نشر "إندبندنت عربية" مقالا غريبا حمل مجاملة لي، فوصفني بـ "لسان بوتين الفصيح"، ووضعني بجانب الفيلسوف ألكسندر دوغين الذي "يشارك في بلورة النظريات الأيديولوجية التي تشغل عقل بوتين".

في الوقت نفسه، روت الصحيفة بشيء من التفصيل عددا من مقالاتي التحليلية، إلا أنها نسبتها إلى الحاكم السابق لإحدى المناطق الروسية، ألكسندر نازاروف، الذي يحمل نفس اسمي، فخلطت بيني وبينه، ووضعت صورته بدلا من صورتي، وبررت من خلال سيرته الذاتية نجاحاتي في مجال "أيديولوجية بوتين".

إقرأ المزيد وبدأ انهيار الولايات المتحدة الأمريكية

وعلى الرغم من أن المحاولة كانت خرقاء إلى حد ما، إلا أنني أشعر بشيء من الفخر لكوني بجانب هؤلاء العظماء..

فمن ناحية أصبح بإمكاني الاستناد إلى الصحيفة المحترمة إذا ما حاولت زوجتي الشك في توقعاتي الرهيبة فيما يتعلق بمستقبل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث وصفتني "إندبندنت عربية" باليد اليسرى لبوتين أيديولوجيا (دوغين هو اليد اليمنى).. ومن ناحية أخرى، فقد منحني أحد المتكهنين المصريين، نقلا عن توقعاتي، بطريقة أو بأخرى رتبة جنرال وعضو في مجلس الأمن الروسي، لهذا فإن نسب صحيفة "الإندبندنت" لي مواقف ألكسندر نازاروف آخر، لم يتمكن خلال 72 عاما من حياته من الارتقاء إلى مستوى مجلس الأمن، هو بالأحرى خفض من جانب الصحيفة للرتبة التي أحظى بها في وسائل الإعلام وعلى شبكات التواصل الاجتماعي.. لذا أعتب على الصحيفة في هذا، وإذ كان لي أن أختار بين "الإندبندنت" والمتكهن المصري، كمصدر للشائعات التي لم يتم التحقق منها بشأني، سأختار الأخير.

لكن، إذا تحدثنا بجدية، فلا دوغين، ولا شخصي المتواضع، لنا أي علاقة بأيديولوجية بوتين أو روسيا كدولة. أولا، أنا شخصيا أعبّر عن آرائي الخاصة حصريا، وأعتقد أن دوغين يفعل ذلك أيضا. وثانيا، وببساطة لأن الدولة الروسية ليس لها أيديولوجية، وهذا على وجه التحديد، أعني غياب الضغط الأيديولوجي من الدولة على المجتمع الروسي، هو أيديولوجية بوتين، وجزأ لا يتجزأ من نجاحه، وصمام الأمان ووحدة روسيا.

لقد سئم المواطنون الروس من الأيديولوجية خلال الحقبة السوفيتية، كما أنهم شديدو التنوع في وجهات نظرهم وتطلعاتهم. وعلى الرغم من حقيقة أن بعض الحمقى من ضيوف التلفزيون الروسي يتحدثون من وقت لآخر عن ضرورة تطوير أيديولوجية للدولة، إلا أن فلاديمير بوتين والدولة ككل يتجنبون ذلك بكل الطرق الممكنة، وهم محقون في ذلك. لقد استعاد الروس أعصابهم بعد عقود من بناء الشيوعية، والآن (خلافا للغرب) يتمتعون بالحرية الأيديولوجية. وهذا أحد أسباب الاستقرار المدهش للمجتمع الروسي.

وفي رأيي المتواضع، ومن الناحية العملية، فإن بوتين، لا يتبنى أيديولوجية بقدر ما لديه أولوية مطلقة، كما أفهمها، تتجسد في تجنب أي مخاطر أو صدمات من أجل تنمية التطور التدريجي وبالتالي المستدام، وهي أولوية تفسر الأسلوب الحذر لقيادته في كل شيء، بدءا من التردد في القيام بتعبئة إضافية من أجل تسريع انتصارنا في أوكرانيا، إلى موقفه المتسامح للغاية على مدار سنوات عديدة تجاه الخونة، بما في ذلك النخب الروسية، الذين فر معظمهم إلى الخارج بعد بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا.

أعتقد أنه من الواضح أن بوتين نفسه، مثل أي شخص راشد يتمتع بالاكتفاء الذاتي، لديه نظام راسخ من القيم، الذي يمكن أن يطلق عليه أيديولوجية، لكن لا أنا ولا دوغين ولا أعتقد أي شخص آخر باستثناء عائلته يمكنه الجزم بأن لديه فكرة موثوقة حول هذه القضية. على الرغم من أن بوتين، بطبيعة الحال، يعبر عن بعض عناصر الأيديولوجية من حين لآخر، لكني لا أرى أدنى محاولة لفرض أي خط سلوك محدد على المجتمع من الناحية العملية.

إقرأ المزيد اليمنيون ينهون رسميا عصر سيطرة الحضارة الغربية ويبدأون قرونا وسطى جديدة

لهذا فمن المضحك قراءة حجج الصحافة الغربية التي لا تزال مليئة بالكليشيهات القديمة لعصر الحرب الباردة، في محاولة للبحث عن تفسيرات لفشل الغرب في مكائد بوتين و"أخطاء" روسيا التي تشكلها "أيديولوجية بوتين".

من السهل العثور على الإجابات بالنسبة لكم أيها الغرب في خطابات بوتين منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث حملت كل الخطابات الدولية محاولة صبورة للشرح والإقناع بأنه من المستحيل تجاهل مصالح روسيا. إلا أن الغرب لا يستطيع أن يعترف بأنه نفسه السبب وراء كل الاضطرابات الحالية، بتجاهله المصالح الروسية، ويبحث المرة تلو الأخرى عن السبب في "أيديولوجية بوتين" العدوانية، أو في بعض المقالات التي يكتبها المحللون الروس، والتي يفترضون أنها تعكس هذه الأيديولوجية.

 وعودة إلى مقال "الإندبندنت"، فرغم الأخطاء المذكورة، إلا أنني أحببت المقال. ويبدو الأمر كما لو أن المؤلف ومع كل سعيه للعثور على حجج لدحض تصريحاتي إلا أنه في النهاية لم يستطع. وإذا كان هناك ما ألوم عليه كاتب المقال في شيء، فهو أن عرض مجمل مقالاتي لم يشغل نصف عدد الجريدة.

على أية حال، استمتعت بقراءة المقال. فالكليشيهات الغربية حول ما يحدث في روسيا، وكيف تعمل آليات السلطة الروسية تثير دائما الضحك من القلب. لكني ما زلت أطلب من الصحيفة الموقرة ألا تكتفي باستبدال الصورة، بل أن تحذف أيضا السيرة الذاتية التي لا تخصني..

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: بوتين روسيا ألكسندر نازاروف ألكسندر نازاروف الكرملين فلاديمير بوتين مجلس الأمن الروسي إلا أن

إقرأ أيضاً:

تقرير يكشف عن أهم الشخصيات في العالم التي من الممكن أن تصل إلى لقب “تريليونير”

#سواليف

أفاد تقرير صادر عن “إنفورما كونيكت أكاديمي”، نشره موقع CNBC الأمريكي بأنه من المتوقع أن يصل عدد من الشخصيات إلى إنجاز غير مسبوق خلال العقد المقبل وهو المنافسة على لقب ” #تريليونير “.

وقال “CNBC”: في 29 سبتمبر 1916، أعلنت الصحف في جميع أنحاء الولايات المتحدة عن معلم #ثروة كان يعتقد ذات يوم أنه من المستحيل الوصول إليه: أول ملياردير في العالم.

“ستاندرد (أويل) بسعر 2014 دولارا تجعله مليارديرا” كان عنوان صحيفة “نيويورك تايمز” الرئيسي، والذي أشار إلى أن ارتفاع سعر سهم ستاندرد أويل، يجعل جون روكفلر، المؤسس وأكبر مساهم في الشركة مليارديرا بكل تأكيد”.

مقالات ذات صلة مصادرة أصلة بورمية طولها 4 أمتار من منزل في نيويورك 2024/09/07

وأضاف CNBC: “بعد أكثر من قرن من الزمان منذ ظهور أول ملياردير أمريكي في العالم (من حيث القيمة الدولارية القابلة للقياس) لا يزال السؤال حول من سيكون أول من يصل إلى “تريليونير” يثير الإعجاب.

لقد فعلت ذلك ما لا يقل عن 6 شركات، وأحدثها شركة “بيركشاير هاثاواي”، التي تجاوزت تريليون دولار قبل عيد ميلاد وارن بافيت الرابع والتسعين رئيس مجلس الإدارة للشركة، وفق تقرير نشرته شبكة “CNBC” الأمريكية.

ووفقا لتقرير جديد من “Informa Connect Academy” والذي يتوقع وضع أول “تريليونير” في العالم بناء على متوسط ​​معدل النمو السنوي في الثروة، ومن المرجح أن يكون إيلون ماسك، رجل الأعمال الأمريكي والرئيس التنفيذي لشركة “Tesla” أول تريليونير.

ويعد ماسك حاليا أغنى شخص في العالم، بثروة تبلغ 251 مليار دولار، وفقا لمؤشر “بلومبرغ للمليارديرات.

ويتوقع أن يصبح ماسك “تريليونيرا” في وقت ما في عام 2027، إذا استمرت ثروته في النمو بمعدل سنوي متوسط ​​يبلغ 110٪.

ووفقا للتقرير، يتوقع في المرتبة الثانية أن يأتي الهندي غوتام أداني، مؤسس مجموعة “أداني” القابضة، ويقدر التقرير أن أداني، بمعدل نموه الحالي البالغ 123%، قد يصل إلى التريليون دولار بحلول عام 2028، إذا حافظ على معدل نموه السنوي الأخير، وقد شهد أداني نموا سريعا من خلال أعماله في الطاقة والبنية التحتية والخدمات اللوجستية في الهند.

وفي المركز الثالث قال التقرير سيصبح جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة “إنفيديا” الذي ارتفعت ثروته الشخصية من 3 مليارات دولار إلى أكثر من 90 مليار دولار خلال خمس سنوات فقط، سيصبح “تريليونيرا” بحلول عام 2028، وسيتعين على ثروته أن تستمر في النمو بمعدل سنوي متوسط ​​يبلغ 112٪، وارتفعت أسهم شركة “إنفيديا” بالفعل بنحو 115٪ هذا العام، بعد أن تضاعفت أكثر من ثلاثة أضعاف العام الماضي.

وفي المركز الرابع يأتي براجوغو بانغستو من إندونيسيا، مؤسس شركة “باريتو باسيفيك” للطاقة والتعدين في البلاد، وبمعدل نمو ثروته الحالي، من المتوقع أن ينضم بانغستو إلى قائمة التريليونية بحلول عام 2028.

ويتوقع أن يكون في المركز الخامس، برنارد أرنو، الرئيس التنفيذي لشركة “لوي فيتون مويت هنسي” والذي يعد حاليا ثالث أغنى شخص بالعالم مع ثروة تقارب 200 مليار دولار، قد تقود إمبراطورية الرفاهية التابعة لأرنو، إلى وصوله إلى التريليون دولار بحلول عام 2030، ووفقا للتقرير، إلى جانب مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”، الذي من المتوقع أن يصبح تريليونيرا أيضا بحلول عام 2030.

وأشار التقرير إلى أن “بعض كبار المليارديرات الذين يبدو أنهم مرشحون أقوياء للوصول بسرعة إلى نادي الأربعة فواصل لا يصلون إلى المراكز العشرة الأولي، جيف بيزوس، ثاني أغنى شخص في العالم حاليا، بثروة تبلغ 200 مليار دولار، وفقا لبلومبرغ، مدرج في المرتبة 12، ولن يصبح تريليونيرا حتى عام 2036، ومن المقرر أيضا أن ينتظر لاري بيغ وسيرغي برين، مؤسسا جوجل، 12 عاما ليصبحا تريليونيرين على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي قد يسرع صعودهما”.

ومن المؤكد أن مراقبي الثروات كانوا يتوقعون أول “تريليونير” منذ سنوات.

وفي ظل التقلبات والظروف الاقتصادية قد لا ترتفع أسهم “تيسلا” و”إنفيديا” و”لوي فيتون مويت هنسي” بنفس السرعة في السنوات الخمس المقبلة كما فعلت في السنوات الخمس الماضية، ومع ذلك، بعد أكثر من 100 عام من الملياردير الأول، قد يتم تتويج أول تريليونير في العقد المقبل، وفق التقرير.

مقالات مشابهة

  • فيفا يُعلن المنتخبات التي فشلت في التأهل لكأس العالم 2026
  • من طراز شاهدد..لاتفيا: الطائرة الروسية التي تحطمت في بلادنا إيرانية
  • حزب بوتين يفوز في الانتخابات الإقليمية الروسية
  • الخارجية الروسية: روسيا ودول الخليج تدعو إلى تجنب الصراع المسلح في اليمن
  • أطول برج خشبي في العالم..من المدينة التي ستحتضنه؟
  • الكشف عن أهم الشخصيات في العالم التي من الممكن أن تصل إلى لقب ”تريليونير”.. تعرف عليها
  • تقرير يكشف عن أهم الشخصيات في العالم التي من الممكن أن تصل إلى لقب “تريليونير”
  • مدير الاستخبارات الأميركية: لا دلائل على أن قوة بوتين تضعف في روسيا
  • قد يخلف بوتين.. من هو عرّاب حملات التضليل الروسية؟
  • بوتين يعلن عن دعم روسيا لهاريس «بسخرية» ويؤكد أن ضحكتها «معدية»