مايو/أيار 2021، لم يقاتل سكان غزة فحسب، بل انتفض أيضا مواطنو إسرائيل العرب في العنف، كما اكتسبت قضية القوة العسكرية زخما في الدول العربية بالمنطقة.
لكن جذور الفشل -وفقا لتحقيقات الجيش- تكمن في النهج الإسرائيلي الذي اتبعته الحكومة منذ بداية العقد الماضي، والذي تجاوز رؤساء الأركان وحصل على دعمهم أيضا.
وقد تجلى هذا التوجه لأول مرة في عملية "عمود السحاب" في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، وبلغ ذروته في الفرصة الأخيرة لهزيمة حماس في المناورة البرية بعملية الجرف الصامد في صيف عام 2014.
وكان القرار الإستراتيجي الذي وصل إلى الجيش من المستوى السياسي هو أن سحق حماس ليس الهدف، ويجب ردعها قدر الإمكان.
أنفاق التسللويقول مصدر في الجيش الإسرائيلي "كانت عملية الجرف الصامد هي اللحظة التي أثير فيها السؤال لأول مرة بشأن ما إذا كان ينبغي هزيمة حماس، "وبعد ذلك صدرت التعليمات إلى الجيش الإسرائيلي بالتركيز فقط على إزالة التهديد المتمثل في أنفاق التسلل وإبقاء حماس في السلطة في غزة، وكان نجاح هذه العملية يقاس بمقدار الهدوء الذي جلبته حتى التصعيد التالي".
وأدى ذلك على مر السنين إلى انتشار هذا النمط من الوعي والتغلغل، من أول ضباط البحث وجمع المعلومات في وحدة 8200 في إدارة المخابرات إلى آخر رجال الجيش النظاميين على حدود غزة.
وكل التوصيات الاستخباراتية والتفسيرات البديلة للعلامات التي تشير إلى الليلة بين 6 و7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 اعتمدت على المفهوم نفسه.
إعلانوعلى الأرض -وبحسب تحقيقات الجيش- تدهورت على مر السنين الطريقة التي تدافع بها القوات عن الحدود، إذ لم يشمل نظام الإنذار عند الفجر الذي يتم بموجبه رفع مستوى التأهب كل صباح جميع المقاتلين في المواقع كما كان الحال في الماضي.
وبالإضافة إلى ذلك، كان اعتماد القوات على العائق الجديد على الحدود وعلى المراقبة وعلى التكنولوجيا ضارا بها.
وكذلك الحال مع التسهيلات في الإجازات، ففي عطلات نهاية الأسبوع كان يتم تقليص القوات في القطاع حتى يتمكن المزيد من المقاتلين من الاستمتاع بالإجازة في منازلهم وكأن موقع ناحال عوز هو قاعدة كرياه في تل أبيب.
وعلى أي حال، فإن فكرة ردع حماس أدت إلى تقليص حجم الجيش على مدى العقد الماضي وتقليص مستمر في تدريب قوات الاحتياط على الأرض.
ويقول مصدر في جيش الدفاع الإسرائيلي "هذا فشل أكبر من حرب يوم الغفران، لأنه في تلك الحرب كان هناك إنذار مسبق، وكان هناك نقاش بشأن ما إذا كان ينبغي تعبئة قوات الاحتياط أم لا".
بلا اعتراضولم يعترض أحد في الجيش على هذا، كما يؤكد التحقيق أن هذا المفهوم كان يجري في دم كل ضابط كبير أو مسؤول بالجيش.
ويشير التحقيق إلى أن "النهج القيادي من القمة حتى طوال الأشهر التي سبقت الحرب كان التركيز على إيران، وتوسيع اتفاقيات أبراهام والحفاظ على دور السلطة الفلسطينية".
ولخص التحقيق التوجه الإسرائيلي المتبع: من الجيد أن تبقى حماس عنوانا في غزة جزئيا لصعوبة إيجاد بديل لها، خاصة أن التهديدات من الضفة الغربية أكثر خطورة من تلك الموجودة في قطاع غزة.
وأضاف التحقيق "لم يكن هناك أي نقاش على الإطلاق بشأن إمكانية إنهاء الصراع أو استعادة السيطرة الإسرائيلية على قطاع غزة".
ونتيجة لهذا المفهوم لم يزد حجم القوات في فرقة غزة إلا بالكاد طوال عقد من الزمن، باستثناء قوة إضافية لتأمين أعمال بناء الجدار، وبلغ عدد السرايا التي تحرس 65 كيلومترا من الحدود مع قطاع غزة 14 سرية.
إعلانوفي صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول دافع عنها 671 مقاتلا في مواجهة آلاف المقاتلين الذين اقتحموا الحدود، وتزامن ذلك -بحسب التحقيقات- مع زيادة بنسبة 40% في عدد الكتائب والسرايا الموجهة إلى فرقة يهودا والسامرة ابتداء من مارس/آذار 2022 "عملية كاسر الأمواج".
كما وصلت بعض التعزيزات إلى الضفة الغربية من احتياطي الطوارئ المخصص لغزة في الأيام التي سبقت 7 أكتوبر/تشرين الأول.