تفاهم بين «محمد بن راشد للمعرفة» وأكاديمية إسطنبول لتعليم اللغات
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
وقعت مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، مذكرة تفاهم، مع أكاديمية إسطنبول لتعليم اللغات، في إطار توحيد جهود خدمة اللغة العربية وتوسيع نطاق تعلمها واستخدامها.
وقع المذكرة افتراضياً عبر الإنترنت، كل من جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، والدكتور محمد أغير أقجة، مدير عام أكاديمية إسطنبول لتعليم اللغات.
وتهدف المذكرة لتوطيد علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والتعاون في إدارة الموارد المعرفية، فضلاً عن إطلاق المبادرات وتنظيم المنتديات البحثية والمعرفية التي من شأنها خلق ثقافة مؤسسية تدعم تبادل ومشاركة المعرفة.
وأعرب جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، عن سعادته بتوقيع مذكرة التفاهم مع أكبر مركز لتعليم اللغات في تركيا، لافتاً إلى أن مذكرة التفاهم تتماشى مع أهداف المؤسَّسة في نشر المعرفة وتعزيز دور اللغة العربية وتشجيع استخدامها والإسهام في تنمية دورها المعرفي في المجتمع الدولي بشكلٍ عام ولدى الشباب العربي على وجه الخصوص.
وأكد على مساعي المؤسّسة المستمرة لتوسيع نطاق تعاونها مع المؤسَّسات المعنية بدعم اللغة العربية مثل «أكاديمية إسطنبول لتعليم اللغات» من أجل صون اللغة العربية وتوسيع انتشارها، مشيراً إلى أن تعزيز مكانة اللغة العربية يعد أولوية للمؤسَّسة.
ويأتي توقيع مذكرة التفاهم، تزامناً مع اليوم العالمي للغة العربية، حيث تنص على تعزيز التعاون وتبادل المعرفة في مجالات التعاون المشترك، بما في ذلك زيادة المحتوى العربي الرقمي عبر محركات البحث في الشبكة العنكبوتية والمكتبات الرقمية المملوكة لكلا الطرفين، وتنظيم ورش تدريبية عن طريق برامج الاتصال المرئي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وتعزيز انتشار اللغة العربية عبر الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي لدى الطرفين، وإظهار الإسهامات العربية في التطور الحضاري عبر العصور وذلك من خلال القنوات المتاحة وتوفير المحتوى ذي الصلة، وتشجيع الشباب العربي على استخدام لغتهم الأم فيما بينهم، وتنظيم فعاليات وأنشطة مختلفة تختص بمبادرة «بالعربي»، إحدى مبادرات مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، وترجمة دراسات وبحوث من لغات أخرى إلى اللغة العربية، والمشاركة في تنظيم المؤتمرات ذات الصلة باللغة العربية.
(وام)
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة اللغة العربیة
إقرأ أيضاً:
أبو بكر محمد بن الحسن الأزدي
أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن يعرب بن قحطان الأزدي، ولد سنة 223هـ/837م فـي البصرة، فـي عائلة عمانية ثرية، فأبوه أحد وجهاء البصرة. تلقى العلم على يد عمه الحسين بن دريد، وفـي سنة 257هـ انتقل مع عمه إلى عمان، وذلك لاضطراب الأوضاع فـي البصرة بسبب ثورة الزنج. وظل فـي عمان اثني عشر عامًا. يُقال إنه سكن صحار، وفـي رواية أخرى إنه سكن دما السيب. ويروي ابن دريد عن لقائه بالإمام الصلت بن مالك، حيث يقول: «كنت بعمان مع الصلت بن مالك الشاري، وكانت الشراة تدعوه أمير المؤمنين، وكانت السنة كثيرة الأمطار، ودامت على الناس، فكادت المنازل أن تنهدم، فاجتمع الناس وساروا إلى الصلت، وسألوه أن يدعو لهم، فأَجَلَّ بهم أن يركب من الغد إلى الصحراء، فقال لي: لتخرج معي فـي غد. فبتُّ مفكرًا كيف يدعو؟ فلما أصبحتُ خرجتُ معه، فصلى بهم، وخطب ودعا، فقال: اللهم إنك أنعمت فأوفـيت، وسقيت فأرويت، فعلى القيعان ومنابت الشجر، وحيث النفع لا الضرر، فاستحسنتُ ذلك منه».
وبعد فترة من إقامته فـي عمان واستقرار أوضاع البصرة، عاد ابن دريد إلى البصرة، ومنها اتصل به والي الأهواز عبد الله بن محمد بن ميكال ليعلم ولده. وفـي الأهواز تقلد ديوان فارس، وظل بها ست سنوات، ثم انتقل إلى بغداد سنة 308هـ، وأجرى له الخليفة العباسي المقتدر راتبًا يُدفع له خمسون دينارًا، وذلك تقديرًا له ولعلمه. كان ابن دريد كريمًا سخيًّا لا يرد محتاجًا.
تخرج على يديه مجموعة من علماء القرن الرابع الهجري، القرن الذي شهد قمة ازدهار الحضارة الإسلامية، وممن تعلم على يديه أبو الفرج الأصفهاني، وأبو الحسن المسعودي، وأبو عبيدالله المرزباني، وأبو علي القالي، والنهرواني.
كتب ابن دريد عددًا كبيرًا من المؤلفات، منها على سبيل المثال لا الحصر: كتاب الأشربة، وكتاب الجمهرة فـي اللغة، وكتاب السرج واللجام، وكتاب ذخائر الحكمة، وكتاب البنين والبنات، وكتاب أدب الكاتب. كان لابن دريد شهرة واسعة لعلمه الغزير فـي اللغة العربية، ويذكر أنه تصدر العلم ستين سنة، فكان يقال: «إنه أشعر العلماء وأعلم الشعراء». ويقول عنه المسعودي فـي كتابه مروج الذهب: «كان ابن دريد ببغداد ممن برع فـي زماننا هذا فـي الشعر، وانتهى فـي اللغة، وقام مقام الخليل بن أحمد فـيها، وأورد أشياء فـي اللغة لم توجد فـي كتب المتقدمين، وكان يذهب بالشعر كل مذهب». وكان غزير العلم، سريع الحفظ للشعر العربي، وكان شعره من أجزل الشعر وأعذبه. قال عنه أبو الطيب اللغوي: «ما ازدحم العلم والشعر فـي صدر أحد ازدحامهما فـي خلف الأحمر وابن دريد».
من أبرز وأهم كتب ابن دريد كتاب الجمهرة فـي اللغة، وهو معجم لغوي يقع فـي ثلاثة أجزاء. ويذكر ابن دريد سبب التسمية فـي مقدمة الكتاب: «وإنما أعرناه هذا الاسم، لأنا اخترنا له الجمهور من كلام العرب، وأرجأنا الوحشي والمستنكر». رتب ابن دريد معجمه على النظام الألفبائي، مخالفًا بذلك الخليل بن أحمد الفراهيدي فـي معجمه العين، واتبع نظام التقليبات الأبجدية. يجرد ابن دريد الكلمات من الحروف الزائدة ويعيدها إلى أصلها، بدأ بالثنائي المضعف، ثم الثلاثي الصحيح، ثم المعتل، ثم الرباعي الأصلي، ثم ما يلحق به، ثم الخماسي الأصلي، ثم ما يلحق به، وختم المعجم بباب خاص بنوادر الكلمات.
حرص ابن دريد على الاستفاضة فـي شرح معاني الكلمات وتقديم الأدلة من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، وكلام العرب شعرًا ونثرًا. اعتنى فـي كتابه بالقراءات القرآنية، وبلغات القبائل العربية، وحرص على نسبتها إليها. أشار إلى أصل الكلمات الداخلة إلى اللغة العربية ووضح أصلها اللغوي، هل هي رومية أم فارسية أم عبرية؟
قال السيوطي: قال بعضهم: «أملى ابن دريد الجمهرة من حفظه، سنة 297هـ، فما استعان عليها بالنظر فـي شيء من الكتب، إلا فـي الهمزة واللفـيف».
اعتنى العلماء بكتاب الجمهرة، فكانوا يحرصون على دراسته والاستفادة منه، ومنهم من قام باختصاره، مثل: جوهرة الجمهرة للصاحب بن عباد، وشواهد الجمهرة لأبي العلاء المعري. ومما يُحكى عن اهتمام العلماء بكتاب الجمهرة ما يُروى عن أحدهم كان يمتلك نسخة من الجمهرة وكان حريصًا عليها، ولقد عُرض عليه ثلاثمائة مثقال فرفض بيعها. وفـي مرحلة من حياته احتاج إلى المال، فعرضها للبيع، فاشتراها منه محمد بن الحسين بن موسى المعروف بالشريف الرضي بستين دينارًا، وحين تصفح الشريف الكتاب، وجد صاحبه قد كتب أبياتًا بخط يده فـي مقدمة الكتاب يقول فـيها:
أنست بها عشرين حولًا وبعتها
فقد طال وجدي بعدها وحنيني
وما كان ظني أني سأبيعها
ولو خلدتني فـي السجون ديوني
ولكن لضعفٍ وافتقار وصبية
صغار عليهم تستهل شؤوني
فقلت ولم أملك سوابق عبرة
مقالة مكوي الفؤاد حزين
وقد تخرج الحُجَّات يا أم مالك
كرائم من رب بهن ضنين
فقام الشريف الرضي من فوره، وأعاد الكتاب إلى صاحبه، وأرسل معه أربعين دينارًا أخرى هدية منه له لمحبته لهذا الكتاب القيّم.
توفـي ابن دريد فـي بغداد، ودُفن فـي المقبرة العباسية سنة 321هـ/933م. ومما قيل فـي رثائه، ما قاله جحظة البرمكي:
فقدت بابن دريد كل فائدة
لما غدا ثالث الأحجار والترب
وكنت أبكي لفقد الجود منفردًا
فصرت أبكي لفقد الجود والأدب