كتب ابراهيم بيرم في" النهار":كانت حركة الموفدين الأميركيين والفرنسيين وغيرهم تصل تباعاً الى بيروت خلال الأيام العشرة الماضية حاملة معها الى الحزب والحكومة اللبنانية رسالة ذات مضمون واحد هو: إياكم والخطأ فمرجل الغضب عند الإسرائيلي يغلي وستكون ردة فعلها مؤلمة ومدمرة ونموذجها الأقرب ما تتعرّض له غزة ببشرها وحجرها.


ولما لم تعط كل هذه الرسائل وهذه الضغوط ثمارها، وضرب الحزب بها عرض الحائط ومضى قدماً في ما شرع به في اليوم التالي لعملية "طوفان الأقصى" جاء دور "الخطة ب" التي تقوم وفق المصادر عينها على الأسس الآتية:

- التصعيد الموجع والمتخطي لكل المألوف الذي كان سائداً من جهة والإيحاء بأن ثمة توجهاً إسرائيلياً – أميركياً آخر يقوم على العمل الجاد لإقرار وقف للنار في غزة يلبّي الى أبعد ما يكون شروط حركة "حماس" مقروناً بوعود سخيّة بإعادة إعمار المدينة فضلاً عن السماح بدخول قوافل إغاثة إليها، في مقابل إطلاق الأسرى والرهائن الإسرائيليين أولاً، وثانياً تتعهد الحركة بالكفّ عن أي فعل تضامني – إسنادي لـ"حزب الله" على غرار ما فعله هو نفسه عندما بدأت الهجمة الإسرائيلية على غزة.

في طيّات هذا العرض ثمة اعتماد لسيناريو مبنيّ على نظرية "تفكيك الساحات الموحّدة وتجزئتها" رداً بمفعول رجعي على نظرية "تماسك الساحات" وهي النظرية التي طرحها أصلاً الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله قبل ما يقرب من أربعة أعوام ووجدت تجسّداً عملانياً لها في الفترة الأخيرة من خلال الحزب في لبنان وتحديداً في الجنوب ومن خلال حركة "أنصار الله" في اليمن وتحديداً في باب المندب والبحر الاحمر.

وصار معلوماً أن الحزب تلقى أخيراً رسالة مفادها التلويح بأنه وإن توقفت عجلة الحرب في غزة وقطاعها، وإن أوقف الحزب أيضاً نشاطه وهجماته على الحدود الجنوبية بشكل متزامن على غرار ما فعل في الهدنة الإنسانية الأولى، فإن ذلك لا يعني إطلاقاً أنه صار بمنأى من أي رد فعل. ويبدو أن تل أبيب ومن معها اقتنعوا بأن حركة "حماس" وإن لم ترفع الراية البيضاء فإنها نزفت الكثير من عناصر قوتها وباتت في حالة تقبل معها بالاستكانة، وبالتالي صار لزاماً الالتفات الى "حزب الله" وردعه.

فهل تعززت لدى الحزب المخاوف من أن تقدم إسرائيل في الأيام المقبلة على ما هدّدت به لكنها أحجمت عن تنفيذه في الأسابيع الماضية بفعل ضغوط وحسابات ونصائح حذرت تل أبيب من مغبّة فتح أبواب مواجهة ثانية كاملة المواصفات مع الحزب؟

بطبيعة الحال سئل الحزب مراراً وتكراراً عمّا إن كان يخشى مثل هذا الاحتمال. في البدايات كان الحزب يقلل من الأمر الى درجة الاستبعاد لكنه لم يكن ليسقطه من حساباته كاحتمال وارد لحد اليوم. وكان يبلغ من يهمّهم الأمر بأنه يعمل على خطين متوازيين لهما أهمية واحدة وهما:
- المضيّ قدماً في جبهة المساندة لغزة وأن لا تراجع عن هذا الأمر.

- وفي الموازاة يعدّ الحزب العدّة للانخراط في أي مواجهة واسعة قد يقرّرها الإسرائيلي.
ويقرن الحزب هذا بكلام آخر فحواه "أن المواجهة التي يخوضها في الجنوب حرب حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة ولكنه لم يزج فيها بأكثر من خمسة بالمئة من قوّته لذا فإن ما يظهره من قوة ليس إلا عيّنة ممّا يملك في ترسانته".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

أمرٌ أساسي.. هذا ما خسره شارع حزب الله

تحركات طريق مطار رفيق الحريري الدولي التي بدأها "حزب الله" خلال الأيام الماضية وآخرها نهار أمس السبت، قد لا تمهد إلا لصداماتٍ خطيرة يمكن أن تساهم في تفاقم الوضع الأمنيّ.    
عندما يُقال ذلك، فإنَّ الأمر لا يعني أنَّ الحزب سيمهد لتلك التوترات باعتبار أنَّ الإنجرار وراء هذا الأمر سيؤدي إلى انفلات الشارع وبالتالي التصادم مع الجيش. عملياً، المسألة هذه لا يريدها الحزب تنظيمياً لكن ما الذي يساهم في تأجيج الوضع هو أمرٌ آخر ويرتبط بـ"طوابير تخريبية" قد تؤدي إلى تشويه تحركات الحزب ونقلها من مكانٍ إلى آخر.   الفرضية هذه مطروحة بشدّة إن سلمنا جدلاً بأنّ هناك من يسعى للتخريب وتضييع بوصلة تحركات "حزب الله" كما يقول جمهوره، لكن ما الذي يضمن عدم حصول هذا التخريب؟ وما الذي يُمكن أن يساهم في جعل الحزب بمنأى عن تصادم مع الجيش؟


لا تُخفي أوساط مقربة من "حزب الله" قلقها مما قد يحصلُ لاحقاً على صعيد شارع الحزب، ذلك أن ما خسره بالدرجة الأولى هو "التوجيه" لاسيما بعد اغتيال أمين عام "حزب الله" الشهيد السيد حسن نصرالله. هنا، يقول مصدر سياسيّ لـ"لبنان24" إنَّ "نصرالله كان الموجه الأول والأساس للجمهور، وما يجري هو أنَّ الحزبيين والمناصرين كانوا يلتزمون بما يقوله نصرالله باعتباره المرشد الأعلى لهم من خلال الكاريزما والتأثير. أما الآن، فمن سيضبط شارع حزب الله ومن هي الجهة التي لديها القدرة على التأثير؟".


ما يجري يكشف عن "أزمة تواصل"، وما جرى ليلة الجمعة خلال اعتداء شبان على سيارة "اليونيفيل" لا يكشف إلا عن وجود عناصر "تخريبية" تساهم في تشويه تحركات الحزب التي يقول إنها "سلمية". عملياً، فإن المشكلة الأساس التي تبرز هو أن من يتحرك في جمهور الحزب لا يعي تماماً الأسباب الحقيقية الكامنة وراء المشكلة التي يتحركون من أجلها، فيما الأمر الأخطر يتركز في ترويج شعارات وأقاويل غير واقعية، ما يؤجج الشارع أكثر.


مع ذلك، فإن التحركات التي حصلت تستوجب البحث أيضاً في الطريقة التي يتوجب على "حزب الله" استخدامها لحماية تحركاته، أو أقله منع حصول أي مناوشات مع الجيش والقوى الأمنية. بشكل أو بآخر، فإن المشكلة، بحسب المصادر المطلعة، تكمنُ في أن التحركات التي تحصل "فجائية" وبعيدة عن التنظيم، فيما يتبين أيضاً أنّ الدعوات إليها تأتي بناء على "الصدمات" وليس استناداً لتخطيط مُسبق يضمن ضبط الشارع ومنع انفلات الأمور كما حصل أيام الخميس والجمعة والسبت.


هنا، تقول المصادر السياسية إنَّ اللجوء إلى لعبة الشارع كما يجري سيجعل "حزب الله" في تصادم مع الأطراف الأخرى، فيما الأسباب التي تدفعه للتحرك قد تحتاج إلى معالجات دبلوماسية قبل الذهاب بعيداً باتجاه لعبة التوترات، وتضيف: "على صعيد مسألة الطائرة الإيرانية التي رفض لبنان هبوطها في مطار رفيق الحريري الدولي، فإنه كان على حزب الله أن يضمن حصول المعالجات وينتظر نتائجها ويغوض أكثر في أسبابها، وأيضاً استخدام أجهزته الاجتماعية لضبط الشارع أكثر".


بشكل أو بآخر، فإنَّ ما كشفته الأحداث الأخيرة أيضاً يظهر أمرين أساسيين، الأول وهو أن الخروج من الشارع خلال يومي الجمعة والسبت لم يحصل من خلال "مرجعية" تتكلم وتضغط، بل من خلال تصادم، ما يجعل العلاقة بين الجيش والمتظاهرين "سلبية"، وهو الأمر الذي يتوجب على الحزب معالجته فوراً لأنه سينعكس على علاقة أبناء الجنوب والمؤسسة العسكرية لاحقاً.


أما الأمر الثاني يُظهر أن استخدام حزب الله طريق المطار كورقة ضغط على الداخل اللبناني انطلاقاً من مرفق حيوي أساسي، من شأنه أنّ يخلق الكثير من الامتعاض لدى أطراف أخرى. هنا، فإن المعالجة أيضاً، وفق المصادر، ترتبط بالحزب، وتقول إن تنظيم التحركات الضاغطة هو الأساس وبالتالي يمنع حصول توترات تمهد إلى اقتتال داخلي مفاجئ ويُدخل البلاد في أزمات أمنية متراكمة.


الأمر الأكثر خطورة، وفق المصادر، يتمثل في حصول ضغط غير مطمئن تجاه عهد رئيس الجمهورية جوزاف عون وحكومة الرئيس نواف سلام ونحو الجيش أيضاً. ما يجري يعتبر خطيراً من الناحية الشعبية، وعليه فإنه من الضروري أن تعمل قيادة "حزب الله"، كما تقول المصادر، على ضبط الشارع تجاه الجيش وعدم استغلاله للتشويش على عهد عون، لأن هذا الأمر سينعكس سلباً على كل لبنان.   المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • السيسي وولي عهد الأردن يحذران من خطورة التصعيد في الضفة والاعتداءات على المقدسات الدينية بالقدس
  • أمرٌ أساسي.. هذا ما خسره شارع حزب الله
  • ماذا عمّم حزب الله على عناصره؟
  • ما جديد الوضع على طريق المطار؟ هذا آخر خبر
  • ميناء رفح البري يستقبل 24 أسيرا فلسطينيا مبعدا من سجون الاحتلال الإسرائيلي
  • الجيش الإسرائيلي يتسلم ثلاثة محتجزين من الصليب الأحمر
  • هل تحاصر الحكومة شعبيا؟
  • جامعة رفيق الحريري تحتفل وتكرم رؤيته التعليمية والإصلاحية
  • أين حركة أمل من تحركات المطار؟
  • الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي: خسرنا الحرب أمام “حماس”.. هذه دولة وليست حركة