الحرب تقوض المستقبل التعليمي لأطفال غزة
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
دينا محمود (لندن)
أخبار ذات صلة الأمم المتحدة تحذر من تزايد خطر المجاعة في غزة «كل يوم» أمر إسرائيلي بإخلاء منطقة واسعة في خان يونسعلى غرار مختلف مناحي الحياة المُدمرة حالياً في قطاع غزة، جراء استمرار الحرب هناك بضراوة منذ أكثر من شهرين، يواجه النظام التعليمي في القطاع وضعاً كارثياً، بعدما أوقع القصف والغارات والمواجهات الحالية خسائر جسيمة، في موارده البشرية والمادية.
فالبيانات الأممية تفيد، بأن العمليات العسكرية والأعمال القتالية الدائرة في غزة منذ الأسبوع الأول من أكتوبر الماضي، أدت بحلول منتصف الشهر الجاري، إلى تضرر ما لا يقل عن 352 من المباني المدرسية، وهو ما يزيد على 70 في المئة، من حجم البنية التحتية للمنظومة التعليمية في القطاع.
فضلاً عن ذلك، تحول كثير من المدارس التي لم تُدمر، إلى ملاجئ ومراكز إيواء مؤقتة للنازحين والفارين بحياتهم من المعارك. ومن بين هذه المدارس، أكثر من 150 تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، بجانب قرابة 130 مدرسة أخرى تديرها السلطات المحلية في قطاع غزة.
أما فيما يتعلق بالخسائر التي لحقت بالكوادر البشرية، فقد أودت المعارك حتى الآن، بحياة 200 معلم على الأقل، إضافة إلى تسببها في إصابة ما يزيد على 500 آخرين. في الوقت ذاته، من المرجح أن يكون المعلمون الذين لا يزالون على قيد الحياة، قد انضموا إلى قائمة النازحين، التي تشمل أكثر من 80 في المئة من سكان القطاع، وهو ما يجعلهم في وضع لا يسمح لهم، باستئناف عملهم قريباً، حتى في حالة توافر الظروف اللازمة لذلك.
ووفقاً لأرقام منظمة «اليونيسف» المعنية بحماية الطفولة في العالم، كان عدد الأطفال في سن المدرسة في غزة، قبل نشوب الاشتباكات الحالية، يقارب 625 ألف تلميذ وطالب، وقد توقف هؤلاء جميعاً عن الدراسة مع اندلاع القتال، الذي خلّف - وفقاً لـ«جوناثان كريكس» المتحدث باسم هذه الوكالة الأممية - «وضعاً كارثياً» يشهده النظام التعليمي في القطاع.
وشدد كريكس، في تصريحات نقلتها عنه صحيفة «الجارديان» البريطانية، على أنه من المستحيل، إعادة إحياء هذه المنظومة التعليمية، بكل ما يحيط بذلك من تحديات جسيمة في الوقت الحاضر، من دون الاتفاق على تطبيق وقف إطلاق نار إنساني طويل الأمد. ولكن معلمين ومنظمات إغاثية، يحذرون من أن أي وقف محتمل للمعارك، سواء بشكل مؤقت أو دائم، لن يعني أنه سيكون بوسع أطفال غزة استئناف مسيرتهم التعليمية، في أي وقت قريب. ويؤكد هؤلاء أنه قد يستمر أسابيع وربما أشهر، قبل أن تعود المدارس لفتح أبوابها، نظراً لوجود العديد من التعقيدات التي تكتنف ذلك.
فحتى قبل اندلاع القتال، كان قطاع غزة يفتقر للمنشآت التعليمية الكافية لتلاميذه وطلابه، وهو ما كان يجبر كثيراً من المدارس على العمل بنظام الفترتين، وهي المشكلة التي تفاقمت الآن على نحو هائل، على وقع المعارك وما خلّفته من دمار. كما أن المستلزمات التعليمية، تعاني بدورها في الوقت الحالي، من عجز يوصف بغير المسبوق، سواء كنتيجة مباشرة للحرب، أو على إثر استخدام تلك المعدات - وخاصة المقاعد الخشبية - لإشعال النار لأغراض التدفئة والطهي، من جانب النازحين المقيمين في المدارس. ويُضاف إلى ذلك كله، تحدي إيجاد كوادر تعليمية بديلة لتلك التي لقت حتفها على مدار الشهرين الماضيين، وهو ما يُنذر بأن تلقي المعارك الحالية، بظلال قاتمة طويلة الأمد، على مستقبل جيل كامل من الأطفال الفلسطينيين.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أطفال غزة غزة فلسطين إسرائيل قطاع غزة الحرب في غزة وهو ما
إقرأ أيضاً:
ملامح الدور المصري لإنهاء الحرب على غزة
القاهرة- "هذا الاتفاق لم يكن ليتحقق لولا الدور الجوهري والتاريخي الذي تضطلع به مصر في الشرق الأوسط والتزامها بالدبلوماسية لحل النزاعات"، هكذا لخص الرئيس الأميركي، جو بايدن، الدور المصري حيال التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأشار، في اتصال هاتفي بالرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أجري عقب الإعلان عن الاتفاق، إلى الدور الذي لعبته القاهرة كوسيط خلال عملية التفاوض.
ومنذ العدوان الإسرائيلي على غزة، تحاول القاهرة بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين، وأبرزهم قطر والولايات المتحدة، التوصل إلى اتفاق يقر التهدئة في القطاع.
واعتبر رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحفي، اتفاق إنهاء الحرب على غزة بمثابة نجاح للدبلوماسية المصرية وأعمال الوساطة التي تمت على مدار الأشهر الماضية.
في حين قال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في تصريحات صحفية، إن الوسطاء سيكون لديهم غرفة عمل تشرف على الاتفاق في القاهرة.
وزير الصحة المصري يصل مطار العريش لمتابعة جاهزية المستشفيات لنقل المصابين من غزة (مواقع التواصل) جهود مصريةفي 21 أكتوبر/تشرين الأول 2023، استضافت مصر قمة "القاهرة للسلام"، وأعلنت خلالها إدانة استهداف المدنيين في غزة ورفض تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية والقطاع.
إعلانوتضافرت جهود الشركاء الإقليميين والدوليين مع القاهرة لتثبيت هدنة في اليوم الـ48 من العدوان الإسرائيلي، بموجبها تم إطلاق سراح 50 محتجزا إسرائيليا في غزة، وتحرير 150 فلسطينيا من سجون الاحتلال.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، قدمت مصر مقترحا لإنهاء الحرب، وفي مايو/أيار الماضي قدمت مقترحا آخر تم الأخذ ببعض بنوده، وفق مراقبين، ضمن الاتفاق النهائي.
وشهدت القاهرة، خلال شهري فبراير/شباط، ومارس/آذار الماضيين، سلسلة من المحادثات، تنوعت بين لقاءات الوسطاء وجولات تفاوض غير مباشرة بمشاركة ممثلين عن حماس وإسرائيل.
وفي مايو/أيار الماضي، أعلنت مصر عزمها التدخل رسميا لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، للنظر في انتهاكات قوات الاحتلال في غزة.
متطوعون من الهلال الأحمر المصري أمام معبر رفح استعدادا لإعادة تشغيله (مواقع التواصل) مصير معبر رفحوفق الاتفاق المبرم، سيتم تشغيل معبر رفح استنادا إلى مشاورات أغسطس/آب الماضي مع مصر، حيث كانت القاهرة أعلنت إغلاق المعبر، "بعدما أصبح مسرحا لعمليات عسكرية"، وفق تصريحات لوزير الخارجية المصري.
ويبدو أن القاهرة تستعد بجاهزية لوجيستية لفتح المعبر فور سريان وقف النار، حيث وصل، اليوم السبت، إلى مطار العريش وزيرا الصحة والتضامن الاجتماعي، لتفقد الاستعدادات المتعلقة بنقل المساعدات الإنسانية لغزة وجاهزية المستشفيات بشمال سيناء لاستقبال الجرحى الفلسطينيين.
وتتحدث وسائل إعلام مصرية عن ألف شاحنة من المساعدات المحلية والعربية والدولية تم تخزينها في مواقع لوجيستية مجهزة، وهي في انتظار فتح المعبر.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول مطلع أن اتفاق وقف إطلاق النار يشمل السماح بدخول 600 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى غزة كل يوم من أيام وقف إطلاق النار، 50 منها تحمل الوقود، مع تخصيص 300 شاحنة لشمال القطاع.
وذلك ما يتفق مع التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية المصري الذي أكد استهداف القاهرة فتح المعبر في أقرب وقت "للسماح بدخول 600 شاحنة يوميا، لأن الناس يتضورون جوعا على الأرض"، وفق قوله.
إعلانبدورها، أكدت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إجراء التكتل محادثات لإحياء مهمة مدنية لمراقبة معبر رفح من أجل ضمان الاستقرار على الحدود.
وفيما يتعلق بإعادة إعمار القطاع، تضمن الاتفاق المبرم لإنهاء الحرب، البدء بتنفيذ الترتيبات اللازمة لإعادة إعمار شامل للمنازل والبنية التحتية، وتعويض المتضررين تحت إشراف عدة دول ومنظمات، بما في ذلك مصر وقطر والأمم المتحدة.
وأعلن وزير الخارجية المصري، خلال مؤتمر صحفي، استعداد بلاده لاستضافة مؤتمر دولي لإعادة الإعمار بالقطاع.
محددات الموقفورأى أستاذ العلوم السياسية، خيري عمر، أنه ومنذ اندلاع الحرب على غزة ركزت مصر على محاور أساسية، وهي التخفيف من آثار العدوان بحيث لا يتفاقم إلى "حرب فتاكة أو شاملة"، وألا يطاح بالطرف الفلسطيني خلال المفاوضات، إضافة إلى الإسراع نحو مبادرات تسوية من أجل إنهاء الحرب.
وعن محددات الدور المصري حيال الاتفاق الأخير، رأى المتحدث ذاته، في حديث للجزيرة نت، أن القاهرة تمسكت بحرصها على عدم تمدد الحرب خارج القطاع سواء في الضفة الغربية أو سيناء أو حتى لبنان، واستطرد "ترى القاهرة أن الحفاظ على أمن القطاع هو ضرورة أساسية لأمن مصر".
من ذلك المنطلق، ظلت مصر حريصة على أن تكون طرفا أساسيا في المفاوضات دون التزحزح عن قناعة أن تكون قيادة غزة للفلسطينيين سواء للسلطة في الضفة أو سلطة مشتركة بين حماس والضفة، حسب قراءة المحلل السياسي للمشهد.
وتوقع المحلل نفسه أن تحرص القاهرة خلال الفترة القادمة على الإسراع في إعادة إعمار القطاع "بحيث لا تكون هناك أي فرصة تفكك اجتماعي أو أمني داخل غزة".
تهميش لمصر!
بينما اعتبر الكاتب الصحفي المختص بالشأن الأميركي، محمد السطوحي، الاتصال "المتأخر" الذي أجراه بايدن بالسيسي والثناء على الدور المصري بمثابة محاولة لتهدئة التوتر كون القاهرة شعرت بالتهميش خلال المفاوضات الأخيرة.
إعلانوأضاف، للجزيرة نت، أنه لا يمكن الاستغناء عن الدور المصري بحكم الجغرافيا قبل كل شيء خلال عملية متابعة الاتفاق وتنفيذه.
وأردف "لا بد من لجان مراقبة لعملية الانسحاب، ومن الممكن تشكيل قوة أمنية مؤقتة، ومن المؤكد أن مصر سيكون لها دور فيها، إضافة إلى الأمور اللوجيستية ونقل المساعدات الإنسانية ونقل المصابين وعملية الإعمار"
ومعبر رفح هو الأهم في المرحلة القادمة، وفق رؤية السطوحي، متوقعا ألا تكون إسرائيل متعاونة بما يكفي خصوصا في مرحلة الإعمار "فهي بالكاد تسمح بمرور أقل القليل من الطعام والدواء".
وأكد الكاتب على حرص القاهرة على إعادة إعمار القطاع واستقراره أمنيا، "ليس فقط لأسباب إنسانية، ولكن حتى لا يتحول إلى منطقة تفريخ عناصر إرهابية تهدد الأمن بسيناء".