أقمار اصطناعية: ثلاثة أرباع مدينة غزة أرض قاحلة.. وربع خان يونس بات مدمرا
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
سلطت صحيفة "فايننشال تايمز" الضوء على تحليل صور الأقمار الاصطناعية لقطاع غزة بعد أكثر من 76 يوما على عدوان إسرائيل الوحشي على القطاع، مشيرة إلى أن جيش الاحتلال نفذ واحدة من أكبر حملات القصف في التاريخ على القطاع الصغير، ومنع الصحفيين الأجانب من الوصول إليه، ما جعل صور الأقمار الاصطناعية وبيانات الرادار الطريقة الوحيدة الموثوقة لتقييم مدى الضرر الذي لحق بالقطاع المحاصر منذ 17 عاما.
وذكرت الصحيفة البريطانية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن دمج تحليل صور الأقمار الاصطناعية مع تقييمات الأضرار التي أجراها باحثون في مركز الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك وجامعة ولاية أوريغون يظهر بوضوح كيف أدى التوغل الإسرائيلي إلى جعل شمال غزة غير صالح للسكن فعلياً.
وأضافت أن القوات الإسرائيلية انتقلت للحرب على جنوب القطاع، خاصة مدينة خان يونس، وقد بدأ الضرر بالفعل يشبه حملتها في الشمال، إذ حول أغلب المركز السكاني في غزة إلى أرض قاحلة.
وأشار التقرير إلى أن مدينة غزة كانت هي المحور الأولي للغزو الإسرائيلي، وحتى قبل دخول قوات جيش الاحتلال إلى المدينة الشمالية، التي وصفتها إسرائيل بأنها قلب الآلة السياسية والعسكرية لحماس، دمرت حملة قصف متواصلة مساحات واسعة من المركز التجاري الذي كان مزدهرا.
ومن أجل السيطرة العملياتية، طوّقت القوات الإسرائيلية المدينة من الجنوب، ثم توغلت في مواقع منفردة مثل مستشفى الشفاء، وحي الرمال الراقي نسبيًا، ومخيمي الشاطئ وجباليا للاجئين.
وكانت تحركات مشاة الجيش الإسرائيلي مسبوقة بوابل متدحرج من "القنابل الغبية" غير الموجهة بدقة، يتراوح وزن كل منها بين 1000 رطل و2000 رطل، ما أدى إلى تدمير مباني المدينة.
وأعقب ذلك قتال من مسافة قريبة، حيث طلب الجنود الإسرائيليون شن غارات جوية دمرت ما يصل إلى ثلاثة أرباع مدينة غزة، بحسب الصحيفة البريطانية، مشيرة إلى أن الضرر الأكبر وقع في مخيمات اللاجئين ووسط المدينة وكذلك حول مستشفى الشفاء وميناء غزة.
ومع استمرار القتال في الشجاعية، أظهرت مقاطع فيديو للجيش الإسرائيلي وصور على وسائل التواصل الاجتماعي وصحفيون فلسطينيون مناظر طبيعية مدمرة خالية من السكان.
وفر جزء كبير من سكان شمال غزة إلى الجنوب بعد أن أمرهم الجيش الإسرائيلي بالإخلاء، مع ما يقدر بنحو 1.8 مليون شخص نزحوا بالقرب من الحدود مع مصر.
وأرسل الجيش الإسرائيلي الدبابات من مكان قريب من الشجاعية، واتجه جنوبا نحو خان يونس، فيما قصفت القوات الجوية الإسرائيلية ثاني أكبر مدينة في القطاع في الأيام الأخيرة.
اقرأ أيضاً
صور الأقمار الصناعية تكشف: نصف مباني غزة مدمرة أو متضررة
وكانت خان يونس، بشوارعها المزدحمة وشوارعها الضيقة، قد ازدحمت في البداية بالفلسطينيين النازحين، الذين تم تحذيرهم بعد ذلك بالتوجه جنوبًا، ووصف الجيش الإسرائيلي القتال في خان يونس بأنه أعنف قتال واجهه حتى الآن.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أرسلت إسرائيل لواء آخر، يتكون من بضعة آلاف من الجنود، لدعم تقدمها نحو المدينة التي نشأ فيها كبار قادة حماس.
وقال الأميرال، دانييل هاجاري، عندما تم نشر اللواء يوم الثلاثاء: "نحن نكثف العملية في خان يونس ونعمقها".
وتظهر صور الأقمار الاصطناعية أن خان يونس تعرضت لأضرار إجمالية أقل من مدينة غزة الشمالية، لكن أكثر من 25% من مبانيها تضربت أو دمرت حتى الآن، والرقم آخذ في الارتفاع بسرعة.
وزعمت الصحيفة البريطانية أن حلفاء إسرائيل، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا، يضغطون على الجيش الإسرائيلي لاتخاذ نهج أكثر دقة في الاستهداف العسكري، مع قيام فرق صغيرة من القوات الخاصة بتنفيذ غارات في الجنوب، بدلا من حملات قصف واسعة النطاق.
ومن غير الواضح متى ستخفض إسرائيل كثافة عمليتها القتالية، إذ رفض وزير الجيش، يوآف جالانت، تقديم جدول زمني لهذا التحول خلال اجتماع عقد مؤخرا مع وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن.
وأشار جالانت إلى أنه مع سيطرة القوات الإسرائيلية على المزيد من أجزاء القطاع، قد يُسمح لبعض المدنيين بالعودة إلى منازلهم، لكن صور الأقمار الصناعية والرادار تظهر أنه لم يتبق سوى عدد قليل من المنازل ليعودوا إليها.
اقرأ أيضاً
تقييد صور الأقمار الاصطناعية في غزة.. وموقع أمريكي يكشف السبب
المصدر | فايننشال تايمز/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة إسرائيل الجيش الإسرائيلي الأقمار الاصطناعية حماس خان يونس صور الأقمار الاصطناعیة الجیش الإسرائیلی مدینة غزة خان یونس إلى أن
إقرأ أيضاً:
تحليل لهآرتس عن تحقيقات 7 أكتوبر: حماس تفوقت على الجيش الإسرائيلي
سلط تحليل جديد لصحيفة هآرتس نشر اليوم الثلاثاء الضوء على من سلسلة من الإخفاقات الفادحة التي عانى منها الجيش الإسرائيلي في تصديه لهجوم "طوفان الأقصى" الذي شنته المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
واستند التحليل الذي كتبه المحلل العسكري للصحيفة عاموس هرئيل على التحقيقات الجزئية التي أجراها ضباط نظاميون واحتياطيون برتب تتراوح بين عقيد ومقدم في جيش الاحتلال.
وخلص إلى أن هذه التحقيقات كشفت عن سلسلة من الأخطاء الإستراتيجية والتكتيكية التي أدت إلى واحدة من أسوأ الهزائم العسكرية في تاريخ إسرائيل، وأظهرت صورة قاتمة لتراجع المعايير الأمنية والإجراءات الدفاعية على طول حدود غزة.
انهيار سريع للخطوط الأماميةويرى هرئيل أن الهجمات التي نفذتها كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) على كيبوتس كفار غزة ومعسكر نحال عوز، والتي أدت إلى سقوط مئات القتلى والجرحى في صفوف الإسرائيليين، فضلاً عن عمليات الأسر الواسعة "تدل على أن الإخفاقات لم تكن فقط نتيجة عنصر المفاجأة، بل كانت متجذرة في تراجع الالتزام بالإجراءات العسكرية الأساسية، مما أدى إلى انهيار سريع للخطوط الدفاعية الإسرائيلية".
ويكشف المحلل العسكري أن حماس استغلت ضعف الجاهزية العسكرية للجيش الإسرائيلي على الحدود، حيث تسببت الهجمات المتزامنة في شل قدرات الوحدات المدافعة في الساعات الأولى، حيث عانت المستوطنات والمواقع العسكرية من نقص في القوات المدربة والجاهزة للرد على الهجوم.
إعلان"فعلى سبيل المثال، في كيبوتس كفار غزة، واجه 14 مقاتلا من قوة الطوارئ هجومًا شرسًا من 250 مقاتلًا فلسطينيًا، مما أدى إلى مقتل نصف المدافعين في الساعات الأولى. ولم يكن هناك أي جندي إسرائيلي في الخدمة الفعلية داخل الكيبوتس وقت الهجوم، باستثناء العميد يسرائيل شومر، الذي كان في منزله دون سلاح واضطر إلى القتال بسكين مطبخ قبل أن يحصل لاحقًا على سلاح من أحد القتلى".
أما في معسكر نحال عوز العسكري، فيقول المحلل العسكري إن "الصورة كانت أكثر قتامة، على الرغم من وجود نحو 90 جنديًا مسلحًا، معظمهم من كتيبة جولاني الثالثة عشرة".
وتشير التحقيقات التي أجراها الجيش الإسرائيلي إلى أن "حماس أدركت أن المعسكر يشكل مركز ثقل حيوي في تشكيل جيش الدفاع الإسرائيلي، ولذلك خصص مخططو الجناح العسكري لحماس 15 دقيقة بين عبور الحاجز في السياج والوصول إلى الأسوار العالية المحيطة بالمعسكر، وتمسكوا بخطتهم، حتى انهار المعسكر بالكامل".
ويقول إن "الإعداد الدفاعي كان ضعيفًا، مقابل حماس، التي تدربت لسنوات على السيطرة على المخيم، ونجحت في اختراق الدفاعات بسهولة نسبية، وقامت بإطلاق مئات الصواريخ وقذائف الهاون في الدقائق الأولى من الهجوم، مما أدى إلى تفاقم حالة الشلل التي عانت منها القوات الإسرائيلية.
تفوق تكتيكي لحماسويسلط هرئيل الضوء على أن التحقيقات أظهرت أن حماس لم تكتفِ بالمفاجأة العسكرية، بل نجحت في فرض تفوق تكتيكي عبر تنسيق محكم بين وحداتها، حيث تمكنت من استغلال نقاط الضعف في البنية الدفاعية الإسرائيلية.
فمثلاً، في معسكر نحال عوز، الذي كان يضم نحو 90 جنديًا من كتيبة جولاني الثالثة عشرة، استطاعت المقاومة اختراق الدفاعات بسبب تصميم الجدران التي احتوت على نقاط ضعف مكشوفة.
ويعتبر أيضا أن "تدريب حماس الطويل على السيطرة على المخيمات العسكرية كان عاملاً حاسمًا، إذ أنشأت نموذجًا مصغرًا لمعسكر نحال عوز لتدريب مقاتليها على الهجوم، وهو ما ساعدهم على تنفيذه بدقة. وعند بدء الهجوم، أطلقت المقاومة مئات الصواريخ وقذائف الهاون، مما شل قدرات الجيش الدفاعية ودفع العديد من الجنود إلى الاختباء، متجاهلين خطر الهجوم البري القادم من الغرب".
إعلانويكشف هرئيل أن حماس كانت قد خططت مسبقًا لإعاقة أي تعزيزات عسكرية إسرائيلية عبر نشر كمائن على الطرق المؤدية إلى المستوطنات المستهدفة، مما أبطأ بشكل كبير من وصول القوات الإسرائيلية لمناطق الاشتباك.
وبحلول الوقت الذي تمكنت فيه هذه القوات من التدخل، كانت المقاومة الفلسطينية قد أنجزت معظم أهدافها، سواء في القتل أو الأسر أو تدمير المواقع العسكرية.
ويعتبر التحليل العسكري أن "حماس أثبتت قدرتها على تنفيذ عمليات معقدة ومتعددة الجوانب، وهو ما يشير إلى تطور نوعي في قدراتها العسكرية والتخطيطية".
غياب التحذير الاستخباراتيوتشير التحقيقات إلى أن الجيش الإسرائيلي كان على علم ببعض المؤشرات التحذيرية قبل الهجوم، لكن لم يتم التعامل معها بجدية. فقد كانت هناك تقارير استخباراتية عن نشاط غير معتاد على حدود غزة، لكن القيادات العسكرية لم تولها الاهتمام الكافي، ولم يتم تمريرها إلى الوحدات المنتشرة في الميدان.
ويكشف تحليل هآرتس أن أنظمة القيادة والسيطرة انهارت بالكامل في اللحظات الحاسمة، مما جعل التنسيق بين الوحدات شبه مستحيل، كما يؤكد أن فرقة غزة العسكرية تم تحييدها عمليًا خلال أول ساعتين من الهجوم، مما جعل القوات الميدانية في وضع حرج من حيث القدرة على التنظيم والرد.
عوضا عن ذلك، يظهر تحليل أداء الجيش الإسرائيلي خلال الهجوم أن الفشل لم يكن محصورًا في ساحة المعركة فقط، بل كان نتيجة تراكم طويل من الإهمال في الاستعدادات الدفاعية.
وكانت هناك ثغرات كبيرة في التجهيزات العسكرية، حيث لم تكن الوحدات تمتلك مخزونًا كافيًا من القنابل اليدوية، والصواريخ المضادة للدبابات، والأسلحة الرشاشة اللازمة لصد هجوم واسع النطاق.
ويقرر المحلل العسكري أن هذا التحقيق هو من بين أكثر التقارير العسكرية الإسرائيلية صراحةً في الإقرار بحجم الإخفاقات التي واجهها الجيش الإسرائيلي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2003، "فقد أبرزت النتائج أن الجيش لم يكن مستعدًا لمثل هذا النوع من الهجمات المنسقة، وأن ثقافة الاستهتار والتهاون في الالتزام بالإجراءات العسكرية كانت أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى هذه الكارثة".
إعلانويخلص هرئيل إلى وجود تراجع مهم في قدرات الجيش الإسرائيلي من خلال إيراد شهادة أحد المحققين، والذي قال "لقد نسينا في الجيش الإسرائيلي كيف ندافع"، ويعتبر أن هذا التراجع كان واضحًا بشكل خاص على حدود غزة، حيث أدى بناء الحاجز تحت الأرض ضد الأنفاق إلى غرس ثقة مفرطة في القادة، مما أدى إلى الاعتقاد بأن الحدود أصبحت منيعة تقريبًا.
ويضيف أن التحقيقات أظهرت أيضًا أن القوات لم تكن مستعدة لسيناريو متطرف، حيث يقتحم أكثر من 5 آلاف مسلح أكثر من 100 نقطة إسرائيلية على حدود غزة.
ويقول "حتى عندما بدأت الكارثة تتكشف أمام أعينهم، واجهت القادة صعوبة في تصور الأسوأ الذي كان ينتظرهم".
ويختم التحليل بالتأكيد على أن القيادة العسكرية الإسرائيلية تواجه الآن تحديًا كبيرًا في إعادة بناء الثقة داخل الجيش وبين الجمهور الإسرائيلي بعد أن كشفت التحقيقات المستمرة المزيد من التفاصيل الصادمة عن مدى هشاشة البنية الدفاعية على حدود غزة".