رئيس التمويل الإسلامي في “فيتش” : 823 مليار دولار صكوك قائمة عالمياً
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
توقع بشار الناطور، المدير التنفيذي والرئيس العالمي للتمويل الإسلامي في وكالة “فيتش” للتصنيفات الائتمانية، استمرار إصدارات الصكوك عالمياً بالارتفاع على المستويين القصير والمتوسط، مدفوعة بخمسة عوامل أساسية تشمل: تمويل العجز المالي لبعض الدول لا سيما البلدان غير النفطية، وتنويع مصادر التمويل، وتطوير أسواق الدين لتكون المؤسسات المختلفة قادرة على الاعتماد عليها عند الحاجة، ودخول البنوك في تنويع مصادر السيولة لديها لا سيما وأن أغلب السيولة ممولة حاليا من الودائع، ودخول الشركات والمشاريع إلى عالم الإصدارات سعياً منها لتقليص الاعتماد على التمويل المصرفي.
وأفاد الناطور في تصريح لوكالة أنباء الإمارات “وام”، بأن قيمة الصكوك العالمية القائمة ارتفعت بنسبة 9.8% على أساس سنوي لتصل إلى 823.4 مليار دولار أمريكي في نهاية الربع الثالث من 2023.
وقسم الناطور الدول إلى نوعين، الأول الدول التي لديها احتياجات تمويلية واحتياجات لإعادة تمويل الإصدارات السابقة، والثاني دول تهدف إلى تطوير أسواق الدين وتنويع مصادره.
وقال إن العديد من دول الخليج ليست لديها احتياجات تمويلية بفعل ارتفاع أسعار النفط، لكنها تصدر الصكوك لدوافع أخرى على رأسها تطوير أسواق الدين وتنويع مصادر التمويل، لافتا إلى أن الإمارات على سبيل المثال توسعت في عمليات إصدار صكوك بالعملة المحلية؛ لأنها تهدف بالأساس إلى تطوير أسواق الدين بالعملة المحلية.
ولفت الناطور إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يؤثر سلباً على إصدارات الصكوك عالمياً، وبالتالي على المستمر العالمي؛ إذ يقلص شهية المستثمرين العالمين للدخول إلى الأسواق الناشئة، ويزيد الهواجس الخاصة بنسب النمو عند ارتفاع الفائدة، في حين يتمثل تأثيره على المصدرين في أنه يضطر بعضهم في العديد من الأحيان إلى التأقلم مع المستويات المرتفعة من أسعار الفائدة بسبب وجود التزامات يجب عليهم الوفاء بها.
وأوضح أن تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على المستثمر المحلي مختلف، خصوصا وأن كثيرا من المستثمرين المحليين هم من البنوك الإسلامية التي تتوفر لديها سيولة صحية ورغبة في استثمار تلك السيولة؛ إذ تنشط هذه الفئة من المستثمرين وتزداد رغبتها بالاستثمار في الصكوك.
وفيما يخص الإمارات باعتبارها جهة إصدار واستثمار هامة في سوق الصكوك العالمي، فأشار الناطور إلى بعدين على المستوى العالمي، الأول هو الالتزام بمعايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية “أيوفي”، لا سيما المعيار الشرعي رقم 59، وبما يسهم في تفادي احتمالية خسارة المستثمرين من الإمارات وخسارة دخول المؤسسات الإماراتية في ترتيب الصفقات، لأن الإمارات تلزم البنوك بتلك المعايير سواء كمستثمر في الصكوك أو مرتب إصدار أو مدير إصدار، بينما يرتبط البعد الثاني بنية إدراج الصكوك من قبل بعض الجهات في بورصة ناسداك بمركز دبي المالي العالمي والتي تعتبر وجهة إدراج عالمي للصكوك.
وحول إصدارات الصكوك خلال الفترة الماضية، أفاد الناطور بأنها وصلت إلى 51.7 مليار دولار أمريكي في الربع الثالث من العام الجاري، في الأسواق الرئيسية التي تشمل دول مجلس التعاون الخليجي وماليزيا وإندونيسيا وتركيا وباكستان، وهو نفس مستوى الإصدارات التي تمت في الربع السابق، لكنه يمثل انخفاضاً بنسبة 12.3% على أساس سنوي.
وأوضح الناطور، أن التراجع في إصدار الصكوك كان أقل حدة من الانخفاض الذي شهدته إصدارات السندات والتي تراجعت بنسبة 17% على أساس سنوي، وارتفعت 1.2% على أساس ربع سنوي.
وقال: “تمّ خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، إصدار صكوك بقيمة 154.6 مليار دولار أمريكي في جميع الأسواق (جميع العملات)، أي أقل بنسبة 24.7% عن الأشهر التسعة الأولى من عام 2022”.
وأضاف “تباطأت سوق الصكوك والسندات في الربع الثالث من عام 2023 بسبب فترات الصيف الأكثر هدوءا كما جرت العادة، وارتفاع أسعار النفط الذي يقود إلى تقليص احتياجات التمويل لبعض دول مجلس التعاون الخليجي”.
ووفق الناطور، فإن الصكوك القائمة التي وصلت قيمتها في نهاية الربع الثالث من 2023 إلى 823.4 مليار دولار أمريكي، تتوزع بنسبة 40% لماليزيا، و28% للمملكة العربية السعودية، و13% لإندونيسيا، و6% للإمارات العربية المتحدة، و3% لتركيا.
وأشار إلى أن نحو 75% من الصكوك العالمية القائمة مصدرة بالعملات المحلية حتى نهاية الربع الثالث من عام 2023، لافتاً إلى أن الصكوك القائمة المصنفة من قبل وكالة فيتش تجاوزت حاجز 150 مليار دولار أمريكي، بارتفاع بنسبة 12.2% على أساس سنوي، و79.8% من الصكوك التي تقيمها الوكالة هي من الفئة الاستثمارية.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ملیار دولار أمریکی الربع الثالث من على أساس سنوی ارتفاع أسعار أسواق الدین من عام إلى أن
إقرأ أيضاً:
هل أصبح التمويل الإسلامي بغرب أفريقيا وجهة جاذبة للمستثمرين؟
تشير العديد من التقارير الاقتصادية إلى أن مستقبل التمويل الإسلامي في منطقة غرب أفريقيا أصبح واعدا بفضل الاهتمام المتزايد بين المستثمرين والمستهلكين، ولكونه يمثل بديلا ماليا للأنظمة التقليدية، إذ تشجع مبادئه على قيام أنظمة مالية تتجنب الفوائد الربوية، وتعمل على تقاسم المخاطر بين أطراف المتعاملين.
وفي السنوات الخمس الأخيرة، شهد الطلب على الخدمات المصرفية والمنتجات المالية الإسلامية ارتفاعا ملحوظا في العديد من بلدان غرب أفريقيا، وخاصة السنغال وبوركينا فاسو والنيجر وكوت ديفوار، مما دفع حكومات هذه الدول إلى إصدار صكوك إسلامية جذبت بها المستثمرين من الشرق الأوسط وآسيا.
ووفقا لتقرير صادر عن البنك المركزي لدول غرب أفريقيا في عام 2022، فإن قطاع المالية الإسلامية شهد نموا ملحوظا في المنطقة، إذ تم منح 15 ترخيصا جديدا لمؤسسات مالية إسلامية في الفترة الواقعة بين 2018 و2022.
وحسب معطيات البنك المركزي لغرب أفريقيا الذي يضم 8 بلدان من دول المنطقة، فإن عدد المؤسسات العاملة في مجال التمويل الإسلامي يصل إلى 17 مؤسسة، منها 9 مؤسسات تعمل بشكل حصري في المالية الإسلامية، و8 مؤسسات تقدم خدماتها عبر فروع متخصصة.
إعلان البداياتتعود بدايات انتشار المالية الإسلامية في منطقة غرب أفريقيا إلى أوائل الثمانينيات، مع تأسيس بنوك إسلامية في كل من السنغال، النيجر، وغينيا وبوركينا فاسو.
ورغم أن الهيئات المتخصصة في مجال التمويل الإسلامي في غرب أفريقيا لا تزال قليلة مقارنة بعددها على المستوى العالمي الذي يتجاوز 600 مؤسسة تتوزع بين البنوك، والمؤسسات المتوسطة والصغيرة، فإن هنالك بعض العوامل المتنوعة قد تدفع بالممولين إلى توسيع مجالات الاستثمار والتمويل في المنطقة.
ومن أهم العوامل المشجعة على توسيع الاستثمار في مجال التمويل الإسلامي، ضخامة السوق في منطقة غرب أفريقيا، إذ يتجاوز سكانها ربع مليار نسمة، ويؤمن 60% من سكانها بالدين الإسلامي الذي يتماشى مع أخلاقيات التمويل البديل للنظام الربوي.
وقد دفعت هذه العوامل بعض الدول في منطقة غرب أفريقيا إلى التوجه نحو التمويل الإسلامي بوصفه أداة جاذبة للمستثمرين والمستهلكين على حد السواء.
ففي عام 2012، وقّع البنك الإسلامي للتنمية اتفاقية مع الاتحاد الاقتصادي والنقدي لدول غرب أفريقيا لوضع إطار تنظيمي خاص بالمؤسسات الراغبة في تقديم خدمات مالية إسلامية داخل الهيئة القارّية.
وقد دفع ذلك بالنيجر إلى إنشاء مؤسسات للتمويل الإسلامي تمتد فروعها في جميع البلاد، كما تبنت السنغال سياسية مماثلة منذ إنشاء البنك الإسلامي في العاصمة دكار عام 1983.
وفي بوركينا فاسو، شهد قطاع التمويل الإسلامي إقبالا ملحوظا في السنوات الأخيرة، حيث عززت اقتصادها بوجود 7 بنوك إسلامية في مقدمتها "بنك كوريس بركة" (Coris Bank Baraka) الذي يدير أعماله من العاصمة واغادوغو، وله فروع تمتد إلى جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لدول غرب أفريقيا.
وتعزز بوركينا فاسو هذا المشهد بمؤسستين للتمويل الإسلامي المصغر، وهما "مجموعة التمويل الإسلامي" و"مؤسسة التمويل المصغر الإسلامي" تعاملان على دعم تنمية المشاريع الصغيرة، وفقا لروح الشريعة الإسلامية ومبادئها.
إعلان أرباحوبحكم الآفاق المتوقعة من وراء الاستثمار في التمويل الإسلامي، توجّهت بعض البلدان في غرب أفريقيا إلى إصدار صكوك إسلامية لدعم التنمية، وجذب الاستثمارات من الشرق الأوسط وآسيا.
ففي سنة 2016، نفذت جمهورية كوت ديفوار أكبر عملية إصدار للصكوك السيادية وفق نظام التمويل الإسلامي، إذ طرحت ما قيمته 240 مليون دولار من العملة المحلية، وشارك في دعم العملية مؤسسات للتمويل الإسلامي من ضمنها "المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص".
ومنذ عام 2010، تنظم السنغال المنتدى الدولي للتمويل الإسلامي الذي يهدف إلى الابتكار في مجال التمويلات التي أصبحت أعباؤها تثقل كاهل الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لدول غرب أفريقيا.
ويسعى منتدى دكار للتمويل الإسلامي إلى استفادة دول المنطقة من حجم صناعة المالية الإسلامية التي تتجاوز 300 مليار دولار بمعدل نمو يتراوح بين 10 و15%.
وفي دول الاتحاد الاقتصادي والنقدي لدول غرب أفريقيا، فقد باتت بعض المؤسسات التي تتبنى مبادئ التمويل الإسلامي تحظى بمكانة وسمعة جديدة بين المستهلكين، وحققت أرباحا مرتفعة.
ففي التقرير الصادر عن البنك المركزي لدول غرب أفريقيا في يناير/كانون الثاني 2023، بلغ متوسط النمو السنوي لعدد المؤسسات المالية الإسلامية في الاتحاد 54.3% خلال السنوات الأخيرة، مما يعكس ديناميكية هذا القطاع واهتمام المستثمرين المتزايد به.
آفاقوخلال الدورة التاسعة للمنتدى الدولي للتمويل الإسلامي في غرب أفريقيا، التي انعقدت 21 مايو/أيار 2024، في العاصمة دكار، قال رئيس المعهد الأفريقي للتمويل الإسلامي محمد الأمين امباكي إن "التمويل الإسلامي مجال جديد يتمتع بنمو اقتصادي قوي، ولديه إمكانات هائلة، وتستفيد منه البلدان المتقدمة أكثر من البلدان النامية والدول الإسلامية".
وفي المؤتمر ذاته، قال باناسي واتارا، مدير الاستقرار المالي بالبنك المركزي لدول غرب أفريقيا إن "التمويل الإسلامي يمول الاقتصاد الحقيقي، ويزيل المضاربة وأسعار الفائدة، وبالتالي فإن الأموال موجودة لتمويل الاستثمارات بمنتجات محددة للغاية".
إعلانوأضاف واتارا أن التمويل الإسلامي مفيد للغاية، ويمكنه أن يدعم قطاعات الزراعة والطاقة، والمجالات الأخرى بشكل عام، وقد يساعد في تحقيق السيادة الغذائية لمنطقة غرب أفريقيا".