مصر تقدم خارطة طريق لإقامة دولة فلسطين
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
بعد أن توارى الحديث عن «حل الدولتين» كأحد الحلول الرئيسية للقضية الفلسطينية، فى ظل عدم اكتراث إسرائيل بالانخراط فى عملية سلام مع الفلسطينيين، واعتداءاتها المتكررة على حقوقهم المشروعة، جاءت عملية «طوفان الأقصى» التى كانت بمثابة زلزال هز إسرائيل والشرق الأوسط، لتعيد طرح فكرة «حل الدولتين» على الساحة الدولية باعتبارها أحد الحلول الجذرية للقضية الفلسطينية ومنح الفلسطينيين حقهم فى الحرية وتقرير المصير.
والجهود المصرية لحل القضية الفلسطينية واحياء مسارات السلام واقامة الدولة الفلسطينية مستمرة منذ عشرات السنين وحتى الآن وآخرها حيث رسم الرئيس السيسى خارطة طريق لـ«حل الدولتين»، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، حيث قال، فى كلمته بقمة القاهرة للسلام التى استضافتها مصر، فى إطار مساعيها لوقف الحرب على غزة: «نعمل على التوصل إلى توافق محدد، على خارطة طريق.. تستهدف إنهاء المأساة الإنسانية الحالية، وإحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور تبدأ بضمان التدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة.. وتنتقل فوراً إلى التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار.. ثم البدء العاجل فى مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولاً لإعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التى تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل، على أساس مقرَّرات الشرعية الدولية.. مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل، فى الأراضى الفلسطينية».
وفى السياق نفسه، قال العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى، إن المنطقة لن تنعم بالاستقرار حتى يحصل الفلسطينيون على دولة ذات سيادة إلى جانب إسرائيل، مؤكداً أن ما تشهده الأراضى الفلسطينية حالياً من تصعيد خطير وأعمال عنف وعدوان ما هو إلا دليل يؤكد مجدداً أن منطقتنا لن تنعم بالأمن والاستقرار دون تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، ليحصل الشعب الفلسطينى على دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية». وتابع، فى تصريحات له خلال افتتاح دورة برلمانية للبرلمان الأردنى: «لا أمن ولا سلام ولا استقرار من دون السلام العادل والشامل الذى يشكل حل الدولتين سبيله الوحيد»، مُشدداً على أن «حل الدولتين فقط سينهى دوامات القتل التى يدفع ثمنها الأبرياء».
بدوره، قال أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة إنّ «حل الدولتين» هو الأساس الواقعى الوحيد للسلام والاستقرار، مضيفاً، فى كلمته بمؤتمر القاهرة للسلام الذى نظمته مصر فى أعقاب عملية «طوفان الأقصى»: «حان الوقت للعمل لإنهاء هذا الكابوس المروع والعمل من أجل بناء مستقبل يليق بأحلام أطفال فلسطين وإسرائيل.. يجب أن يرى الإسرائيليون احتياجاتهم المشروعة للأمن تتحقق، ويجب أن يرى الفلسطينيون تطلعاتهم المشروعة لدولة مستقلة واقعاً، فى ضوء قرارات الأمم المتحدة، والقانون الدولى والاتفاقيات السابقة».
وفى إطار المطالبات العربية والإسلامية والدولية المتزايدة بتطبيق «حل الدولتين»، أكد أعضاء اللجنة الوزارية العربية الإسلامية، ضرورة المعالجة للأسباب الجذرية والتاريخية للنزاع وتنفيذ رؤية حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وحتى بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، أكبر حلفاء وداعمى إسرائيل، التى سارعت بتوجيه جسر جوى من المساعدات العسكرية الضخمة لإسرائيل فى حربها على غزة، فقد أكدت كذلك، حسبما جاء على لسان رئيسها جو بايدن، على حسابه فى منصة «إكس»، أن «حل الدولتين هو السبيل الوحيد لضمان الأمن الطويل الأمد للشعبين الإسرائيلى والفلسطينى. ومن أجل التأكد من أن الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء يعيشون على قدم المساواة من الحرية والكرامة، فإننا لن نتخلى عن العمل لتحقيق هذا الهدف».
بدوره، عرّف محمد فوزى، الباحث بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، فكرة حل الدولتين، قائلاً: «تعد مسألة حل الدولتين والتى يكثر الحديث عنها داخل الأروقة السياسية العربية الرسمية، الأساس الموضوعى لمعالجة القضية الفلسطينية وفق المقاربة العربية».
ويعنى حل الدولتين وجود دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية تتعايشان جنباً إلى جنب بسلام، وفق ما رواه «فوزى» لـ«الوطن»، على أن تتخذ الدولة الفلسطينية عاصمة لها ممثلةً فى القدس الشرقية، وتشمل الضفة وقطاع غزة، أى حدود 4 يونيو 1967 والتى أقرتها الأمم المتحدة وقواعد مؤتمر مدريد للسلام، وقد كان مبدأ حل الدولتين هو المحدد الرئيسى الحاكم للموقف العربى طوال سنوات من القضية الفلسطينية، ومنطلقاً رئيسياً للمبادرة العربية للسلام التى طُرحت فى 2002.
أبعاد عديدة وضحها محمد فوزى: «فى تقديرى أن حل الدولتين يظل الأساس الموضوعى والواقعى لمعالجة القضية الفلسطينية، ومنع دورات الصراع من التكرار، لكن سياسات الاحتلال الإسرائيلى تجاه المناطق المحتلة والأراضى الفلسطينية فى السنوات الأخيرة، أدت إلى تضاؤل فرص هذا الحل، وتراجع واقعيته»، مُفسراً ذلك بسبب سياسات التوسع الاستيطانى الإسرائيلية، والتى «تنسف» فكرة حل الدولتين وتجعلها بعيدة المنال أو صعبة التحقق عملياً.
خبراء: حل الدولتين أساس معالجة القضية وإنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار فى المنطقة.. لكن النشاط الاستيطانى الإسرائيلى الإشكالية الأكثر تعقيداً فى مسار التسويةيقتضى حل الدولتين وجود دولة فلسطينية مستقلة وفق الحدود المقررة دولياً، دون أى وجود استيطانى أو عسكرى إسرائيلى، بحسب ما أكده الباحث بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إلا أن إسرائيل كانت قد بدأت فى نشاطها الاستيطانى منذ عام 1967 فى إطار ما عُرف بـ«مشروع ألون» الاستيطانى، والذى نُسب إلى «يغال ألون» وزير العدل الإسرائيلى فى ذلك الوقت، والذى طرح فكرة الاستيطان فى إطار استراتيجية إسرائيلية سعت إلى فرض أمر واقع جديد يخدم الاحتلال ويضيق مجال الخيارات المتاحة للحل والتسوية. شدد صلاح وهبة، الباحث بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، على المجتمع الدولى، النظر بعين الاعتبار إلى القضية الفلسطينية، ودعم سبل تسويتها بشكل نهائى، وفق حل الدولتين لتحقيق الاستقرار فى المنطقة، خاصة مع عودة القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمى مرة أخرى. يرى الباحث أن مسألة النشاط الاستيطانى الإسرائيلى تعد الإشكالية الأكثر تعقيداً فى مسار التسوية، إذ إنها تحولُ دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة الأجزاء على اعتبار أن هذه المستوطنات باتت تصل إلى قلب الضفة وتحولُ دون الاتصال الجغرافى بين القدس والضفة وغزة، فضلاً عن أنها تعد عاملاً محفزاً لدورات التصعيد المتكررة بين الجانبين.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل حل الدولتين القضیة الفلسطینیة الدولة الفلسطینیة حل الدولتین فى إطار
إقرأ أيضاً:
عبد المهدي مطاوع: الحكم على ترامب بشأن القضية الفلسطينية لا يزال مبكرا
قال عبد المهدي مطاوع، المحلل السياسي الفلسطيني، إنّ الحكم على مواقف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن القضية الفلسطينية لا يزال مبكرًا، موضحًا أن هناك أسبابًا متعددة لذلك، من بينها دور زوج ابنته الذي يُعد مقررًا أساسيًا في هذا الملف، إضافة إلى العلاقة الوثيقة بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى جانب عوامل أخرى.
وأشار مطاوع، خلال مداخلة هاتفية على قناة «إكسترا نيوز»، إلى احتمالية التوصل إلى هدنة مع بداية العام الجديد أو قبله بقليل، موضحًا أن المرحلة الأولى من الهدنة قد تمتد لفترة تتراوح بين 42 إلى 60 يومًا وستتضمن إطلاق سراح الأسرى والرهائن.
وتابع، أن المفاوضات منذ بداية حرب الإبادة كانت تُجرى تحت وطأة القصف العنيف وكانت وتيرتها أعلى مع استمرار العمليات العسكرية.
وأكد أن إسرائيل تسعى بشكل منهجي لتدمير قطاع غزة وقتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن العمليات الجارية في شمال القطاع دمرت المنطقة بشكل شبه كامل.
اقرأ أيضاًمعهد فلسطين للأمن القومي: نتنياهو لا يسعى إلى إيجاد حل سياسي لقطاع غزة
بابا الفاتيكان يدين العدوان الإسرئيلي على غزة: قصفوا الأطفال.. إنها وحشية وليست حربا
طيران الاحتلال يقصف مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة