موقع 24:
2025-01-10@07:04:06 GMT

«وائل» ورفاقه.. ومصاحبة الموت!

تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT

«وائل» ورفاقه.. ومصاحبة الموت!

هو كما غزة، صامدٌ كالصخر، يحمل أوجاعه فى قلبه ويدفنها بين ضلوعه، ينهض مع كل محاولة لكسره أشد وأقوى.

يواصل من حيث توقف، «وائل الدحدوح»، أسد غزة العنيد، كما أطلق عليه رواد السوشيال ميديا، يرفض الاستسلام، تلقى تهديداً بالقتل من جيش الاحتلال الإسرائيلى أكثر من مرة عبر قناة «الجزيرة»، التى حاولت بدورها إقناعه بمغادرة غزة عبر مصر إلى قطر، لأنه مستهدف، لكنه رفض رفضاً قاطعاً، وأصر على البقاء، فقامت إسرائيل باغتيال أربعة من أفراد عائلته، زوجته وابنه وابنته وحفيده، وبعد ذلك محاولة فعلية لاغتياله، نجا منها بأعجوبة، واستشهد فيها زميله المصور «سامر أبودقة» الذى ظل ينزف لأكثر من خمس ساعات.


فى كل مرة، ينهض «وائل» من كبوته متحاملاً على نفسه، يضغط على جرحه ويكمل المشوار، يحمل الميكروفون وينقل للعالم بشاعة ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة من جرائم بالكلمة والصورة، ليوثِّقها للتاريخ، بشجاعة وإصرار وثبات، شارك «وائل» فى تشييع جثمان «سامر» وهو مصاب، بالكاد يقف على قدميه يتلقى العزاء ولا ينهار، مثلما فعل مع أفراد أسرته.
عندما حمله المسعفون إلى المستشفى لم يحفل بنفسه، ولم يفكر فى إصابته، كان همه الوحيد إنقاذ «سامر»، يملأه الخوف والقلق على زميله، ظل يردد.. «أنقذوا سامر».. «سامر ما زال هناك».. «هاتوا سامر»، لكن «سامر» رحل.. الشاهد والشهيد، وبقيت الصورة، لتنشط الذاكرة بأنهما وُلِدا هنا وسيبقيان هنا ولن يرحلا.
«سامر» كان محبوباً من زملائه، معروفاً بخفة ظله حتى فى أحلك لحظات الحرب، لا ينام أكثر من 3 ساعات، كما قال فى لقطة مصورة، رفض اللحاق بعائلته المقيمة فى بلجيكا، وفضل البقاء والعمل فى غزة، وكان يفكر فى إعادتهم بعد انتهاء الحرب، لم يمهله القدر، الذى أعطى «وائل» عمراً آخر، ليأخذ فيه العزاء.
«وائل» مثل الآلاف فى غزة، الذين ذاقوا مرارة الفقد، وظلوا على يقينهم، وإيمانهم بعدالة قضيتهم، لم تُثنِهم أوجاع فراق أحبتهم عن الصبر والصمود، فى مواجهة أكبر كارثة إنسانية فى تاريخ البشرية. إسرائيل تتفنن فى صناعة «الموت»، وتتلذذ بمراقبة «ضحاياه»، دولة سادية عنصرية متطرفة، أكثر من 97 صحفياً ارتقوا خلال 70 يوماً من الحرب! أو استشهد ذووهم، مثل مراسل الجزيرة «أنس الشريف» الذى تلقى تهديداً بالقتل إن لم يتوقف عن بث تقاريره عن المجازر التى يرتكبها جيش الاحتلال، فلم يتوقف!
وكانت النتيجة قصف منزله واستشهاد والده، لم ينسحب «أنس» من الميدان، ودّع والده، وعاد لينقل الصورة غير مكترث بتهديد جيش الاحتلال، كذلك المراسل الصحفى «مؤمن الشرافى» الذى فقد 22 من عائلته، بمن فيهم والده ووالدته وبعض أشقائه وأولادهم، والصحفى عادل زغرب، الذى وثّق شهادته حول المجازر البشعة التى يرتكبها الجنود بحق الأطفال والنساء أمام كاميرات المراسلين، فقصف الاحتلال منزله قبل يومين واستشهد، كذلك مراسلة قناة TRT التى قضت نحبها فى قصف منزلها فى خان يونس، وغيرهم كثيرون، أراد الاحتلال الغاشم إسكات أصواتهم فلم يفلح.
هل من الممكن اعتياد الموت إلى هذا الحد؟! من أين أتوا بهذا الثبات وتلك الشجاعة فى مواجهة الموت؟ فجأة يفقدون أغلى ما لديهم: عائلاتهم، آباءهم، أمهاتهم، أشقاءهم، شقيقاتهم، أصدقاءهم، جيرانهم، الكل تحول إلى مشروع شهيد، ثم «شهيد يودع شهيداً»، إن ما يثير العجب والإعجاب معاً هذا الجلد المحفور فى ملامح الوجوه، تماماً كالنقش على الحجر، يقارعون الحياة ويصاحبون الموت!
إنه إعجاز هذا الجيل الذى جُبل على الحرب، ورضع الشقاء، وتأقلم مع فكرة الموت والفقد. لن أنسى مشهد السيدة التى فقدت جميع أطفالها، وهى تقف محتضنة جثة أحدهم يعتصرها الألم وتناجى الله وهى تبكى وتقول: «المهم تكون راضى يا رب»!.
غزة أثخنتها الجراح، وأجهدها الجوع، وأوجعها الخذلان، لكنها صابرة، مرابطة، مرفوعة الرأس، عصيّة على الانكسار، ولم يقتلها اليأس، جحافل الجنود وأسلحة العدو الصهيونى الأكثر فتكاً وتطوراً فى العالم، تحاول دهس كبريائها، لكنها صامدة!
فمن ينقذها من براثن المؤامرة التى تحاك ضدها فى الغرف المغلقة؟ وحدها تقف شامخة فى وجه العدوان بعزيمة رجالها، وشجاعة نسائها، ورباطة جأش أطفالها، وثبات شيوخها، وبسالة وإيمان مقاومتها بعدالة قضيتها، تنهض من وسط الركام والدمار، تضمد جراحها النازفة، تطلق صرخات الاستغاثة برب العباد، «الله أكبر» مع كل تفجير آلية عسكرية للعدو، أو قنص جنوده، أو صاروخ يحط رحاله فى قلب تل أبيب، فيقض مضجع العابثين بمصير هذا الشعب الأبىّ، فما زالت الحرب على أشدها، وما زالت المقاومة صامدة، لم تتراجع قدراتها العسكرية، ولم تهن عزيمتها، أما العبرة، فهى بالخواتيم.
a
..واقرأ لهؤﻻء

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل

إقرأ أيضاً:

بعد فوزها بالميدالية الذهبية.. بسملة الأسوانية تشارك في المسابقة الدولية "لمحات من الهند"

أشاد اللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان، بالمستوى الرائع الذى تتميز به ابنه أسوان الطالبة بسملة محمد فخرى 17 عاماً بالصف الثالث الثانوى العام، والتى تمثل نموذجاً مشرفاً فى العزيمة والإصرار والتحدى لمواجهة ظروفها المرضية من خلال أعمالها الفنية التى تبهر كل من يشاهدها، وهذا تجسد فى أن نال عملها إعجاب رئيس وزراء دولة الهند الصديقة ناريندرا مودى، وإشادته بالموهبة الفذة لفتاة أسوان من ذوى الإحتياجات الخاصة، والتى رسمت لوحة مذهلة لتاج محل بفمها.

وأكد محافظ أسوان على تقديم كامل الدعم لموهبة بسملة الفنية التى تتمثل فى قيامها بممارسة فن الرسم بإمساك القلم بالفم على الرغم من تعرضها لضمور فى الأطراف لليدين والساقين وهو الذى يؤهلها بأن تصبح فى المستقبل ذات شأن فى مجال الفن ليفتخر بها الوطن ومحافظتها وأسرتها.

ومن جانبها أوضحت فاتن على الموجه العام للتربية الفنية بمديرية التربية والتعليم بأسوان بأنه تحت رعاية وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى محمد عبد اللطيف، واللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان تم تنظيم المسابقة الفنية " لمحات من الهند " فى نوفمبر الماضى بحديقة فريال بحضور مسئولى المركز الثقافى الهندى، وتم تصعيد 10 من الطلاب بينهم الطالبة بسملة فخرى، وقد تم منحها ميدالية ذهبية فى الحفل الذى تم تنظيمه بنقابة المعلمين بأسوان فى ديسمبر الماضى.

لافته إلى أنه تم مشاركة بسملة فى مسابقة الرسم " لمحات من الهند "، والتى تم تنظيمها بمركز مولانا أزاد الثقافى الهندى بمشاركة أكثر من 22 ألف طالب وطالبة على مستوى الجمهورية من بينهم أكثر من 1200 طالب وطالبة من أبناء أسوان، وكان من ضمنهم الطالبة بسملة، والتى قامت برسم عمل فنى ضمن اللوحات التى أبدعها الطلاب، وتعكس جوانب مختلفة من الثقافة الهندية والعلاقات التاريخية بين الهند ومصر.

مقالات مشابهة

  • الجمهوريون ضد الجمهوريين.. «الجارديان»: هل يستطيع الرئيس أن يلعب دور صانع السلام داخل حزبه؟
  • كما قال مالك فى الخمر
  • حنان أبوالضياء تغوص فى العالم السرى للمشاهير
  • اللغة التى جعلتهم يقهروا الظلام
  • إدمان الهواتف
  • بعد فوزها بالميدالية الذهبية.. بسملة الأسوانية تشارك في المسابقة الدولية "لمحات من الهند"
  • محافظ أسوان يشيد بالطالبة بسملة لتكريمها بمسابقة الرسملمحات من الهند
  • المهمة الأساسية للأحزاب السياسية
  • حكايات يكتبها خيري حسن : عطية معبد..شاعر التفاصيل ضد التفاصيل الأخرى
  • «نوستالجيا 80/90».. يستعيد سحر الماضى ويحيى فنون ذكريات القوة الناعمة