اللغة العربية والأمن القومى
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
نسمع كثيرًا عن الغزو العسكرى واعتدنا أن الغزو نوع واحد فقط متمثل فى الغزو بالأسلحة والمعدات ولكن البعض لا يعلم أن هناك أنواع غزو أخرى لا تقل خطورة إن لم تكن أخطر من الغزو العسكرى ألا وهما الغزو الفكرى والثقافى، فالعالم الغربى لا يسعى أن ينتصر علينا عسكريًا بل ثقافيًا! فالغزو العسكرى يُقتل الجندى وهو فى ثكناته، أما الغزو الثقافى فهو يتغلغل داخل البيوت! اللغة والعادات والتقاليد والزى الحضارى ما تتميز به دولة عن أخرى، وإذا تأملنا فى مجتمعنا نجد أننا نتحدث بلغات أخرى غير العربية ولا شك أن إضعاف اللغة العربية يتبعه إضعاف للسيادة الوطنية ويعمل ذلك على محو هويتنا، لأن الوطن وقتها يكون تابعًا لثقافة دولة أخرى وليست ثقافته الأصلية التى تُعبر عن قيم وخصائص المجتمع، وأيضًا عاداتنا وتقاليدنا ليست مصرية حتى الزى أصبح غربيًا! فإذا قُلنا إن هناك محاولة للاختراق الثقافى أى محاولة القيام بعملية التغريب اللغوى لمسخ هويتها فأصف ذلك بالعبث! فالاختراق اللغوى أشبه بالمؤَامرات، فالمؤَامرات لم تُفلح إلا بمساعدة الخونة من الداخل، كذلك الاختراق نحن من ساعدنا على ذلك، معظم العادات التى نحن عليها اليوم كانت يومًا ما عادات الغرب وتسللت إلينا إلى أن أصبحت سمة فينا! فهناك علاقة طردية ما بين أعدائنا ونحن، فكلما قوى العدو فرض ثقافته علينا! فمعظم العادات تسربت إلينا تحت اسم العولمة! فنجد أنماط حياتنا اليوم وثقافتنا أشبه بالغرب حتى نمط الزواج لدى الغرب يحاول بعض الشباب تطبيقه اليوم! ففى بعض الدول الغربية تسكن المرأة مع رجل بلا أى عقد وحياتهما مثل أى زوج وزوجة ويستطيع الإنجاب منها! ثم بعد ذلك إن وجد أن الحياة سعيدة يتزوج منها رسميًا وإلا ركلها ويذهب لأخرى! فقد قرأت أن أقوى رئيس دولة بالعالم ذَكَرَ أن هناك 5 أخطار تهدد أمريكا متمثلة فى التفكك الأسرى واتباع عادات خاطئة! «!فإحدى الإحصائيات فى أمريكا تقول: إن 90% من حالات الزواج من غير عقد، ولا اتفاق، ولا ورق، ولا تسجيل، إنما هى مساكنة تستغل كزوجة، وقد يركلها متى شاء!، لذلك فإن الانهيار فى المجتمعات الغربية ليس له حدود! فما يحدث الآن محو لعاداتنا ولغتنا وتقاليدنا وثقافتنا، فقوة البلد من وجهة نظرى الشخصية تُقاس بأشياء كثيرة بخلاف الأشياء المتعارف عليها كاقتصاد وصناعة وتجارة، ولكن تُقاس بقوة شعبها، أصالتها، العراقة، اعتزازها بلغتها، فرض احترامها للغتها وشعبها وعاداتها وتقاليدها، فبمناسبة اليوم العالمى للغة العربية أدعو الجميع للحفاظ على لغتنا وعاداتنا وتقاليدنا التى تميزنا عن غيرنا من الدول الأخرى وأن نربى أجيالنا على ذلك وليس كما نشاهده اليوم من تربية بعض الأسر أبناءها على التحدث باللغات الأخرى غير العربية، بل ووصل الأمر لعقاب الطفل إذا تحدث باللغة العربية مما جعل أمامنا أجيالنا تسخر من التحدث باللغة العربية وهؤلاء ضحية لتربيتهم على ذلك، فلا مانع من إجادة العديد من اللغات ولكن لا يأتى ذلك على حساب لغتنا الأم، كما أن هناك علاقة طردية بين الحفاظ على اللغة العربية وعاداتنا وبين الحفاظ على الأمن القومى، فيُعرف الأمن القومى بأنه قدرة الدولة على حماية أمنها ومواطنيها من خطر الوقوع تحت يد دولة أجنبية، وحماية قيم وعادات الدولة من التهديدات الخارجية أى حماية عادات وتقاليد وفكر المجتمع المصرى وعدم التأثر بالعولمة السلبية أى ما يصل إلينا من سلبيات الغرب، فعندما يتحقق لدى الدولة اكتفاؤها ذاتيًا تصبح مؤمنة من خطر الوقوع تحت سيطرة الدولة الأجنبية وأيضًا حماية نفسها من الوقوع تحت وطء المؤثرات الخارجية.
عضو مجلس النواب
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مسافة السكة آيات الحداد اللغة العربیة
إقرأ أيضاً:
"أثر اللغة العربية في فهم القرآن الكريم" أمسية علمية بأوقاف الفيوم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عقدت مديرية أوقاف الفيوم أمسية علمية بمسجد السعادة بمسجد السعادة اليوم، بعنوان:"أثر اللغة العربية في فهم القرآن الكريم"، أقيمت الأمسية بتوجيهات من وزير الأوقاف الدكتور أسامة السيد الأزهري ،بحضور الدكتور محمود الشيمي، وكيل وزارة الأوقاف، والشيخ جمال أحمد ،مدير إدارة بندر ثان، وعدد من الأئمة.
خلال اللقاء أشار العلماء ،إلى أن العلوم الإسلامية متنوعة، فهناك علوم وسائل، وهناك علوم مقاصد، ولا نستطيع فهم مقاصد الذكر الحكيم إلا بعد فهم علوم الوسائل، فعلوم الوسائل: كاللغة والمنطق، وما إلى ذلك، وعلوم المقاصد: هي علوم أصول الدين، أي الفقه الأكبر في العقائد، والفقه الأصغر في الشرائع ؛ ولذلك قام المنهج العلمي في علوم المسلمين منذ البدء على إحياء العلوم اللغوية، والقاعدة الأصولية تقول : " ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، فإذن لا يتم فهم القرآن الكريم إلا بفهم اللغة العربية والإحاطة بها علمًا، فصارت علوم اللغة علومًا واجبة التعلم، وواجبة الفهم، لمن يريد أن يَرِدَ حِيَاضَ القرآن الكريم ، وأن يقفَ على هذا البحر ، المأدبة الكبرى التي لا يمكن أن تدانيها مأدبة،ومن هنا كان أول علم نشأ في علوم المسلمين في عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ثم امتد في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) هو علم النحو ؛ لأن أبا الأسود الدؤلي أشار عليه علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) أن يكتب مسائلَ النحو، فكتب مسائلَ الفاعل، وكتب بابَ المفعول ، وكتب بابَ المبتدأ ، وكان ذلك في القرن الأول الهجري ؛ لحاجة الناس حينذاك إلى فهم علوم اللغة العربية ، فحاجتنا اليوم إلى فهم علوم اللغة العربية أشد ضرورة لفهم القرآن الكريم .
كما أشاروا، إلى حديث رسول الله(صلى الله عليه وسلم) : "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ"، حيث فهمت جماعات العنف والتطرف أن الرسول(صلى الله عليه وسلم) يأمرنا أن نقاتل الناس حتى ينطقوا بالشهادتين، وهذا فهم غير صحيح؛لأن الله(عز وجل) قال: "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ"، فدخول الإسلام يكون بالرغبة لا يكون كرهًا أبدًا، لأن الله لا يقبل أن يعبده كارهٌ له، فلو أخذنا الحديث على محمله الذي يأخذونه عليه، ترتب على ذلك دماء، بل إنهم يخرجون المسلمين إلى الكفر بناء على هذا الفهم غير الصحيح للغة الحديث الشريف
واوضحوا ان هناك فرق كبير بين: " أمرت أن أقاتل" ولم يقل : أمرت أن أقتل ؛ لأن" أقتل" فعل صادر واقع من فاعل على مفعول به، وأما "أقاتل" فهي صيغة مشاركة، أي : أقاتل من يقاتلني،فالحديث لوقف الدماء وليس لإراقة الدماء،من أجل ذلك استخدم رسول الله(صلى الله عليه وسلم)صيغة المشاركة التي تدل على طرفين،إذن فالفهم الصحيح للغة هو الذي يبلغ المقاصد ، ولذلك تجد القرآن الكريم قائم على أمر ونهي، افعل ولا تفعل، فلا غنى لمسلم يريد أن يفهم القرآن من تعلم علوم اللغة العربية، مشيرين إلى أنه لا تؤخذ الفتوى إلا من أصحابها ممن يحيطون بعلوم الوسائل وعلوم المقاصد ، المشهود لهم بالاجتهاد.
وأكد العلماء،أن القدر المطلوب من تحصيل علوم اللغة العربية يكون على حسب الغرض ، فهو يختلف من العامة، إلى الداعية إلى الفقيه، فإذا ارتقينا للإمام والخطيب فنقدم له أبواب النحو العامة كلها التي تجلي له النمط القرآني، وكذلك قدر من البلاغة لفهم حلاوة القرآن،وأيضًا علم المعاجم الذي يستطيع به أن يصل إلى معاني الألفاظ ، وكذلك علم الصرف الذي يهتم ببنية الكلمة،وأما الفقيه فيأخذ علوم اللغة كلها،وقد قال الإمام الشافعي:وَلِسَانُ الْعَرَبِ أَوْسَعُ الْأَلْسِنَةِ مَذْهَبًا، وَأَكْثَرُهَا أَلْفَاظًا، وَلَا يُحِيطُ بِجَمِيعِ عِلْمِهِ إنْسانٌ غَيْرُ نَبِيٍّ ".