عاشت على أرض المحروسة، عشقها المصريون وأطلقوا عليها «أم اليتامى»، وبعد وفاتها تحول منزلها إلى مسجد يحمل اسمها، ودُفن معها 7 فتيات يتيمات كانت هى التى تتولى إدارة أمورهن حتى توفاها الله.
وُلدت فى أوائل العقد الثالث من الهجرة، وأمها هى السيــدة «أم إسحق بنت طلحة بن عبيد الله»، وشقيقها الأكبر هو الإمام «على زين العابدين»، وشقيقتها هى السيدة «سكينة بنت الحسين» رضى الله عنهما وأرضاهما، وقد أطلق عليها الإمام الحسين فاطمة تيمنًا باسم أمه السيدة فاطمة الزهراء، وكذلك لأنها أكثر بناته شبهًا بها رضى الله عنها.
كانت نشأتها فى بيت الإمام الحسين الذى تعلمت فيه الأخلاق النبوية، كما شهدت الكثير من الأحداث التاريخية المهمة وهى فى ريعان شبابها.
وفى مصر عاشت فترة من الزمن، وفتحت منزلها للفقراء طوال الوقت ولم تبخل على أحد بمعلومة فى الدين، وكانت ترعى الأيتام والأرامل، ولها فى ذلك قصة شهيرة عُرفت عنها، عندما قررت أن ترعى 7 فتيات يتيمات أقمن معها فى منزلها منذ صغرهن، وكانت تتعهد برعايتهن حتى توفاها الله، ولم تكتف بالسبع بنات فقط وإنما كانت دارها مأوى للمساكين من جميع الأقطار فكانت تحسن إلى المساكين وتطعمهم وتلبسهم وتعينهم بكل السبل على مواجهة الحياة، فجاء لقبها الثانى «أم المساكين».
وبعد وفاتها تحول منزلها إلى ضريح ثم مسجد، ولسنوات عديدة ظل هذا الضريح على حالته، حتى جاء الأمير عبدالرحمن كتخدا وقرر بناء مسجد لها فى القرن الـ18 هجرياً، كان مسجدا صغيرا لا تزيد مساحته على 80 مترا تقريباً، داخله ضريح عليه قبة مرتفعة وفيها مقصورة مصنوعة من النحاس، وفى عهد الخديو عباس حلمى تم تطوير المسجد لأول مرة وزادت مساحته قليلا، بعدما ضم إليه مساحة أكبر من الأراضى ليستوعب عددا كبيرا من المصلين، وفى سنة 1992 تعرّض للتصدع الشديد، وحدثت فيه شروخ كثيرة هددته، وكان أقرب إلى الانهيار، إلى أن تم إنقاذه وترميمه وافتتاحه سنة 2003 ووصلت مساحته 2200 متر مربع.
ويُعتبر من أهم المساجد وبمثابة القبلة التى يتوجه إليها دائماً محبوها، ويشق «المريد» طريقا طويلا وممتدا حتى يتمكن من الوصول إلى مسجد السيدة فاطمة بنت الحسين بمنطقة الدرب الأحمر، والتى يعتبرها الأهالى «بركة المنطقة»، يقيمون لها الاحتفالات ويحرصون على مودتها ويعدون الأطباق الشهية لكل من تطأ قدماه المنطقة من زوارها وضيوفها إكراما لهم وتعبيراً منهم عن سعادتهم لوجود بنت الأكرمين بينهم، الجميع يعرف مسجدها الذى لا تخطئه الأقدام، نظرا لما يتمتع به من شهرة واسعة النطاق فى المنطقة.
وخلال أيام وليالى مولدها يأتى المريدون من كل مكان للاحتفال بها، فيقيمون «الحضرة» وينشدون أناشيد المدح فى محبتها، ينظمون جلسات لقراءة القرآن ترحماً عليها، ولا يوجد مجال للبدع والخرافات خلال الاحتفال بمولدها، وبسبب هذا الأمر وحاجة المريدين للطعام يقوم الجيران بتوزيعه على المارة بالمجان تسهيلاً عليهم.
وداخل المسجد حركة العمال مستمرة لا تتوقف، ينظفون المسجد جيداً تمهيداً لاستقبال المصلين قبل رفع أذان المغرب بقليل، وبعد الانتهاء من تنظيف ساحة الصلاة يهرع العمال إلى الضريح الذى زُين تمهيداً لاستقبال شهر رمضان المبارك من خلال وضع «البلالين» عليه من الأعلى وتلميع المقابض وتنظيف الهيكل الخارجى له.
تزوجت السيدة فاطمة النبوية فى حياة أبيها، وأنجبت للإمام الحسن المثنى ثلاثة أبناء، عبدالله المحض وإسماعيل الديباج ثم الحسن المثَلَّث، وقد تزوجها الإمام الحسن المثنى فى سجن أبى جعفر المنصور بعد أن أعقب نسلًا طيبًا، ثم تزوجت بعد وفاته بـعبدالله بن عمرو بن عثمان بن عفان وولدت له محمد والقاسم، وماتت رضى الله عنها ودفنت خلف الدرب الأحمر بزقاق فى مسجد جليل ومقام عظيم، عليه من المهابة والجلالة والوقار ما يسر قلوب الناظرين ويطمئن نفوسهم.
حفظ الله مصر وأهلها.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ندى صلاح صيام على أرض المحروسة أرض المحروسة
إقرأ أيضاً:
فاطمة الرميحي: المهرجانات السينمائية ... صرخة إبداع تقاوم الصمت وتُحيي صوت المهمّشين
(عمان): أكدت فاطمة حسن الرميحي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام ومديرة مهرجان أجيال السينمائي 2024، خلال لقاء صحفي على هامش مهرجان أجيال السينمائي 2024، الذي يعقد في الدوحة أن المهرجانات السينمائية أصبحت تمثل منصة للتعبير عن القضايا الإنسانية والاجتماعية في عالم تغلب عليه حالة من الصمت والتجاهل. وقالت: إن المؤسسة تمكنت على مدار السنوات من بناء نظام بيئي مستدام للسينما العربية والمستقلة، يهدف إلى دعم التعبير الإبداعي والمساهمة في التغيير الإيجابي، خاصة في ظل الأوقات الصعبة التي يمر بها العالم.
وأشارت الرميحي إلى أن المهرجانات السينمائية أصبحت "صوت الناس في عالم يسوده الصمت"، مضيفة أن التزام مؤسسة الدوحة للأفلام يتجاوز حدود الترفيه، حيث تتيح الأفلام المعروضة في المهرجانات فرصة لطرح القضايا المهمة وإحداث تأثير اجتماعي إيجابي. ولفتت إلى أن المهرجان يتميز بمنصة تتيح للجمهور التعبير عن آرائهم بحرية ومناقشة القضايا الإنسانية، وهو أمر نادر في المهرجانات السينمائية الأخرى.
وأكدت فاطمة الرميحي أن مؤسسة الدوحة للأفلام تستعد لحقبة جديدة في 2025 مع مهرجان الدوحة للأفلام، الذي يمثل توسعاً طبيعياً لمهرجان أجيال السينمائي، مع الحفاظ على نفس الرسالة والبرامج. وأوضحت: "ما نتطلع إليه هو المرحلة التالية من المهرجان ومن صناعتنا السينمائية. لقد عملنا على مدار 14 عاماً لإنشاء نظام بيئي حيوي أثبت فعاليته، ونعمل باستمرار على تطويره بما يتماشى مع احتياجات الصناعة الناشئة".
تحدثت الرميحي عن دور الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس الأمناء بمؤسسة الدوحة للأفلام، في دعم المبادرات السينمائية الإبداعية، مشيرة إلى أنها تمثل قوة دافعة لتحويل الأفكار إلى مشاريع مستدامة. وأكدت أن المؤسسة تواصل دعمها للمواهب المحلية من خلال برامج مثل "صنع في قطر"، الذي تطور من كونه منصة لعرض الأفلام المحلية إلى دعم المشاريع التي تُنتج في قطر أو يتم تطويرها فيها.
وأشادت فاطمة الرميحي بفيلم "إلى أبناء الوطن"، الذي أخرجته صانعتا الأفلام القطريتان أمل المفتاح وروضة آل ثاني، مشيرة إلى أنه استغرق أربع سنوات من العمل، وهو مثال حي على ما يمكن تحقيقه عند منح الثقة والدعم للمواهب الإبداعية. وأوضحت أن المؤسسة تعمل حالياً على دعم مشاريع جديدة ضمن برنامج "صنع في قطر"، تحمل قصصاً محلية وعالمية متنوعة.
وأثنت على تجربة نادي أجيال السينمائي في طنجة بالمغرب، مشيرة إلى أن الشراكات الإقليمية جزء أساسي من استراتيجية المؤسسة لتوسيع نطاق تأثيرها وتعزيز التبادل الثقافي. وأكدت أن دعم السينما الفلسطينية يظل ركناً أساسياً من جهود المؤسسة، مشددة على أن ما يتم تقديمه لإبراز أصوات الفلسطينيين للعالم لا يمكن أن يكون كافياً في ظل معاناتهم المستمرة.
وفي سياق التأثير العالمي لمؤسسة الدوحة للأفلام، استشهدت الرميحي بدراسة أجرتها جامعة السوربون أظهرت أن قطر تحتل مركزاً ريادياً في دعم صانعات الأفلام على المستوى العالمي. ولفتت إلى أن نسبة النساء المخرجات في العالم العربي تصل إلى 27% مقارنة بـ 9% فقط في الغرب، مما يثبت أن الفرص الإبداعية في العالم العربي تقدم نموذجاً مختلفاً عن التصورات السائدة.
واختتمت فاطمة الرميحي تصريحها بالتأكيد على أن التأثير الذي تتركه مؤسسة الدوحة للأفلام أصبح عالمياً، وأنها ستواصل العمل لدعم المواهب الإبداعية، خاصة الأصوات غير الممثلة، لتعزيز التنوع والابتكار في عالم السينما.