دراسة لـ«المصري للفكر» تحدد 10 أسباب تعرقل «السلام الدائم»
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
حدّد المركز المصرى للفكر والدراسات 10 أسباب تُعرقل عملية «حل الدولتين»، فرغم أن القرار يبدو بالنسبة لمعظم الأطراف العربية والإقليمية والدولية هو الحل الأمثل للقضية الفلسطينية وتحقيق السلام الدائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وفى المنطقة بشكل عام، فإن أسباباً وعقبات كثيرة على المستويات الإسرائيلية والفلسطينية والإقليمية والدولية، عرقلت -ولا تزال- تطبيق هذا الحل على أرض الواقع.
ويُعدّد الباحث المتخصّص فى الشئون الفلسطينية بالمركز المصرى للفكر والدراسات، د. شادى محسن، هذه الأسباب، فى دراسة له، مشيراً إلى أن على رأسها يأتى «التطرّف الإسرائيلى»، لاسيما بعد حرب 1973، التى كانت بمثابة نكسة على إسرائيل، وقلّلت أرصدة اليسار وزادت أسهم اليمين، ومنذ هذا التوقيت، وتحديداً منذ سنة 77 عندما تولت حكومة حزب الليكود زمام الأمور هناك، وهو حزب قائم على فكرة أنه ممنوع منعاً باتاً إقامة دولة فلسطينية مستقلة، والاستيعاض عنها بأفكار خبيثة نوعاً ما، مثل موضوع السلام الاقتصادى والسلام الثقافى، وما إلى ذلك.
السبب الثانى، حسبما يضيف «محسن»، أن الصف الفلسطينى انقسم فى بداية الثمانينات إلى «صف علمانى قومى» و«صف مقاوم إسلامى»، وقد استغلت إسرائيل هذه الفرصة لأن تروج لعدم وجود اصطفاف فلسطينى موحّد، وإذا كان هذا يعتبر عاملاً فلسطينياً أكثر فإن إسرائيل وظّفته لصالحها، فأصبح عاملاً إسرائيلياً بالأساس، حيث كرّست إسرائيل الانقسام، وحوّلت الصراع الفلسطينى - الإسرائيلى إلى صراع دينى، وصبغته بصبغة دينية، استغلالاً منها لفكرة أن المقاومة الفلسطينية «حماس» مقاومة دينية، وطبعاً كانت حركة «حماس» وقتها لم تستلم السلطة فى غزة بفرض الأمر الواقع، لكن وقتها كانت محتكرة إلى حد ما مفهوم المقاومة والنضال بشكل عام.
والسبب الثالث يتعلق بالقدرات الشاملة لأى دولة، والتى تشمل ثمانية قدرات أهمها «قدرة السكان والموقع»، فإن الإسرائيليين حاولوا إضعاف هذه القدرة لدى الجانب الفلسطينى من خلال تفتيت القدرات الشاملة للدولة الفلسطينية المستقبلية، وعلى رأسها «القدرة الحيوية»، من خلال إبادة الشعب الفلسطينى، سواء بالقتل أو التهجير أو الإبعاد والإقصاء، وذلك عن طريق الجيش الإسرائيلى والمستوطنين، وهذه كلها عوامل ساهمت فى فقدان حل الدولتين.
والسبب الرابع هو ظروف انهيار الاتحاد السوفيتى واضطراب النظام العالمى، مما أعطى إسرائيل أحقية كبيرة فى أن تروج لروايتها على حساب الرواية الفلسطينية. ويأتى السبب الخامس وراء عرقلة حل الدولتين، حسبما يشير «محسن»، متعلقاً بالأزمة البنيوية فى السياسة الفلسطينية بين «فتح» و«حماس»، وهو موضوع يبدو أنه حزبى وسياسى فقط، ولكنه أيضاً قبلى، لأن هناك قبائل أو عائلات تدين بالولاء لـ«فتح» وقبائل تدين بالولاء لـ«حماس»، والتناحر الذى حدث بينهما وتعمق أكثر فى 2007 بعد الانقلاب الذى فرضته «حماس» وتسلمها السلطة بفرض القوة والأمر الواقع فى غزة.
وتمثل الهشاشة الاقتصادية بفلسطين السبب السادس لعرقلة القرار، حيث حرص الإسرائيليون على ألا يكون هناك قوام اقتصادى مستقل للفلسطينيين، وأن يكون آخرهم الخدمات والتجارة، وحتى الخدمات كالكهرباء والمياه والوقود والغاز يتم تسلمها من يد إسرائيل العليا، وتأتى عن طريق إسرائيل، كما يمكن توفير بعض الوظائف فى السوق الإسرائيلية ليس أكثر، وافتقدت السلطة الفلسطينية أو فلسطين البنية التحتية والميزانية العامة المستقلة، والسوق الفلسطينية المستقلة.
ويرتبط السبب السابع بـ«الأمن الفلسطينى»، فهو غير مستقل، وكذلك فشل الأطراف الدولية الحامية للقضية، وكذلك الفشل فى 8 ملفات، هى ملفات اللاجئين، والمياه، والحدود، والقدس الشرقية أى العاصمة، والأمن، وحق العودة، وما إلى ذلك، وللأسف جميع هذه الملفات تمّت تصفيتها بالكامل، وعلى سبيل المثال فإنه بالنسبة لملف الحدود، فحتى الآن لا توجد حدود فلسطينية معمول أو معترف بها، لأنهم فتّتوا الضفة إلى 3 قطاعات، وبالنسبة لملف المياه أصبح كله فى يد إسرائيل، أما عن اللاجئين فهم ليسوا شيئاً واحداً، وهناك من توطنوا منهم كما فى الأردن، وفى لبنان سنجدهم متناحرين كما فى مخيم عين الحلوة، وملف حق العودة لا أحد يتكلم فيه الآن، وهو من رابع المستحيلات، لأنه لا توجد أرض يعودون إليها، وهذه من ضمن العوامل النوعية التى قلّلت فرص حل الدولتين، حسبما يؤكد الباحث فى الشئون الفلسطينية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل حل الدولتين
إقرأ أيضاً:
هذه أسباب تدهور صورة إسرائيل عند الأميركيين رغم جهود لوبياتها
واشنطن- كشف استطلاع حديث لمركز "بيو" للأبحاث، ومقره واشنطن، أن أكثر من نصف الأميركيين باتوا ينظرون إلى إسرائيل نظرة سلبية، مقارنةً بأقل من النصف قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأشار الاستطلاع، الذي أُجري في الأسبوع الأخير من مارس/آذار الماضي، إلى أن نسبة التأييد لإسرائيل انخفضت بصورة غير مسبوقة منذ بدء "بيو" إجراء استطلاعاته بشأن هذه المسألة، إذ أظهرت النتائج أن 45% فقط من الأميركيين ينظرون إلى إسرائيل بإيجابية، مقابل 53% يحملون نظرة سلبية.
وكان استطلاع رأي أجري عام 2022 أظهر أن نسبة الرؤية الإيجابية تجاه إسرائيل بلغت حينها 55% مقابل 42% ينظرون إليها بسلبية.
وتتفق نتائج هذا الاستطلاع مع مؤشرات أخرى تعكس تراجع صورة إسرائيل لدى الرأي العام الأميركي، إذ أظهر استطلاع أجرته مؤسسة "غالوب" في فبراير/شباط الماضي أن معدل التأييد لإسرائيل بلغ 54%، وهي أدنى نسبة تُسجّل منذ بدء هذه المؤسسة استطلاعاتها بهذا الشأن عام 2000.
تراجع الدعموبيّن استطلاع هذا المركز الأميركي أن تراجع الدعم لإسرائيل شمل قاعدتين مختلفتين هما:
الديمقراطيون الأكبر سنا الذين يُعتقد أنهم مستاؤون من تقارب إسرائيل مع إدارة الرئيس دونالد ترامب. الجمهوريون الأصغر سنا الذين تأثر بعضهم بصعود الخطاب الناقد لإسرائيل على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات البودكاست بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. إعلانوقال سيث بايندر مدير الأبحاث في مركز "ديمقراطية الشرق الأوسط" -للجزيرة نت- إن هذا التحول بين الديمقراطيين بدأ منذ نحو عقدين، لكنه أصبح لافتا مؤخرا بفضل التراجع الواضح في مواقف الجمهوريين الشباب.
وأوضح أن "رد إسرائيل على هجمات السابع من أكتوبر شكّل عاملا حاسما في تشكيل الرأي العام الأميركي، ودفع كثيرين إلى إعادة النظر في مواقفهم التقليدية".
وعلى صعيد الحزب الديمقراطي، بلغت نسبة الناخبين الذين ينظرون إلى إسرائيل بسلبية 69%، بزيادة 16 نقطة مئوية منذ عام 2022. أما الديمقراطيون الأكبر سنا -الذين دعم كثير منهم إسرائيل خلال إدارة (الرئيس جو) بايدن- فأظهر الاستطلاع أن 66% منهم باتوا يحملون آراء سلبية تجاهها، بزيادة قدرها 22 نقطة خلال السنوات الثلاث الماضية.
أما في صفوف الجمهوريين، فقد أظهر الاستطلاع استمرار الغالبية في تأييد إسرائيل، غير أن أكثر من الثلث (37%) أصبح لديهم الآن موقف سلبي، وهو ما يمثل زيادة بـ10 نقاط مئوية منذ عام 2022. وتعود هذه النسبة بشكل رئيس إلى الجمهوريين الشباب الذين انقسموا في آرائهم تجاه إسرائيل، إذ يرى 50% منهم أنها سلبية مقابل 48% إيجابية، في تحول كبير عن نتائج سابقة أظهرت أن ثلثيهم كانوا يحملون نظرة إيجابية.
ولعل هذا ما يفسر لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، بعدد من نجوم منصات البودكاست اليمينية المقربين من الحزب الجمهوري، في حين لم يلتقِ أيا من أعضاء الكونغرس.
حدود تأثير الإعلاموفي سياق متصل، قال آدم شابيرو مسؤول الملف الفلسطيني الإسرائيلي بمنظمة "الديمقراطية للعالم العربي الآن" -للجزيرة نت- إن نتائج الاستطلاعات الأخيرة "تشير إلى أن انحياز وسائل الإعلام الأميركية التقليدية لإسرائيل لم يعد كافيا لتشكيل الرأي العام، إذ بات الجمهور يعتمد بشكل متزايد على وسائل التواصل الاجتماعي والمصادر الإعلامية البديلة لرؤية ما يحدث فعليا في غزة".
إعلانوأضاف شابيرو أن هذه النتائج تعكس أيضا جهود الحركات الطلابية والمنظمات المدنية والكنائس في تفنيد الروايات السائدة حول ما يجري بالأراضي الفلسطينية، وتقديم سرديات بديلة أكثر قربا من الواقع.
وفي ما يتعلق بمواقف الأميركيين من سياسات إسرائيل الإقليمية، قال شابيرو إن الأميركيين "لا يؤيدون نشر قواتهم في مناطق النزاعات، وقد خلّفت تجربتا العراق وأفغانستان أثرا عميقا جعل غالبية المواطنين ترفض التدخل العسكري الخارجي".
تراجع التعاطفبدوره، رأى السفير الأميركي ديفيد ماك مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط سابقا -في حديثه للجزيرة نت- أن موجة التعاطف الأميركي مع إسرائيل التي أعقبت هجمات السابع من أكتوبر تراجعت سريعا.
وقال إن "ردود الفعل العنيفة من قبل إسرائيل ضد المدنيين في غزة، بمن فيهم النساء والأطفال، إضافة إلى ما يحدث في الضفة الغربية وجنوب لبنان، كلها عوامل أسهمت في تآكل هذا التعاطف لدى شريحة واسعة من الرأي العام الأميركي".
ومع هذا التراجع الكبير في شعبية إسرائيل، لم تنعكس هذه التحولات بعدُ في مواقف سياسية واضحة داخل الكونغرس الأميركي، حيث لا تزال غالبية الأعضاء تدعم تقديم المساعدات العسكرية والمالية لإسرائيل، باستثناء قلة تقدمية داخل الحزب الديمقراطي تتزعمها شخصيات بارزة مثل السيناتور بيرني ساندرز.