أكد تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي أن مشرعين أميركيين يضغطون من أجل تصحيح ما تشهده الحرب في السودان والحد من ارتكاب الفضائع التي تحدث، مشيرا إلى أن تلك الجهود تتضمن رسالة للإمارات. 

ويجري مشروعون نوعا من الضغط على إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن "لاتخاذ نهج أكثر قوة تجاه الحرب في السودان"، خاصة مع استمرار القتال العنيف وتنامي الفوضى بعد "فشل" جهود الوساطة لوقف الصراع، وفق تعبير المجلة.

وأدت الحرب التي اندلعت، في أبريل، بالسودان بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى نزوح 7.1 مليون شخص، وفق ما أعلنته الأمم المتحدة، الخميس، واصفة إياها بـ"أكبر أزمة نزوح في العالم".

وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن المعارك الأخيرة وسط البلاد أرغمت 300 ألف شخص على الفرار و"هذه العمليات الجديدة ترفع عدد النازحين إلى 7.1 مليونا"، بينهم 1.5 مليون لجؤوا إلى البلدان المجاورة، وفق وكالة فرانس برس.

ويدعو أعضاء في مجلس الشيوخ الإدارة الأميركية إلى الاستعانة بمبعوث خاص جديد إلى السودان، بهدف بث "حياة جديدة في السياسة الأميركية بشأن الصراع" الذي طغت عليه صراعات أخرى تجرى في أوروبا والشرق الأوسط.

وتتجه الأنظار لشغل منصب المبعوث الأميركي الخاص للسودان نحو توم بيرييلو وهو عضو الكونغرس الديمقراطي السابق ودبلوماسي في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما.

ولا تزال هناك مشاورات حول صلاحيات هذا المبعوث، وفيما لو سيقدم تقاريره إلى الرئيس الأميركي مباشرة أو إلى وزير الخارجية، إذ يريد المشروعون مبعوثا رفيع المستوى بصلاحيات واسعة، بحسب التقرير.

ولم يجب بيرييلو على استفسارات فورين بوليسي حول الموضوع.

"مأساة إنسانية" نازحون بالملايين في السودان بسبب الحرب. أرشيفية

وحذرت المنظمة الدولية للهجرة، الخميس، من أن ما يشهده السودان "مأساة إنسانية ذات أبعاد هائلة، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الرهيبة في الأساس".

وبسبب الدمار الذي لحق بالبنية التحتية الضعيفة أصلا، جراء الحرب بين الفريق أول، عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش والفريق، محمد حمدان دقلو، الذي يقود قوات الدعم السريع، لا يجد كثيرون مكانا يذهبون إليه، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.

وأسفرت الحرب في السودان عن سقوط أكثر من 12 ألف قتيل، حتى مطلع ديسمبر، وفق حصيلة بالغة التحفظ لمنظمة "أكلد" المتخصصة في إحصاء ضحايا النزاعات.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، فقد اضطر ما لا يقل عن 150 ألف طفل على الفرار من منازلهم في ولاية الجزيرة "في أقل من أسبوع".

الحرب في السودان.. عدد النازحين يتخطى 7 ملايين أدت الحرب التي اندلعت في أبريل في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى نزوح 7,1 مليون شخص، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، واصفة إياها بـ"أكبر أزمة نزوح في العالم".

وعلقت مديرة اليونيسف، كاثرين راسل، في بيان "لقد سمع زملاؤنا في السودان قصصا مروعة من النساء والأطفال الذين أمضوا رحلة مروعة للوصول إلى (ود) مدني".

وأوضحت "والآن، حتى هذا الشعور الهش بالأمان قد زال مع اضطرار هؤلاء الأطفال إلى الفرار مرة أخرى". وأضافت "لا طفل ينبغي أن يعيش أهوال الحرب".

وفيما كان القتال دائرا بين الطرفين والطائرات الحربية تعبر السماء، أغلقت المحلات التجارية خوفا من النهب وبدأت العائلات تبحث عن وسيلة لحماية النساء والفتيات خشية وقوع اعتداءات جنسية تبادل الطرفان الاتهامات بارتكابها منذ اندلاع الحرب.

وقالت الأمم المتحدة إن النظام الصحي في السودان على حافة الانهيار مع خروج 70 في المئة من المستشفيات عن الخدمة في مناطق القتال و"اكتظاظ المراكز الصحية في المناطق التي لم يمتد اليها القتال بالنازحين".

"رسالة" للإمارات السودان يشهد منذ أبريل الماضي نزاعا على السلطة أسفرت عن سقوط 12 الف قتيل

وتتهم الولايات المتحدة كلا الجانبي المتقاتلين في السودان بارتكاب جرائم حرب، وقد تحول الصراع أيضا إلى حرب بالوكالة بين المتنافسين الإقليميين، إذ تدعم مصر القوات المسلحة السودانية، فيما تدعم الإمارات وروسيا قوات الدعم السريع، بحسب فورين بوليسي.

ويثير الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع حفيظة الكونغرس الأميركي، واتخذ مجموعة مشرعين خطوة غير عادية بإرسال رسالة مباشرة لوزير الخارجية الإماراتي يدينون فيها الدعم لقوات الدعم السريع، محذرين من أن هذا قد يضر بالعلاقات الأميركية الإماراتية، وفق نسخة من الرسالة اطلعت عليها "فورين بوليسي".

وكان تحقيق نشرته "نيويورك تايمز"، في سبتمبر، ذكر أن الإمارات زودت قوات الدعم السريع بأسلحة "قوية" ومسيرات لدعم قتالها ضد الجيش السوداني، ولم تستجب السفارة الإماراتية حينها لطلب الصحيفة التعليق، إلا أن الحكومة الإماراتية كانت قد نفس سابقا المزاعم بشأن تسليح قوات الدعم السريع أو أي من طرفي النزاع. 

وتشير المجلة إلى أن "الإحباط" يزداد في الكونغرس بشأن استجابة الولايات المتحدة للصراع في السودان، الذي أصبح أحد أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، لكنه لم يحظ سوى بجزء صغير من الاهتمام أو الموارد المخصصة للأزمة في غزة أو الحرب في أوكرانيا، على سبيل المثال.

كما يرى مدافعون عن حقوق الإنسان أن إدارة بايدن لم تمارس ضغوطا سياسية كافية على الإمارات لوقف تزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة والذخيرة في انتهاك لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة.

وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية للمجلة: "لقد أثرنا بشكل مباشر مع المسؤولين الإماراتيين مخاوفنا بشأن التقارير عن دعم الإمارات لقوات الدعم السريع.. أوضحنا وجهة نظرنا أن توفير الأسلحة لأي من الجانبية لن يؤدي إلا لتعميق الصراع".

ويعتقد مراقبون ومسؤولون تحدثوا للمجلة أن الصراع يزداد سوءا مع تحقيق الدعم السريع لمكاسب، ويعترفون بأنه لا توجد آفاق حقيقية لمحادثات سلام قابلة للحياة من دون تدخلات دبلوماسية أكثر قوة من قبل القوى الغربية خاصة واشنطن.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الحرب فی السودان الأمم المتحدة فورین بولیسی

إقرأ أيضاً:

جون أفريك: الإمارات والصين وروسيا وإيران.. من يزوّد السودان بالأسلحة؟

باريس- “القدس العربي” تحت عنوان “الإمارات والصين وروسيا وإيران: من يزوّد السودان بالأسلحة في الحرب التي يشهدها؟”، قالت مجلة “جون أفريك” الفرنسية إن سيطرة الجنرال البرهان على العاصمة السودانية الخرطوم تشكّل تحولًا كبيرًا في الحرب التي يخوضها منذ عامين ضد الجنرال حميدتي، لكنها لن تؤدي بالضرورة إلى إنهاء الحرب الأهلية، التي تُغذى بتهريب واسع النطاق للأسلحة والمعدات العسكرية، رغم الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة.

الوضع يزداد تعقيدًا، مع تصاعد مخاوف من امتداد النزاع إلى دول الجوار

وأشارت الأسبوعية الفرنسية إلى إعلان عبد الفتاح البرهان، قبل يومين، من القصر الرئاسي عن “تحرير” الخرطوم، قائلاً: “ الخرطوم حرة.. لقد انتهى الأمر”. وأظهرت الصور المتداولة الجنرال البرهان مرتديًا الزي العسكري، محاطًا بمسلحين، وهو يتجول داخل المبنى الذي يحمل آثار المعارك.

وتعد السيطرة على الخرطوم، بعد أسبوع من القتال العنيف، نقطة تحول رئيسية في المواجهة التي يخوضها منذ عامين ضد الجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”. ومع ذلك، شدّدت مجلة “جون أفريك” على أن السيطرة على العاصمة لن تضع حدًا للحرب الأهلية الدامية. فرغم أن قوات البرهان تسيطر الآن، إلى جانب العاصمة، على شرق وشمال البلاد، إلا أن قوات “الدعم السريع” تفرض هيمنتها على معظم مناطق دارفور.

وفي منتصف فبراير/شباط الماضي، أعلنت قوات “الدعم السريع” نيتها تشكيل حكومة موازية، عقب اجتماع في نيروبي، كينيا، مع عدة جماعات مسلحة، من بينها “الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال”، التي تنشط في جنوب البلاد. وردًا على ذلك، حذرت الاتحاد الأفريقي من “خطر تقسيم البلاد”.

ووفقًا لأحدث إحصائيات الأمم المتحدة، فقد أسفرت الحرب الأهلية عن أكثر من 18 ألف ضحية مدنية منذ اندلاعها في أبريل/نيسان عام 2023. وتشير المنظمة إلى أن “المدنيين يتعرضون لقصف مدفعي، وضربات جوية، وهجمات بالطائرات المسيرة”، مضيفة أن “أكثر المناطق تضررًا هي ولايتا جنوب كردفان والنيل الأزرق”.

وفي هذا السياق، يتزايد استخدام الطائرات المسيرة القتالية من قبل الطرفين، مصنوعة في الصين وإيران وصربيا، سواء كانت طائرات عسكرية أو مدنية تم تحويلها لأغراض عسكرية، تتابع مجلة “جون أفريك”، موضّحة أن الوضع يزداد تعقيدًا، مع تصاعد مخاوف من امتداد النزاع إلى دول الجوار.

ففي 23 مارس/آذار الجاري، صرح القائد العام للقوات المسلحة السودانية، التابعة للبرهان، بأن “مطاري نجامينا وأمدجراس أهداف مشروعة”. وهو ما دفع المتحدث باسم وزارة الخارجية التشادية، إبراهيم آدم محمد، إلى التحذير من أن “هذه التصريحات يمكن تفسيرها على أنها إعلان حرب”، مؤكدًا أن “تشاد تحتفظ بحقها في الرد بقوة على أي محاولة اعتداء”.

تتهم قوات البرهان تشاد بلعب دور في نقل الأسلحة والمعدات العسكرية من دولة الإمارات إلى قوات “الدعم السريع”

وتتهم قوات البرهان تشاد بلعب دور في نقل الأسلحة والمعدات العسكرية من دولة الإمارات العربية المتحدة إلى قوات “الدعم السريع”، وهو ما تنفيه نجامينا بشدة، متهمة السودان، في المقابل، بالتدخل في شؤونها الداخلية ودعم التمردات لزعزعة استقرار البلاد.

ومضت مجلة “جون أفريك” قائلةً إنه لدعم قوات حميدتي في مواجهة قوات البرهان، عقدت أبوظبي تحالفًا مع تشاد. ولكن التوترات في نجامينا تدفع الإماراتيين للبحث عن حل آخر في جمهورية إفريقيا الوسطى.

وعلى الرغم من أن الإمارات العربية المتحدة واصلت، في الأشهر الأخيرة، إرسال المعدات عبر نجامينا (بعد أن كانت تفعل ذلك لفترة طويلة عبر أم جرس، في شرق البلاد)، إلا أن محمد إدريس ديبي إيتنو قرر، وفقًا لمصدر أمني تشادي، ورغم تردد بعض مستشاريه، تقليص مستوى تعاونه مع أبوظبي. لذلك، تم الشروع في محادثات بين الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إفريقيا الوسطى، المجاورة لتشاد، والتي يمكن أن توفر لهم نفس الإمكانيات اللوجستية لدعم قوات الدعم السريع، وفق المجلة الفرنسية، مؤكدة أن الإماراتيين يرغبون في استخدام مطار بانغي، وكذلك مطار بيراو في شرق البلاد.

   

مقالات مشابهة

  • السودان: مطالبة بإنقاذ طالبة من الإعدام لاتهامها كذباً بالتعاون مع الدعم السريع
  • قائد قوات درع السودان للجزيرة نت: نحتفل بالنصر والحسم يقترب بدارفور
  • أين اتجهت قوات الدعم السريع بعد الخروج من الخرطوم؟
  • جون أفريك: الإمارات والصين وروسيا وإيران.. من يزوّد السودان بالأسلحة؟
  • االجيش السوداني يقصف أم درمان لإخراج قوات الدعم السريع من محيط العاصمة
  • تجارة الذهب تنشط خلال الصراع الدائر في السودان.. تمر عبر الإمارات
  • قوات الدعم السريع في أصعب لحظاتها العسكرية.. أسئلة المصير تتزايد
  • رسالة حول إنسحاب قوات الدعم السريع من الخرطوم 26 مارس 2025
  • البرهان في مطار الخرطوم.. و”الدعم السريع” تغادر العاصمة
  • هروب جماعي للدعم السريع من الخرطوم وفرح بانتصارات الجيش في السودان