ود مدني السودانية بلا خدمات صحية.. وتوتر متصاعد بين البرهان والإمارات
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
حذرت نقابة "أطباء السودان"، الجمعة، من الوضع الكارثي الذي تعيشه مدينة ود مدني عاصمة ولاية "الجزيرة" وسط البلاد.
وقالت النقابة في بيان إن جميع المرافق الصحية بمدينة ود مدني "خارج الخدمة"، جراء الصراع الدائر في الولاية بين قوات الجيش و"الدعم السريع".
وأفادت النقابة الطبية غير الحكومية في بيان، بأن "جميع المرافق الصحية الحكومية والخاصة في مدينة ود مدني خارج الخدمة".
وذكر البيان أن "22 مستشفى ومركزا علاجيا حكوميا وخاصا بالمدينة توقفت عن تقديم العلاج، بما فيها مستشفى ود مدني التعليمي"، أكبر مستشفى حكومي بالمدينة.
وأشارت النقابة أن "عمليات نهب وتخريب واسعة" لمستشفيات المدينة، موضحا أن ذلك يؤدي إلى "انهيار كامل وخطير في المنظومة الصحية".
وتحدث البيان أيضا عن "استشهاد اثنين من الكوادر الطبية، إثر اعتداء على مستشفى رفاعة التعليمي، بمدينة رفاعة شرق ولاية الجزيرة".
وأوضح أن "مدينة ود مدني شكلت مركزًا رئيسيًا للخدمات الصحية بعموم البلاد، بعد خروج معظم مستشفيات العاصمة الخرطوم عن الخدمة".
وكان رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان، توعد مساء الخميس، بـ"محاسبة كل متخاذل"، عقب إعلان الدعم السريع سيطرته على ود مدني.
أزمة مع الإمارات
في ذات السياق، أكدت وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس"، وجود أزمة حقيقية بين مجلس السيادة السوداني والإمارات.
وقالت الوكالة في تقرير إن التوتر تصاعد بين الجيش السوداني والإمارات، التي يتهمها البرهان بدعم خصمه حميدتي.
بدأ التصعيد بتصريحات نارية للفريق ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، اتهم فيها الإمارات بأنها "دولة-مافيا" سلكت "طريق الشر" بدعمها قوات الدعم السريع التي يقودها الفريق دقلو "حميدتي".
وفي خطاب حماسي أمام جنوده في الثامن والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر، اتهم الفريق العطا كذلك الامارات بأنها ترسل منذ اندلاع الحرب أسلحة الى قوات الدعم السريع عبر أوغندا وإفريقيا الوسطى "بمساعدة فاغنر"، مجموعة المرتزقة الروس التي كانت في وقت من الأوقات تنتشر بقوة في بانغي.
وأضاف "بعدما ضعفت فاغنر، صارت طائراتهم تمر من تشاد. ومنذ أسبوع تهبط تلك الطائرات في مطار نجامينا"، مشيرا بأصابع الاتهام كذلك الى المشير خليفة حفتر الرجل القوي في شرق ليبيا.
منذ اندلاع الحرب، تحدث خبراء عن مثل هذه القنوات.
يقول جلال حرشاوي الخبير في مركز أبحاث رويال يونايتد سرفيسز انستيتيوت فور ديفنس اند سكيوريتي ستاديز، "حتى وقت قريب، كان الفريق أول البرهان حذرا ودبلوماسيا وتجنب أي مواجهة كلامية مباشرة مع فاعلين رئيسيين مثل حفتر وروسيا وأبو ظبي". لكن تصريحات الفريق العطا كانت نقطة تحول.
يؤكد أليكس دي فال أحد أكبر الخبراء المتخصصين في الشأن السوداني، أن رئيس الامارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كان يدعم الفريق دقلو لأنه "أرسل له جنودا من قواته للمشاركة في الحرب الاماراتية-السعودية في اليمن".
ويتابع "كما أن دقلو يستفيد من تجارة الذهب التي تفيد كذلك الإمارات". وأتاحت هذه التجارة، بحسب واشنطن، تمويل جزء من عمليات فاغنر.
"طي الكتمان"
أما المحلل اندرياس كريغ فيقول إن "تاريخ الامارات والسودان هو تاريخ شبكات نسجتها أبوظبي لتحقيق أهداف استراتيجية ولكنها احتفظت بتلك الشبكات طي الكتمان وحرصت على أن تكون قادرة على نفي" أي صلات بها.
لذلك، يوضح حرشاوي لوكالة فرانس برس، ظلت الاتهامات القليلة التي وجهت للإمارات بالتدخل في السودان "فاترة" على الرغم من "الدعم الكبير من شرق ليبيا ومن روسيا والامارات" لقوات الدعم السريع.
في آب/اغسطس، نفت الامارات بحزم المعلومات التي نشرتها وول ستريت جورنال. غير أن متظاهرين سودانيين عادوا وهاجموا الإمارات في تشرين الثاني/نوفمبر.
في أعقاب ذلك، قامت الإمارات بطرد دبلوماسيين سودانيين بحسب وزير الخارجية السوداني علي صديق الموالي للجيش.
وقال في تصريحات للتلفزيون الرسمي السوداني "لم نطلب توضيحات من الإمارات على الرغم من توافر معلومات لدينا حول تورطهم في الحرب". وتابع "لكنهم بادروا بطرد دبلوماسيينا فاضطررنا للرد".
في العاشر من كانون الأول/ديسمبر، طلبت وزارة الخارجية السودانية من 15 دبلوماسيا إماراتيا مغادرة البلاد خلال "48 ساعة" بعدما اعتبرتهم أشخاصا غير مرغوب فيهم.
وأوضح وزير الخارجية أن تصريحات الفريق العطا جاءت بسبب وصول الأمور مع الإمارات إلى الطريق المسدود.
ويعتقد حرشاوي أن سلوك الجيش السوداني هو "تصرف يائس" من قوة "تضيق الخيارات أمامها" خصوصا على الصعيد العسكري أمام قوات الدعم السريع التي تسيطر على الخرطوم وغالبية إقليم دارفور إضافة الى مناطق أخرى يتمدد نفوذها فيها تدريجا.
ويرى أن الجيش يسعى إلى "الحصول على إدانات لإمدادات السلاح الإماراتية غير الشرعية لقوات الدعم السريع".
مدير دار للايتام فى مدينة ود مدنى السودان يتوسل المسئولين وأصحاب القلوب الرحيمة بمد يد العون لمساعدة أكثر من 220 طفلاً تقطعت بهم السبل بسبب الحرب ولا يملكون اللازم لشراء حليب وأغذية الأطفال .@BBCArabic @AJArabicnet@AlArabiya@SabahAlArabiya#sudan_war #Wad_madani pic.twitter.com/XDTYLhX5ua
— Zuhier Hamid (@ZuhierHamid) December 22, 2023هذه الصور للنازحين صباح اليوم ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٣م الذين فروا من ود مدني ،وسنار والخرطوم الي مدنية كسلا السوق الشعبي يفترشون الارض ويلتحفون السماء ،في ظل فصل الشتاء نقص في الغذاء والدواء والاغطية ،مناشدة عاجل للمنظمات الإنسانية للتدخل pic.twitter.com/VCC8R5bgRz
— Darfur Victims Support (@dvs2030) December 22, 2023المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية السودان الدعم السريع الإمارات حميدتي السودان الإمارات حميدتي الدعم السريع سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الدعم السریع مدینة ود مدنی
إقرأ أيضاً:
بعد اعتراف المتحدث بإسم القوات الجوية… سفير أوكرانيا ينفي تدخل بلاده في الحرب السودانية
نفى سفير أوكرانيا لدى جمهورية السودان ميكولا ناهورني تقديم بلاده لاي شكل من اشكال الدعم لقوات الدعم السريع، واصفا الحملة الإعلامية التي راجت في بعض المواقع الإعلامية السودانية حول دور مزعوم لبلاده في حرب السودان بأنها ادّعاءات استفزازية وعارية من الصحة ومفبركة.
واعتبر السفير الأوكراني هذه "الحملة" بأنها تمثل امتدادا للحرب غير المبررة التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا بأبعادها المتعددة والممتدة إلى قارات مختلفة، بغض النظر عن بعدها الجغرافي عن مسرح العمليات القتالية مضيفا أن السودان ليس استثناءً في هذا الصدد نافيا وبشكل قاطع لهذه الادعاءات واعتبرها محاولة روسية يائسة لإطلاق حملة تضليلية رامية إلى تشويه سمعة أوكرانيا في الفضاء الإعلامي السوداني والعالمي.
وكانت تصريحات السفير الأوكراني الأخيرة محاولة لتصحيح الخطأ الذي قام به المتحدث الرسمي باسم سلاح الجو الأوكراني إيليا يفلاش، حيث نشر الأخير في 07 يناير 2025 على صفحته الرسمية على فيسبوك أن مدربي ومشغلي الطائرات بدون طيار من القوات المسلحة الأوكرانية يقدمون الدعم لقوات الدعم السريع بدعوة شخصية من حميدتي.
وقال المتحدث الرسمي باسم سلاح الجو الأوكراني: "تحاول روسيا تصوير الجيش الأوكراني على أنه غير محترف، ويعتمد كليا على الإمدادات الغربية. لكن الحقائق تتحدث عن نفسها: إن القوات المسلحة الأوكرانية هي الجيش الأكثر خبرة ومهارة في المعارك في أوروبا".
وأضاف يفلاش، بأن المدربون ومشغلو الطائرات بدون طيار الأوكرانيون مطلوبون في جميع أنحاء العالم، وأكد أن أوكرانيا تمتلك ما يقارب من 30 عقدا في الدول الأفريقية وحدها، وذكر السودان كأحد هذه الدول التي تملك أوكرانيا معها عقود، وتحديدًا مع قوات الدعم السريع المتمردة تحت قيادة محمد حمدان.
يقول المسؤول الأوكراني أن مدربين أوكران ينشطون في السودان لنقل خبراتهم في مجال حرب المدن، بالإضافة إلى مجموعة من مشغلي الطائرات بدون طيار.
وكانت القوات المشتركة التابعة لقيادة الجيش السوداني والفصائل المتحالفة معها قد أعلنت مؤخرًا، أنها تمكنت من السيطرة على شحنات من الأسلحة الثقيلة بما فيها طائرات مسيرة ومركبات قتالية مرتبطة بقوات الدعم السريع. وأشارت بعض المصادر، أن هذه المعدات العسكرية الغربية تم تطويرها بالتعاون مع شركات من أوروبا الشرقية للاستخدام العسكري في أوكرانيا، ما يشير الى التواجد الأوكراني على الأراضي السودانية ودعمهم لقوات الدعم السريع في حربها مع القوات النظامية للبلاد، وقام بعض المسؤولين سواء العسكريين أو الديبلوماسيين بتأكيد هذه المزاعم في العديد من المناسبات.
ونشرت العديد من وسائل الإعلام تقارير نقلاً عن شهود عيان ومصادر عسكرية أن القوات الأوكرانية التي تم توثيق وجودها في السودان، تعمل على تدريب قوات الدعم السريع على استخدام الطائرات المسيرة، وساهمت في عدة هجمات نفذتها القوات المتمردة ضد الجيش السوداني في عاصمة إقليم دارفور ومختلف محافظات البلاد في الفترات الأخيرة الماضية.
تعمل أوكرانيا في أفريقيا بالوكالة عوضًا عن الدول الغربية لضمان مصالحها وتحقيق أهدافها في المنطقة، ويتم استخدام القوات الأوكرانية لعدة أسباب، أهمها لكي لا تتدخل الدول الغربية بشكل مباشر في هذه الصراعات، وكذلك لأن الجنود الأوكران تم تدريبهم وتجهيزهم طيلة السنوات الأخيرة من قبل الغرب لمواجهة روسيا وبالتالي أصبحت أوكرانيا اليوم من أفضل الجيوش الغربية التي تمتلك جنودًا مدربين ولديهم خبرة عسكرية على الأرض، وبعد اقتراب خسارة الحرب مع روسيا يتم استخدامهم لتحقيق مصالح أخرى في القارة السمراء.
الكاتب: عبدالرحيم التاجوري
الباجث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية