في ذكرى وفاتها.. حكاية ضرب سناء جميل بـ«القلم» وطردها من المنزل
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
ذات يوم ذهب الإعلامي الراحل مفيد فوزي لزيارة منزل الروائي الكبير إحسان عبد القدوس، كان يتحدث وقتها مع زوجة الكاتب «لولا»، فوجد «مفرشا» على السفرة لفت انتباهه فسألها عليه، فأخبرته أنها اشترته منذ فترة من سناء جميل، فظن أن الفنانة أعطته «هدية» لـ«لولا»، لكن كانت الحقيقة عكس ذلك، وهو الأمر الذي لم يتوقعه مفيد.
كان رحيل الفنانة سناء جميل في مثل هذا اليوم 22 ديسمبر 2002 بعد مسيرة ناجخة خلال مشوار حياتها لتصل إلى هذا الاسم الكبير في عالم الفن.
تبدأ القصة حينما علمت الأسرة المُنحدرة من وسط الصعيد، أسرة ثريا الطالبة في المعهد العالي للفنون المسرحية، دخول ابنتهم عالم التمثيل، بل وعودتها إلى المنزل في ساعات متأخرة من الليل، بسبب عملها في المسرح الحديث، وقتها ضربها شقيقها الأكبر وطردها خارج المنزل، بعد تعنتها في استمرارها في مجال التمثيل، وعدم الرجوع عن القرار.
لم تتمالك سناء جميل نفسها في أحد اللقاءات مع الإعلامي مفيد فوزي، حين سألها عن هذا الموقف، وجلست صامتة بعض الوقت كأنها تستحضر الأحداث التي مرت عليها أكثر من نصف عقد من الزمان وقتها، وحكت بدموعها: «أخويا أول ما عرف أني بمثل ضربني بالقلم وطردني بره البيت، وأول مرة ساعتها كنت اتضرب بالقلم».
«الحوجة» هنا كانت بداية رحلتها مع هذا المُصطلح، في تِلك الليلة تحديدًا لم تجد مأوى، فذهبت لأستاذها في المعهد الفنان سعيد أبو بكر، واستقبلها هو وزوجته في منزله، وفي اليوم الثاني أخبر أبو بكر الفنان زكي طليمات مؤسس معهد الفنون المسرحية وعميده وقتها بالأمر، فقرر طليمات مساندتها وأسكنها في بيت الطالبات، وأخذ لها إذنًا بالتأخير نظرًا لعملها بعد الدراسة بالمسرح.
لم تنته قصة سناء مع «الحوجة» والفقر هُنا، لكنها كانت بداية الاعتماد على النفس، ولك أن تتخيل في مُجتمعنا الشرقي في نهاية الأربعينيات والخمسينيات، حينما تقرر فتاة صغيرة الاعتماد على نفسها، فكانت لا تأكل في يومها إلا الجبن الأبيض، مع العيش فقط، كان مرتبها وقتها عبارة عن 6 قروش صاغ من المعهد و6 قروش صاغ من المسرح الحديث.
لكن وخلال نفس اللقاء أكدت سناء أنها لم تكن تشعر وقتها بالألم لأن كان لديها حلم أكبر من هذا، وكانت تطمح لتكون ممثلة كبيرة، فكانت تعلم جيدًا أن تِلك المُعاناة ستنتهي: «هي دي الحاجات اللي عملت سناء جميل».
وبعد انتهاء فترة دراستها في المعهد، وخروجها من بيت الطالبات، أرادت سناء أن تجد دخلًا آخر، فذهبت لشراء أدوات التفصيل والتطريز، وعملت في مجال تفصيل الملابس والمفارش، وجمعت بعض المال من هذه المهنة، بجانب التمثيل، وكانت تبيع هذه المُنتجات للأصدقاء وبعض المحلات بمنطقة وسط البلد.
واستطاعت ادخار بعض الأموال، فذهبت لتأجير إحدى الشقق بمنطقة أرض شريف بالعتبة، بعدما أبلغتها الفنانة نعيمة وصفي بأن هناك شقة في الدور الأرضي إيجارها شهريًا 3 جنيهات، وبالفعل ذهبت وأخذتها، لكن كانت الشقة على البلاط، فذهبت لشراء بعض الأشياء للمعيشة، فجاءت بـ«باجور جاز وحلة وكنكة وسرير وملل»، وصُدمت بأن أموالها قد انتهت، فاستخدمت ملابسها بدل المرتبة لتنام عليها، ما سبب لها انزلاقا غضروفيا فيما بعد.
لكن المؤلم في تِلك القصة، أن سناء جميل والتي صارت واحدة من أهم النجمات في الوسط الفني، ظلت تعاني من قطيعة أسرتها لنهاية عمرها، الأمر الذي قالت عنه وهي تبكي أيضًا: «علشان كده طول عمري بعاني من الخوف وعدم الأمان».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: سناء جميل مفيد فوزي
إقرأ أيضاً:
فنانة تشكيلية.. كواليس وصور جديدة للمصرية آية عادل بعد وفاتها بالأردن
أثارت وفاة الفنانة التشكيلية المصرية آية عادل، البالغة من العمر 28 عامًا، موجة من الجدل والحزن في الأوساط المصرية والأردنية، وذلك عقب سقوطها من شرفة شقتها بالطابق السابع في أحد المباني السكنية بالعاصمة الأردنية عمّان.
وعُرفت آية بموهبتها الفريدة وإبداعاتها الفنية المذهلة، حيث شاركت في العديد من المعارض الدولية، وبيع لها أكثر من 500 لوحة حول العالم.
وقد تركت وفاتها المفاجئة علامات استفهام عديدة حول ملابسات الحادث، وسط مطالبات بفتح تحقيق للكشف عن تفاصيل الواقعة.
الحادث الذي وقع يوم الاثنين الماضي تحول إلى قضية رأي عام، حيث تباينت الروايات بين فرضية الانتحار التي ادّعاها زوجها، وبين احتمالية أن تكون ضحية جريمة قتل عمد، خاصة بعد ظهور أدلة طبية وقانونية تدعم فرضية تعرضها لعنف منزلي متكرر قبل الحادث.
في ليلة الحادث، كان الزوج برفقة آية عادل في الشقة عندما سقطت من شرفتها، ليخرج الزوج بعدها بتصريح يدّعي فيه أن زوجته كانت تمر بحالة نفسية سيئة، وأنها أقدمت على الانتحار.
غير أن تقرير الطب الشرعي كشف عن إصابات غير مبررة على جسد الضحية، شملت كسرًا في الجمجمة، نزيفًا داخليًا، جرحًا قطعيًا في الجبهة، وضربات عنيفة على الفخذ الأيسر والساق باستخدام أداة صلبة، وهو ما أثار الشكوك حول مزاعم الزوج.
كما أوردت شهادات جيران الضحية وأصدقائها تعرضها لوقائع تعذيب منزلي متكررة، مما زاد من تعقيد القضية وأدى إلى احتجاز الزوج مؤقتًا على ذمة التحقيقات.
ورفضت أسرة آية عادل في مصر رواية الزوج، مؤكدين أن آية لم تكن تعاني من أي اضطرابات نفسية، بل كانت تخطط لبدء حياة جديدة بعيدًا عن زوجها، حيث كانت تبحث عن وظيفة جديدة، وتسعى لاستئجار منزل آخر للعيش مع أطفالها.
شقيق آية صرّح أن شقيقته كانت تحاول النجاة من علاقة زوجية مضطربة وعنيفة، وأنها لم تكن تُظهر أي نوايا للانتحار.
كما أكدت بعض صديقات الضحية أن آية لم تكن في حالة نفسية سيئة، بل كانت تستعد للبدء من جديد، وهو ما يتعارض مع رواية الزوج.
ودخلت منظمة "سوبر وومن" المعنية بحماية النساء من العنف المنزلي على خط القضية، مطالبةً السلطات الأردنية بتوسيع نطاق التحقيق، حيث أفادت المنظمة أن آية عادل ليست الضحية الأولى لهذا الزوج.
وكشفت المنظمة أن زوج آية سبق وأن تزوج من امرأة روسية وأخرى بوسنية، وكلاهما هربتا منه بسبب سلوكه العنيف الذي كاد يفضي إلى جرائم مشابهة.
كما أبدت المنظمة قلقها العميق إزاء تولي المتهم منصبًا استشاريًا مع هيئات دولية مختصة بقضايا العنف ضد النساء، مشددةً على ضرورة إعادة النظر في معايير تعيين الأفراد في هذه المناصب الحساسة.
القضية مسجلة حاليًا برقم 2025/537م في إدارة البحث الجنائي الأردني، ولا تزال السلطات تحقق في احتمالية تحولها إلى قضية قتل عمد.
في الوقت نفسه، أعربت والدة آية عن تعرضها لتهديدات مباشرة من قبل زوج ابنتها، حيث أبلغت السلطات أن المتهم هدد بإيذاء أحفاده في حال استمرارها بالمطالبة بتحقيق العدالة لابنتها.
وفي ظل التطورات المستمرة، تطالب أسرة آية عادل والجهات الحقوقية بما يلي:
توسيع التحقيقات لتشمل احتمالية أن تكون الوفاة جريمة قتل عمد.
ضمان الحماية القانونية لأطفال الضحية وأفراد أسرتها، لا سيما في ظل التهديدات التي يواجهونها.
محاسبة الجاني وفقًا للقانون، وتقديمه للمحاكمة العادلة.
إعادة النظر في آليات اختيار الموظفين في الهيئات الدولية المختصة بالعنف ضد النساء، منعًا لاستغلال هذه المناصب من قبل أفراد لديهم سوابق عنف موثقة.
وأثارت القضية موجة واسعة من الغضب والتعاطف على منصات التواصل الاجتماعي في كل من الأردن ومصر، حيث انتشرت مطالبات بالتحقيق العادل في الحادثة.
نشطاء حقوق المرأة اعتبروا أن هذه القضية ليست فردية، بل تعكس واقعًا أوسع من العنف المنزلي الممارس ضد النساء في المنطقة، مطالبين بتشديد القوانين الخاصة بحماية النساء من العنف الأسري.
على الجانب الآخر، انقسم الرأي العام بين من يدافع عن الزوج بحجة عدم ثبوت الإدانة بعد، وبين من يرى أن الأدلة الأولية تشير بوضوح إلى وجود شبهة جنائية.
وما زالت التحقيقات جارية لتحديد السبب الحقيقي وراء وفاة آية عادل، وسط ضغوط متزايدة من الجهات الحقوقية وأسرتها لإعادة تصنيف القضية على أنها جريمة قتل بدلاً من حادث سقوط أو انتحار.
فهل ستكشف الأيام القادمة عن أدلة جديدة تدين الزوج؟ أم أن التحقيقات ستنتهي دون التوصل إلى دليل قاطع؟
ويبقى هذا السؤال مفتوحًا، لكن المؤكد أن قضية آية تحولت إلى قضية رأي عام، وأن العدالة التي تطالب بها أسرتها أصبحت مسؤولية أمام السلطات المعنية لكشف الحقيقة كاملة دون أي مجاملة أو تقاعس.
رحيل آية عادل لم يكن مجرد حادث فردي، بل أصبح رمزًا لمعاناة العديد من النساء اللواتي يقعن ضحايا للعنف المنزلي. وبينما تستمر التحقيقات في كشف الحقيقة، تبقى هذه القضية بمثابة ناقوس خطر يستدعي مراجعة جادة للتشريعات وآليات حماية النساء.
إن المطالبة بالعدالة ليست مجرد حق لآية وحدها، بل حق لكل امرأة تواجه العنف وتبحث عن ملاذ آمن يضمن لها حياة كريمة خالية من الخوف والتهديد.