حدّد المركز المصرى للفكر والدراسات 10 أسباب تُعرقل عملية «حل الدولتين»، فرغم أن القرار يبدو بالنسبة لمعظم الأطراف العربية والإقليمية والدولية هو الحل الأمثل للقضية الفلسطينية وتحقيق السلام الدائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وفى المنطقة بشكل عام، فإن أسباباً وعقبات كثيرة على المستويات الإسرائيلية والفلسطينية والإقليمية والدولية، عرقلت -ولا تزال- تطبيق هذا الحل على أرض الواقع.

«محسن»: اللاجئون والمياه والحدود والقدس الشرقية وحق العودة «ملفات تمّت تصفيتها بالكامل»

ويُعدّد الباحث المتخصّص فى الشئون الفلسطينية بالمركز المصرى للفكر والدراسات، د. شادى محسن، هذه الأسباب، فى دراسة له، مشيراً إلى أن على رأسها يأتى «التطرّف الإسرائيلى»، لاسيما بعد حرب 1973، التى كانت بمثابة نكسة على إسرائيل، وقلّلت أرصدة اليسار وزادت أسهم اليمين، ومنذ هذا التوقيت، وتحديداً منذ سنة 77 عندما تولت حكومة حزب الليكود زمام الأمور هناك، وهو حزب قائم على فكرة أنه ممنوع منعاً باتاً إقامة دولة فلسطينية مستقلة، والاستيعاض عنها بأفكار خبيثة نوعاً ما، مثل موضوع السلام الاقتصادى والسلام الثقافى، وما إلى ذلك.

السبب الثانى، حسبما يضيف «محسن»، أن الصف الفلسطينى انقسم فى بداية الثمانينات إلى «صف علمانى قومى» و«صف مقاوم إسلامى»، وقد استغلت إسرائيل هذه الفرصة لأن تروج لعدم وجود اصطفاف فلسطينى موحّد، وإذا كان هذا يعتبر عاملاً فلسطينياً أكثر فإن إسرائيل وظّفته لصالحها، فأصبح عاملاً إسرائيلياً بالأساس، حيث كرّست إسرائيل الانقسام، وحوّلت الصراع الفلسطينى - الإسرائيلى إلى صراع دينى، وصبغته بصبغة دينية، استغلالاً منها لفكرة أن المقاومة الفلسطينية «حماس» مقاومة دينية، وطبعاً كانت حركة «حماس» وقتها لم تستلم السلطة فى غزة بفرض الأمر الواقع، لكن وقتها كانت محتكرة إلى حد ما مفهوم المقاومة والنضال بشكل عام.

والسبب الثالث يتعلق بالقدرات الشاملة لأى دولة، والتى تشمل ثمانية قدرات أهمها «قدرة السكان والموقع»، فإن الإسرائيليين حاولوا إضعاف هذه القدرة لدى الجانب الفلسطينى من خلال تفتيت القدرات الشاملة للدولة الفلسطينية المستقبلية، وعلى رأسها «القدرة الحيوية»، من خلال إبادة الشعب الفلسطينى، سواء بالقتل أو التهجير أو الإبعاد والإقصاء، وذلك عن طريق الجيش الإسرائيلى والمستوطنين، وهذه كلها عوامل ساهمت فى فقدان حل الدولتين.

والسبب الرابع هو ظروف انهيار الاتحاد السوفيتى واضطراب النظام العالمى، مما أعطى إسرائيل أحقية كبيرة فى أن تروج لروايتها على حساب الرواية الفلسطينية. ويأتى السبب الخامس وراء عرقلة حل الدولتين، حسبما يشير «محسن»، متعلقاً بالأزمة البنيوية فى السياسة الفلسطينية بين «فتح» و«حماس»، وهو موضوع يبدو أنه حزبى وسياسى فقط، ولكنه أيضاً قبلى، لأن هناك قبائل أو عائلات تدين بالولاء لـ«فتح» وقبائل تدين بالولاء لـ«حماس»، والتناحر الذى حدث بينهما وتعمق أكثر فى 2007 بعد الانقلاب الذى فرضته «حماس» وتسلمها السلطة بفرض القوة والأمر الواقع فى غزة.

وتمثل الهشاشة الاقتصادية بفلسطين السبب السادس لعرقلة القرار، حيث حرص الإسرائيليون على ألا يكون هناك قوام اقتصادى مستقل للفلسطينيين، وأن يكون آخرهم الخدمات والتجارة، وحتى الخدمات كالكهرباء والمياه والوقود والغاز يتم تسلمها من يد إسرائيل العليا، وتأتى عن طريق إسرائيل، كما يمكن توفير بعض الوظائف فى السوق الإسرائيلية ليس أكثر، وافتقدت السلطة الفلسطينية أو فلسطين البنية التحتية والميزانية العامة المستقلة، والسوق الفلسطينية المستقلة.

ويرتبط السبب السابع بـ«الأمن الفلسطينى»، فهو غير مستقل، وكذلك فشل الأطراف الدولية الحامية للقضية، وكذلك الفشل فى 8 ملفات، هى ملفات اللاجئين، والمياه، والحدود، والقدس الشرقية أى العاصمة، والأمن، وحق العودة، وما إلى ذلك، وللأسف جميع هذه الملفات تمّت تصفيتها بالكامل، وعلى سبيل المثال فإنه بالنسبة لملف الحدود، فحتى الآن لا توجد حدود فلسطينية معمول أو معترف بها، لأنهم فتّتوا الضفة إلى 3 قطاعات، وبالنسبة لملف المياه أصبح كله فى يد إسرائيل، أما عن اللاجئين فهم ليسوا شيئاً واحداً، وهناك من توطنوا منهم كما فى الأردن، وفى لبنان سنجدهم متناحرين كما فى مخيم عين الحلوة، وملف حق العودة لا أحد يتكلم فيه الآن، وهو من رابع المستحيلات، لأنه لا توجد أرض يعودون إليها، وهذه من ضمن العوامل النوعية التى قلّلت فرص حل الدولتين، حسبما يؤكد الباحث فى الشئون الفلسطينية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل حل الدولتين

إقرأ أيضاً:

السلطة الفلسطينية مع إسرائيل.. توزيع أدوار أم حماية للضفة؟

وضمن فقرات حلقة "فوق السلطة" بتاريخ 3-1-2025، استعرض البرنامج واقعة أثارت موجة من الانتقادات، إذ وثقت مقاطع مصورة قيام قوات الأمن الفلسطينية باعتقال شاب أعزل وتعذيبه قبل إلقائه في حاوية نفايات وهو مقيد اليدين.

وأعاد هذا الحادث إلى الواجهة التساؤلات حول حدود وطبيعة الدور الأمني الذي تمارسه السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

كما عرضت الجزيرة -أمس الخميس- لحظة تسليم عناصر من شرطة السلطة الزميلة نجوان سمري قرارا مكتوبا يقضي بإغلاق مكتب الجزيرة وإيقاف بثها في رام الله، بزعم "مخالفة القناة القوانين والأنظمة المعمول بها في فلسطين".

ووفق وكالة الأنباء الفلسطينية، فإن "قرار وقف بث الجزيرة سيكون مؤقتا إلى حين تصويب أوضاعها"، وذلك بعد حملة تحريضية صدرت مؤخرا باسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في الضفة الغربية ضد الجزيرة وصحفييها.

ومن ناحيتها، تدافع السلطة عن إجراءاتها الأمنية بالقول إنها تهدف إلى حماية سكان الضفة الغربية من تكرار سيناريو قطاع غزة، في إشارة إلى التصعيد العسكري الإسرائيلي الذي تشهده غزة.

لكن منتقدي هذه السياسة يرون أنها تتجاوز حدود الحماية إلى التنسيق المباشر مع سلطات الاحتلال في ملاحقة المقاومة وأنصارها.

إعلان

ويطرح هذا الوضع تساؤلات جوهرية حول مستقبل العلاقة بين السلطة الفلسطينية والمقاومة في الضفة الغربية، وإذا ما كان التنسيق الأمني يمثل توزيعا للأدوار مع الاحتلال أم إستراتيجية حماية حسبما تدعي السلطة.

3/1/2025

مقالات مشابهة

  • السلطة الفلسطينية مع إسرائيل.. توزيع أدوار أم حماية للضفة؟
  • إسرائيل تحذر: تجنبوا التونة البيضاء .. فما السبب؟
  • أحمد حسن: دراسة الجينوم المصري يساهم في تقدم الطب الوقائي
  • بن جامع من نيويورك: العالم يواجه تحديات كبيرة تهدد السلام والأمن الدوليين
  • اشتباكات جنين اختبار حاسم للسلطة الفلسطينية
  • وزير حرب الاحتلال يهدد بهجمات لم تشهدها غزة منذ فترة طويلة لهذا السبب
  • غالانت يستقيل من الكنيست الإسرائيلي.. ويكشف أسباب قراره
  •  السلطة الفلسطينية توقف بث قناة الجزيرة القطرية "مؤقتًا" لهذا السبب
  • قبل عودة ترامب..السلطة الفلسطينية تصر على السيطرة على مخيم جنين
  • المنظمات الأهلية الفلسطينية: 20 شهيدا جراء الاستهدافات الإسرائيلية بغزة مع بداية العام