الحكم على مراهق GTA 6 بالدخول إلى المستشفى إلى أجل غير مسمى
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
حكم أحد القضاة في لندن على المتسلل المراهق الذي تسلل إلى Rockstar Games، وقام بتسريب لقطات Grand Theft Auto VI، بالدخول إلى المستشفى لأجل غير مسمى، كما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية BBC. اخترق أريون كورتاج، البالغ من العمر 18 عامًا، خوادم Rockstar من أحد فنادق Travelodge أثناء احتجازه لدى الشرطة، باستخدام Amazon Fire TV Stick والهاتف الذكي ولوحة المفاتيح والماوس فقط.
أعلن الأطباء أن كورتاج غير قادر على المثول للمحاكمة لأنه يعاني من مرض التوحد الحاد. وبعد صدور الحكم، صدرت تعليمات إلى هيئة المحلفين لتحديد ما إذا كان قد ارتكب الجرائم المزعومة، وليس ما إذا كانت لديه نية إجرامية. وبعد إجراء تقييم للصحة العقلية يشير إلى أنه "استمر في التعبير عن نيته العودة إلى الجرائم الإلكترونية"، قرر القاضي أنه لا يزال يمثل خطرًا كبيرًا على الجمهور. استمعت المحكمة أيضًا إلى روايات عن سلوك كورتاج العنيف أثناء احتجازه، بما في ذلك تقارير عن إصابات وأضرار في الممتلكات. وهكذا سيُودع كورتاج الآن في سجن المستشفى.
على الرغم من ادعاء Rockstar بأن الاختراق كلفها 5 ملايين دولار وآلاف الساعات من وقت الموظفين، جادل محامو كورتاج بأن نجاح عرض GTA 6، الذي حصد 128 مليون مشاهدة في أول أربعة أيام، يعني أن اختراقه لم يسبب ضررًا جسيمًا. .
تم العثور على عضو آخر في Lapsus$ مذنب في نفس المحاكمة، ولكن لم يتم الإعلان عن اسم الشاب البالغ من العمر 17 عامًا لأنه قاصر. تم اتهام المتسلل الذي لم يذكر اسمه بالعمل مع كورتاج وأعضاء آخرين في Lapsus$ للتسلل إلى Nvidia وشركة الهاتف BT/EE، وسرقة البيانات والمطالبة بفدية قدرها 4 ملايين دولار. وحُكم على القاصر بأمر إعادة تأهيل الشباب لمدة 18 شهرًا تحت "إشراف مشدد"، بما في ذلك حظر استخدام VPN.
الشريكان هما أول أعضاء Lapsus $ الذين تتم إدانتهم. وتعتقد السلطات أن "قطاع الطرق الرقميين" الآخرين في المجموعة (يُعتقد أن معظمهم من المراهقين في المملكة المتحدة والبرازيل) ما زالوا طلقاء. ليس من الواضح ما هو نوع المكافأة التي حصل عليها المتسللون من طلبات الفدية، إن وجدت، حيث لم تعترف أي من الشركات المتضررة بدفعها.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
المعنى في الصورة- مشهد ما قبل، وبعد الرصاصة الأولى
المعنى في الصورة– مشهد ما قبل، وبعد الرصاصة الأولى
وجدي كامل
24 أبريل 2025
عندما تُقرأ الحربُ لا من فُوَّهةِ البندقيّة، بل من تعبيرات الوجه، ووَضْعِيّات الجسد، ونظرات الازدراء والتحدّي، فإنّنا نكون في صُلبِ معركةٍ أعمقَ للحرب الثقافيّة الرمزيّة، التي تُمهِّدُ لما بعدها من عنفٍ ودمار. فالتحليلُ للحربِ الدائرةِ بأنّها حربٌ تستمدُّ تغذيتها من تاريخٍ مهولٍ من العنصريّةِ والكراهيّةِ وشَتّى علاماتِ الانقسامِ الاجتماعيّ والثقافيّ، قد يستغرق وقتًا وعملًا معلوماتيًّا مُجهِدًا، قد يحتاج إلى عشرات المؤلّفات، كما هي مبذولةٌ لمن أراد التثبّت من الوقائع والإقناع بها. ولكن، صورة فوتوغرافيّة واحدة، في أقل من ثانية، مُقْتطَعة من تصوير فيديو جرى بكاميرا الهاتف أو بكاميرا احترافيّة، في هذا التوقيت من الزمان، تُصبح قادرةً على إيصال المعنى والتأكيد على الحُجّة. هكذا، انتشر في الأيام الماضية مقطعٌ لفيديو يُظهِرُ شخصًا بدينًا، ضخمَ الجثة، شماليَّ أو وَسَطيَّ الملامح، في لحظة تصوير وهو يتهجّم على صبيّ، تقول هيئتُه إنّه قادمٌ من إحدى مناطق الغرب، أو جبال النوبة، أو جنوب النيل الأزرق، فأبطَلَ من تدفُّقِ الرجل، الذي كان – وفيما ثبت لاحقًا – يُسجّل مقطعًا عن عودة الحياة لطبيعتها في منطقةٍ من مناطق الجزيرة، لصالح قناة الجزيرة مباشر. تحرُّشُ البدين بالصبيّ في وسط سوق الخضار لم يكن لخطأٍ مقصودٍ أو إساءةٍ مُفتعلةٍ قام بها الصبي، عندما قاطع التصويرَ بمروره ما بين البدين والكاميرا، بل لسوء تقدير، أو عدم معرفة أصلًا بما يجري من تصوير، وما يتطلّبه من سلوكٍ حركيّ ما بين المتحدّث والكاميرا. لاحقًا، ذُكرت المعلومات أنّه “الشيخ” عبد الباسط الشُّكري، والذي وصفه المحلّلُ المعلوماتيّ والصحفيّ الاستقصائيّ بُشرى علي بأنّ آخر وظيفةٍ تسنَّمها كانت مشرفًا على خلوة مجمّع إبراهيم مالك، وما عُرِف عنه حينها باهتمامه بركوب عربته الـ”برادو” الجديدة أكثر من اهتمامه بوظيفة الإشراف على الخلوة. وأنّ المصوّر هو شقيقه المراسل، الذي -فيما يبدو- أراد أن يخصّ شقيقه الأكبر سنا بالإكراميّة الماليّة التي تُقدّمها القناة في مثل هذه الإفادات. أظهر الفيديو المُتداوَل عبد الباسط متحرّشًا بالصبي، بينما أبدى الأخيرُ ردًّا دفاعيًّا استثنائيًّا عن كرامته بعدم الانصياع لأوامر عبد الباسط بالابتعاد من دائرة التصوير، الأمر الذي سجّل إعجابًا شعبيًّا منقطع النظير، منحازًا للحظة دفاع الصبي عن نفسه. الصورة، بالتفاصيل التي أوردتها لغةُ الكلام والجسد، عبّرت عن السلوك العنيف، غير الإنسانيّ، للشيخ عبد الباسط، بحيث انطوت على توبيخٍ لم يكن يجد تبريرًا إلّا في سياقٍ يُذكّرُ بتعامل التّجار التاريخيّين في الرقّ، أو سادة الحملات الاسترقاقيّة باحتقارهم لرعاياهم من المُستَرَقّين. غير أنّ ردّة فعل الصبيّ المُستنكرة ألغت كلّ “ملكيّة” مزعومة لعبد الباسط في الأمر والنهي. لقد كشفت الصورةُ بجلاءٍ عن انتفاض كرامة “المُستَعبَد المفترَض”، التي رفضت الانصياع، وتمرّدت على التوبيخ، فواجهت النظرة الفوقيّة بندّيّةٍ مذهلة، ما جعل المشهد ليس مجرّد شجار، بل احتكاك هُويّتين: هُويّة “السّيّد”، المرتكزة على الجسد المترهّل، والملبس التقليدي، والميكروفون المثبَّت بعناية، والذي يحمل صورة “الشرعيّة” الإعلاميّة والدينيّة؛ وهويّة الصبيّ، الباحث عن ردّ اعتبار لكرامته التي جُرِحت. القراءة السيمائيّة البصريّة لزاوية التصوير تُظهر عبد الباسط وهو يطأ بظلّه الجسديّ والنفسيّ على مساحة الطفل، فتعكس نظامًا تراتبيًّا مُكرّسًا، كأنّه يقول: “أنا الأعلى، أنت الأدنى”. فلغةُ الجسد، التي تعتمد على القُرب لدرجة الالتحام المُهدِّد بالضرب واستعمال العنف، تصنع خطابًا بصريًّا مُنتِجًا للمعنى، من صراع الاحتقار والمقاومة في دلالته العامّة. أمّا زاوية التصوير، أو الصورة فلسفيًّا، فتقول أكثر مما يُقال. ففي نظريّة ميشيل فوكو عن السلطة، يُفهم الجسد كمساحةٍ تُمارَس عليها أنظمة الضبط والانضباط. وفي هذه الصورة، يحاول “الشيخ” أن يضبطَ الجسد الخارج عن الطاعة – جسد الصبي – لكن الردّ المقاوم يفضح آليّات السلطة كلّها، بالتحدّي، إلى عكسه: شدّ الصبي لجسده، وإرساله نظرةَ تحدٍّ استثنائيّة للشُّكري. أمّا في سيمياء رولان بارت، فهذه الصورة تُمثّل لحظةَ انفجارٍ للمعنى، الذي أعاد تعريفها كونها ليست مجرّد صورة، بل خطابًا اجتماعيًّا كاملًا، مشحونًا بالعنصريّة، والتاريخ، والمقاومة، مما يجعلها ليست فقط توثيقًا للحظةٍ عابرة، بل شهادةً بصريّة تعبّر عن أنّ الانقسام الاجتماعيّ في السودان ليس مزروعًا فقط في المظالم السياسيّة والاقتصاديّة، بل في النظرات، والأجساد، وردود الأفعال المتباينة في لحظات الصدام. المفارقة الساخرة، أنّ هذا التهجُّم وقع أثناء تصوير مشهدٍ إعلاميّ يُفترَض أنّه “يطمئن” الناس على عودة الحياة إلى طبيعتها، بينما “اللاطبيعيّ” تجلّى في عنف الشُّكري ذاته. وهكذا، نخلصُ من الفيديو، أو الصورة بوصفها وثيقةً وشهادة، إلى أنّ الحرب لم تبدأ مع البنادق، بل بدأت حين تمّ ترسيخ طبقيّاتٍ وإثنيّاتٍ تُهين الإنسان وتُجزِّئه حسب لون بشرته، أو لهجته، أو لباسه. وتُكرِّس لكلّ ذلك حربًا بداخلها قانونٌ غير مكتوب، يحمل اسم: الوجوه الغريبة، في أرجاءٍ ومناطقَ بعينها، من بلدٍ من المفترض أن يكون واحدًا، موحّدًا، انسانه متساوي في الحقوق والواجبات.
الوسومالانقسام الاجتماعي في السودان البنادق الحرب المعنى في الصورة مشهد ما قبل وبعد الرصاصة الأولى وجدي كامل