انهيار الرجولة أم تنمية الرجولة؟ وكيف هزمت الصين الميوعة؟
تاريخ النشر: 14th, July 2023 GMT
عصمت شاهين دوسكي
واحدة من الأمنيات الأبوية أن يرى الأب في أبنه من الخير والصلاح والقوة الفكرية والحكمة والهدى والاستقامة والعدل ليكون مثلاً سليما في مجتمعه وصورة مشرفة لبيته وأقربائه يشار إليه قولاً وفعلاً ولكن إن لم يجد الأبناء من يربيهم على هذه المبادئ والسبل الصحيحة على هذه الرجولة ..؟ انهيار المجتمع يأتي من انهيار الأخلاق وتبدأ من الأسرة يعني المرأة والرجل عامة وإن تفاوتت النسب والتأثير بينهما فهي الخلية الأولى في بناء المجتمع فإن تأثيرات التطور والنت والعولمة التي تتخذ سلبيا في الحياة اليومية فكرا وتصرفا وأسلوبا وتعاملاً قد يكون لها دور كبير في الانهيار الرجولي مثلا أليس من المعيب تمر 12 سنة ” ست في الابتدائية وست متوسط وثانوي ” بعدها يتخرج ولا يمكن أن ترى فيه الرجولة أو تصفه إنه رجل .
.؟ اثنتي عشر سنة كفيلة أن تحول هذه الطاقة الإنسانية إلى شعلة من الرجولة والحكمة والعلم والقيادة والتقدم الفكري والعلمي ومن هذا الاستهلال أمر على قرار أصدرته وزارة التعليم الصينية بإعداد منهجاً وخططاً ” لتنمية الرجولة لدى طلاب المدارس ” لإضافة مادة عن الرجولة في المناهج الدراسية الأولى أي المرحلة الابتدائية. هكذا تحذر الصين وتنبه خطورة ضياع وانهيار الرجولة لدى طلاب المدارس حيث لاحظ المهتمين في شأن الدراسة والتربية والتعليم إن جيل هذا العصر أصبحوا مائعين ميالين إلى النعومة والأنوثة وهذه الدراسة أدهشت وأثارت نقاشا حول مهام الجنسين ودورهم الجديد في ظل التطورات السريعة حيث أشارت الحكومة الصينية ” أن خادمات البيوت والمعلمات أفسدن الصبية الصينين في المدارس وقريبا سيصبحون الأولاد خجولين وشاذين ” فيجب اتخاذ حلول وإجراءات سريعة ليس نظريا بل فعليا وجادة لمعالجة هذا الوباء الخطر الشاذ في المجتمع الذي يؤدي بالتالي إلى انهيار الدولة لذلك اعتبروه أمنا قوميا حيث تأنيث الأولاد مستقبلا يهدد أمن وبقاء الصين وتطورها وتنميتها حتى التجنيد العسكري الذي كان سببا لعودة الخشونة والرجولة للشباب لم يعد كافيا لذلك أعدت الجهات المسؤولة المهتمة بتنمية المستقبل الصيني مبادرات مهمة ومؤثرة منها زيادة توظيف الرجال كمعلمين ومدربين في الصالات الرياضية كذلك تشجيع الطلاب على ممارسة الرياضة الجماعية العضلية الخشنة والأهم الابتعاد عن الألعاب الالكترونية ودراسة وبحث مدى تأثير مشاهير الإنترنت الشواذ على أفكار وأسلوب المراهقين . هذا الاهتمام جاء بعد أن تجلت أزمة رجولة التي اعتبرتها أزمة وطنية قضية وجود أو لا وجود ، وفي الطرف الآخر بعض الدول تدق المعازف وتنشر العري وتشيع الانحلال والمخدرات والجهل والفساد وتفتح صالات ومكاتب للتدني الأخلاقي وتقيم المهرجانات والمسابقات للرقص الخاص بالرجال وهو خلاصة انهيار الرجولة الذي تضمنه كتاب الطبيب الفرنسي أنتوني كلير محذرا الدول إن الرجال فقدوا خصائصهم الجسدية والفكرية والنفسية والأخلاقية والاجتماعية وإن الرجل البسيط في الغابة أو الصحراء أكثر رجولة من مشاهير وملوك وأمراء وأغنياء المال والصناعة والتجارة والموظفين الجالسين وراء مكاتبهم إذ ظهرت في هذا العصر إن الرجال أكثر من النساء يذهبون إلى صالات التجميل وعمليات التجميل والتعديل وإن صورة الرجل تتشابه مع صورة المرأة وأصبح مشاهير الشواذ والعري الذين لا يحملون قيم أخلاقية خاصة منهم من يظهر بصورة الأقراط في أذنيه ويلبسون الباروكات ويضعون المكياج ويعلنون زواجهم بالمثليين قدوة للجيل العصري، هل الخطر قادم ..؟ هل انهيار الرجولة سيوقظ الدول المعنية ..؟ هل انقلبت الصورة فبعد أن كانت الصبايا والنساء يقلدن الرجال أصبح الشاب يقلد النساء ؟ هل أصبح الشباب أكثر رقة وانكسارا ..؟ هل فقد الرجل دوره في الأسرة والمجتمع ..؟ كيف ستكون المسؤولية الأبوية في ظل هذا الانهيار الرجولي ..؟ قال الفيلسوف الفرنسي فرانسوا أوشي : ” لا يمكن أن نظل غير مبالين بالتغيير ” الانثروبولوجي ” الذي يظهر أمام أعيننا في عالم لا يبرز ما يدل على أي فوارق بين الرجل والمرأة ..” كذلك قالت الكاتبة الفرنسية لاتيتا بونار في كتابها ” هل عفا الزمن على الرجال ..؟ ” والذي تضمن تحليلا وتشخيصا دقيقا مؤكدة تراجع ترتيب الرجال مستعينة بدراسات وبحوث فالمرأة مثلا سدت حاجتها من الرجل بفضل التخصيب الصناعي وتقول الكاتبة الفرنسية ” أعتقد أننا نطلب المستحيل من الرجال حيث نطلب منهم أن يكونوا أقوياء وضعفاء في نفس الوقت ، وقساة ومتفهمين وشديدين في الخارج ، ولطفاء ورومانسيين بالمنزل لذلك أصبح الكثير من الرجال يميلون إلى الفرار من الواقع تاركين مسؤولية إدارة العالم للنساء فيزداد الطلاق. وزاد كذلك العزوف عن الزواج ، وكثر العزاب من الرجال والنساء ” وتساؤلات تطرح هل فقد الرجل الشجاعة والفصاحة والفروسية وقوة التحمل والأخلاق والعادات السامية والتقاليد الراقية التي تسمو بمصير الرجل ..؟ لماذا أصبح الشباب فريسة سهلة للانحلال والانهيار والأفكار الخارجية الهدامة؟ ولماذا يتسارع الشباب على صالونات وعيادات التجميل ..؟ هل أصبحت الرجولة صورة من الماضي ..؟ كلها أسئلة مشروعة أمام الدولة وأمام المعنيين في إنقاذ ما يمكن إنقاذه وإدراك وفهم معاني الحرية والمراقبة المجتمعية من رياض الأطفال والابتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعية وإيجاد الحلول والبدائل فليس البكاء على الماضي حلاً ، والتجربة الصينية شاهد عيان وليس عيبا أن نتعظ ونسخر ونوظف تجارب من سبقونا في العلم والتجربة والتطبيق عمليا حسب الرؤية المجتمعية العصرية في تسارع الأحداث والتطورات فانهيار الرجولة صورة واضحة لانهيار المجتمع والبلد . كاتب فلسطيني
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
حازم القرطاجني عندما رفع راية البلاغة وكيف احتال أبو دلامة على المهدي؟
ولد حازم القرطاجني في قرطاجنة بالأندلس عام 608 هجري، وكان أندلسي النشأة والتكوين ومغربي الإبداع والعطاء.
عرف بأنه كان ذا "اختيارات فائقة واختراعات رائقة" قال فيه ابن رشيد "لا نعرف أحدا ممن لقيناه جمع من علم اللسان ما جمع" وهو حامل راية البلاغة في الشرق والغرب، وهو ما ظهر في كتابه "منهاج البلغاء وسراج الأدباء".
ويعد هذا الكتاب" من أهم مصادر التراث البلاغي والنقدي عند العرب.
وقام القرطاجني بوضع قواعد الشعر بسبب الإحباط الذي أصاب الحياة الثقافية بعد سقوط قرطبة، فقد غلب عدو لا يرحم على جيله، فأخرجهم من ديارهم وخلعهم من أرضهم وعزهم.
وكانت لحازم القرطاجني حياة حافلة بالأدب والعلم، وزاخرة بالنشاط الفكري في كل مكان حل فيه.
ليت العيون التي ترنو فتسحرنا
كانت كما نحن نهواهن تهوانا
وأعلمتني بأن الليل موعدنا
فظلت مرتقبا ميقات لقيانا
وتوفي حازم القرطاجني عام 648 هجري في قرطاجة بتونس.
وفي فقرة "طرائف لغوية" تناولت حلقة برنامج "تأملات" قصة أبو دلامة الذي دخل على الخليفة العباسي المهدي، وأخذ يبكي، ولما سأله عن السبب، قال له: ماتت أم دلامة، فرد عليه المهدي قائلا: إنا لله وإنا إليه راجعون، وأمر له بألف درهم حتى يعينه في مصيبته ويخفف عنه.
إعلانوعندما ذهب أبو دلامة إلى بيته، طلب من أم دلامة أن تذهب إلى الخيزران زوجة المهدي وتبكي أمامها بحجة أن أبا دلامة قد مات. وفعلت أم دلامة ما طلب منها، فقالت زوجة المهدي: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم أمرت لها بألفي درهم.
وعندما دخل المهدي على الخيزران، قالت له: يا سيدي أما علمت أن أبا دلامة الشاعر قد مات؟ فرد عليها: لا إنما امرأته هي التي ماتت، فقالت له: والله إنه أبو دلامة، فقال لها: لقد خرج من عندي الساعة، فردت بالقول: خرجت زوجته من عندي الساعة وأخبرته بما حصل معها، فضحك المهدي وتعجب من هذه الحيلة.
وجاء في بعض كتب السيرة أن أبو دلامة كان رجلا خفيف الدم وحسن الهندام، وعرف بطرائفه وفكاهاته، وهو الذي يقول مستهزئا بنفسه:
ألا أبلغ لديك أبا دلامة
فليس من الكرام كرامة
إذا لبس العمامة كان قردا
وخنزيرا إذا خلع العمامة